تقرير: التقارب السوداني مع إيران يمنح السيطرة على البحر الأحمر لدول البريكس
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
لم يحظ بالاهتمام الكافي في وسائل الإعلام، لكن إعلان حكومتي إيران والسودان يوم الاثنين ٩ أكتوبر إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد سبع سنوات من القطيعة، قد أعطى فعليًا السيطرة على البحر الأحمر بأكمله والوصول لقناة السويس إلى دول البريكس والدول الصديقة لها.
موقع: (Silk Road Briefing)
في قمة البريكس الأخيرة، قرر أعضاء البريكس المؤسسين – البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا – توسيع المجموعة لتشمل ستة دول أخرى اعتبارًا من أول يناير من العام المقبل.
على الساحل الغربي للبحر الأحمر توجد مصر والسودان وإريتريا – إلى جانب إثيوبيا فهي مؤثرة وان لم تكن على الساحل – وعلى الساحل الشرقي المملكة العربية السعودية وإلى الشمال على الخليج العربي تقع الإمارات العربية المتحدة.
ولذلك، فإن إعادة السودان لعلاقاته الدبلوماسية مع إيران لها أهمية كبيرة عند النظر في التطور الشامل لنفوذ البريكس داخل منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والبحر الأحمر. فهذه الخطوة تنقل بشكل أساسي السيطرة على البحر الأحمر بالكامل وقناة السويس إلى دول البريكس والدول الصديقة لدول البريكس.
العلاقات بين السودان ودول البريكس
وهنالك روابط أخرى تعزز العلاقة بين السودان ودول البريكس. ومنها أن شركاء الاستيراد الرئيسيون للسودان اليوم هم الصين(٨٧٪ من إجمالي الواردات) تليها الإمارات العربية المتحدة واليابان والمملكة العربية السعودية وإيطاليا – أي ثلاثة من أصل خمسة هي دول البريكس. كما ان أكبر خمسة أسواق لصادرات السودان هي من مجموعة البريكس – الصين وروسيا والمملكة العربية السعودية والهند والإمارات العربية المتحدة.
ويتمتع السودان أيضًا بنفوذ إقليمي. فهو ثالث أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة، وهو عضو في جامعة الدول العربية، والتي تضم أيضًا الجزائر، البحرين، جزر القمر، جيبوتي، مصر، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، ليبيا، موريتانيا، المغرب. وعمان، وفلسطين، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والصومال، والسودان، وسوريا، وتونس، والإمارات العربية المتحدة، واليمن. ومن المثير للاهتمام أن جامعة الدول العربية تضم أيضًا دولتين مراقبتين هما البرازيل والهند وكلاهما أعضاء في مجموعة البريكس، إضافة لإريتريا، وهي من دول البحر الأحمر.
السودان ومنظمة شنغهاي للتعاون
لا شك أن تقارب العلاقات الثنائية بين إيران والسودان من شأنه أن يؤدي إلى انتعاش التجارة بشكل كبير، وقد يؤدي أيضاً إلى انضمام السودان إلى منظمة شنغهاي للتعاون كشريك. وإيران هي بالفعل عضو كامل العضوية في منظمة شنغهاي للتعاون، في حين أن شركاء الحوار العرب الآخرين يشملون البحرين ومصر والكويت وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى جانب تركيا الصديقة إقليميًا، والتي من المقرر أيضًا أن تصبح عضوًا مستقبليًا في البريكس اعتبارًا من عام 2015.
ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تعزز منظمة شنغهاي للتعاون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وربما تساعد في تطوير حلول للصراعات التي تحدث في اليمن والصومال. وحتى يومنا هذا، كانت المملكة العربية السعودية وإيران طرفين متعارضين في هذه الصراعات ولكن الصين وروسيا سوف ترغبان في رؤية حل لهذه الصراعات، وفي ذات الوقت سوف تكون الفوائد المترتبة على زيادة الأمن والتجارة موضع ترحيب إقليمياً. تجدر الإشارة إلى أن كلاً من الصين وروسيا لديهما قواعد بحرية في البحر الأحمر يمكن استخدامها لحماية الشحن وكذلك لتكون بمثابة رادع للصراعات الإقليمية. وتقع القاعدة الروسية على ساحل السودان.
