لماذا يصاب بعض الأطفال بـ انهيار ما بعد المدرسة؟
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
تلاحظ بعض الأمهات تغييرا سلبيا كبيرا في سلوك الطفل ومزاجه بعد عودته من المدرسة. وعلى الرغم من أن الطفل يكون في أفضل حالاته السلوكية داخل المدرسة؛ فإنه بمجرد وصوله إلى البيت يصبح كرة كبيرة متأججة من العواطف، قد يصرخ أو يدخل في نوبات من الغضب.
ويوضح العلم أن ذلك النوع من السلوك ليس بالأمر غير المألوف، ويشير إليه بعض علماء النفس باسم "انهيار ضبط النفس بعد المدرسة".
وصاغت أندريا لوين مستشارة وخبيرة تربية الأطفال، وعضو الجمعية الكندية للإرشاد النفسي، مصطلح "انهيار ضبط النفس بعد المدرسة"، ويطلق عليه -أيضا- اسم "نوبة الغضب بعد المدرسة"، أو "الانهيار بعد المدرسة"، وهو يصف الحالة التي يظهر فيها الطفل، عادة في المرحلة الابتدائية، تحديات عاطفية وسلوكية؛ مثل: التهيج أو نوبات الغضب أو الانفجارات العاطفية أو الانهيارات بعد الانتهاء من يوم المدرسة.
ويذكر المستشار النفسي والأسري أحمد سريوي، أن الطفل يمر أثناء وجوده في المدرسة بسلسة متصلة من الحصص الدراسية التي تلزمه بالضبط والأدب، والهدوء وعدم الصراخ وعدم اللعب، والبقاء جالسا لمدة طويلة قد تمتد لأكثر من 6 ساعات.
الأطفال يواجهون تحديات عاطفية وسلوكية عادة في المرحلة الابتدائية؛ مثل: التهيج أو نوبات الغضب (شترستوك)ويقول المستشار النفسي للجزيرة نت، إن كل ذلك يشكل ضغطا نفسيا كبيرا على الطفل، الذي لا يمتلك إلا أن يستجيب لكل هذا الضغط بالالتزام والهدوء، خاصة في ظل غياب الأبوين، "في الوقت الذي يتصرف فيه بقية الطلاب كما هو يفعل أيضا، فالبيئة المدرسية مختلفة تماما عن بيئة المنزل والشارع وغيرها، من ناحية الضبط والالتزام".
ويفسر د. أحمد سريوي حالة الغضب والانهيار التي تجتاح الطفل بعد المدرسة، بأن الطفل يشعر أنه قد خرج من الضغط إلى الراحة، ومن التقييد الى الحرية، "فما أن يصل البيت حتى يشعر بطاقة غضب كبيرة؛ فينفجر في أبويه بالصراخ، وأحيانا مع عدم قدرته على احتضانهم بسبب طاقة الغضب التي يعاني منها، فيغضب أكثر".
أسباب الانهيار بعد المدرسةالحساسية الشديدة لدى بعض الأطفال: في حين أن "انهيار القيود بعد المدرسة" يمكن أن يؤثر في جميع الأطفال، إلا أنه يمكن أن يكون أكثر وضوحا عند الأطفال الحساسين الذين يعانون من مشكلات في التعلم أو التنشئة الاجتماعية، أو الذين شُخّصت إصابتهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والتوحد. وقد تؤدي المزيد من نقاط الضعف كذلك؛ مثل: قلة النوم أو الجوع أو الإفراط في التحفيز أو المرض، إلى فقدان الطفل -حتى الأكثر اعتدالا- السيطرة على نفسه في البيت.
وبجانب تأثير الجدول المدرسي على الطفل، والوقت الكبير الذي يقضيه بعيدا عن المنزل، وافتقاد الوالدين، والاضطرار إلى الجلوس لساعات، وتعلم الموضوعات الصعبة، مما يؤثر عاطفيا وجسديا فيه، ويذكر أحمد سريوي سببين مهمين إضافيين:
طريقة التعليم المدرسي: إن كانت الطرق تقليدية مقيدة للطفل فإن هذه الحالة ستزيد، ولكن لو كانت المدرسة تتبع إستراتيجيات التعلم الحديث -مثل: التعلم باللعب والمونتيسوري وغيرها-، فإن الطفل لن يشعر من الأساس بمشاعر التقييد وعدم الحرية، خاصة لطلبة الروضة والتمهيدي ورياض الاطفال.
غياب احتواء الأهل: عدم معرفة الأهل بطرق احتواء الطفل بعد عودته من المدرسة، لتجنب دخوله في تلك الحالة، قد يسهم بصورة كبيرة في حالات الانهيار بعد المدرسة لدى الأطفال.
من المهم إدراك أسباب انهيار الأطفال والتأكد من عدم وجود سبب شخصي مثل تعرض الطفل لمضايقات (غيتي) طرق للتعاملتخفق بعض الأمهات في التعامل مع "انهيارات ما بعد المدرسة"، وتظل عالقة في دائرة من الغضب والغضب المقابل، دون القدرة على كسرها أو احتوائها. ويطرح الاستشاري النفسي والأسري أحمد سريوي عددا من النصائح حول كيفية التعامل مع تلك المشاعر المفاجئة بعد المدرسة:
تقبل تلك المشاعر: ومحاولة احتواء الطفل وتدريبه على التعبير عن مشاعره. إبداء التعاطف الإيجابي معه: من خلال الإقرار بأنه مرّ بيوم طويل ومرهق، ولا تبدأ بسؤاله عن المدرسة فورا. امنحه وقتا لتخفيف الضغط: إذ من المهم ألا تبدأ الأم مع الطفل في الدراسة فورا، من باب أنه ما زال في جو المدرسة ويتذكر ما درسه هناك، يجب على الأم أن تعطي الطفل فترة راحة يستشعر فيها الفصل التام عن البيئة المدرسية. الطعام: من المهم عند عودة الطفل إلى البيت أن يبدل ملابسه ويتناول الطعام، فقد يكون شعور الطفل بالجوع سببا كبيرا في غضبه دون أن يعلم ذلك. زيادة وقت اللعب: منح الطفل وقتا للعب لفترة مناسبة والاستمتاع ومشاركته ذلك، يكون له تأثير كبير لتفريغ التوتر والغضب. وبعد ذلك يمكن أن يبدأ الطفل الدارسة وحل الواجبات المدرسية. إدراك الأسباب التي تؤدي إلى وجود مثل هذه الحالة، والتأكد من عدم وجود سبب شخصي؛ مثل: تعرض الطفل لمضايقات، أو تنمر والتواصل مع المدرسة والمختصين إذا كان هناك سبب يستدعي ذلك.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بعد المدرسة
إقرأ أيضاً:
منظومة الطفولة المبكرة .. استثمار اجتماعي لمستقبل الأجيال
- خدمات تنمية الطفولة المبكرة تقدم في مكان جغرافي واحد بطريقة تكاملية
- تجويد الخدمات الرعائية والصحية والتعليمية بمعايير ومنهجيات معتمدة دوليا
- التحاق 8706 أطفال بـ355 حضانة حتى منتصف العام الحالي
تركز استراتيجية وزارة التنمية الاجتماعية على وضع تنمية الطفولة المبكرة المتكاملة كأولوية على الأجندة الوطنية من خلال تأسيس مراكز تنمية الطفولة المبكرة في جمعيات المرأة العمانية ومؤسسات المجتمع الأخرى للتأكد من النمو الذهني لأطفال سلطنة عُمان بشكل متساو في سنوات العمر الأولى، وتحسين مخرجات الصحة والتعليم والسلوك، وإدراكا لأهمية مرحلة الطفولة المبكرة في تكوين شخصية الطفل والأثر الذي تتركه برامج التنمية على نمو الطفل ومستقبل الأجيال القادمة، وتعمل سلطنة عمان من خلال خططها الخمسية للتنمية على وضع البرامج والمشاريع والأنشطة المتعلقة بتلبية احتياجات فئة الأطفال باعتبارها حقوقا ينبغي تنفيذها من قبل الدولة والأسرة معا، وقد اضطلعت وزارة التنمية الاجتماعية بالتعاون مع الجهات الأخرى بأدوار أساسية في مجال تربية الطفل بالإضافة إلى الدور الأساسي في حماية وتنمية الأسرة.
وتولي استراتيجية العمل الاجتماعي (2016-2025) التي تنفذها الوزارة مزيدا من الاهتمام بتنمية الأسرة والمجتمع، معتبرة تنمية الطفولة المبكرة المتكاملة أولوية وطنية مدعومة بالتزام حكومي وموارد خاصة وآليات للتنسيق عبر القطاعات، ويتم العمل على مشروع مراكز تنمية الطفولة المبكرة المتكاملة بهدف تقديم خدمات الطفولة المبكرة في مكان جغرافي واحد بطريقة تكاملية بين مختلف القطاعات، بما يحقق تجويد الخدمات الرعائية والصحية والتعليمية المقدمة للأطفال بمعايير ومنهجيات معتمدة دوليا، وتسهم في رفع الوعي العام بأهمية تنمية الطفولة المبكرة، وتحقيق مفاهيم التدخل المبكر، إلى جانب دعم الذكاءات المتعددة في المراحل المبكرة، ويستهدف المشروع توسيع الفئات المستفيدة من هذه الخدمات بما يدعم فئة الأطفال كافة وبالأخص الأطفال من ذوي الدخل المحدود؛ وفقا لتوزيعها اللامركزي في مختلف المحافظات.
الرقي بالخدمات
وقد أولت سلطنة عمان اهتماما كبيرا بتنمية الطفولة المبكرة في مختلف القطاعات المرتبطة بهذه الفئة المهمة من المجتمع خاصة ما يتعلق بالجوانب الاجتماعية والصحية والتعليمية والثقافية إيمانا منها بأهمية الاستثمار في هذه الفئة من المجتمع التي ستكون مستقبلا إحدى الدعائم الأساسية لبنائه، وقد تم إصدار التشريعات والقوانين وإعداد الخطط والسياسات الرامية إلى الرقي بجودة الخدمات المقدمة في هذا المجال.
وقد كفلت التشريعات والقوانين المعمول بها في سلطنة عمان إتاحة التعليم وإلزاميته لجميع الأطفال حتى إتمام مرحلة التعليم الأساسي كما أولت اهتماما بمرحلة التعليم ما قبل الأساسي ويعتبر قانون الطفل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 2014/22 إنجازا رائدا يضاف إلى رصيد سلطنة عمان في مجال رعايتها واهتمامها بالطفل، وقد تضمن القانون 13 فصلا، و79 مادة تحدد إطارا قانونيا لحقوق الطفل وتلقي الضوء على ضرورة توفير الظروف المناسبة لتنشئة الأطفال وإعطائهم الأولوية في جميع القرارات والإجراءات، حيث أكدت المادة 30 من الحقوق الاجتماعية "أن للطفل دون سن التعليم ما قبل الأساسي الحق في الانتفاع بخدمات دور الحضانة التي هو مؤهل للالتحاق بها" واضطلعت وزارة التنمية الاجتماعية بالتعاون مع الجهات الأخرى بأدوار أساسية في جانب تربية الطفل بالإضافة إلى الدور الأساسي في حماية وتنمية الأسرة. وعليه عملت على تأسيس دائرة شؤون الطفل في المديرية العامة لشؤون المرأة والطفل عام 1985م. وفي عام 1986م تم تأسيس أول حضانة في سلطنة عمان.
وفي هذا السياق أثمر إعداد استراتيجية العمل الاجتماعي والاستراتيجية الوطنية للطفولة إلى تطوير آلية العمل الاجتماعي بعد مسيرة (45 عاما) من عمل هذه الوزارة لمواكبة الثورة التكنولوجية والمعلومات المتسارعة، ولمواجهة التحديات والتطورات الدولية، فقد أكدت الاستراتيجيتان على أهمية الأسرة في صدارة العمل الاجتماعي، وعلى أن الأطفال هم أمل المستقبل، ولذا فإن تعزيز دور الأسرة والحفاظ على تماسكها والعمل على رعاية الأطفال ورفاهيتهم وإعدادهم للمستقبل يحتلان الأولوية في التوجهات الاستراتيجية للحكومة، وفي الخطط التنموية والبرامج التي تنفذها الوزارات والجهات ذات العلاقة ومنها وزارة التنمية الاجتماعية وهذا الأمر حتم على وزارة التنمية الاجتماعية وشركائها، إعادة تقييم ومراجعة برامجها الموجهة للأسرة والطفل. ومن هنا جاء تنفيذ مشروع النهوض بأوضاع دور الحضانة الذي يتم تنفيذه بالشراكة مع برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند).
ويعد تنفيذ مشروع النهوض بأوضاع دور الحضانة، من أبرز المشاريع والبرامج المنفذة في مجال رعاية الطفولة وإعداد دليل المعايير الوطنية لدور الحضانة وتصنيفها في سلطنة عُمان، والتدريب على دليل المعايير الوطنية لدور الحضانة بمشاركة 57 مشاركا من وزارة التنمية الاجتماعية و337 مشاركا من ممثلي دور الحضانة، والتدريب على دليل الرعاية الصحية مستهدفا العاملات بمؤسسات دور الحضانة من مشرفات ومربيات الأطفال. كما تم إعداد تصور عام حول مراكز تنمية الطفولة المبكرة وتنفيذ حلقات العمل التخصصية متعددة القطاعات وتنفيذ الزيارات الاستطلاعية للمدارس الأجنبية، ومناقشة التقرير الوطني عن حقوق الطفل أمام اللجنة الدولية المختصة واستلام الملاحظات ومناقشتها مع الجهات المختصة في سلطنة عمان، وتنفيذ البرنامج التدريبي حول اتفاقية حقوق الطفل والبرتوكولين الاختياريين الملحقين بها بمشاركة أصحاب الفضيلة القضاة، وأعضاء الادعاء العام والمسؤولين وأصحاب العلاقة بمجال متابعة تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل، ولجان حماية الطفل ومندوبي الحماية.
