إبهاء سعودي وعالمية مغربية ورؤية مصرية .. كيف استطاع العرب تغيير خريطة الرياضة العالمية ؟
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
مع قرب انتهاء عام 2023 ، حظت الرياضة العربية وخاصةً كرة القدم بطابعًا عالميًا غير مسبوقٍ ، بعد نجاح دولة المغرب في استضافة كأس العالم 2030 في ملف تنظيمي مشترك خلال النسخة الاستثنائية التي تقام في ثلاث قارات ، كذلك ما تقدمه المملكة العربية السعودية من استثمارات داخل المستطيل الأخضر واستقطاب كبار نجوم الدوريات الأوروبية .
من المسرح إلى الملعب .. موسم الرياض يستقطب أنظار العالم المغرب ومعانقة المجد المونديالي ..
وبالنظر إلى كرة القدم العربية ، نجد أن التطور لم يكن وليداً للحظة ، فتمكن المنتخب المغربي من تحقيق الترتيب الرابع بمونديال العالم الأخير جاء نتاج تأسيس قاعدة من اللاعبين الصغار و الاحتراف الأوروبي في سن صغير ، ودعم كامل لمدرب وطني تحمل المسؤولية قبل شهرين فقط من انطلاق المحفل العالمي.
ولعب المنتخب المغربي منافسات المونديال الأخير بقائمة لاعبين يغلب عليها الطابع الأوروبي بمشاركة القوام الأساسي مع كبار أندية العالم مع أقلية محلية للاعبين من كبار الأندية المحلية هناك ، بالإضافة إلى منح الاتحاد المغربي للعبة الثقة الكاملة للوطني وليد الركراكي الذي سبق وأن خاض تجارب احترافية أوروبية ليقود المهمة خلفًا للبوسني وحيد خاليلوزيتش دون الاعتناء بالسيرة الذاتية المميزة له وتجربته السابقة الناجحة مع منتخب الجزائر في مونديال 2014 بتخطى دور المجموعات.
تنظيم المغرب للمونديال ..وبعد محاولات عدة سابقة تمكنت دولة المغرب من الفوز بشرف تنظيم مونديال العالم 2030 مع ملف مشارك يشمل ثلاثة دول من أمريكا الجنوبية ، إسبانيا والبرتغال .
لماذا المغرب ؟استفادت المغرب كثيرًا من قرار انسحاب أوكرانيا من ملف تنظيم المونديال المشترك ، الدولة الأوروبية كان مقررًا لها أن تصبح مع الدول المنظمة ، لكن الظروف السياسية والعسكرية التي تمر بها أوكرانيا حالت دون ذلك ، وعلى الفور أيقن مسؤولو الاتحاد المغربي تلك النقطة خاصة في ظل عدم تقدم أي دولة أوروبية أخرى بطلب للتنظيم.
يقظة الاتحاد المغربي في ذلك التوقيت تمثلت في ثقته بأن التقدم للملف المشترك سيكتب له النجاح ، بحكم التقارب الجغرافي بين المملكة وبين دولتي إسبانيا والبرتغال وهو ما يسهل مهمة القبول من قبل الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا وحدث ذلك !
كما نجح الاتحاد المغربي في الاستفادة من قرار كاف الأخير بتنظيمه لبطولة أمم أفريقيا 2025 ، ليؤكد قدرته على استضافة مواجهات كبرى بتواجد ملاعب ومقرات تدريبية ومطارات أي بنية تحتية مؤهلة لذلك.
تجربة السعودية وصندوق الاستثمارات ..المملكة العربية السعودية تسير بخطة ثابتة نحو الفوز بتنظيم كأس العالم 2034 ، وبالنظر إلى السيناريو الذي تم به اختيار دول تنظيم كأس العالم 2030 وعدم تواجد المملكة فيه ، فالأمر يشير إلى اقترابها من الفوز بتنظيم مونديال 2034 في ملف مشترك متوقع الإعلان عنه مستقبلاً .
المملكة العربية السعودية ، امتلكت بنية تحتية رياضية على أعلى مستوى ، ونجحت في تحقيق رواجًا هائلاً لكرة القدم بها ، بعد استقطاب كبار نجوم العالم بفضل دعم صندوق الاستمارات العام السعودي ، وقيادات الممكلة هناك بعد أن صرح وزير المالية أن استثمار المملكة في الرياضة وكرة القدم على وجه التحديد، يأتي ضمن الخطط الأساسية لرؤية البلاد التنموية لعام 2030 .
