لا تستطيع تحمل تململ الآخرين.. قد تكون مصابا باضطراب ميسوكنسيا
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
هل تشعر بالتوتر والانزعاج من وجود شخص ما يتململ بشكل متكرر أمام عينيك، مثل تكرار النقر بإصبعه فوق المنضدة أو تكرار هز ساقه؟
تقول مروة أمين (42 عاما) إن ابنتها (16 عاما) تستمر في هز القلم بين إصبعيها بوتيرة سريعة طوال فترة مراجعة دروسها، وإذا تركته لا تتوقف عن لف وتدوير خصلات شعرها، وتعبر مروة عن شعورها بالغضب والتوتر الشديدين عند رؤية هذه الحركات المتكررة، وتؤكد الأم أنه رغم استنفارها من ردة فعلها المبالغ فيها -من وجهة نظرها- فإنها لا تفهم لماذا يصيبها الشعور نفسه بالانزعاج والانفعال في كل مرة.
وللتوضيح، فإن تململ الشخص هو مجرد رغبة ملحة بداخله ورد فعل جسدي لتخفيف شعور لديه بعدم الارتياح، وربما يكون وسيلة للحفاظ على التركيز مع زيادة توتره، أما إذا كنت واحدا ممن يتأثرون سلبا ويثيرهم تكرار هذه الحركات، فقد يكون ذلك دليلا على أنك تعاني من حالة أو ظاهرة نفسية تسمى "الميسوكنسيا".
ويرجع الاسم إلى اللغة اللاتينية ويعني "كراهية الحركة"، وهي حالة يكون فيها الشخص غير قادر على تحمل رؤية حركات متكررة أمامه بشكل معين، وتثير هذه المحفزات البصرية أعصابه وتسبب له التوتر وعدم التركيز، كما تؤثر على عملية التعلم داخل الفصول الدراسية، وعلى العديد من الأشخاص في بيئة العمل.
تمت صياغة الاستجابات السلبية للمحفزات البصرية بـ"الميسوكنسيا" لأول مرة عام 2013، في ورقة بحثية للباحث بجامعة أمستردام الطبية والطبيب النفسي الهولندي الدكتور أرغان شرودر عندما لاحظ ردود الأفعال الغاضبة للمشاركين في بحثه عند رؤية أشخاص يحركون أجزاء من أطرافهم بشكل متكرر، وكان بحثه يناقش في الأساس ظاهرة الميزوفونيا (حساسية الصوت الانتقائية).
وينقل موقع "ويل آند غود" عن أستاذة علم النفس ومؤسسة أكاديمية علم الأعصاب المعرفي والسلوكي الدكتورة هايلي نيلسون أن متلازمة "ميسوكنسيا" تمثل نوعا من الحساسية البصرية تجاه الحركات المتكررة للآخرين، وتنتج عن اضطرابات عصبية في الدماغ تؤدي إلى استجابات عاطفية سلبية قوية، وتوضح أن علماء الأعصاب لا يزالون يبحثون في أسباب هذه الظاهرة.
ووفق نيلسون، تختلف كراهية الحركات عن متلازمة "الميزوفونيا" التي تعبر عن حساسية الصوت الانتقائية أو التوتر عند سماع أصوات لأشياء قد تبدو بسيطة مثل صوت تنفس الآخرين أو صوت مضغ العلكة أو أصوات لوحة المفاتيح أثناء الكتابة على الحاسوب.
ظاهرة الميسوكنسيا تختلف عن متلازمة "الميزوفونيا" وتنتشر بين الناس على نطاق واسع، وتزداد مع التقدم في السن (شترستوك) انتشار على نطاق واسعوفي دراسة أجرتها جامعة كولومبيا البريطانية في عام 2021، وتعد الأولى من نوعها، حول اضطراب "الميسوكنسيا"، توصل كل من أستاذ علم النفس في جامعة كولومبيا الدكتور تود هاندي، وطالبة الدكتوراه في قسم علم النفس سمويت جاسوال إلى أن ظاهرة الميسوكنسيا تنتشر بين الناس على نطاق واسع، إذ يعاني منها شخص واحد من كل 3 أشخاص (37.1%)، وأنها تزداد مع التقدم في السن.
