البرلمان الأوروبى.. ازدواجية المعايير والابتزاز المدروس
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
تابعنا جميعاً القرار الصادر عن البرلمان الأوروبى بشأن حالة حقوق الإنسان فى مصر والذى مارس فيها كالعادة هجوما على الدولة المصرية تزامنا مع بدء سباق الانتخابات الرئاسية فى ابتزاز مدروس وواضح للدولة المصرية، حيث تناول قرار البرلمان الأوربى انتقاد أكثر من ملف يخص الشأن الداخلى المصرى، ومنها ما يتعلق بالمطالبة بالإفراج الفورى عن المدعو هشام قاسم، وإسقاط التهم السياسية ضده، فى الوقت الذى يحاكم فيه هذا الشخص أمام القضاء المصرى فى قضية سب وقذف لأحد رموز المعارضة المصرية، كمال أبوعيطة، بالإضافة إلى قضية الاعتداء على موظفين عموميين أثناء تأدية وظيفتهم، وهى قضايا غير سياسية ولا علاقة للدولة بها، وتتم إجراءاتها وفقا للقانون الجنائى المصرى.
وذلك ما يدفعنا للتساؤل عن المصادر التى يستقى منها البرلمان الأوروبى المعلومات والبيانات التى يبنى على أساسها هذه القرارات التى تعد تدخلا صريحا فى الشأن الداخلى المصرى ومساس مباشر باستقلال القضاء المصرى، والدولة المصرية لن تقبل إملاءات من الخارج، كذلك لن يقبله أى مصرى وطنى حر.
والحقيقة أن هذا القرار لم يكن الأول من نوعه لكنه حلقة ضمن سلسلة طويلة من البيانات والقرارات الموجهة، والتى تتعمد انتقاد أوضاع حقوق الإنسان فى مصر، فقد تعمد البرلمان الأوربى انتزاع سلطة التقييم والتوجيه لمن هم خارج حدود أعضائه مستخفا بالمواثيق الدولية كافة التى تدين أية تدخلات فى الشئون الداخلية للدول ذات السيادة، أو المساس بسلطة القضاء.
لم يكتف البرلمان الأوروبى بذلك، بل أكد أهمية إجراء انتخابات موثوقة وحرة ونزيهة فى مصر، وحث السلطات على وقف مضايقة شخصيات المعارضة السلمية، وهى ادعاءات تفتقد للحد الأدنى من الموضوعية والمنطق، وتؤكد ما حذرنا منه سابقا بأن هناك تعمداً للتشكيك فى نزاهة العملية الانتخابية حتى قبل انطلاقها، رغم تأكيد الهيئة الوطنية للانتخابات، وهى الجهة المنوط بها إدارة العملية الانتخابية وتتمتع باستقلال تام، وقوفها على مسافة واحدة من الجميع، كما أنها سمحت لوسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدنى المحلى والإقليمى والدولى بمتابعة العملية الانتخابية فى جميع مراحلها، ومن خلال المتابعات لم يثبت حتى الآن وقوع أية مخالفات أو أعمال محاباة أو مضايقات، من قبل الجهات المكلفة بتنفيذ قرارات الهيئة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية.
كذلك الادعاء بالقبض على ثلاثة وسبعين عضواً من أعضاء الحملة الانتخابية لأحد المرشحين المحتملين، وهو أمر يثير الكثير من علامات الاستفهام، فمن هم هؤلاء حتى يتسنى لسلطات التحقيق التحرى عن الأمر والتأكد من مدى صحته، فالحقيقة التى لا تقبل الشك أن ما يحدث مجرد ادعاءات هدفها بالدرجة الأولى تشويه العملية الانتخابية والتشكيك فى نزاهتها.
ولذلك أدعو البرلمان الأوروبى بأن يوجه جهوده على الشأن الأوروبى وما تعانيه دول القارة العجوز من انتهاكات فى مجال الحقوق والحريات سواء من جانب الشرطة ضد حرية الرأى والتعبير، فضلاً عن التمييز العنصرى والدينى، وهى أمور يجب ألا تصدر من رعاة حقوق الإنسان فى العالم، ويجب أن يعلم الجميع أن مصر حريصة على بناء صداقات متوازنة مع الشركاء الدوليين على أن تكون ركيزتها الاحترام المتبادل والبعد عن الوصاية التى يمارسها البعض.