توسع كمي ونوعي
وإدراكا من سلطنة عمان بأهمية مرحلة الطفولة المبكرة في تكوين شخصية الطفل والإنسان. وللأثر الذي تتركه برامج التنمية على نماء الطفل ومستقبل الأجيال القادمة، فقد عملت الجهات على وضع برامج ومشاريع تستهدف الأطفال وهناك توسع كمي ونوعي في إنشاء دور الحضانة، حيث نظمت اللائحة التنظيمية التي صدرت بموجب القرار الوزاري رقم 19 / 80 شروط وإجراءات إنشاء دور الحضانة، وتقدم "دور الحضانة" وهي مؤسسات اجتماعية تشرف عليها الوزارة خدمات اجتماعية وتربوية وثقافية للأطفال من سن ستة أشهر إلى ثلاث سنوات ونصف، ويتم متابعة هذه الحضانات من قبل الوزارة؛ للتأكد من التزامها باللوائح والقوانين المنظمة لذلك وتصحيح مسارها في حال الإخلال بعملها، وقد بلغ عدد الحضانات حتى نهاية النصف الأول لعام 2024م 355 حضانة، وعدد الأطفال الملتحقين بها 8706 أطفال منهم 4650 ذكورا و4056 إناثا.
وكان من جملة الاهتمام بقطاع الطفولة في السلطنة تطوير دور الحضانة وتحسين جودتها بوضع معايير وطنية شاملة تنظم عملها وترخيصها، وتمهد لتصنيفها. فدور الحضانة - بوصفها إحدى أهم مؤسسات تنشئة الطفل في سلطنة عمان - تعد مكانا يخصص لاستقبال الأطفال في سن مبكرة، وتقديم خدمات الرعاية والعناية بهم، وتلبية احتياجاتهم، وتعمل على تطوير نموهم وتعلمهم. ونتيجة لذلك فقد تم العمل على تطوير معايير وطنية شاملة لدور الحضانة تضمن جودة ما تقوم به تلك المؤسسات من خدمات، ويعكس توجهات إدارة مؤسسات دور الحضانة ومساعدتها على النهوض بدورها، وتوفير أفضل الفرص التربوية والصحية والاجتماعية لتنشئة ورعاية الأطفال الصغار وابتدأ مشروع النهوض بأوضاع دور الحضانة بإعداد الدراسة التقييمية حول أوضاع دور الحضانة في سلطنة عمان بهدف الوقوف على أوضاعها واحتياجاتها، ومدى فاعليتها ومطابقتها للمعايير المنصوص عليها في اللائحة الخاصة بإنشاء دور الحضانة وانسجامها مع المعايير التنظيمية. وبعد إنجاز الدراسة، بدأت الخطوة التالية من البرنامج وهي وضع دليل المعايير الوطنية لدور الحضانة وتصنيفها في سلطنة عمان بهدف إرشاد المعنيين والقائمين والمختصين في هذه الدور على المعايير التي ينبغي ضمان توافرها في دور الحضانة في سلطنة عمان وتأمل وزارة التنمية الاجتماعية أن تسهم هذه المعايير في تجويد أوضاع مؤسسات دور الحضانة القائمة، وبالتالي وضع أسس لجودة المؤسسات التي سيتم إنشاؤها لاحقا، بهدف إرساء مخرجات تربوية واعدة تساعد مؤسسة الأسرة في تنشئة الأبناء تنشئة صالحة. ويتم تصنيف الحضانات بناء على مدى التزامها بهذه المعايير إلى خمس فئات رئيسية حيث إن توافر معايير وطنية لجودة دور الحضانة سيتيح الفرص لمساعدة دور الحضانة على معرفة الجوانب التي تساعد في تطويرها وتصويب أوضاعها، وبالتالي العمل على الوفاء بالالتزام بتلك المعايير.
وتمنح وزارة التنمية الاجتماعية الفرصة لاتخاذ القرار اللازم تجاه تلك الحضانات سواء في الاستمرار بتقديم الخدمة أو متابعة تطويرها، أو سحب الترخيص منها. وبالتالي إلغاؤها، كما أن وجود تلك المعايير من شأنه أن يمنح الأسر مساحة واسعة لاختيار دار الحضانة التي تلائم أطفالهم وتحقق احتياجاتهم.