بوابة الوفد:
2024-06-30@01:10:13 GMT

السّراج المنير

تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT

من أسرار الصلاة والتسليم عليه أن السادة العارفين توخوا النور فصلّوا عليه من أصل حقيقته الروحيّة النورانيّة مع أنه عبد الله ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه، لكن الشخصية النبويّة غير الحقيقة المحمديّة، وما يقال فى هذه من حيث «البعد الروحى»، لا يقال فى تلك من حيث «البعد الزمنى».

الشخصية النبويّة لها بداية ونهاية، مولد فتاريخ فحياة، ثم انتقال إلى الرفيق الأعلى.

أمّا الحقيقة المحمديّة؛ فحقيقته الروحية المحمودة فى السماء، حقيقة مغيبة، باقية دائمة، سرمدية من الأزل إلى الأبد، ظهرت فى كل الأنبياء من قبله منذ آدم حتى ظهرت كاملة فى شخصه صلوات الله وسلامه عليه، ولكن كيف ظهرت فى كل الأنبياء وهو خاتمهم؟

الذى ظهر هو نورها، والظاهر هو الرسول المُبلغ، لأنه صلوات ربى وسلامه عليه، سابق للخلق نوره، ومن حيث روحانيته هو النور الذاتى والسر السارى سرّه فى سائر الأسماء والصفات، لأنه افتتح به الخلق، الفاتح لما أغلق من الأكوان، والسابق للخلق نوره، وهو أبو الأنبياء تحقيقاً وإمامهم، وهو خاتمهم، والموكب الخالد من الأنبياء من لدن آدم إلى محمد عليه السلام، قبسٌ من شعاع نوره الأصلى، لإظهار الحقائق الإلهيّة. من اندرج النبيون تحت لوائه فهم منه وإليه. أحسن أبو حنيفة النعمان رضوان الله عليه إذ قال فى قصيدته «يا سيد السادات» (​والأنبياء وكل خَلقٍ فى الورى​... والرسل والأملاك تحت لواك).

ولأن القرآن وصفه بالنور، (قد جاءكم من الله نورٌ وكتابٌ مبين)، ووصفه بالسراج المنير الذى تفيض عنه الأنوار على الأكوان، ومنها فيوضات الأنوار على قلوب الأولياء والعارفين. فالنبى بالله والأكوان بالنبيِّ، وكل شيء به منوط؛ إذ لولا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط.  

أنا شخصياً عجبتُ لقول أحدهم، وهو معدود فيما بينهم من أكابر العلماء، إذ يقول: «لا ينبغى أن يوصف النبى صلوات الله عليه بالنور، لأنه بشر كسائر البشر غير أنه يُوحى إليه»، مع أن هذا الوصف قرآنيّ فى الصميم. ومادام يُوحى إليه فوصف النور ألصق به وأقرب إليه، لأن هذا الذى «يُوحى إليه» نورٌ على نور، وإذا لم يكن نوراً لم يكن يُوحى إليه. وإذا ثبت الوحى إليه، ولا بدّ أن يثبت، كان أقل وصف له أنه: نورٌ على نور.

حقيقة أن ما تقرّر فى حقه، صلى الله عليه وسلم، فى القرآن الكريم، يعطى للحقيقة المحمديّة دلالاتها ومعناها ومصداقية تقريرها خلال المصدر الإسلامى الأول والمعتبر، ويحدّد مفهومها تحديداً دقيقاً لا يعتمد على مصادر خارجية، ولا يمكن لعاقل أن يترك مصدره الإسلامى ويذهب ليأخذ بالتشابه الذى يظهر أمامه لمجرّد التشابه فى ثقافات الأمم الغابرة، فكل ما تمّ ذكره سلفاً فى قدم النور المحمدى ما هو إلا محاولة من العارفين لبناء نظريتهم فى الحقيقة المحمدية استناداً على الآيات القرآنية الكريمة، وهى بلا شك محاولة مشروعة.

الله وملائكته يصلون عليه من الأزل إلى الأبد صلاة دائمة تامة كاملة موصولة بعلم الله. فالمحبون لسيدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه نورهم يسعى بين أيديهم، يحتفلون ويفرحون بميلاده.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الشخصية النبوي ة وسلامه علیه صلوات الله

إقرأ أيضاً:

‏ما حكم قول: “براؤون يا رسول الله”؟

‏حكم قول : ” براؤون يا رسول الله”
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم قول “براؤون يا رسول الله” لتشجيع المجاهدين فهل يجوز قول هذا القول ام انه جزء من الشرك والأفضل قول براؤون يا رب رسول الله صلى الله عليه وسلم وٱله الكرام وجزاكم الله خيرا

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ولا حرج في هذا القول فإنه ليس بدعاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا استغاثة به، بل مجرد خطاب له – سلام الله عليه – مراد به إثارة الحماس وتشجيع الناس.

الشيخ عبدالحي يوسف

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ما هي أول صلاة صلاها الرسول؟.. الظهر أم العصر
  • هل تصح الصلاة في المساجد التي بها أضرحة؟.. «الإفتاء» تُجيب
  • الشيخ خالد الجندي يكتب: ثورة انتصار لمقاصد الشرع الشريف
  • دهس المجني عليه عمدًا.. تنفيذ حكم القتل قصاصًا بأحد الجناة في منطقة الرياض
  • طرق إلزام الزوج بسداد النفقات وفقا للقانون.. اقرأ التفاصيل
  • طرق إلزام الزوج بسداد النفقات وفقا للقانون.. أقرأ التفاصيل
  • ‏ما حكم قول: “براؤون يا رسول الله”؟
  • بداية نزول الوحي على النبي
  • فى ظلال الهجرة النبوية المشرفة
  • فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة