هل تشعر بالتوتر والانزعاج من وجود شخص ما يتململ بشكل متكرر أمام عينيك، مثل تكرار النقر بإصبعه فوق المنضدة أو تكرار هز ساقه؟

تقول مروة أمين (42 عاما) إن ابنتها (16 عاما) تستمر في هز القلم بين إصبعيها بوتيرة سريعة طوال فترة مراجعة دروسها، وإذا تركته لا تتوقف عن لف وتدوير خصلات شعرها، وتعبر مروة عن شعورها بالغضب والتوتر الشديدين عند رؤية هذه الحركات المتكررة، وتؤكد الأم أنه رغم استنفارها من ردة فعلها المبالغ فيها -من وجهة نظرها- فإنها لا تفهم لماذا يصيبها الشعور نفسه بالانزعاج والانفعال في كل مرة.

متلازمة الميسوكنسيا

وللتوضيح، فإن تململ الشخص هو مجرد رغبة ملحة بداخله ورد فعل جسدي لتخفيف شعور لديه بعدم الارتياح، وربما يكون وسيلة للحفاظ على التركيز مع زيادة توتره، أما إذا كنت واحدا ممن يتأثرون سلبا ويثيرهم تكرار هذه الحركات، فقد يكون ذلك دليلا على أنك تعاني من حالة أو ظاهرة نفسية تسمى "الميسوكنسيا".

ويرجع الاسم إلى اللغة اللاتينية ويعني "كراهية الحركة"، وهي حالة يكون فيها الشخص غير قادر على تحمل رؤية حركات متكررة أمامه بشكل معين، وتثير هذه المحفزات البصرية أعصابه وتسبب له التوتر وعدم التركيز، كما تؤثر على عملية التعلم داخل الفصول الدراسية، وعلى العديد من الأشخاص في بيئة العمل.

تمت صياغة الاستجابات السلبية للمحفزات البصرية بـ"الميسوكنسيا" لأول مرة عام 2013، في ورقة بحثية للباحث بجامعة أمستردام الطبية والطبيب النفسي الهولندي الدكتور أرغان شرودر عندما لاحظ ردود الأفعال الغاضبة للمشاركين في بحثه عند رؤية أشخاص يحركون أجزاء من أطرافهم بشكل متكرر، وكان بحثه يناقش في الأساس ظاهرة الميزوفونيا (حساسية الصوت الانتقائية).

وينقل موقع "ويل آند غود" عن أستاذة علم النفس ومؤسسة أكاديمية علم الأعصاب المعرفي والسلوكي الدكتورة هايلي نيلسون أن متلازمة "ميسوكنسيا" تمثل نوعا من الحساسية البصرية تجاه الحركات المتكررة للآخرين، وتنتج عن اضطرابات عصبية في الدماغ تؤدي إلى استجابات عاطفية سلبية قوية، وتوضح أن علماء الأعصاب لا يزالون يبحثون في أسباب هذه الظاهرة.

ووفق نيلسون، تختلف كراهية الحركات عن متلازمة "الميزوفونيا" التي تعبر عن حساسية الصوت الانتقائية أو التوتر عند سماع أصوات لأشياء قد تبدو بسيطة مثل صوت تنفس الآخرين أو صوت مضغ العلكة أو أصوات لوحة المفاتيح أثناء الكتابة على الحاسوب.

ظاهرة الميسوكنسيا تختلف عن متلازمة "الميزوفونيا" وتنتشر بين الناس على نطاق واسع، وتزداد مع التقدم في السن (شترستوك) انتشار على نطاق واسع

وفي دراسة أجرتها جامعة كولومبيا البريطانية في عام 2021، وتعد الأولى من نوعها، حول اضطراب "الميسوكنسيا"، توصل كل من أستاذ علم النفس في جامعة كولومبيا الدكتور تود هاندي، وطالبة الدكتوراه في قسم علم النفس سمويت جاسوال إلى أن ظاهرة الميسوكنسيا تنتشر بين الناس على نطاق واسع، إذ يعاني منها شخص واحد من كل 3 أشخاص (37.1%)، وأنها تزداد مع التقدم في السن.

واهتمت الدراسة التي تألفت من 3 أجزاء وشملت 4100 مشارك، بتقييم الآثار العاطفية والاجتماعية للظاهرة من خلال إبلاغ المشاركين عن ردود أفعالهم عند رؤية الأشخاص يتململون أمامهم.

خلل بالخلايا العصبية المرآتية

وبصفتها المؤلفة الرئيسية للدراسة، قالت سوميت جاسوال، في بيان صحفي نشره تليفزيون "سي تي في" الكندي، إن الأسباب المعلنة حتى الآن لهذه الظاهرة تتعلق بالخلايا العصبية المرآتية، وهي نوع من الخلايا المسؤولة عن فهم سلوك الآخرين، وتضيف أن الأشخاص المصابين بالحساسية تجاه الحركة قد يعانون من خلل في هذه الخلايا المرآتية التي تنشط بشكل كبير مع رؤية الحركات المتكررة للآخرين، فتعمل على معالجة المعلومات والمواقف بشكل مختلف، مما يؤدي إلى شعورهم بعدم الراحة.