موسم الرياض وجهة سياحية جديدة ..واستمرارًا لما تقدمه السعودية من إبهار رياضي ، اعتادت الرياض تحت إشراف هيئة الترفيه هناك ، على تنظيم موسم سنوي متكامل يضم فعاليات رياضية وثقافية وترفيهية ، أصبح قبلة سياحية عالمية كل عام.
المملكة أعلنت عن تنظيم كأس موسم الرياض ، بمواجهات بين أندية المملكة وكبار أندية أوروبا في كرة القدم ، كذلك جولات للمصارعة الحرة بطابع عالمي ، فضلاً عن استخدام تقنيات الواقع الافتراضي بإقامة حفلات فنية وعروض مسرحية.
مصر والمدينة الرياضية المتكاملة بالعاصمة الجديدة..المدينة الرياضية بالعاصمة الإدارية الجديدة ، تعد أحد أهم المشروعات التنموية المصرية ، وبوابة البلاد نحو استضافة كبار المناسبات الرياضية العالمية ، وقد ولت القيادة السياسية للبلاد اهتمامًا خاصًا لها واعتبارها واحدة من أبرز المشروعات .
وتصل مساحة المدينة الرياضية إلى 93 فدانً ، وتضم مجمع لملاعب كرة القدم وصالات مغطاة بمواصفات دولية، إضافة إلى مبنى للثقافة والتكنولوجيا، لحث وتشجيع الشباب والناشئين على الإبداع ، وشبكات طرق داخلية وفنادق سياحية مجهزة لاستقبال كبار ضيوف العالم مع تواجد منطقة متكاملة للأطفال تشمل طابعًا رياضيًا وترفيهيًا.
وفي هذات الصدد قال الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة أن العاصمة الإدارية الجديدة والمدينة الرياضية بها ، من أكبر المشروعات التنموية التي تقوم بها البلاد حاليًا، حيث تشهد مصر نقلة كبرة على صعيد المنشآت ، وتولي القيادة اهتمامًا بتطوير الرياضة والنهوض بها لتصبح مصر مؤهلة لاستضافة أكبر الفعاليات العالمية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عام 2023 السعودية المملكة العربية السعودية الرياضة الرياضة العربية المغرب اوكرانيا صندوق الاستثمارات موسم الرياض مصر المدينة الرياضية اشرف صبحى الاتحاد المغربی کرة القدم
إقرأ أيضاً:
مطرقة ترامب على خريطة العالم
القارة العجوز كما يسمونها، هي من صنعت الولايات المتحدة، منذ اكتشافها على يد بحارة أوروبيين. وفي حربها مع المستعمر البريطاني من أجل الاستقلال، اعتمدت على الدعم الفرنسي، واهتدت بكثير من أفكار الثورة الفرنسية، في قواعد إقامة الدولة الجديدة. عند اشتعال الحرب العالمية الثانية، واجتياح الجيوش الألمانية النازية لفرنسا، وقصف لندن بطيرانها العسكري، ثم الهجوم على الاتحاد السوفياتي، أيقن رئيس الوزراء البريطاني، أن صمود شعبه في وجه القوة النازية، لن يطول ولا سبيل لكسر المشروع العدواني الألماني، إلا بدعم أمريكي واسع عسكرياً ومالياً وسياسياً. ارتبط تشرشل بعلاقة صداقة مع الرئيس الأمريكي آنذاك فرنكلين روزفلت، لكنه لم يتمكن من إقناعه بدعم بريطانيا في حربها مع هتلر. الرئيس روزفلت وكان من الحزب الديمقراطي الأمريكي، وحكم الولايات المتحدة أربع مرات، ولم يغادر البيت الأبيض إلا بسبب الوفاة، رفض في البداية تقديم الدعم العسكري لبريطانيا، بسبب المعارضة الشعبية في أمريكا لذلك. جاءت ضربتا القدر اللتان حققتا أمل ونستون تشرشل. الأولى الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربر الأمريكي، والثانية الهجوم الألماني على الاتحاد السوفياتي. اندفعت الولايات المتحدة بقوة عسكرية هائلة متحالفة مع بريطانيا وقوات فرنسا الحرة التي يقودها شارل ديغول. فتحت صفحة جديدة في مسار التاريخ. بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، بقوة الآلة العسكرية الأمريكية، قام الرئيس الأمريكي هاري ترومان الذي خلف الرئيس روزفلت، بإعادة إعمار أوروبا المدمرة، عبر مشروع مارشال، وأصبح غرب القارة العجوز، تابعاً للولايات المتحدة.