واهتمت الدراسة التي تألفت من 3 أجزاء وشملت 4100 مشارك، بتقييم الآثار العاطفية والاجتماعية للظاهرة من خلال إبلاغ المشاركين عن ردود أفعالهم عند رؤية الأشخاص يتململون أمامهم.
خلل بالخلايا العصبية المرآتيةوبصفتها المؤلفة الرئيسية للدراسة، قالت سوميت جاسوال، في بيان صحفي نشره تليفزيون "سي تي في" الكندي، إن الأسباب المعلنة حتى الآن لهذه الظاهرة تتعلق بالخلايا العصبية المرآتية، وهي نوع من الخلايا المسؤولة عن فهم سلوك الآخرين، وتضيف أن الأشخاص المصابين بالحساسية تجاه الحركة قد يعانون من خلل في هذه الخلايا المرآتية التي تنشط بشكل كبير مع رؤية الحركات المتكررة للآخرين، فتعمل على معالجة المعلومات والمواقف بشكل مختلف، مما يؤدي إلى شعورهم بعدم الراحة.
وتوضح جاسوال "أحد أسباب تململ الناس هو شعورهم بالقلق والتوتر، لذا عندما يراهم الأشخاص الحساسون للإشارات البصرية، فإن خلاياهم المرآتية تعكس هذا الشعور دون وعي، وبذلك يشكل تعاطفهم عبئا نفسيا عليهم"، وتؤكد أن بعض العوامل -ومنها الشعور بالقلق والإجهاد أو عدم أخذ قسط كاف من النوم- تجعل الشخص أكثر عرضة للتأثر السلبي والمتزايد تجاه تململ الآخرين أمامه.
الآثار السلبية للظاهرةوفي مقال له بموقع "كونفرسيشن"، يقول تود هاندي إن ردود أفعال المصابين بمتلازمة الميسوكنسيا تنعكس على أدائهم وحياتهم، وتصل في بعض الأحيان إلى الإساءات اللفظية، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يصل في أحيان أخرى إلى تخريب العلاقات الاجتماعية.
ويضيف هاندي أن بعض المشاركين أفادوا بأنهم ألغوا أو تهربوا من بعض المناسبات الاجتماعية بسبب انزعاجهم وعدم ارتياحهم لرؤية حركات الآخرين المتكررة أمامهم، مما يؤكد التأثير السلبي لهذه الظاهرة على الحياة الاجتماعية والعاطفية للشخص المصاب.
وأضاف هاندي أنه بعد الدراسة والتقصي وجد وزميلته أنه إضافة إلى المشاعر السلبية وردود الفعل المنفرة التي يثيرها تململ الآخرين، فإنه يعيق كذلك القدرة على الانتباه والتركيز لدى الأشخاص الذين يعانون من كراهية الحركة، رغم أدائهم الجيد في التقييمات الأساسية للذاكرة.
ويؤكد الباحثان أن هذه الظاهرة النفسية هي نوع من التحدي الاجتماعي الذي يواجهه الكثيرون حول العالم في صمت، ولهذا أنشأ الباحثان موقعا إلكترونيا يخص كل ما يتعلق بهذه الظاهرة، وليكون مرجعا تعتمد عليه الدراسات المستقبلية.
