إعداد: علاوة مزياني إعلان اقرأ المزيد

عاد قطاع غزة الفلسطيني في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى الواجهة بعد شن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المسيطرة عليه هجمات دامية ومباغتة على بلدات إسرائيلية خلفت أكثر من ألف قتيل حتى الآن. ودفعت هذه الهجمات، التي تُعتبر أسوأ اختراق للدفاعات الإسرائيلية منذ "حرب أكتوبر" (حرب الغفران بالنسبة لتل أبيب) عام 1973، حكومة بنيامين نتانياهو اليمينية إلى إعلان "حالة الحرب".

وتوعدت الحكومة الأكثر تشددا في تاريخ الدولة العبرية بهجمات انتقامية بدأت منذ السبت بغارات جوية على القطاع، واستمرت بإعلان حصار شامل عليه نددت به الأمم المتحدة لتعارضه مع القانون الإنساني الدولي. وبدأ الجيش الإسرائيلي في حشد قواته على مشارف غزة تحسبا لاقتحامه بهدف "تطهيره بالكامل" من عناصر حماس، على حد قول نتانياهو، وهو الأمر الذي يثير مخاوف من وقوع حصيلة بشرية رهيبة لدى المدنيين الفلسطينيين.

فعم نتحدث عندما نتكلم أو نكتب عن قطاع غزة، الذي شهد تحولات متعددة وتقلبات جذرية منذ قيام دولة إسرائيل في 14 مايو/أيار 1948؟

خريطة تظهر مواقع الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي حماس قرب قطاع غزة. © فرانس ميديا موند مليونا شخص في 362 كلم مربعا

يمكن وصف قطاع غزة بأنه شريط ساحلي ضيق تبلغ مساحته 362 كلم مربعا، طوله 41 كلم وعرضه بين 5 و12 كلم. ويقطنه نحو مليوني فلسطيني، ما يضعه في خانة المناطق الأكثر اكتظاظا في العالم بكثافة سكانية تقدر بستة آلاف شخص في الكيلومتر المربع.

اقرأ أيضاأي خيارات أمام إسرائيل؟

فالقطاع شريط فلسطيني مزقته حروب متقطعة مع إسرائيل، وجيب حدودي فقير أنهكه حصار جوي وبري وبحري خانق تفرضه عليه الدولة العبرية منذ يونيو/حزيران 2005 وتَعزز بقيود صارمة في يونيو/حزيران 2007 عقب سيطرة حركة حماس عليه بالقوة إثر اشتباكات دامية مع حركة التحرير الفلسطينية (فتح) ذات التوجه اليساري والتي تأسست في 1959 على يد زعيم فلسطين التاريخي ياسر عرفات.

جغرافيا، يقع القطاع جنوب غرب الأراضي الفلسطينية، ويحده البحر المتوسط غربا ومصر جنوبا، وإسرائيل في شرقه وشماله. ويسمى "قطاع غزة" نسبة لكبرى مدنه (غزة)، ومن بين مدنه الأخرى جباليا وخان يونس ورفح الحدودية مع مصر.  

ومع الضفة الغربية المحتلة، يشكل القطاع ما يسمى "الأراضي الفلسطينية" التي تسعى السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس لإنشاء دولة ضمن حدودها المعترف بها دوليا قبل حرب يونيو 1967.

كيف يعيش سكان غزة؟

جراء الحصار الإسرائيلي، يعاني قطاع غزة وسكانه حياة قاسية أساسها الحرمان والفقر والبؤس وواقعها نقص مزمن في المياه والكهرباء والوقود وفي فرص الشغل. فهو شبه خال من أي صناعات، و(بالتالي) تطال نصف سكانه البطالة، ما يجعل مصيره مرتبط بالمساعدات الدولية.