الآن تفتح الولايات المتحدة، صفحة أخرى في كتاب علاقتها مع أوروبا بشرقها وغربها، بيد الرئيس دونالد ترامب. محركه الأساسي الحرب الروسية على دولة أوكرانيا. الحروب تصنع التحولات التاريخية الكبيرة. في السنوات الثلاث الماضية، قدمت الولايات المتحدة، ومعها دول الاتحاد الأوروبي، دعماً عسكرياً ومالياً ضخماً لأوكرانيا، وفرضت عقوبات واسعة على روسيا.
في حملته الانتخابية الرئاسية، تعهد دونالد ترامب، بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في أربع وعشرين ساعة، وأنه لو كان رئيساً لأمريكا قبل اشتعال تلك الحرب، لما نشبت أصلاً. مباشرة بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، شرع ترامب يهوي بمطرقته، على الجانب الأوكراني، وعرض حلَّه الذي يعدّه حاسماً، وهو أن تقبل أوكرانيا بالتنازل عن الأرض التي احتلتها روسيا، وأضاف أن على الرئيس زيلينسكي أن يغادر السلطة، لأنه ديكتاتور قاد بلاده إلى الدمار، فهو من تسبب في تلك الحرب الدامية. الرئيس ترامب طالب أوكرانيا بأن تعوض الولايات المتحدة، على كل ما قدمته لها من دعم مالي وعسكري، عبر المعادن التي تختزنها أرض أوكرانيا. مطرقة ترامب هوت أيضاً على جبل التاريخ الطويل، من التحالف بين الولايات المتحدة وأوروبا، التي تجمع على إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، وتجنح إلى استمرار دعمها عسكرياً ومالياً. بدأ القادة الأوروبيون يراجعون علاقاتهم الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية والسياسية مع الولايات المتحدة. ارتفعت أصوات أوروبية تدعو إلى إقامة جيش أوروبي، يحقق الاستقلال العسكري عن حلف "الناتو" الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. لم يعد خافياً أن الرئيس دونالد ترامب، ينتهج سياسة الانسحاب من المنظمات الدولية، وفق مبدأ "أمريكا أولاً". انسحب من منظمة الصحة العالمية، ومن اتفاق باريس للمناخ، وأوقف برنامج المساعدات الأمريكية لكل الدول، باستثناء مصر وإسرائيل. هل سيوقف الرئيس دونالد ترامب دفع المساهمة الأمريكية لمنظمة الأمم المتحدة، التي تبلغ نحو ربع ميزانيتها، وبذلك تصبح معاقة مالياً، وتدخل في دائرة النهاية؟ من دون شك؛ فإن العالم يتحرك نحو تشكل آخر، وذلك ما عبر عنه وزير الخارجية الروسي لافروف، في كلمته أمام مجلس الدوما الروسي، في الأسبوع الماضي.
الولايات المتحدة قوة عسكرية وصناعية وعلمية غير مسبوقة. شكلت التكوين العالمي منذ الحرب العالمية الثانية، منذ الرئيسين فرنكلين روزفلت، وهاري ترومان. الاتحاد السوفياتي كان القوة الوحيدة التي شكلت المقارع السياسي والعسكري لأمريكا، وبعد انهياره انفردت الولايات المتحدة، بالتحكم في القرارات الدولية الأكثر أهمية. موازين القوة في عالم اليوم، تتحرك ببروز قوى كبيرة أخرى، وفي مقدمتها الصين الشعبية التي حققت تقدماً اقتصادياً هائلاً، ولها وجود منافس للولايات المتحدة وأوروبا. التقارب الصيني الروسي، والكوري الشمالي، له فاعليته الكبيرة التي ستسهم في إعادة رسم خريطة القوة العالمية. الرئيس دونالد ترامب سيهزُّ كثيراً من المسلمات السياسية والاقتصادية، التي عاش فيها العالم وتعايش معها لسنوات طويلة، دعا إلى ضم كل من كندا، وغرينلاند إلى بلاده، وهدد بالهيمنة على قناة بنما، وغيَّر اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا. لا نستبعد أن يكون الرئيس الأمريكي الثالث، الذي يضع بصمات جديدة على خريطة العالم، بعد الرئيسين روزفلت وترومان، اللذين رسما خريطة العالم في القرن العشرين، وفرضا السيطرة الأمريكية على اليابان بعد ضربها بالقنبلة الذرية، وعلى كوريا الجنوبية وأوروبا الغربية، كما فرضت الولايات المتحدة نمطيها السياسي والاقتصادي على هذه الدول.