وفى النهاية أين البرلمان الأوروبى مما يحدث فى غزة المحتلة والاعتداءات الهمجية الوحشية على أهالينا الفلسطينيين، وأين هم من التجويع والإبادة الممنهجة؟
عضو مجلس الشيوخ
عضو الهيئة العليا لحزب الوفد
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عضو مجلس الشيوخ عضو الهيئة العليا لحزب الوفد البرلمان الاوروبى ازدواجية المعايير القرار الصادر الدولة المصرية العملیة الانتخابیة البرلمان الأوروبى
إقرأ أيضاً:
ازدواجية المواقف بين بغداد وأربيل: التوازن الصعب أمام دمشق و قسد
4 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: يواجه العراق موقفًا دقيقًا في علاقته مع سوريا بسبب التوتر المتصاعد بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام السوري، وسط صراع نفوذ يعقد المشهد الأمني في المنطقة.
و برزت في الآونة الأخيرة مؤشرات على تنامي العلاقة الأمنية بين العراق وقوات سوريا الديمقراطية، في ظل التهديدات المتزايدة التي تمثلها معسكرات احتجاز عناصر تنظيم داعش داخل الأراضي السورية.
وعززت الروابط التاريخية بين الأكراد في العراق وسوريا هذا التقارب، حيث تتشارك قوات سوريا الديمقراطية مع القوى الكردية في إقليم كردستان العراق قواسم مشتركة تمتد إلى التنسيق العسكري والأمني.
و يمثل احتجاز عشرات الآلاف من عناصر داعش داخل ستة معسكرات، أبرزها معسكر الهول، تحديًا أمنيًا مشتركًا لا يمكن لبغداد تجاهله، في ظل المخاوف المتزايدة من عمليات فرار محتملة قد تعيد تنشيط التنظيم الإرهابي في المنطقة.
و وجد العراق نفسه في موقف صعب، حيث لم يتمكن من تبني موقف حاسم إزاء قوات سوريا الديمقراطية أو النظام السوري، خاصة مع اشتداد الصراع بين الطرفين.
وبات التوازن بين الحفاظ على علاقات مستقرة مع دمشق، وبين تعزيز التعاون الأمني مع قوات سوريا الديمقراطية، معادلة معقدة تتداخل فيها المصالح الإقليمية والدولية.
و زادت الضغوط التي تمارسها أطراف إقليمية ودولية من تعقيد الموقف العراقي، ما جعل بغداد تتخذ نهجًا حذرًا دون المجازفة بإعلان موقف صريح قد يُحسب لصالح طرف على حساب آخر.
و يكشف التحليل السياسي للموقف العراقي عن تناقضات واضحة في التعامل مع الملف السوري.
و بدا أن بغداد تحاول تحقيق أكبر قدر من الاستفادة من علاقتها مع الطرفين، فمن جهة، يريد كردستان العراق التنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية، لمنع تسلل عناصر داعش إلى أراضيه، ومن جهة أخرى، فان بغداد حائرة امام الحالة السورية الجديدة.
و لم يقتصر المأزق العراقي على الشق الأمني فحسب، بل امتد إلى البعد السياسي، حيث تحولت سوريا إلى ساحة صراع بين قوى إقليمية ودولية.
و تصاعدت الضغوط على بغداد من قبل تركيا وإيران، فالأولى تعارض أي تعاون مع قوات سوريا الديمقراطية التي تصفها بالإرهابية، والثانية تسعى الى تحجيم الدور التركي.
واستمر العراق في تبني سياسة التوازن، محاولًا الاستفادة من جميع الأطراف دون أن يتحول إلى ساحة مواجهة بالوكالة. استمرار الوضع الراهن على هذا النحو يعني أن العراق سيظل في حالة انتظار، متأرجحًا بين فرضية تعزيز التعاون مع قوات سوريا الديمقراطية لمنع عودة داعش، أو الاصطفاف مع النظام السوري لكسب رضا القوى الحليفة له، وهو ما سيحسمه مسار الأحداث القادمة في شمال شرق سوريا.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts