المغرب يحذر من مرحلة لا يمكن التكهن بتداعياتها في فلسطين
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، اليوم الأربعاء بالقاهرة، خلال ترؤسه أعمال الاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية حول الوضع في فلسطين، إن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، ما فتئ يدعو للخروج من منطق الصراع والعنف، إلى منطق السلام والتعاون وبناء فضاء مزدهر لجميع شعوب المنطقة.
وأبرز بوريطة، خلال هذا الاجتماع الذي خصص لبحث سبل تحرك عربي لوقف التصعيد في الأراضي الفلسطينية ووقف استهداف المدنيين، استعداد المغرب الانخراط في أي جهد عربي ودولي يروم تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967، وفق حل الدولتين المتوافق عليه دوليا، موضحا أن "جلالة الملك ظل دائما يؤكد أن أمن الشرق الأوسط واستقراره يتطلب مساع بلا انقطاع وجهودا حثيثة ومتواصلة، للخروج من منطق الصراع والعنف إلى منطق السلام والتعاون وبناء فضاء مزدهر لجميع شعوب المنطقة".
وجدد التأكيد على دعم المملكة المغربية الكامل والثابت لدولة فلسطين ولسلطتها الوطنية الشرعية، بقيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن، للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وتحقيق تطلعاته في الحرية والاستقلال والعيش الكريم.
وأكد ناصر بوريطة "تشبث المملكة المغربية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بالسلام العادل والشامل المستند إلى قرارات الشرعية الدولية، باعتباره خيارا استراتيجيا لا محيد عنه".
وقال إن "الأحداث الدامية والمروعة التي انطلقت شرارتها يوم السبت 7 أكتوبر 2023 وما واكبها من عنف منقطع النظير، يؤشر على أن المنطقة أمام وضع غير مسبوق، قد يد خل الصراع في مرحلة لا يمكن التكهن بتداعياتها، ويذكي تصاعد خطاب استئصالي ممنهج مريع". وأوضح أن جلالة الملك ما فتئ ينبه إلى خطورة انسداد الأفق السياسي للقضية الفلسطينية واستمرار الانتهاكات والإجراءات الأحادية في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة، ويحذر من أن تلك التصرفات المرفوضة تغذي التطرف، وتروج لثقافة العنف، وتؤجج نيران الصراع، وتقوض جهود التهدئة، وتنسف أفق حل الدولتين وتضرب بذلك في الصميم كل فرص السلام الشامل والعادل والدائم.
وقال ناصر بوريطة إنه "بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، دعت المملكة المغربية، بصفتها رئيسة الدورة 160 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري، إلى عقد اجتماع طارئ للتشاور والتنسيق بشأن تدهور الأوضاع في قطاع غزة واندلاع أعمال عسكرية تستهدف المدنيين، وكذا بحث سبل إيقاف هذا التصعيد الخطير".
واستعرض الوزير أربعة محاور كخارطة طريق للتعاطي مع الوضع المتدهور في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، لخصها في بذل كل الجهود لبلوغ هدف التهدئة وحقن الدماء من خلال التحرك، سواء بشكل جماعي أو فردي، لدى القوى الدولية الفاعلة من أجل الوقف الفوري للمواجهات على الأرض وخفض التصعيد، مع ما يتطلبه ذلك من حماية المدنيين ومنع استهدافهم، ووقف الاستفزازات والأعمال الأحادية، تفاديا لاستفحال الوضع وخروجه عن السيطرة.
وأشار في ذات السياق إلى أهمية تقييم الاحتياجات الصحية والإنسانية العاجلة في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية المتضررة، وبرمجة عقد اجتماع طارئ لمجلس وزراء الصحة العرب للتجاوب مع تلك الاحتياجات وسبل إيصالها إلى وجهتها.
وحث أيضا الأطراف الدولية راعية عملية السلام، بما فيها الرباعية الدولية، على البدء في مشاورات حقيقية لإحياء العملية السلمية من أجل بلورة خارطة طريق بأهداف عملية، تشمل جدولا زمنيا للدخول في مفاوضات جادة وهادفة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للاتفاق على صيغة نهائية لحل القضية الفلسطينية، وفق المرجعيات الدولية والعربية.
ولفت الوزير إلى أهمية تقوية الموقف التفاوضي للأشقاء الفلسطينيين من خلال التعجيل بالمصالحة الوطنية ونبذ الخلافات وإعلاء المصلحة الفلسطينية العليا، وحث في هذا جمهورية مصر العربية على مواصلة جهودها الدؤوبة من أجل تحقيق مصالحة فلسطينية حقيقية ودائمة.
يذكر أن المجلس الوزاري العربي اعتمد قرارا يؤكد على الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتصعيد في القطاع ومحيطه، ويدعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس.
وحذر القرار من "التداعيات الإنسانية والأمنية الكارثية لاستمرار التصعيد وتمدده، والعمل مع المجتمع الدولي على إطلاق تحرك عاجل وفاعل لتحقيق ذلك، تنفيذا للقانون الدولي، وحماية لأمن المنطقة واستقرارها من خطر توسع دوامات العنف التي سيدفع ثمنها الجميع".
كما أدان وزراء الخارجية العرب قتل المدنيين من الجانبين ورفض استهدافهم بالمطلق واكد على ضرورة حمايتهم انسجاما مع القيم الانسانية المشتركة وتنفيذا للقانون الدولي الإنساني وقانون الحرب.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
مكافحة الإرهاب.. من التجربة الميدانية إلى الشراكة الدولية
بينما تواجه منطقة الشرق الأوسط تحديات غير مسبوقة على المستويين الأمني والسياسي، أصبحت قضية مكافحة الإرهاب المحور الأساسي في رسم معادلات الأمن والاستقرار الإقليمي. وفي هذا السياق، تقف سوريا اليوم على أعتاب فرصة نادرة لتحويل تجربتها الميدانية الطويلة إلى رؤية استراتيجية شاملة، لا تقتصر على حماية حدودها من الإرهاب، بل تمتد لتقديم نموذج متكامل يخدم أمن المنطقة ويعزز تعاونها لمواجهة هذا الخطر المشترك.
إن فرصة حضور سوريا مؤتمر ميونيخ للأمن ضرورة ملحة في لحظة مفصلية في إعادة تقديم نفسها كدولة تمتلك تجربة غنية وقدرات متميزة في مواجهة الإرهاب. هذه الفرصة للحضور ، تأتي في سياق دولي وإقليمي شديد التعقيد، تمثل فرصة ثمينة لسوريا لتقديم رؤية جديدة تجمع بين الخبرة الميدانية والشراكة الإقليمية الفاعلة، بما يعكس إرادة سوريا في بناء مستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا للجميع.
من الخبرة الميدانية إلى نموذج ريادي للأمن الإقليمي
طوال العقد الماضي، خاضت سوريا معركة ضارية ضد الإرهاب، كانت ساحتها مختلف أراضيها، واستهدفت تنظيمات إرهابية متعددة حاولت زعزعة استقرار البلاد والمنطقة. هذه المواجهة لم تكن محصورة في العمليات العسكرية التقليدية، بل شملت العمل الاستخباراتي المعقد، وإدارة الأزمات الاجتماعية الناتجة عن الصراع، واحتواء الآثار الاقتصادية المدمرة للإرهاب.
طوال العقد الماضي، خاضت سوريا معركة ضارية ضد الإرهاب، كانت ساحتها مختلف أراضيها، واستهدفت تنظيمات إرهابية متعددة حاولت زعزعة استقرار البلاد والمنطقة. هذه المواجهة لم تكن محصورة في العمليات العسكرية التقليدية، بل شملت العمل الاستخباراتي المعقد، وإدارة الأزمات الاجتماعية الناتجة عن الصراع، واحتواء الآثار الاقتصادية المدمرة للإرهاب.
لقد وفّرت هذه التجربة لسوريا قاعدة معرفية فريدة حول آليات عمل التنظيمات الإرهابية، من بنيتها التنظيمية واستراتيجياتها إلى وسائل تمويلها. لكن التحدي الأبرز اليوم يكمن في كيفية تحويل هذه المعرفة إلى نموذج مؤسسي إقليمي قادر على مواجهة الإرهاب، ليس كظاهرة مؤقتة، بل كخطر دائم يتطلب استراتيجيات طويلة الأمد.
