سلطت المحللة السياسية، كارولين دي روز، الضوء على الاحتكاكات الجارية بين الجيشين الأمريكي والتركي في سوريا، مشيرة إلى اشتباك أخير بشمال شرقي البلاد يوم الخميس الماضي.

وذكرت دي روز، في تحليل نشره موقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الاشتباك وقع عندما اكتشفت القوات البرية الأمريكية المتمركزة في قاعدة الحسكة العسكرية طائرة تركية مسيرة تنفذ ضربات على بعد أقل من نصف ميل منها.

وبينما قال مسؤولو الدفاع الأمريكيون إن القادة الأمريكيين في الميدان أجروا مكالمات لا تعد ولا تحصى بالقادة العسكريين الأتراك لإخطارهم بالوجود الأمريكي في المنطقة والتحذير من المزيد من "التعديات"، أفادت مصادر مطلعة بأن المسؤولين الأتراك "لم يستجيبوا"، حسبما أورد الموقع الفرنسي المعني بشؤون الاستخبارات.

وأضافت المصادر أن الولايات المتحدة وجهت طائرة مقاتلة من طراز F-16 لإسقاط الطائرة التركية المسيرة في نهاية المطاف.

وكان حليفي الناتو قد اشتبكا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما شنت تركيا غارات جوية على قاعدة كردية تستخدمها القوات الأمريكية في شمال شرقي سوريا، لكن حادثة الأسبوع الماضي كانت المرة الأولى التي تسقط فيها الولايات المتحدة طائرة لدولة حليفة في سوريا.

وأشارت واشنطن وأنقرة إلى أن الحادث قد يكون نتيجة عطل ميكانيكي وسوء اتصال بين القيادة التركية والطائرة المسيرة، وليس استهدافا متعمدا، وأصدرتا بيانات وصفت فيه الاشتباك بأنه "حادث مؤسف".

اقرأ أيضاً

تركيا تعلن تحييد 14 مسلحا كرديا في هجمات ليلية بشمالي سوريا

ومع ذلك، فإن الحادث يشير إلى استمرار "مخاطر التصعيد العرضي بين القوات الأمريكية والتركية في سعيهما لتحقيق أهداف مختلفة في سوريا"، بحسب الموقع الفرنسي.

فعلى الرغم من كونهما حليفتين بالناتو ورغبتهما في رؤية المزيد من الاستقرار في الشرق الأوسط، فإن للولايات المتحدة وتركيا مصالح مختلفة في سوريا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمنطقة الشمالية الشرقية من البلاد ووضع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي يقودها الأكراد.

فتركيا ترى قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب المتمركزة في سوريا فرع عن حزب العمال الكردستاني المتمركز في تركيا، والذي تصنفه أنقرة منظمة إرهابية، وتقاتله منذ منتصف الثمانينيات.

ومع ذلك، فإن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا، والذي يسمى قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب، يقوم بتدريب مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية وتقديم المشورة لها، كجزء من جهود القضاء على تنظيم الدولة في سوريا.

ورغم أن تركيا شنت غارات جوية متكررة ضد أهداف كردية في العراق وسوريا منذ عام 2019 في إطار عملية "المخلب"، إلا أن تفجير انتحاري لحزب العمال الكردستاني خارج وزارة الداخلية في أنقرة أقنع المسؤولين الأتراك بضرورة مضاعفة حملتهم العسكرية.

ومنذ ذلك الحين، نفذت تركيا سلسلة من المداهمات والاعتقالات ضد أعضاء حزب العمال الكردستاني المشتبه بهم في جميع أنحاء البلاد. كما نفذت ضربات على أكثر من 22 هدفًا مشتبهًا به للحزب في شمالي العراق وما لا يقل عن 18 هدفًا في شمال شرقي سوريا.

وركزت السلطات التركية على الجانب السوري من الانتقام بعد أن خلصت إلى أن المهاجمين في أنقرة جاءا في الأصل من سوريا، وهو ما نفاه المسؤولون الأكراد.

