بات من الضرورى جداً فتح المبانى بشروط واضحة لا لبس فيها، ومناسبة لظروف البلاد ولا سيما المحافظات المخنوقة بسبب عدم وجود ظهير صحراوى لها؛ كالغربية على سبيل المثال.
لم يعد هناك مبرر لإصرار الحكومة على وقف البناء طوال السنوات الثلاث الماضية وحتى الآن، ولا يمكن قبول هذا الجمود الذى أرهق الناس وأضر باقتصاد معظم الشركات العقارية وصغار الملاك الذين يحلمون ببناء منازلهم وفق ما يحقق مصلحتهم فضلاً عن آلاف العمال المهنيين بمختلف أنواعهم، فهؤلاء لا باب أمامهم يفتح بيوتهم سوى البناء، حتى مَن لجأ لتوك توك يعمل عليه ليكسب قوت يومه يشعر بالغضب والحزن على حاله الذى لا يسره بأى حال من الأحوال!
كيف لنا أن نصدر قراراً بمنع البناء ونتركه مفتوحاً بلا سقف، ومراجعة ومرجعية نحتكم لها عند الرغبة فى انتهاء الوضع؟
الناس الآن يلتمسون من الرئيس عبدالفتاح السيسى النظر بعين المصلحة وإصدار قرار فتح المبانى وفق ما اتفق عليه من جميع المختصين وبما يحقق المصلحة العامة.
معظم المبانى الآيلة للسقوط تنتظر هذا القرار والأراضى الفضاء التى تحولت لخرابات فلا أمل لهم فى البناء، أسعار الشقق تضاعف سعرها بسبب ندرة المعروض فى معظم المحافظات التقليدية.
وأصحاب الشركات العقارية يحلمون بالعودة للسوق وفتح أبواب الرزق وتحريك الدنيا الواقفة بالضبة والمفتاح.
نعم، الناس يتوقعون فتح المبانى قبل الانتخابات الرئاسية لأن البناء هو الذى سيفتح لهم باب رزق بعد إغلاقه بلا مقدمات وتسبب فى تضييق الحال عليهم، ولسان حالهم يقول - إذا لم تنظر لهم الحكومة الآن، فمتى ستنظر؟، وهى ترى الوضع وقد ضاق عليهم وجعلهم فى تراجع اقتصادى لا ذنب لهم فيه.
إصدار القانون الذى أُعد أكثر من مرة وأعيد للمراجعة والحذف والإضافة آن له الآن الصدور، وليس لدينا بعد كل هذه السنوات رفاهية غلق باب رزق فى وجوه البنائين المحترفين والناس العاديين الذين يحلمون ببناء طابق أو حتى شقة لأولادهم!
حركوا السوق الراكد حتى يتمكن الناس من التعامل مع أسعار السلع والتضخم، وحتى يستعيدوا وضعهم كرجال أعمال ويكسبوا بالتالى ثقة العملاء بعد أن تسبب وقف البناء فى مطاردة معظمهم قانوناً بسبب عدم وفائهم بالعقود.
أتمنى سرعة إلغاء وقف البناء وصدور القانون الذى يحقق المصلحة اليوم قبل الغد.
ويا مسهل.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
سيف على رقاب الجميع
إنه الرحيل. ومعه تتبخر الأشياء، ويرتد كل إنسان إلى المنتهى. لا يبقى هناك ما يسمى بالسلطة والنفوذ. وهنا يتذكر ما حل بالآخرين. أين ذهب "هتلر" نموذج الحاكم المنتشي بالسلطة؟ لقد تبخر كل شىء، ضاع مع الريح، لم يصمد.لم يكن أحد ليتصور أن تحل به هذه النهاية فى يوم من الأيام. رحل ولم يجرؤ أحد على الاقتراب منه. مع الرحيل تختلف الأوضاع. يصبح المرء بلا رفيق، ولا يوجد من بات بذكره أو حتى يورد اسمه أو يستدعى سيرته. الكل لا يريد أن يتذكر من بات شبحا، جسدا ميتا مليئا بالثقوب، جثة عفنة لا حول لها ولا قوة. بات صاحبها عبئا على الطريق والرفيق، لا أحد يذكره. حتى إذا جاءت سيرته لفظها الكثيرون، وآثروا الانقياد وراء مواضيع أخرى. لا أحد يريد أن يتذكر من كان يملأ الحياة صخبا وضجيجا إرهابا وعنفا.
