بالأمم المتحدة، السفير هلال يفكك الأكاذيب السبع للأجندة الانفصالية للجزائر في الصحراء المغربية
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
قام السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، اليوم الأربعاء أمام أعضاء اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، بتفكيك الأكاذيب السبع التي تستند إليها أجندة الجزائر الانفصالية بشأن الصحراء المغربية.
وذكر هلال بالقول "منذ 60 سنة، وفي هذا المبنى ذاته، طلب المغرب، في عام 1963، إدراج مسألة ما كان يعرف آنذاك بالصحراء الإسبانية، ضمن جدول أعمال اللجنة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار، من أجل استرجاع أقاليمه الصحراوية بشكل نهائي".
وأبرز أن هذا المطلب تعزز بالقرار الأول الصادر عن لجنة الـ24 في أكتوبر من العام 1964، والذي أعقبه قرار الجمعية العامة الذي تم اعتماده في دجنبر 1965، والذي طلب من إسبانيا اتخاذ تدابير فورية لإنهاء استعمار "الصحراء الإسبانية" وثغر إفني، من خلال المفاوضات مع المغرب.
وبفضل التفاوض الذي أوصت به هذه القرارات، يتابع هلال، تم استرجاع إفني إلى حوزة الوطن الأم في عام 1969 فيما تم استكمال تصفية استعمار الصحراء في عام 1975، بعودة هذه الأراضي إلى الوطن الأم، المغرب، وذلك بفضل المسيرة الخضراء التاريخية في 6 نونبر 1975، وتوقيع اتفاقية مدريد في 14 نونبر من العام ذاته، مسجلا أنه تم إيداع هذه الاتفاقية لدى الأمين العام، ثم صدقت عليها الجمعية العامة في قرارها "3458 ب" بتاريخ 10 دجنبر 1975.
ولاحظ هلال أنه "كان من الممكن أن ينتهي تاريخ قضية الصحراء المغربية داخل الأمم المتحدة عند هذا الحد، لولا عداء الجزائر التي أنشأت واحتضنت وقامت بتسليح وتمويل جماعة +البوليساريو+ الانفصالية المسلحة"، مؤكدا أن هذا البلد الجار، في سياق الترويج لوكيلته دوليا، تفوق في ما وصفه الفيلسوف اليوناني سقراط، قبل 25 قرنا، بالأسطورة التأسيسية.
وتطرق السفير، إثر ذلك، إلى الأكاذيب السبع المؤسسة لأجندة الجزائر الانفصالية حول الصحراء المغربية، وإلى وابل الحقائق التاريخية المزيفة ومحاولات تشويه القانون الدولي التي جاءت على لسان ممثل الجزائر في مداخلته أمام اللجنة.
ففي ما يتعلق بالادعاء الأول، الذي تدافع الجزائر بموجبه عن حق تقرير المصير، أبرز الدبلوماسي أن هذا المبدأ يعد مجرد ستار يستغله هذا البلد لتحقيق أطماع الهيمنة.
ولاحظ أن "الجزائر تستخدم هذا المبدأ بشكل حصري بالنسبة للصحراء المغربية. وتعد هذه القضية الوحيدة التي تثيرها، منذ سنوات، دون أن تجرؤ على أن تنبس بكلمة واحدة بخصوص باقي القضايا التي تدرسها هذه اللجنة".
وذكر بأن الجزائر تجاهلت هذا المبدأ عندما قدمت، على لسان رئيسها السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة، في 2 نونبر 2001 بهيوستن، إلى المبعوث الشخصي للأمين العام آنذاك، جيمس بيكر، مقترحا لتقسيم الصحراء، كما هو وارد في تقرير الأمين العام S/2002/178 بتاريخ 19 فبراير 2002، الفقرة 2.
بل إن السفير الجزائري الأسبق، عبد الله بعلي، بعث في 22 يوليوز 2002، رسالة أكثر وضوحا إلى رئيس مجلس الأمن قال فيها إن الجزائر تظل مستعدة لدراسة الاقتراح المتعلق بتقسيم محتمل لتراب "الصحراء الغربية"، يضيف هلال، مؤكدا أن المغرب رفض بشكل فوري وقاطع هذا الموقف.