لماذا السودان؟
يبلغ عدد سكان السودان 49 مليون نسمة ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي 207 مليار دولار أمريكي. ويبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 4,450 دولار أمريكي. ويقارن هذا مع عدد سكان إيران البالغ 89 مليون نسمة، والناتج المحلي الإجمالي الذي يبلغ 1.692 تريليون دولار أمريكي ونصيب الفرد من الدخل 19.548 دولار أمريكي. وتعني هذه الاختلافات أن إيران – وربما دول البريكس الأخرى – ستكون قادرة على نقل بعض التصنيع إلى السودان للاستفادة من انخفاض تكاليف الإنتاج.
وهذا الاتجاه المتمثل في نقل التصنيع إلى دول البحر الأحمر الأفريقية يحدث بالفعل. خيث تناقش روسيا الاستثمار في مصانع تصنيع السيارات وتطويرها في إثيوبيا، وقد وافقت شركة لادا بالفعل على القيام بذلك. وعلى الرغم من عدم احترام العلامة التجارية في الغرب في الحقبة السوفيتية، إلا أن الشركة تعد واحدة من العلامات التجارية الأكثر مبيعًا في روسيا ومصنعي سيارات الدفع الرباعي الثقيلة – وهي مثالية لظروف الطرق الصعبة أحيانًا في أفريقيا. وتنوي لادا البيع في السوق الأفريقية والتواصل مع مشتري السيارات في السودان وكينيا والصومال. وتهيمن العلامات التجارية اليابانية على هذه الأسواق. ولكن تأمل دول البريكس – وخاصة الصين والهند وإيران وروسيا – في المنافسة باستخدام قواعد إنتاج منخفضة التكلفة في السودان وإثيوبيا.
وهذا بدوره سيساعد أيضًا السودان وإثيوبيا على تطوير أسواقهما الصناعية الثانوية. وباختصار يمكن لكل من السودان وإثيوبيا مساعدة أعضاء البريكس الآخرين في التنافس على كفاءة التكلفة في كل من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والأسواق الدولية الأخرى.
وستكون الصين والهند مهتمتين أيضًا باحتياطيات الذهب في السودان، فكلاهما من أكبر المشترين في العالم لصناعة المجوهرات، حيث يعد السودان ثالث أكبر منتج للذهب في القارة الأفريقية، واستخرج 22 طنا من الذهب العام الماضي.
وقد تم تسريع هذه التجارة من خلال اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)، والتي قدمت الصين مساعدة استشارية كبيرة في إنشائها ودخلت حيز التنفيذ في يناير2021. ويجري تنفيذ هذه الاتفاقية تدريجيًا، ولكنها تقلل بشكل فعال من التعرفة الجمركية بين البلدان الأفريقية وتغطي 95٪ من الواردات لجميع السلع. والسودان من الدول الموقعة. وهذا يجعل أفريقيا وجهة مصادر قابلة للاستمرار بشكل متزايد، ومع إنشاء مناطق التجارة الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة (استثمرت الصين وروسيا في بناء هذه المناطق في بورسعيد، بالقرب من قناة السويس في مصر) يمكن للمنتجات الأفريقية ان تضاهي المستوردة وبتكلفة منخفضة ويمكن بيع العناصر النهائية في السوق الأفريقية أو إعادة تصديرها إلى مكان آخر.
السودان والممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب
هناك أيضًا احتمالات لتوسيع الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب، وهي طرق النقل الأوراسية التي تمتد شرقًا من الصين، عبر آسيا الوسطى إلى بحر قزوين، وتمتد إلى الموانئ الروسية، والقوقاز، وأوروبا، أو جنوبًا إلى إيران والشرق الأوسط وجنوب آسيا. والمحطة الحالية هي ميناء بندر عباس الإيراني على الخليج العربي، مع امتداد شرقًا إلى الهند. ويمكن ان يتم تمديده لجهات اخرى أيضًا. وقد قامت روسيا مؤخراً باختباره من خلال إرسال قطار شحن إلى ميناء جدة على البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية. ومن المحتمل جدًا أن يمتد هذا الممر إلى السودان لإتاحة الوصول إلى أسواق شمال إفريقيا الأخرى، وجنوب شرق تنزانيا وكينيا.