انتهى كل شىء. لا حول ولا قوة إلا بالله. راحت الدنيا وحلت الآخرة التى لا يراها أحد ما دام على قيد الحياة. من يحيا لا يرى إلا الحياة والقوة والاستقواء والسطوة و الهيمنة والنفوذ والتجبر. هذه هى فنون الحياة والبقاء، فليس له علاقة بالآخرة. فهذا الشخص مأفون عنيد لئيم رهيب فج غليظ وحش كاسر طغى وتجبر، وغيب عن نفسه عمدا أن الحياة قصيرة ولا ضمان لها، وأنها تنتهى فى لحظة دون تنبيه خلافا لعقيدة صاحبنا الذى كان يرى أنها باقية له إلى الأبد، ولهذا ومع هذا الشعور ينسى أن هناك رحيلا حتميا فى يوم من الأيام. قد يكون اليوم أو غدا أو فيما بعد ولكنه آتٍ على أى حال.
عندما يُذكر الرحيل يشعر المرء بالحزن. إنها لوعة الرحيل وتعاسة الفراق. لا يريد المرء أن يبدو حزينا. ولكن هذه هى الحياة أو هكذا تكون، فهى تبدأ وتنتهى فجأة دون أن تخبرنا بوثيقة حول موعد الرحيل، فهو أمر صعب على كل منا رغم أنه حق علينا جميعا. ورغم ذلك دائما ما نربط بينه وبين عنصر المفاجأة. نعلم أن الرحيل قادم، ولكن ما أن يأتى حتى نشعر بغصة وكأنه كان مفاجئا لنا. إنه الرحيل الصعب على الجميع التعامل معه، لا سيما عندما يرحل من نحب ومن كان يمسح دموعنا ويرفق بنا ويأخذ بيدنا لكى نرى معه وبرفقته جادة الطريق.
إنه الفراق بيننا وبين الأحبة وبيننا وبين هذه الدنيا التى كنا نعيش فى كنفها ونستنشق نسائمها. ولكنها الحياة وهكذا تكون. نشعر بالحلم الجميل ولكن لا يلبث أن يتبدد ويتحول إلى كابوس قاتل أمام البعض ممن لا يملكون أمامه إلا الاستسلام، فهذا هو القدر الذى يباغت الجميع بما لم يتوقعوه.
ما أصعب رحيل الأحباب وذوى القربى. وهنا تكون اللوعة مرة ومعها تتبدد الآمال وتطمر الفرحة ويغيب الشعور بالسعادة والحياة. إنه القدر الذى يتعين على الجميع الاستسلام له حيث لا يملكون أمامه سبيلا للهروب. وهذه هى الحياة. نقطة بداية ومولد حلم حتى نصل إلى النهاية التي يحكمها ويتحكم فيها الرحيل. يرحل الأحباب ونأسى لرحيلهم، ولكن ورغم هذا الفراق والرحيل الذى سيحل بالجميع يتعين علينا أن نبحث عن حلم جديد.نعم.. يجب أن ننظر إلى الحياة بروح جديدة كلها أمل. يجب أن نتجاوز مرحلة الأحزان، وأن نتجاوب مع حياة جديدة، والزمن كفيل بأن يخفف عن الإنسان همومه وأوجاعه سواء أكان يعانى فراقا بسبب الحب أو يضاجعه الأسى لفقد عزيز لديه. وهنا ينبغي على الإنسان الإفاقة، وأن يحاول النسيان ويندمج مع الأصدقاء، وأن يؤمن بأن الحياة يجب أن تكمل مسيرتها وأن تأتى بالجديد.