اقرأ أيضاما تقوم به إسرائيل يعكس فشل المنظومة الدولية

وخير دليل على هشاشة الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الشريط الفلسطيني المجروح، إعلان المفوض الأوروبي أوليفر فارهيلي، الإثنين، أن الاتحاد الأوروبي قرر تعليق جميع مدفوعات مساعداته التنموية للفلسطينيين، وإعادة تقييم كافة برامجه الحالية التي تبلغ قيمتها الإجمالية 691 مليون يورو. لكن التكتل الأوروبي سارع الثلاثاء إلى تفنيد الخبر.

وكشفت مصادر دبلوماسية وإعلامية مرار أن دولة قطر تخص غزة (والضفة الغربية المحتلة أيضا) بدعم مالي منتظم. فقد سبق وأعلنت الدوحة (مثلا في 2019) عن تقديم منح ومساعدات بقيمة 480 مليون دولار، بينها 180 مليون دولار "كدعم إغاثي وإنساني عاجل"، فضلا عن "دعم برامج الأمم المتحدة في فلسطين ودعم خدمات الكهرباء لضمان وصولها إلى قطاعات الشعب الفلسطيني".

وهي غالبا ما تدفع رواتب الموظفين المدنيين بالقطاع، وذلك بموافقة السلطات الإسرائيلية التي تسعى من خلال هذه الصفقات إلى كسر الجسور المحتملة بين شباب غزة وحركة حماس المصنفة إرهابية.

اقرأ أيضااستراتيجية حماس الجديدة، دك الحصون والتقدم برا

ولا يحق لغالبية سكان غزة الخروج من حدود القطاع المحاط بنقاط تفتيش وحواجز تعتبرها منظمات إنسانية وحقوقية "مذلة للكرامة الإنسانية"، إذ أغلقت إسرائيل كل المنافذ والأبواب ودمرت المطار باسم محاربة "الإرهاب". ولا ينعم بالخروج منها سوى بعض آلاف الفلسطينيين المستفيدين من تسريح عمل رسمي، أو بعض المرضى شريطة الحصول على تسريح من وزارة الصحة الإسرائيلية.  

أما من جهة مصر جنوبا، فمنذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي عام 2013، أقفلت القاهرة بشكل شبه كامل معبر رفح، المنفذ الوحيد الذي لا تسيطر عليه إسرائيل ويربط غزة بالخارج. ومنذ أيار/مايو 2018، أعيد فتحه بصورة متقطعة.

من مصر إلى إسرائيل.. فحركة حماس؟

  عقب إعلان قيام دولة إسرائيل في 1948، خضع قطاع غزة لسيطرة عسكرية مصرية، لكنه سقط في قبضة الدولة العبرية غداة حرب يونيو (حزيران) 1967. وظل تحت هذا الوضع حتى عام 1993 عندما وقعت السلطة الفلسطينية "اتفاقية أوسلو" مع إسرائيل لتدخل السلطة إلى بعض أراضيه التي ظلت تسيطر عليها تل أبيب بنسبة 67 في المئة وأقامت عليها بعض المستوطنات اليهودية.

وبعد خطة أقرتها حكومة أرييل شارون في فبراير/شباط 2005، سحبت إسرائيل جنودها وأغلقت قواعدها العسكرية وأزالت مستوطناتها من غزة بشكل نهائي في 12 سبتمبر/أيلول 2005.

اقرأ أيضامحمد الضيف مهندس هجوم حماس المباغت على إسرائيل

وفي 2007، حكمت حماس التي يعود تأسيسها لعام 1987 كحركة تابعة لجماعة "الإخوان المسلمون" قبضتها على غزة وتنامى نفوذها على مر الزمن. 

ومنذ انسحابها من القطاع في 2005، خاضت إسرائيل عدة حروب مع حماس وفصائل مسلحة فلسطينية، أبرزها في 2008 (الرصاص المصبوب") و2012 ("عمود السحاب") و2014 ("الجرف الصامد") و2021.  

علاوة مزياني 

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: هجوم حماس على إسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج فلسطين غزة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل الحرب بين حماس وإسرائيل للمزيد قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

لائحة كبار قادة المقاومة الفلسطينية والطريقة التي اغتالهم بها الجيش الإسرائيلي منذ 1993

أعلنت حركة حماس اغتيال إسرائيل لرئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، ومرافقه في العاصمة الإيرانية طهران، ليلتحق بعدد من القادة الذين اغتالتهم سلطات الاحتلال في مواقع ومناطق مختلفة.

وكان آخر ظهور لهنية في طهران أثناء حفل تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وجاء استهدافه بعد إعلان تل أبيب مطاردة قادة حماس في غزة وخارجها، وفي كل مكان، رداً على ما تقول إنه الهجوم الذي قامت به المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023.

ومع أسئلة الاستفهام التي تركها استهداف إسماعيل هنية في عاصمة الدولة الحليفة لحماس، ما تزال الأنباء شحيحة عن سبيل الوصول إليه في هذا الظرف، والذي كشف عن اختراق أمني عالي المستوى.

لكن بالعودة لعمليات سابقة، تتضح بعض التفاصيل من جمع محاولات قامت بها إسرائيل للوصول لعشرات القيادات من فصائل المقاومة الفلسطينية، وإن تراجعت وتيرتها أو توقفت مؤقتا، لمعظم الفصائل الأخرى ما عدا “حماس”، خلال مفاوضات السلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.

ووضعت سلطات الاحتلال قوائم واسعة بأسماء شخصيات وقيادات من حماس ترغب في الوصول إليهم، استكمالاً لتاريخ أجهزتها في استهداف قادة الحركة منذ تأسيسها في ثمانينات القرن الماضي، دون وضع حد بين السياسية منها والعسكرية.

وبعد “عملية طوفان الأقصى”، استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية مكتباً تابعاً لحماس ضمن بناية تقع في قلب معقل حزب الله بالضاحية الجنوبية لبيروت، واغتالت صالح العاروري، نائب رئيس “حماس” وقائد الحركة في الضفة الغربية، ويعد من أهم حلقات الوصل مع “حزب الله” اللبناني وإيران.

ولم يكن اغتيال العاروري سابقة أو مرتبطا بتداعيات السابع من أكتوبر، بل يأتي ضمن سلسلة من عمليات الاغتيال التي طالت قادة وكوادر حركة حماس منذ بداية تسعينات القرن الماضي. وتأتي محاولات تل أبيب ضمن ما تقول إنه محاولة لإضعاف والقضاء على الحركة، مع جهود تبذلها مختلف أذرعها الاستخباراتية والعسكرية والأمنية والسياسية، على امتداد سنوات للوصول إلى رموز حماس، مثل اغتيال عماد عقل وهو من أبرز القادة العسكريين لكتائب عز الدين القسام، والذي اغتيل بعد محاصرة إسرائيلية في 24 نوفمبر 1993، منزلاً بحي الشجاعية في مدينة غزة واغتالته مع أحد مساعديه.

وبعدها اغتالت سلطات الاحتلال، يحيى عياش، الذي يعد من أبرز القادة العسكريين في كتائب القسام، وكانت تتهمه بتنفيذ تفجيرات وعمليات داخل إسرائيل.

ولتنفيذ عملية اغتيال عياش، تمكن جهاز “الشاباك” الإسرائيلي، في يناير 1996، من تسريب هاتف ملغم إليه، وفجّره عن بعد. وهو ما جعل العديد من قادة حماس من يومها يتفادون الاستخدام المباشر للهواتف، وغالباً لا يتعاملون مع الهواتف المشبوهة.

وبداية الألفية الحالية، في 31 يناير من عام 2001، قصفت طائرات إسرائيلية بالصواريخ مكتب الإعلام والدراسات التابع لحركة حماس في مدينة نابلس بالضفة الغربية، فقتلت القياديين جمال منصور وجمال سليم. ثم لاحقاً استهدفت إسرائيل إسماعيل أبو شنب القيادي في حماس، في 21 غشت 2003 بمدينة غزة.

ولم تتوقف آلة القتل الإسرائيلية بعد الوصول لزعيم حماس، حيث بعد أسابيع قليلة، اغتالت خلفه عبدالعزيز الرنتيسي، وهو طبيب وسياسي من مؤسسي حركة حماس ومن أبرز القيادات السياسية فيها، في 17 أبريل من نفس العام.

وهو ما دفع حماس لفترات طويلة أن لا تعلن عن قادتها علناً أو تسمي رئيس مكتبها، مخافة استهدافه، مثلما حدث مع خالد مشعل الذي تعرض لمحاولة تسميم من قبل الموساد في العاصمة الأردنية عُمان عام 1997.

كما اغتالت إسرائيل شخصيات أخرى من قيادات حماس، مثل صلاح شحادة مؤسس الذراع العسكري للحركة في 22 يوليوز 2002، بقنبلة تزن أكثر من طن، ألقتها طائرة حربية على منزل في حي الدرج شرقي مدينة غزة، أدت إلى استشهاد شحادة و18 شخصا بينهم زوجته ومرافقه زاهر نصار. وكذلك اغتالت جمال منصور ومحمود أبو هنود بواسطة صاروخ أطلقته طائرة حربية على السيارة التي كان يستقلها في 23 نوفمبر 2001. واستهدفت إسرائيل بعد سنوات نزار ريان ويعد من قيادات حماس السياسية والعسكرية، وهذا في يناير 2009، بغارة استهدفت منزله.

وتوصلت إسرائيل لمحمود المبحوح في يناير 2010 الذي كان يعتبر مسؤولاً عن الخدمات اللوجستية في الحركة. واغتالته داخل غرفته بفندق في دبي عن طريق 11 عميلا للموساد دخلوا الإمارات بجوازات سفر أجنبية.

وبحسب مصادر مقربة من حماس، فإن دوافع إسرائيل من هذه العمليات اعتقادها أن ذلك يضعف الحركة، بينما الواقع أن حماس بحسب المصادر تضع الأمر بعين الاعتبار، وهي تعمل على استمرارية العمل من دون وجود المسؤول أو القائد، عبر خلايا صغيرة مدربة لاستكمال أي مهمة منوطة بها.

وإن كانت عمليات الاستهداف والاغتيالات الإسرائيلية تحد من سرعة الحركة، لكنها بحسب تلك المصادر لن توقفها، لأنها برأيهم مشروع مستمر ومتجذر، وفكرة راسخة لدى أجيال عدة.

مقالات مشابهة

  • بوليانسكي: إسرائيل تشعر بالحصانة في الأمم المتحدة بدعم الولايات المتحدة لها
  • إسرائيل تستعد لتفعيل خطة "الحصار الآمن" في الشمال
  • إطلاق 20 صاروخًا من قطاع غزة تجاه أهداف داخل إسرائيل
  • وفاة أسير فلسطيني من قطاع غزة داخل معتقلات الاحتلال اليوم
  • من أحمد ياسين إلى إسماعيل هنية.. قيادات الفصائل في مرمى الاغتيالات الإسرائيلية
  • وفاة أسير فلسطيني من قطاع غزة داخل معتقلات الاحتلال الإسرائيلي
  • الهباش: ما جرى يوم 7 أكتوبر حق لكل فلسطيني.. ولكن قرار غير مسيس(فيديو)
  • لائحة كبار قادة المقاومة الفلسطينية والطريقة التي اغتالهم بها الجيش الإسرائيلي منذ 1993
  • الإعلام الحكومي في غزة: القطاع أصبح منطقة منكوبة
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: الواقع الإنساني يزداد قساوة على سكان قطاع غزة