عاش الناس فى مصرنا تاريخيًّا على الزراعة كعنصر رئيس للحياة بصفة عامة والاقتصاد بصفة خاصة، وكانت الرقعة الزراعية آنذاك كافية فى ضوء عدد السكان، وعلى الزراعة قامت حضارة وادى النيل، ومع الوقت شيئًا فشيئًا اتسع العمران وتقلصت الرقعة الزراعية، وكان ارتباط الناس بالقرية أو بالأرض ليس ارتباطًا أسريًّا فحسب، بل كان ارتباط عمل وإنتاج وسبيل حياة، ثم ضاقت فرص العمل بالقرى والنجوع نتيجة الاعتداءات المتكررة على الرقعة الزراعية، وتآكل الكثير منها، وأصبحنا بحاجة إلى وعى ثقافى واقتصادى بالتوسع فى المدن والمجتمعات العمرانية والزراعية الجديدة، وحتمية الانتقال إليها وفق الرؤية الاستراتيجية للدولة المصرية، فى زمن أصبحت فرص العمل هى المبتغى الرئيس لكل جاد فى البحث عن العمل والحياة الكريمة، كما أصبحنا فى حاجة ملحة إلى وعى رشيد بمخاطر التعدى على الأراضى الزراعية.
وإذا كان بعض الشباب يفكر أو يبحث عن فرصة عمل فى أى مكان فى العالم يوفر له فرصة عمل حقيقية فمن باب أولى أن نتلقف فرص العمل المتاحة فى المدن الصناعية الجديدة والمجتمعات الزراعية والعمرانية الجديدة أينما وجدت، ولا سيما أن الدولة إنما تنشئ فى ظل جمهوريتنا الجديدة مجتمعات متكاملة صالحة للحياة الكريمة.
ومن ثمة تأتى أهمية هذه المدن كملاذ حضارى لا محيص عنه ولا بديل له، فإلى جانب ما وفرته وتوفره المدن الجديدة والتجمعات العمرانية الجديدة زراعية وصناعية وتجارية ولوجستية من فرص عمل حقيقية، فإن هذه المدن الجديدة قد أسهمت فى توفير سكن آدمى وإنسانى، والقضاء على العشوائيات والمناطق الخطرة والمناطق شديدة الخطورة التى أصبحت جزءًا من الماضى، ويجب أن نحرص جميعًا على عدم الوقوع فى براثنه مرة أخرى، وهو ما ينم عن الرؤية الحكيمة للقيادة السياسية التى حرصت وأصرت وتابعت بدقة تنفيذ هذه المدن الجديدة التى تليق بمصر والمصريين، مع اهتمام بالغ بالقرية المصرية وحقها فى الحياة الكريمة من خلال مشروعات البنية التحتية، ومشروع «حياة كريمة» الذى يعمل على توفير الاحتياجات الأساسية للقرية المصرية والارتقاء بحياة قاطنيها.
ورحم الله الإمام الشافعى حيث يقول:
سافِر تَجِد عِوَضاً عَمَّن تُفارِقُهُ
وَاِنصَب فَإِنَّ لَذيذَ العَيشِ فى النَصَبِ
وقد أمرنا ديننا الحنيف بالسعى طلبًا للرزق، حيث يقول الحق سبحانه: «هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ ذَلُولا فَامشُوا فِی مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزقِهِ وَإِلَیهِ النُّشُورُ» (الملك: ١٥).
وزير الأوقاف
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمد مختار جمعة وزير الأوقاف الزراعة والاقتصاد الرقعة الزراعية العمران المدن الجدیدة
إقرأ أيضاً:
هل لبنان مستعد لمفاوضات وقف الحرب؟
كتب صلاح سلام في" اللواء": لقاء الرئيسين الأميركيين الحالي جو بايدن والمنتخب دونالد ترامب في البيت الأبيض اليوم، سيحدد إتجاهات رياح الحرب في المنطقة، سيرسم خريطة طريق للمرحلة الإنتقالية.
ما يتردد عن تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان، لا علاقة للطرف اللبناني فيه، لأن الحكومة اللبنانية لم تتلق المسودة التي يتم مناقشة بنودها في واشنطن بين الأميركيين والإسرائيليين.
لبنان الرسمي يبدو وكأنه غير مستعد لخوض المفاوضات، بسبب الفجوة الكبيرة بين موقفي الحكومة وحزب الله، من مسألة «اليوم التالي»، وآلية تطبيق القرار الأممي ١٧٠١.
صحيح أن الحزب إستعاد بعض التوازن في أدائه العسكري والسياسي، ووجه ضربات موجعة في محيط تل أبيب، وللعديد من المدن والمستوطنات الإسرائيلية. ولكن الة التدمير الإسرائيلية ما زالت تُمعن في غاراتها وإعتداءاتها على الضاحية الجنوبية لبيروت، وعشرات المدن والقرى في الجنوب والبقاع، وصولاً إلى جبيل وبعلشمية وعكار، وتتسبب بسقوط عشرات الشهداء والجرحى، فضلاً عن تدمير الأبنية والمنازل، فوق رؤوس ساكنيها في بعض الأحيان.
ان مصلحة لبنان، تؤكد أهمية الإستعداد اللازم لخوض مفاوضات شاقة لوقف الحرب، بموقف لبناني واحد، رسمي وحزبي، وذلك بالعودة إلى الواقعية السياسية، والتسليم بمنطق الدولة، والعمل الفعلي من أجل لبنان أولاً.