كما يعلم أي شخص يتابع الاقتصاد المصري جيدًا، أن عام 2023 كان عامًا صعبًا بالنسبة للجنيه المصري. وقعت الأزمة في شهر مارس وقدمت أسوأ انخفاض في قيمة الجنيه مقابل الدولار منذ تعويم العملة في نوفمبر 2016. كما ذكرت إحدى تقييمات العملات التي نشرتها الجزيرة خلال الصيف الماضي، فإن الجنيه فقد حوالي 50% من قيمته مقارنة بوضعه قبل غزو روسيا لأوكرانيا.

وعادة ما يكون مثل هذا الانخفاض إشارة إلى ضعف اقتصادي أوسع نطاقًا. وفي حالة مصر في عام 2023، إلا أن هذا لم يكن بالضرورة الحال. في الواقع، على الرغم من انخفاض الجنيه المصري، إلا أن سوق الأسهم المصرية قد سجلت أرقامًا قياسية هذا العام.

في نهاية أغسطس، أفاد تقرير مفصل من CNN باللغة العربية يقيم حالة سوق الأسهم في مصر أن السوق قد "سجلت أعلى مستوياتها في تاريخها" خلال الأسبوع السابق. من ذلك الحين وحتى سبتمبر، استمرت هذه المستويات في الارتفاع، مع تحقيق مستويات جديدة نحو نهاية ذلك الشهر. باستثناء تراجع وقع قبل كتابة هذا المقال، يمكن بحق وصف سوق الأسهم المصرية بأنها قد سجلت واحدة من أقوى أعوامها.

سيكون هذا مفاجأة لبعض الأشخاص الذين قد ينظرون إلى أداء الجنيه الضعيف على أنه مؤشر سلبي شامل على الاقتصاد، ولكن أكثر أهمية من الاختلاف بين أداء الجنيه وأداء السوق، هو السؤال عن ماذا يعني ارتفاع سوق الأسهم، سواء بالنسبة للاقتصاد المصري بشكل عام أو بالنسبة للمستثمرين الخاصين داخل هذا الاقتصاد.

زيادة التصدير

في المقال المذكور من CNN باللغة العربية، تم ذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قام بمنح "إعفاءات ضريبية موسعة" للمصانع. تم ذلك بهدف "جذب الاستثمارات الصناعية" من أجل "زيادة الصادرات وتقليل فاتورة الواردات" في مصر. في الوقت نفسه، تستمر الحكومة المصرية أيضًا في تنفيذ سياسة بدأت عام 2019 والتي ترى تخصيص 50 مليار جنيه للشركات المصدرة. هذه السياسات، بالإضافة إلى دعم نمو شركات جديدة، ساعدت في تحفيز نمو الصادرات، والذي بدوره أسهم في تحسين أداء الشركات المدرجة.

تعويض تداعيات الغزو الروسي

ذكر المقال العربي نفسه أثر الغزو الروسي لأوكرانيا على الاقتصاد المصري (وعلى الاقتصادات في جميع أنحاء العالم). من بين التداعيات الخاصة كان تقليل الاستثمار المباشر الأجنبي (FDI) وزيادات متلاحقة في تكلفة الواردات والطلب. مع تحسين اقتصاد الصادرات، إلا أن فاتورة الواردات في مصر تصبح أقل حدة، ويتم تعويض تداعيات الغزو. وهذا يضع أقل ضغطًا على الاقتصاد ويحتفظ بالمزيد من التجارة داخل مصر، مما يمكن أن يساعد في تعزيز الأسواق.

احتواء التضخم من خلال اقتصاد العرض

الاقتصاد العرضي هو نظرية مثيرة للجدل ولا يتم استدعاؤه بالضرورة في كل حالة. بشكل عام، فإنه يتعلق بفكرة أن تعديل الحكومة للضرائب والتنظيم لتشجيع نمو الإنتاج والعرض. قامت الحكومة المصرية بفعل ذلك عن طريق منح إعفاءات ضريبية للشركات في قطاع الصناعة وقطاع الصادرات. بالإضافة إلى تشجيع اقتصاد الصادرات النشط، كما تم مناقشته أعلاه، فإن هذا التعديل لديه الإمكانية لإنشاء فائض محلي من السلع، والذي يمكن أن يقلل بدوره من التضخم. التضخم المنخفض يمنح المستثمرين المزيد من القوة الشرائية التي يمكنهم بها التأثير على حركة السوق.

جذب الاستثمار الأجنبي

تعمل جميع السياسات والتداعيات المذكورة أعلاه أيضًا على تشجيع تدفق الاستثمار الأجنبي. مع وجود حوافز لتشجيع الاستثمار في قطاعات الصناعة والصادرات، يمتلك المستثمرون الأجانب أيضًا دافعًا للاستثمار في الشركات المصرية. وهذا يلعب دورًا في تعزيز حركة السوق بشكل أكبر (بالإضافة إلى مزيد من التعويض عن تداعيات غزو أوكرانيا).