وأشار إلى أن الجزائر أبقت مبدأ تقرير المصير في طي الكتمان، بإعلانها في الجزائر العاصمة عن جمهورية وهمية، الأمر الذي يتعارض مع مبدإ تقرير المصير بحد ذاته.
وسجل السفير أن الجزائر ترفض هذا المبدأ بالنسبة لشعب كان يطالب به حتى قبل إنشاء الدولة الجزائرية في العام 1962، موضحا أن الأمر يتعلق ب"شعب القبايل الشجاع".
وتطرق الدبلوماسي المغربي إلى الادعاء الثاني، الذي تطالب الجزائر بموجبه باحترام الشرعية الدولية، مبرزا أن هذا البلد "ينتهك باستمرار الشرعية الدولية ويزدري ميثاق الأمم المتحدة عندما يتعلق الأمر بمبادئ احترام الوحدة الترابية، وعدم اللجوء إلى العنف وسمو التسوية السلمية للنزاعات".
وأوضح أن الجزائر بدأت تعير الاهتمام لقرارات مجلس الأمن في 2001 فقط، عندما أعلن الأمين العام عدم قابلية تطبيق خطة التسوية وبالتالي تقادم الاستفتاء، مذكرا بأن الجزائر تتجاهل، ومنذ 2002، قرارات مجلس الأمن لسبب وحيد يتمثل في كونها توصي بحل سياسي ودائم ومقبول لدى الأطراف لتسوية هذا النزاع.
وقال إن المفارقة تكمن في أنه تم اعتماد بعض هذه القرارات بموافقة ومساهمة الجزائر، عندما كانت عضوا في المجلس بين عامي 2004 و2005، مشيرا إلى أن الجزائر ستعمد إلى رفض بعض قرارات مجلس الأمن بشكل رسمي، كما كان الحال في عامي 2021 و2022 بشأن القرارين 2602 و2654.
واعتبر هلال أن رفض الجزائر العودة إلى اجتماعات الموائد المستديرة يشكل انتهاكا صارخا لقرارات مجلس الأمن والقانون الدولي وشرعية الأمم المتحدة، مضيفا أن الجزائر تنتهك القانون الدولي بتفويض سيادتها، على جزء من أراضيها: مخيمات تندوف، لجماعة انفصالية مسلحة، "البوليساريو"، مما أثار استنكار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وفريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي.
أما بالنسبة للادعاء الثالث، الذي تعيد الدبلوماسية الجزائرية طرحه والذي يصف الجزائر بكونها "مجرد مراقب" في ملف الصحراء، فقد أشار السفير إلى أن الجزائر تعد، ورغم نفيها، الطرف الرئيسي في هذا النزاع الإقليمي منذ اندلاعه.
وذكر بأن الجزائر كانت هي المطالبة بهذا الوضع في الرسالة الرسمية التي وجهها سفيرها الأسبق لدى الأمم المتحدة، إلى الأمين العام الأممي، في 19 نونبر 1975، حين أكد أنه "بالإضافة إلى إسبانيا بصفتها سلطة إدارية، فإن الأطراف المعنية والمهتمة بقضية الصحراء الغربية هي الجزائر والمغرب وموريتانيا".
ولاحظ هلال أن الجزائر تقدم نفسها قبل المغرب، مبرزا أن هذه الوثيقة الرسمية لا تتضمن أي إشارة إلى "البوليساريو" رغم أن الجزائر كانت تأويها على أراضيها.
كما ذكر بأن الأمم المتحدة اعتادت على رد الجزائر على كافة مقترحات الأمين العام ومبعوثيه الشخصيين. فقد رفضت الجزائر الاتفاق الإطاري الذي اقترحه المبعوث الشخصي الأسبق، جيمس بيكر، في بيان صدر عن مجلس وزراء الجزائر بتاريخ 25 فبراير 2002.
وقال الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة إن الجزائر تتخذ إجراءات اقتصادية انتقامية في حق أي دولة تدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وتحتج لدى عواصم جميع الدول الأعضاء في اللجنة الرابعة التي تدعم المغرب.
وتابع بالقول إن القرار 2654، الذي كرس بشكل نهائي اجتماعات الموائد المستديرة باعتبارها الإطار الحصري لتسيير العملية السياسية للأمم المتحدة، يعترف بالجزائر كواحدة من الأطراف الأربعة المعنية التي يتعين عليها المشاركة، وذلك بالصيغة ذاتها للاجتماعين الأولين للموائد المستديرة في جنيف.
