كفانا سذاجة.. كفانا عبودية ذهنية!
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
ما هو أكثر شيء يسعدك فى هذه الدنيا؟
المال ولا الجاه ولا النساء والرجل الغنى الوسيم، ولا الحب أو الشهرة والسلطة أو الأضواء وتصفيق الآخرين وغيره وغيره من ألوان الدنيا ومتاعها؟ إذا جعلت سعادتك فى هذه الأشياء فقد استودعت قلبك الأيدى التى تخون وتغدر وائتمنت عليها الشفاه التى تنافق وتتلون، إذا جعلت من المال مصدر سعادتك فقد جعلتها فى ما لا يدوم، فالمال ينفد وبورصة الذهب والدولار لا تثبت على حال أبدا وطبعا تقلبات الاقتصاد والأسعار فى غدر مستمر، وإذا جعلت سعادتك فى الجاه والسلطان، فالسلطان كما علمنا التاريخ كالأسد أنت اليوم راكبه وغدًا أنت مأكوله.
وإذا جعلت سعادتك فى تصفيق الآخرين فالآخرون يغيرون آراءهم كل يوم حسب الأمزجة، وإذا جعلت سعادتك فى حب امرأة فأين هى المرأة التى لم تتغير؟ وأين هو الرجل المخلص الذى لم يتقلب؟ وأين نجد هذا القلب إلا فى الخيال فى دواوين الشعراء الذين يقولون ما لا يفعلون والذين هم فى كل واد يهيمون...
سبعون ألف نبى فى تقدير بعض العارفين عبروا هذه الأرض وبلغوا أقوامهم نفس الشيء وأعادوا عليهم نفس الدرس ورددوا نفس الكلمات، والناس مازالوا على حالهم لا يرى الواحد منهم أبعد من لحظته. مازالوا على جاهليتهم الأولى يتدافعون بالمناكب على نفس الخسائس يرون حاصد الموت يحصد الرقاب من حولهم ولا يعتبرون، بل هم اليوم أكثر نهمًا وأكثر تهالكًا وأكثر تهافتًا، بل أكثر تفاهة على اللاشىء، ويقول الله تعالى: «وفى أنفسكم أفلا تبصرون».
كنت أعتقد فى صغرى أن الجميع يتمنى الخير لغيره، وأن كل من يحلف بالله صادق، وأن جميع النوايا طيبة، وأن من يتخذ على عاتقه عهدًا يفى به ولا يخون أبدا، بل يجاهد مع نفسه حتى يرضى الله ورسوله، وأن كل الأصدقاء طوق نجاة، وأن القلوب ببساطة تلين، وأن نقش الأسماء على الحائط هو الحب، وأن العبور لمدينة الأحلام أمر سهل، حَتى كبِرت وفهمت أنه لا أحد أبدا يستطيع التلاعب بك إلاّ بإذنك، أدركت هذا أم لم تدركه، مش بس القانون لا يحمى المغفلين، الحياة أيضا لا تحب المغفلين.
أكبر جريمة تقترفها فى حق نفسك يوم تتخلى عن سلطتك المركزية فى لاوعيك وتمنحها لشخص آخر ليكون مسؤولا عن تحديد نوع الشعور الذى ستشعر به سائر اليوم. «كفانا سذاجة كفانا عبودية»، هذه عبودية ذهنية لا تليق بالأحرار قط، وجريمة فى حق الإنسانية جمعاء يوم تتخلى عنك وتخذل ذاتك وتبيع نفسك لشخص ما لمجرد اهتمامك به، أو حتى إخلاصك له لأن العشرة لها أحكام، فلا تستهينوا بأرواحكم الطيبة وكفانا سذاجة وكفانا عبودية.
سكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية ورئيس لجنة المرأة بالقليوبية.
magda [email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاقتصاد
إقرأ أيضاً:
إحتلالٌ وضمٌّ حتى الليطاني أو أكثر
كتب طوني عيسى في " الجمهورية": في لبنان، فقد بات الحديث عن توسع جغرافي وديموغرافي إسرائيلي على حسابه متداو لاً جدّياً. وهناك شكوك قوية في أنّ المناطق المدمّرة والمحروقة التي تنشئها إسرائيل في الجنوب، وتريد تسميتها "مناطق عازلة"، ستبقى خالية من أهلها اللبنانيين في شكل دائم، وستخضع لسيطرة عسكرية إسرائيلية صارمة لا أفق زمنياً لها. ومع الوقت، لن يكون صعباً أن تطلق إسرائيل مشاريع الاستيطان فيها. وفي أول فرصة دولية إقليمية سانحة سيكون ممكناً الإعلان عن ضمّ هذه المناطق اللبنانية إلى خريطة إسرائيل، وبصمت كامل، كما تمّ ضمّ الجولان. في الحقيقة، ليس واضحاً تماماً حدود الأطماع الإسرائيلية في الجنوب. وربما يفكر الإسرائيليون في توسيع حدود احتلالهم بالمقدار الذي تسمح به الظروف. وفيما يصرّ البعض على القول إنّ الإسرائيليين لا يريدونمن لبنان سوى ضمان أمنهم على الحدود الشمالية، وإنّهم لايطمعون بأرضه، يعتقد آخرون أنّ الفكر اليميني الممسك حالياً بالحكم في إسرائيل، والمستند إلى خلفيات توراتية، سيستغل الفرصة التاريخية لتوسيع خريطة إسرائيل شمالاً نحو لبنان، ضمن مسعاه إلى تغيير هذه الخريطة ديموغرافياً أيضاً، بتهجير قسم كبير من السكان العرب، تطبيقاً لمبدأ يهودية الدولة. وتأكيداً لذلك، ومنذ اللحظة الأولى لانتخاب ترامب، قبل أيام، يقوم الإسرائيليون بحملة مركّزة لتذكيره ب "الوعد" الذي قطعه ذات يوم بتوسيع خريطة إسرائيل، "لأنّها ضيّقة على شعبها". ولم تعد من نسج الخيال مخاوف البعض من وصول إسرائيل إلى مياه الليطاني التي لطالما حلمت بها. علماً أنّ هناك مَن يسأل عن المانع من تمدّدها حتى نهر الأولي، في مراحل لاحقة، إذا سمحت لها الظروف وموازين القوى. فهل دعوة أدرعي لسكان الجنوب إلى تجاوز هذا النهر يندرج في هذا السياق الخبيث؟ عند هذه الوقائع والأسئلة، يكمن خطر ا لاستهتار بمستقبل الجنوب. فالدولة اللبنانية عاجزة عن القيام بأي خطوة ذات معنى لوقف الحرب وحماية الأرض التي يجري إحراقها واحتلالها، وإنقاذ الشعب الذي يتعرّض للقتل والتهجير. وأما القرار، فهو بكامله في أيدي الإيرانيين والإسرائيليين. وإذ يستشرس عناصر "حزب الله" في التصدّي للقوات الإسرائيلية التي تحاول التقدّم في قراهم، فإنّ القرارات الكبرى والفاعلة التي تقود "الحزب"، كإطلاق الصواريخوالمسيّرات على إسرائيل، تتولاّها إيران حصراً وبناءً على حسابات الربح والخسارة بينها وبين إسرائيل والولايات المتحدة وليس أي حسابات أخرى. فإذا استمر عجز اللبنانيين، بشقيهم الرسمي والحزبي، عن الإمساك بزمام الحرب، فإنّ الفرصة ستكون سانحة لإسرائيل لكي تقوم بمناورات ابتزاز وبيع وشراء، مع أي كان في الشرق الأوسط والعالم، من أجل ضمان مستقبلها الآمن والتوسع جغرافياً وديموغرافياً، على حساب لبنان الكيان والدولة، كما على حساب سوريا والأردن ومصر، وسائر الكيانات التي شاء القدر أن تكون على تماس مع إسرائيل. فهل بقي مجال لتجنّب هذا الخطر الكياني على لبنان، أم فات القطار وما كُتِب قد كُتِب؟