ماذا يعني أداء سوق الأسهم للمستثمرين

تلعب أيضًا الاستثمارات الخاصة دورًا كبيرًا في دفع أداء السوق. وهذا صحيح بشكل خاص في العقد 2020 عندما اكتسب العديد من المستثمرين الخاصين في مصر سهولة الوصول إلى فرص التداول في سوق الأسهم من خلال تطبيقات ومواقع ويب مبسطة. تم بناؤها كبدائل لشركات السمسرة التقليدية، تساعد هذه المنصات المستثمرين على إنشاء حسابات، والتداول بمبالغ أولية أصغر، وإدارة محافظهم بمساعدة أدوات التداول المدمجة والنصائح الآلية والمعلومات المختارة.

أداء قوي لسوق الأسهم المصرية على مدى معظم عام 2023 قد أتاح فرصًا كبيرة للمستثمرين الخاصين باستخدام هذه المنصات التداول المحسنة والظروف.

مواكبة المسار الصاعد

أساسيًا، يمكن للمستثمر الخاص أن يستفيد من تحسين ظروف سوق الأسهم من خلال الاستثمار في أسعار الأسهم والمؤشرات وحتى قيم العملات وهي تمر بمسار صاعد، من المهم أن نلاحظ أن هذا ليس مجرد مسألة رؤية رسم بياني قوي وإجراء استثمار. ولكن مع وجود سهولة الوصول إلى أدوات الاستثمار عبر الهواتف المحمولة، يمكن للمستثمرين في مصر اليوم القيام بالعمل لضمان اتخاذ قرارات استراتيجية. يمكن لتاريخ الأصول أن يسلط الضوء على طبيعة الحركة الحالية. يمكن الحاسبة الاستثمارية مساعدة المستثمر في النظر في عوامل مثل التداول بالرافعة المالية وحجم وحدات الشراء. ويمكن أدوات التحليل المتنوعة توضيح ظروف السوق بشأن صفقات محددة.

مزج هذه الأدوات التحليلية والحسابية مع مسار صاعد يمكن، في بعض الحالات، أن يجعل من الأكثر احتمالاً أن يرى المستثمرون نموًا في محافظهم.

الاستمتاع بقوة الشراء

يمكن للمستثمرين الخاصين أيضًا أن يأملوا في الاستمتاع بقوة الشراء أكثر في المستقبل القريب. كما ذكر، ستساعد بعض التغييرات الإيجابية التي تحدث على نطاق واسع في الاقتصاد المصري في تقليل التضخم وربما - في الوقت المناسب - حتى مساعدة الجنيه على استعادة بعض قيمته المفقودة. ستمنح هذه التطورات المستثمر العادي المزيد من قوة الشراء وبالتالي، قدرة أكبر على الاستفادة من أسواق النمو. في الأوقات الاقتصادية القوية، يمكن أن يكون هذا عملية دورية إلى حد ما تعود بالفائدة على المستثمرين الخاصين.

فرص استثمار جديدة

من بين سياسات الحكومة المصرية التي تساعد في تحسين نظرة الاقتصاد الوطني وظروف السوق، يمكن أن تتوفر بعضها للاستثمار الخاص. ذكرت المقالة العربية لـ CNN المذكورة أعلاه أن الحكومة أعلنت عن قائمة تضم 32 شركة حكومية تعتزم "بيعها للمستثمرين الخاصين أو إدراجها في البورصة"، بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي الإعفاءات الضريبية في قطاع الصناعة إلى صعود سريع لشركات جديدة. لديهما كلاهما الإمكانية للنتيجة في إدراجات جديدة في السوق مع إمكانية نمو كبيرة، مما يمنح المستثمرين الخاصين في مصر المزيد من الفرص لتنويع وتعزيز محافظهم.

بمراعاة كل هذا، من المهم دائمًا عدم اعتبار النمو الاقتصادي أو مسار السوق الصاعد أمرًا محسومًا. كمثال، شهدنا مؤخرًا خسائر في سوق الأسهم نتيجة لتصاعد التوترات في الشرق الأوسط. قد يكون تفاقم الصراع في قطاع غزة عاملاً محوريًا بشكل خاص، ولكنه يظهر أن حتى شبكة من الظروف الاقتصادية المواتية لا تضمن أداء السوق القوي. التحليل الدقيق والنظر الشامل مهمان لكل مستثمر ولكل صفقة.

بشكل عام، ومع ذلك، يُعتبر أداء سوق الأسهم المصرية القوي في عام 2023، على الرغم من انخفاض الجنيه، علامة جيدة للاقتصاد، بالإضافة إلى فرصة جذابة للمستثمرين.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: على الاقتصاد بالإضافة إلى یمکن أن عام 2023 فی مصر

إقرأ أيضاً:

مطارات الإمارات تسحل أرقاماً قياسية لأعداد المسافرين خلال 9 أشهر

 

حلقت مطارات دولة الإمارات بنتائج أدائها على صعيد أعداد المسافرين والرحلات، إلى مستويات قياسية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، مرسخة بذلك تنافسيتها العالمية ودورها المحوري في دفع عجلة نمو الاقتصاد الوطني.
وسجلت مطارات أبوظبي، ومطار دبي الدولي، ومطار الشارقة الدولي، أكثر من 103 ملايين مسافر حتى نهاية سبتمبر الماضي، فيما توقعت الهيئة العامة للطيران المدني أن تصل حركة المسافرين في مطارات الدولة إلى نحو 150 مليون مسافر مع نهاية العام الجاري.
وأعلنت مطارات أبوظبي إجمالي عدد المسافرين حتى نهاية سبتمبر الماضي الذي بلغ 21.7 مليون مسافر بزيادة قدرها 31.2% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، والتي شهدت استقبال 16.5 مليون مسافر.
وتجلّى هذا النمو الاستثنائي في الربع الثالث تحديداً من العام الجاري، حيث بلغ عدد المسافرين عبر مطارات أبوظبي 7.7 مليون مسافر بزيادة قدرها 27% مقارنة بالربع الثالث من عام 2023.
وحتى نهاية سبتمبر الماضي، ارتفعت حركة الرحلات القادمة والمغادرة عبر مطارات أبوظبي بنسبة 27.3% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث استقبلت مطارات الإمارة أكثر من 10.3 مليون مسافر، كما ارتفعت حركة المسافرين العابرين بنسبة 36% لتصل إلى 10.9 مليون مسافر.
من جهته، استقبل مطار دبي الدولي 68.6 مليون مسافر خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، بزيادة بلغت 6.3% مقارنة بالفترة نفسها من 2023.
وسجل مطار دبي الدولي أداءً قوياً في الربع الثالث من العام الجاري، حيث استقبل 23.7 مليون مسافر، وشهد الربع الثالث تنامياً في عدد الرحلات الجوية، إذ تجاوزت 111.300 رحلة، ليصل إجمالي عدد الرحلات خلال الأشهر التسعة الأولى من العام إلى 327.700 رحلة بزيادة 6.4% على أساس سنوي.
ويتوقع مطار دبي استقبال 23.2 مليون مسافر في الربع الأخير من العام، كما يتوقع أن يصل إجمالي حركة المسافرين السنوية لعام 2024 إلى 91.9 مليون مسافر، وهو أعلى رقم في تاريخ المطار.
بدوره حقق مطار الشارقة الدولي، خلال الربع الثالث من عام 2024، نمواً متصاعدًا في جميع عملياته التشغيلية، حيث ارتفع إجمالي عدد المسافرين عبر المطار خلال هذه الفترة إلى أكثر من 4 ملايين و392 ألف مسافر، وبنسبة نمو بلغت 10% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما نجح في تحقيق النمو في حركة الطيران بنسبة بلغت 6.7% خلال الربع الثالث، وبإجمالي 27 ألفاً و758 حركة طيران نفذتها 35 شركة طيران.
وكان مطار الشارقة الدولي قد أعلن عن وصول أعداد المسافرين حتى النصف الأول من العام الجاري إلى أكثر من 8.3 مليون مسافر.وام


مقالات مشابهة

  • حصيلة قياسية لقتلى العاملين في المجال الإنساني خلال العام الحالي
  • «إمارات مصر للبترول»: فرص واعدة لتعزيز الاستثمار في السوق المصرية
  • عاجل - سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم في البنوك المصرية والسوق السوداء
  • «أسوشيتد برس»: ترامب يحقق أرقامًا قياسية فى وتيرة التعيينات لكن هذا لا يعنى أن عملية الانتقال تسير بسلاسة
  • قبل إعلان قرار الفائدة.. مستويات قياسية للدولار أمام الجنيه اليوم الخميس
  • البورصة المصرية تسجل تراجعا في منتصف جلسة اليوم
  • أعلى سعر للريال السعودي اليوم في السوق للسوداء اليوم مقابل الجنيه المصري
  • سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 20 نوفمبر 2024: أسعار العملات العربية والأجنبية
  • استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 20 نوفمبر 2024 في البنوك المصرية
  • مطارات الإمارات تسحل أرقاماً قياسية لأعداد المسافرين خلال 9 أشهر