ردود أفعال المصابين بمتلازمة الميسوكنسيا تنعكس على أدائهم وحياتهم (شترستوك) كيف تدير الانفعال الناتج عن الميسوكنسيا؟يُظهر اضطراب الميسوكنسيا مدى تعقيد أدمغتنا وطرق استجابتها للمحفزات العادية بطرق مختلفة وفريدة وغير متوقعة أحيانا، وتوجد بعض التقنيات لإدارة الضيق الناتج عن هذه المتلازمة مثل:
حجب رؤية الشخص المتململ. ممارسة تمارين اليقظة الذهنية مثل تمارين التنفس العميق والتأريض. العلاج السلوكي المعرفي لتغيير أنماط التفكير السلبية وتخفيف الاضطراب العاطفي. استشارة أخصائي الصحة النفسية إذا بدأ التوتر والضيق من تململ الآخرين في التأثير على نوعية الحياة والاستمتاع بالأنشطة الاجتماعية، للمساعدة في التدريب على تقليل حساسية استجابة مناطق الدماغ المسؤولة عن تفسير مثل هذه الحركات بمرور الوقت.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: هذه الظاهرة
إقرأ أيضاً:
قانون «غزو لاهاى».. هل تستطيع الولايات المتحدة تنفيذه فى هولندا؟.. القانون يخول استخدام القوة لتحرير أى أمريكى محتجز لدى المحكمة فى لاهاى ويوحى بإمكانية «غزو» المدينة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تصدر قانون "غزو لاهاي" محركات البحث بالفترة الأخيرة، والجميع يحاول معرفة القانون الذى يسمح للولايات المتحدة بغزو لاهاى عسكريًا، خاصة بعد قرار المحكمة الجنائية باعتقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق فى مجلس الحرب يوآف غالانت.
والحقيقة أن قانون "غزو لاهاي" ليس مصطلحًا رسميًا كما يظن البعض، وهو مرتبط بقانون حماية أفراد الخدمة الأمريكية لعام ٢٠٠٢، أو (The American Service-Members' Protection Act).
حيث يمنح القانون الولايات المتحدة الحق باستخدام القوة لتحرير أى من مواطنيها المحتجزين لدى المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاي، وهذا القانون أقره الكونجرس الأمريكى لحماية أفراد الجيش الأمريكى والمسئولين الحكوميين من الملاحقة القانونية من قبل المحكمة الجنائية الدولية، ويأتى ذلك فى سياق عدم توقيع الولايات المتحدة على نظام روما الأساسى المنشئ للمحكمة، ورفضها للخضوع لسلطتها القضائية.
حيث يسمح للحكومة الأمريكية باستخدام أى وسائل ضرورية، بما فى ذلك القوة العسكرية، لتحرير أى مواطن أمريكى أو حليف محتجز لدى المحكمة، بجانب منع تسليم أى أمريكى إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته.
والسماح أبضًا بفرض عقوبات على الدول التى تتعاون مع المحكمة ضد المواطنين الأمريكيين لأن القانون يخول استخدام القوة لتحرير أى أمريكى محتجز لدى المحكمة فى لاهاي، مما يوحى بإمكانية "غزو" المدينة إذا لزم الأمر وهذا سبب التسمية بقانون غزو لاهاي".
ولمعرفة إذا كان بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية الحق فى تنفيذ القانون أم لا، فنجد أنه من الناحية القانونية لا يمكن لأى دولة غزو أراضى دولة أخرى بدون مواجهة انتقادات دولية شديدة.
كما أن هولندا والتى يقع بداخها مقر المحكمة الجنائية الدولية، هى عضو فى حلف الناتو وشريك للولايات المتحدة، مما يجعل الغزو الفعلى أمرًا غير واقعي.
ومن الناحية السياسية عند استخدام القوة العسكرية لتحرير مواطن أمريكى ستكون له عواقب دبلوماسية ضخمة، وسيضعف صورة الولايات المتحدة على الساحة الدولية.
ويمثل هذا القانون الأمريكى أداة ضغط دبلوماسى أكثر منه تهديدًا حقيقيًا، ويسعى إلى تقليل تأثير المحكمة الجنائية الدولية على الأفراد الأمريكيين ومنع تسييس ملاحقاتها ضد الولايات المتحدة، ويبقي أن نعرف أن نتنياهو يحمل الجنسية الأمريكية.