وتوضح جاسوال "أحد أسباب تململ الناس هو شعورهم بالقلق والتوتر، لذا عندما يراهم الأشخاص الحساسون للإشارات البصرية، فإن خلاياهم المرآتية تعكس هذا الشعور دون وعي، وبذلك يشكل تعاطفهم عبئا نفسيا عليهم"، وتؤكد أن بعض العوامل -ومنها الشعور بالقلق والإجهاد أو عدم أخذ قسط كاف من النوم- تجعل الشخص أكثر عرضة للتأثر السلبي والمتزايد تجاه تململ الآخرين أمامه.

الآثار السلبية للظاهرة

وفي مقال له بموقع "كونفرسيشن"، يقول تود هاندي إن ردود أفعال المصابين بمتلازمة الميسوكنسيا تنعكس على أدائهم وحياتهم، وتصل في بعض الأحيان إلى الإساءات اللفظية، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يصل في أحيان أخرى إلى تخريب العلاقات الاجتماعية.

ويضيف هاندي أن بعض المشاركين أفادوا بأنهم ألغوا أو تهربوا من بعض المناسبات الاجتماعية بسبب انزعاجهم وعدم ارتياحهم لرؤية حركات الآخرين المتكررة أمامهم، مما يؤكد التأثير السلبي لهذه الظاهرة على الحياة الاجتماعية والعاطفية للشخص المصاب.

وأضاف هاندي أنه بعد الدراسة والتقصي وجد وزميلته أنه إضافة إلى المشاعر السلبية وردود الفعل المنفرة التي يثيرها تململ الآخرين، فإنه يعيق كذلك القدرة على الانتباه والتركيز لدى الأشخاص الذين يعانون من كراهية الحركة، رغم أدائهم الجيد في التقييمات الأساسية للذاكرة.

ويؤكد الباحثان أن هذه الظاهرة النفسية هي نوع من التحدي الاجتماعي الذي يواجهه الكثيرون حول العالم في صمت، ولهذا أنشأ الباحثان موقعا إلكترونيا يخص كل ما يتعلق بهذه الظاهرة، وليكون مرجعا تعتمد عليه الدراسات المستقبلية.

ردود أفعال المصابين بمتلازمة الميسوكنسيا تنعكس على أدائهم وحياتهم (شترستوك) كيف تدير الانفعال الناتج عن الميسوكنسيا؟

يُظهر اضطراب الميسوكنسيا مدى تعقيد أدمغتنا وطرق استجابتها للمحفزات العادية بطرق مختلفة وفريدة وغير متوقعة أحيانا، وتوجد بعض التقنيات لإدارة الضيق الناتج عن هذه المتلازمة مثل:

حجب رؤية الشخص المتململ. ممارسة تمارين اليقظة الذهنية مثل تمارين التنفس العميق والتأريض. العلاج السلوكي المعرفي لتغيير أنماط التفكير السلبية وتخفيف الاضطراب العاطفي. استشارة أخصائي الصحة النفسية إذا بدأ التوتر والضيق من تململ الآخرين في التأثير على نوعية الحياة والاستمتاع بالأنشطة الاجتماعية، للمساعدة في التدريب على تقليل حساسية استجابة مناطق الدماغ المسؤولة عن تفسير مثل هذه الحركات بمرور الوقت.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هذه الظاهرة

إقرأ أيضاً:

نجل البيض ينتقد الانتقالي: تنصلك من مسؤولية انهيار الاقتصاد والقاء اللوم على الآخرين يفقدك ثقة الشارع

انتقد هاني البيض نجل الرئيس السابق علي سالم البيض، الموقف السلبي للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات تجاه التدهور الاقتصادي والمعيشي في العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات المحررة.

 

وقال البيض في تدوينة على منصة (إكس) معلقا توقف الخدمات في عدن بما فيها الانقطاع الكلي للكهرباء على مدينة ولأول مرة في تاريخها وطلب الانتقالي من السعودية والإمارات إلى التدخل وإنقاذ عدن كارثة انهيار الاقتصاد والوضع المعيشيي "هذا الذي قدر عليه المجلس الانتقالي، ماكنش العشم" -حسب تعبيره- في إشارة إلى فشل الانتقالي في حكم وإدارة عدن.

 

وأضاف "بهكذا خطاب يظهر الانتقالي بشكل علني ورسمي عجزه وعدم مقدرته على فعل أي شيء للشعب الذي فوضه وأتمنه بتحمل المسؤولية ورعاية مصالحه الوطنية بكل الطرق الممكنة والمتاحة".