ويتمثل الادعاء المؤسس الرابع، ضمن الأجندة الانفصالية الجزائرية، في تقديم الصحراء على أنها "أرض محتلة". وأشار هلال إلى أن الجزائر تسيء فهم القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.
وذكر بأن "مفهوم الاحتلال ينطبق، وفقا لقواعد لاهاي لسنة 1907 واتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12 غشت 1949، على أراضي دولة كانت موجودة بالفعل خلال نزاع دولي مسلح"، مشيرا إلى أن الصحراء لم تكن قط دولة -ولن تكون كذلك-.
وأكد "لقد كانت دائما، ومنذ قرون، جزءا لا يتجزأ من المغرب، بحكم روابط البيعة القانونية التب تربط بين الساكنة وسلاطين المغرب، كما أقرت بذلك محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الصادر في 16 أكتوبر 1975". وأضاف السفير أنه لا يوجد تقرير للأمين العام للأمم المتحدة أو قرار لمجلس الأمن يصف المغرب بـ"قوة محتلة".
وتطرق السفير إلى الأكذوبة الجزائرية الخامسة، ومفادها أن الاستفتاء يعد "الحل" لهذا النزاع الإقليمي، مذكرا بأنه تم إقبار هذا الاستفتاء المزعوم، رغم محاولات الجزائر الفاشلة. وأكد أمام أعضاء اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة: "لا يمكننا إحياء الموتى".
وأشار إلى أن "الأمين العام للأمم المتحدة خلص في تقريره بتاريخ 23 فبراير 2000 (الفقرة 32)، إلى أن خطة التسوية غير قابلة للتطبيق وبالتالي فإن الاستفتاء أصبح متجاوزا"، لافتا إلى أن مجلس الأمن لم يتطرق قط إلى الاستفتاء في أي من قراراته الـ36 التي تم اعتمادها على مدى 22 عاما.
كما أن الجمعية العامة، يتابع السفير، لم تتطرق إليه منذ حوالي 20 عاما، موضحا أن القرار الجزائري الذي ستعتمده اللجنة في ختام المناقشة، وعلى غرار كافة القرارات التي سبقته منذ ما يناهز عقدين من الزمن، لم يأت قط على ذكر الاستفتاء.
وفي ما يتعلق بالأكذوبة السادسة من الأسطورة المؤسسة للموقف الجزائري بشأن الصحراء المغربية، الذي يصف الجزائر بالبلد المضيف لمخيمات "لاجئين صحراويين" بتندوف، أكد السيد هلال أن "الجزائر ليست البلد المضيف للاجئي تندوف، بل بالأحرى سجان السكان المحتجزين هناك".
وندد بكون "هذه المخيمات هي في الواقع منطقة خارجة عن القانون ومسرحا لانتهاكات خطيرة وواسعة النطاق للقانون الدولي، ترتكبها الجماعة المسلحة الانفصالية +البوليساريو+، التي تربطها صلات مثبتة بالتنظيم الإرهابي في منطقة الساحل"، مشددا على أن الجزائر تستغل، سياسيا، هذه المخيمات التي تقدمها كرمز لوجود ما يسمى بمشكل "الصحراء الغربية".
واحتج السفير على تجنيد الأطفال في هذه المعسكرات وإجبارهم على الانضمام إلى ميليشيات "البوليساريو" كجنود، منددا بما وصفه بـ"جريمة حرب" وفقا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وبخصوص الأكذوبة السابعة، ومفادها أن الجزائر "تتحمل" العبء الإنساني لمخيمات تندوف، أشار هلال إلى أن المساعدات الإنسانية التي تقدمها الجزائر لمخيمات تندوف ضئيلة للغاية.
وأوضح أن "المجتمع الدولي هو الذي يقدم الجزء الأكبر من المساعدات الإنسانية والمالية لهذه المخيمات"، مسجلا أن الجزائر تخصص ملايير الدولارات لتسليح جماعة "البوليساريو" الانفصالية وتعمل على ضمان الدعم الدبلوماسي لها في جميع أنحاء العالم، خاصة من خلال تسخير مجموعات للضغط.