اقرأ أيضاً

مسؤولان أمريكيان يعلنان إسقاط مسيرة تركية في سوريا.. وأنقرة تنفي

عرضي أم استراتيجي؟

وبعد وقت قصير من هجوم أنقرة، أصدر وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بيانا حذر فيه، ليس المسلحين الأكراد بالعراق وسوريا فقط، ولكن حلفاء مثل الولايات المتحدة أيضا.

وقال فيدان إن جميع المنشآت الكردية هي "أهداف مشروعة" وحذر "الأطراف الثالثة" من الابتعاد عنها.

ومن المرجح أن الطائرة التركية المسيرة، التي تم رصدها بالقرب من القوات الأمريكية الأسبوع الماضي لم تستهدفها عمداً، بحسب المصادر الاستخباراتية، التي أشارت مع ذلك إلى أن القوات التركية كانت "تتخطى الحدود" ربما لقياس عدد الأهداف الكردية التي يمكنها ضربها خارج نطاق بروتوكولات منع الاشتباك مع الولايات المتحدة.

وأدت سنوات من الضربات التركية على قوات سوريا الديمقراطية إلى إحباط التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بسبب الإضرار بالقدرات العملياتية للجماعة التي يقودها الأكراد، ما تسبب في انتكاسات بمهمة التحالف لتدمير تنظيم الدولة.

لكن الولايات المتحدة لم تصل إلى حد منع الضربات التركية أو الرد عليها بشكل مباشر، مفضلة الاعتماد على دبلوماسية القنوات الخلفية لتثبيط الهجمات البرية والتعدي التركي على مناطق عمليات التحالف.

ولم يكن إسقاط الطائرة المسيرة مؤخرًا مختلفًا، حيث أظهرت القوات الأمريكية لنظيرتها التركية أن "العبث بالعمليات الأمريكية سيدفع القوات الأمريكية إلى الدفاع عن نفسها".

وبعد الحادث، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أن وزير الدفاع، لويد أوستن، تحدث مباشرة مع نظيره التركي، يشار جولر، حول تنسيق أفضل لبروتوكولات منع الاشتباك.

وأعقب ذلك رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال تشارلز براون، بمكالمة هاتفية مع رئيس الأركان العامة التركي الجنرال، متين جوراك، حول كيفية تحسين إجراءات السلامة في شمال شرقي سوريا.

اقرأ أيضاً

تركيا تلوح بعملية عسكرية برية في سوريا.. لماذا؟

المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تركيا سوريا هاكان فيدان أمريكا حزب العمال العمال الكردستاني قوات سوریا الدیمقراطیة القوات الأمریکیة الولایات المتحدة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

زعيم المعارضة التركية يكشف موعد اعتزامه اللقاء بالأسد.. تواصل من وراء الأبواب

كشف زعيم  حزب الشعب الجمهوري" التركي المعارض، أوزغور أوزيل، السبت، عن توصل حزبه مع النظام السوري عبر "قنوات دبلوماسية من وراء الأبواب المغلقة"، مشيرا إلى أنه يعمل على الاجتماع مع بشار الأسد خلال هذا الصيف كأقصى حد من أجل إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

وقال أوزيل في لقاء أجراه مع الصحفي فاتح ألتايلي عبر قناته في منصة "يوتيوب"، "نحن على اتصال مع سوريا من خلال قنوات دبلوماسية من وراء الأبواب المغلقة، وأفكر في الذهاب والاجتماع مع الأسد في الأيام المقبلة، إذا تمكنا من ترتيب ذلك، أو خلال هذا الصيف (كأقصى حد)".

وأضاف أن اتصالات حزبه مع الأسد "تسير بإيجابية"، مشيرا إلى أنه "من الممكن أن يلتقي أردوغان ووزير الخارجية قبل التوجه للقاء الأسد من أجل اتخاذ خطوات في سبيل حل مشكلة اللاجئين التي تواجه البلاد".


ولفت أوزيل وهو زعيم أكبر أحزاب المعارضة التركية، إلى أن "هناك جانب روسي وجانب أمريكي (في القضية السورية)، ويمكن التعاون الاتحاد الأوروبي من أجل حل هذه الأزمة"، داعيا في الوقت ذاته إلى "عدم مخاطبة أي عنصر غير الحكومة السورية (النظام السوري)"، في إشارة ضمنية إلى رأيه حول ضرورة استبعاد المعارضة السورية من هذه اللقاءات.

وأوضح أن الخطاب الذي يريد تقديمه في الحديث مع النظام السوري، يضمن التأكيد على ثلاثة محاور رئيسية وهو "ضرورة المحافظة على وحدة التراب السوري، وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، وعدم التواصل في أي عنصر خارج الحكومة".

وفي معرض حديثه عن الإشارات الإيجابية التي يتلقاها من النظام السوري، دعا أوزيل إلى تقديم محفزات إلى الأسد من أجل دفعه إلى الجلوس مع تركيا "كتقديم ميزات لمليون طفل سوري (إحصاء غير رسمي) ولدوا في تركيا من خلال دراسة إمكانية منحهم تسهيلات في تأشيرات الدخول إلى تركيا في المستقبل".

واعتبر أوزيل أن منح "مليون طفل سوري ميزات بالدخول إلى تركيا في المستقبل أفضل من الإبقاء على 10 ملايين سوري هنا سيزداد عددهم إلى 25 مليون".

وتجدر الإشارة إلى أن الأرقام الرسمية التي كشفت عنها وزارة الداخلية التركية في وقت سابق من هذا الشهر، توضح وجود 3 ملايين و114 ألفا و99 سوريا يعيشون في تركيا تحت بند الحماية المؤقتة (الكمليك).

والجمعة، قال أوزيل إنه "مستعد للذهاب والاجتماع مع بشار الأسد، إذا لزم الأمر، من أجل فتح قنوات حوار مع سوريا"، معربا عن استعداده أيضا "ليكون الوسيط في اجتماع الأسد مع أردوغان"، حسب قوله.


في سياق متصل، شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على عدم وجود أي سبب يمنع أنقرة من إقامة علاقات مع النظام السوري، مشيرا إلى أن بلاده حافظت في الماضي على علاقات جيدة مع دمشق إلى درجة اللقاءات العائلية مع عائلة بشار الأسد وهذا "أمر من الممكن أن يحدث مرة أخرى في المستقبل".

وقال أردوغان في تصريح للصحفيين عقب أدائه صلاة الجمعة في مدينة إسطنبول، إن بلاده "مستعدة للعمل معا على تطوير العلاقات مع سوريا"، مشددا على أنه "لا يمكن أن يكون لدينا أبدا أي نية أو هدف مثل التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا".

وتعاني سوريا من صراع داخلي منذ انطلاق الثورة السورية في 15 آذار/ مارس 2011، التي تحولت بفعل العنف والقمع الوحشي الذي قوبلت به من قبل النظام السوري إلى حرب دموية، أسفرت عن مقتل مئات الآلاف ودمار هائل في المباني والبنى التحتية، بالإضافة إلى كارثة إنسانية عميقة لا تزال البلاد ترزح تحت وطأتها.

مقالات مشابهة

  • أ ف ب: مقتل 4 أشخاص بشمال سوريا خلال احتجاجات على أعمال عنف ضد سوريين في تركيا
  • 4 قتلى بشمال سوريا في احتجاجات على أعمال عنف ضد سوريين في تركيا
  • مقتل 4 أشخاص شمالي سوريا في احتجاجات على أعمال عنف ضد سوريين في تركيا
  • إنزال وتمزيق الأعلام التركية في الأماكن التي تسيطر عليها تركيا في سوريا ..فيديو
  • إحراق الشاحنات التركية في سوريا ردا على أحداث قيصري
  • التقارب التركي مع الأسد يثير مخاوف في شمال سوريا..وعنتاب تضيق على اللاجئين
  • مصادر إطارية:حوار سوري – تركي في بغداد بدعم روسي صيني إيراني
  • مصادر عسكرية تكشف ما وراء تمادي الحوثيين في التصعيد العسكري ضد الولايات المتحدة وبريطانيا
  • كينيدي جونيور: العقوبات الأمريكية عززت الاقتصاد الروسي
  • زعيم المعارضة التركية يكشف موعد اعتزامه اللقاء بالأسد.. تواصل من وراء الأبواب