 

وأكد البيض أن التنصل من المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخرين لن يحدث أي تغيير في تحسين الخدمات والحياة المعيشية للمواطنين، بل مزيداً من فقدانه لثقة الناس وتصاعد السخط الشعبي على الجميع.

 

وتابع "عندما طلب الانتقالي أن يكون له دور في إطار الشرعية اليمنية وكان له ذلك، ثم قبل بالعمل السياسي والاقتصادي المشترك مع الأطراف السياسية الأخرى".

 

 

وأردف نجل البيض قائلا "لا أدري كيف فهمتها إدارته السياسية حينها، وعلى ماذا كان يعول، وعلى ماذا يراهن اليوم بهذا الموقف السلبي تجاه الأزمة الاقتصادية الخانقة وتدهور الأوضاع المعيشية والخدماتية لشعبه وهو في دور المتفرج، وحالة صنع التبريرات احياناً كثيرة او إلقاء اللوم على الآخرين وباستمرارية".

 

وشهدت العاصمة المؤقتة عدن، مساء الأربعاء، مظاهرات غاضبة، تنديدا بانقطاع خدمة الكهرباء بشكل كلي عن المدينة.

 

ورفع المحتجون شعارات وهتافات تندد بانقطاع خدمة الكهرباء وتردي الأوضاع المعيشية وانهيار العملة، وتوقف مياه الشرب عن بعض الأحياء نتيجة نفاد الوقود.

 

وفي المظاهرة التي جابت الشوارع في المنصورة وخور مكسر وكريتر ندد المحتجون بالانهيار المخيف في الأوضاع الخدمية وفي مقدمتها الكهرباء والأحوال المعيشية للمواطنين بشكل عام والتي وصلت إلى واقع متفاقم لا يحتمل.

 

وطالب المحتجون الذين أشعلوا النيران في إطارات السيارت التالفة وأغلقوا العديد من الشوارع  برحيل المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، وقيادة المجلس الرئاسي والحكومة وكما نددوا بالتحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات، كما اقتلعوا صور قادة الامارات من على أسطح المدارس الحكومية بمديرية المنصورة.

 

وتواصلات الاحتجاجات خلال المساء، حيث اشعال المتحجين النيران بالاطارات التالفة وقطعوا الشوارع الرئيسية وتوقفت حركة السير بين مديريات المدينة.

 

وتشهد مدينة عدن سخط وغليان شعبي، وسط انتشار كثيف لقوات من الحزام الامني التابع لمليشيا المجلس الانتقالي بالشوارع العامة.

 

وكانت مؤسسة الكهرباء في عدن أعلنت عن انقطاع التيار الكهربائي عن الخدمة كليا على المدينة منذ منتصف ليلة أمس الثلاثاء.

 

وأمس الأربعاء أطلقت المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بعدن، نداءً عاجلاً إلى مجلس القيادة الرئاسي والحكومة وكافة الجهات المعنية، لمطالبتها بالتدخل الفوري لتأمين كميات كافية من الوقود، لضمان استمرار خدمات المياه والصرف الصحي، في ظل أزمة متفاقمة تهدد المدينة.

 

وحذرت المؤسسة، في بيانٍ صادر عنها من توقف كامل للخدمة خلال الساعات القادمة، مع قرب نفاد الوقود الاحتياطي، إلى جانب الانطفاء الكلي لمنظومة كهرباء عدن، المقرر عند منتصف الليل اليوم الثلاثاء، مما ينذر بكارثة إنسانية تهدد السكان.

 

وسجل الريال اليمني، أمس الأربعاء، انهياراً تاريخياً أمام العملات الأجنبية مقترباً من حاجز الـ 2250 لبيع الدولار الواحد في أسواق الصرف غير الرسمية في العاصمة المؤقتة عدن وباقي المدن الخاضعة لنفوذ الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

 


مقالات مشابهة

  • أوروبا ترسم مساراً جديداً لتعزيز مكانتها الاقتصادية..هل تستطيع المنافسة؟
  • مستندات تستطيع الحصول عليها من موقع التأمينات.. اعرفها
  • برج الدلو حظك اليوم السبت 8 فبراير 2025: احترم مساحاتك ومساحات الآخرين
  • الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي عثر عليه مصابا بأحد المعسكرات
  • 8 أبراج تفضل الاعتماد على الآخرين.. هل تخشى الاستقلالية؟
  • كاني ويست يكشف عن إصابته باضطراب طيف التوحد ( تفاصيل)
  • نجل البيض ينتقد الانتقالي: تنصلك من مسؤولية انهيار الاقتصاد والقاء اللوم على الآخرين يفقدك ثقة الشارع
  • عاجل | رويترز عن الخارجية الأميركية: السفن الحكومية الأميركية تستطيع الآن عبور قناة بنما دون رسوم
  • متلازمة تململ الساقين.. حالة عصبية بلا علاج
  • السعادة في العطاء: كيف تُغني مساعدة الآخرين حياتك؟