إن الإعلان عن إعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسودان لم يحظى بذكر حتى همسا، لكن الآثار المترتبة على ذلك لها تأثير كبير على تنمية التجارة الإقليمية والدولية، وتضيف إلى النطاق الجيوسياسي والتجاري المستمر لمجموعة البريكس.
الوسومإيران البحر الأحمر السودان الصين دول البريكست روسياالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إيران البحر الأحمر السودان الصين روسيا الشرق الأوسط وشمال أفریقیا والمملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة على البحر الأحمر شنغهای للتعاون دولار أمریکی الصین وروسیا دول البریکس
إقرأ أيضاً:
إيران: عودة ترامب لن تؤثر على علاقاتنا مع الصين
رأى علي أكبر ولايتي، أحد كبار مستشاري المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، اليوم الإثنين، أن عودة دونالد ترامب إلى البيت الابيض لن يكون لها "أي تأثير"، على سياسة إيران الخارجية وتحديداً علاقاتها مع الصين.
والصين أكبر شريك تجاري لإيران وأحد كبار مستوردي النفط منها في ظل العقوبات الغربية. ويعتبر ولايتي الذي تولى منصب وزير الخارجية لفترة طويلة بين 1981 و1997، شخصية محورية في إيران وهو مستشار خامنئي في السياسة الخارجية.
وأكد ولايتي لسفير الصين في طهران كونغ بيوو، أن "تنصيب ترامب لن يكون له أي تأثير على السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية، ولا سيما على علاقاتها مع الصين"، وفق ما نقلت عنه وكالة إيسنا، أمس الأحد من غير أن توضح متى حصل اللقاء.
آیا ایران بعد از انتخاب ترامپ در انجام «عملیات وعده صادق ۳» سست شده؟
سخنگوی وزارت خارجه: بارها اعلام کردهایم که در دفاع از تمامیت سرزمینی و حاکمیت کشورمان از کسی اجازه نمیگیریم و به هر تجاوزی که انجام میشود قطعاً پاسخ قاطع داده خواهد شدhttps://t.co/4Bo99LFMNw pic.twitter.com/OzpqlX4U8o
وشدد على ان "إيران والصين تربطهما منذ زمن بعيد علاقات ثقافية وتاريخية وثيقة وودية، لكل منهما تأثير إيجابي كبير على الأخرى".
واختار ترامب الأربعاء الماضي، ماركو روبيو ليكون وزير الخارجية في إدارته المقبلة، وهو سياسي معروف بعدائه للصين وإيران. واعتمد ترامب خلال ولايته الأولى (2017 - 2021) سياسة "ضغوط قصوى" على إيران، وأعاد فرض عقوبات شديدة عليها مستهدفا بصورة خاصة قطاعها النفطي.
وقال وزير النفط الإيراني محسن باك نجاد أمس الأربعاء، رداً على أسئلة وسائل إعلام محلية بهذا الصدد "ليس لدينا أي مخاوف حول مبيعاتنا من النفط" بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
وتعرقل العقوبات جهود بكين لضم طهران إلى مبادرتها الضخمة المعروفة باسم "طرق الحرير الجديدة"، والقاضية بتشييد بنى تحتية وتطوير شبكات الملاحة والطرق والسكك الحديد ولا سيما في الدول النامية، بهدف ربط آسيا وأوروبا وأفريقيا بالصين.
ووقعت الصين مع إيران عام 2021 اتفاقاً استراتيجياً واسع النطاق لمدة 25 عاماً، يشمل مجالات مختلفة مثل الطاقة والأمن والبنى التحتية والاتصالات. وأكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن الصين "ستدعم" إيران أياً كان تطور الوضع الدولي والإقليمي"، خلال لقاء مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.