وأشار السفير إلى أن "الجزائر تغض الطرف عن اختلاس المساعدات الإنسانية الدولية من قبل المسؤولين عن الهلال الأحمر الجزائري وجماعة +البوليساريو+ الانفصالية المسلحة".
وخلص الدبلوماسي إلى التأكيد على أنه يتم توثيق هذه الاختلاسات الممنهجة وواسعة النطاق من قبل المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومؤخرا من طرف برنامج الأغذية العالمي في تقريره الصادر في يناير 2023 تحت عنوان "تقييم البرنامج الإستراتيجي القطري للجزائر 2019-2022".
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: الصحراء المغربیة القانون الدولی إلى أن الجزائر للأمم المتحدة الأمم المتحدة الأمین العام مجلس الأمن أن هذا على أن
إقرأ أيضاً:
أزمة الحكم في ديمقراطيات العالم الكبرى
ترجمة: قاسم مكي -
مجموعة السبع «هي اللجنة التوجيهية للعالم الحر». هذا ما قاله جيك سوليفان مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جو بايدن. إذا كان كذلك فالعالم الحر يواجه مشكلة.
معظم حكومات مجموعة السبع تثقل كاهلها الآن مشكلات سياسية داخلية بحيث لم يعد في مقدورها توجيه بلدانها هي نفسها، دعوا عنكم العالم الحر.
لننظر في الأوضاع السياسية في فرنسا وألمانيا وكندا واليابان وكوريا الجنوبية (وهذه الأخيرة ليست عضوا رسميا في مجموعة السبع لكنها تحضر قممها باستمرار).
في فرنسا سقطت الحكومة مؤخرا بعد عجزها عن تمرير الموازنة، وتم تعيين رئيس وزراء جديد لكنه سيواجه المشكلات نفسها. وهنالك الكثير من التكهنات بأن ايمانويل ماكرون سيستقيل كرئيس قبل انتهاء فترة رئاسته في عام 2027.
وتتجه ألمانيا إلى الانتخابات بعد انهيار ائتلاف «إشارات المرور» الذي يقوده أولاف شولتز، كما شهدت الانتخابات الأخيرة في اليابان خسارة الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم أغلبيته لأول مرة منذ عام 2009 مع احتمال إجراء انتخابات أخرى في العام القادم. وفي كندا تصل فترة وجود جاستن ترودو في الحكم لما يقرب من عقد إلى نهاية غير كريمة. فمع تخلف حزبه كثيرا في الاستطلاعات يواجه رئيس الوزراء الكندي ضغوطا مكثفة للاستقالة.
أما «مسك ختام» التدهور الديمقراطي فيتمثل في كوريا الجنوبية التي ساء فيها الوضع السياسي للرئيس يون سوك يول إلى حد إعلانه الأحكام العرفية، وأجبرته الاحتجاجات الشعبية على التراجع بسرعة وقادت إلى عزله.
بخلاف الولايات المتحدة البلَدَان الوحيدان اللذان يمكنهما الادعاء بأن لديهما حكومة مستقرة هما بريطانيا وإيطاليا. حقا فاز رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر بأغلبية كبيرة في انتخابات هذا الصيف. لكن شعبيته تدنت بسرعة. وفي الحقيقة ستارمر الآن أكثر افتقارا للشعبية بعد خمسة أشهر من توليه المنصب من أي رئيس وزراء بريطاني آخر خلال أربعة عقود، فقط جورجيا ميلوني رئيسة وزراء إيطاليا يمكنها الادعاء بأنها تحظي برضى الناخبين والأسواق.
إذن ما هي العِلَّة التي تشكو منها مجموعة السبع، كما هي الحال دائما، السياق المحلي مهم. في اليابان فضائح الفساد أضعفت الحزب الديمقراطي الليبرالي، وماكرون وترودو كلاهما زعيمان فقدا بريقهما بعد قضائهما عدة سنوات في سدّة الحكم.
لكن يبدو أن هنالك عاملين كبيرين ومهيمنين يجعلان من الصعب جدا لديمقراطيات مجموعة السبع كلها تقريبا الحفاظ على حكومات مستقرة. أول عامل هو تدهور المركز السياسي وصعود الأحزاب الشعبوية، والعامل الثاني الضغوطات المالية التي أوجدها النمو الاقتصادي البطيء وشيخوخة السكان والجائحة والأزمة المالية في عام 2008 والمطالب بزيادة الإنفاق الدفاعي.
الشعبوية والمشكلات المالية تغذِّي كل منهما الأخرى وتزيد باطِّراد من صعوبة الحكم. لقد أطيح بحكومة فرنسا بعد محاولتها خفض الإنفاق وزيادة الضرائب لمواجهة عجز في الموازنة بلغ حوالي 6% من الناتج المحلي الإجمالي. وبما أن نسبة كبيرة من البرلمان الفرنسي في أيدي أقصى اليمين أو أقصى اليسار من الصعوبة البالغة التوصل إلى تسويات سياسية.
في بريطانيا الأغلبية الكبيرة لستارمر أتاحت لحكومته عمل ما ليس بإمكان الفرنسيين عمله. أي زيادة الضرائب لضبط الموازنة. لكن رفع الضرائب أسهم في هبوط شعبية حزب العمال، كما لعبت صعوبة الحصول على المال في أوقات عسيرة دورا كبيرا في الأزمات السياسية في كندا واليابان.
ومن المرجح أن تسهم عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في إشاعة أجواء عدم الاستقرار السياسي في بلدان مجموعة السبع. فإيلون ماسك مساعد ترامب المفضل بدلا من محاولة مساعدة حكومات حلفائه الديمقراطيين يبدو أنه يستمتع بزيادة الأوجاع. والجمهوريون الذين يرفعون شعار «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» يحبون خصوصا استفزاز زعماء يسار الوسط من أمثال ترودو وشولتز وستارمر. بل مضى ترامب حتى إلى تعمُّد إهانة ترودو واصفا كندا بالولاية الأمريكية رقم 51 وترودو بحاكمها. وتصدَّر إيلون ماسك عناوين الأخبار حول أوروبا بتغريدته على منصة إكس والتي جاء فيها «حزب البديل لأجل ألمانيا فقط يمكنه إنقاذ ألمانيا»، كما عقد اجتماعا حظي بتغطية إعلامية وافية مع نايجل فاراج زعيم الإصلاح في بريطانيا والذي أوضح أنه يأمل في دعم مالي من ماسك.
لم يعد الجمهوريون أنصار ترامب يعتبرون أحزاب المحافظين التقليديين في أوروبا أحزابهم الشقيقة، وكيمي بادينوك زعيمة حزب المحافظين في بريطانيا وفريدريش ميرتس زعيم الديمقراطيين المسيحيين لا يملكان إلا أن ينظرا في حسرة إلى تواصل ترامب وماسك مع اليمين القومي الراديكالي بدلا عنهما. ووجّه كريستيان ليندر زعيم الديمقراطيين الأحرار المناصر لقطاع الأعمال والمتعثر مناشدة حزينة إلى «ايلون» أبلغه فيها أن البديل من أجل ألمانيا «حزب يميني متطرف»، اعتقادا منه كما يبدو أن ذلك سيدفع ماسك إلى الابتعاد عن حزب البديل.
يتقدم الآن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي يتزعمه ميرتس كثيرا عن حزب البديل من أجل ألمانيا في استطلاعات الانتخابات الألمانية، لكن من الواضح الأحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية حول بلدان مجموعة السبع لديها الآن صديق في البيت الأبيض.
إيلون ماسك يمكنه مساعدة أحزاب من شاكلة البديل من أجل ألمانيا والإصلاح البريطاني بالتغطية الإعلامية وربما بالمال. لكن مساندته يمكنها أيضا أن ترتد وبالا عليه في بعض الأوقات، فالأحزاب القومية مثل التجمع الوطني الفرنسي لديها تقاليد عداء قوية لأمريكا. وستكون حذرة من أن تبدو أدوات في يد أجانب أثرياء.
تدخلات ترامب قد لا تضمن قدرته على تنصيب «رفاق دربٍ» أيديولوجيين في باقي بلدان مجموعة السبع. بل بدلا عن ذلك قد يوجِد وضعا يعتبر فيه قادةُ العديد من أقرب حلفاء أمريكا رئيس الولايات المتحدة ليس صديقا بل عدوَّا سياسيا خطيرا.
جيديون راكمان كبير معلقي الشئون الخارجية بصحيفة الفاينانشال تايمز.