رؤية سوريا للأمن الإقليمي في ظل التحديات المعاصرة
يمكن لسوريا، من خلال مشاركتها في مؤتمر ميونيخ، أن تطرح رؤية متقدمة لمستقبل الأمن الإقليمي، تعتمد على أربع ركائز رئيسية:
1 ـ النموذج الأمني المرن:
ـ استراتيجية متعددة الأبعاد:
ـ تقديم نموذج يستند إلى خبرة سوريا في مواجهة الإرهاب، يجمع بين العمل الاستخباراتي، وإدارة الأزمات الأمنية، وتوظيف التكنولوجيا المتطورة.
ـ اقتراح إنشاء شبكة أمنية إقليمية مرنة تعمل بشكل استباقي لمواجهة التهديدات المشتركة في المنطقة.
2 ـ الأمن المتكامل:
ـ دمج الأمن مع التنمية:
ـ تبني رؤية شاملة تربط بين تعزيز الأمن ومعالجة الأسباب الجذرية للإرهاب، مثل الفقر، البطالة، والتهميش.
ـ إطلاق مشاريع تنموية تستهدف المجتمعات المتضررة من الإرهاب، مما يجعلها محصّنة أمام عودة الفكر المتطرف.
3 ـ التكنولوجيا في مواجهة الإرهاب:
ـ استخدام الذكاء الاصطناعي:
ـ تعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة لتحليل البيانات الضخمة وتتبع الأنشطة الإرهابية في الوقت الفعلي.
ـ إنشاء منصة رقمية إقليمية لتبادل المعلومات الاستخباراتية بين دول المنطقة لتعزيز الاستجابة السريعة.
4 ـ الأمن الجماعي والتنمية المستدامة:
ـ تحقيق الشراكة الإقليمية:
ـ الانتقال من مفهوم الأمن التقليدي إلى الأمن الجماعي، بحيث تصبح مكافحة الإرهاب مسؤولية مشتركة بين الدول.
ـ الدعوة إلى إنشاء صندوق إقليمي للتنمية ومكافحة الإرهاب يمول مشاريع طويلة الأمد في المناطق الأكثر تأثرًا.
شراكة استراتيجية.. سوريا كجسر للأمن الإقليمي
إن موقع سوريا الجغرافي وتجربتها التاريخية يؤهلانها للعب دور محوري كجسر للاستقرار الإقليمي. لتحقيق هذا الهدف، يمكن لسوريا التركيز على:
1 ـ تعزيز التعاون مع دول الجوار:
ـ إدارة الحدود المشتركة:
ـ التعاون مع دول الجوار لضبط الحدود ومنع تدفق العناصر الإرهابية والأسلحة غير المشروعة.
ـ تأسيس نقاط مراقبة مشتركة مع الدول المجاورة لضمان استقرار الحدود.
ـ تبادل المعلومات:
ـ إطلاق مبادرة إقليمية لتبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية حول تحركات التنظيمات الإرهابية وشبكاتها.
2 ـ الانفتاح على شراكات جديدة:
ـ التدريب وبناء القدرات:
ـ اقتراح برامج تدريب مشتركة لتطوير الكفاءات الأمنية لدول المنطقة، مع التركيز على تعزيز قدراتها الاستخباراتية.
ـ التحالفات الإقليمية:
ـ تقديم رؤية سوريا ضمن التحالفات الإقليمية كدولة تمتلك خبرة فريدة في مواجهة الإرهاب واحتواء آثاره.
3 ـ دعم التنمية الاقتصادية:
ـ إعادة الإعمار:
ـ تقديم خطط شاملة لإعادة بناء المناطق التي دمرها الإرهاب، بالتعاون مع دول المنطقة.
رؤية سوريا الجديدة ليست مجرد استجابة للتحديات الراهنة، بل دعوة لابتكار مستقبل مشترك يعزز الأمن والتنمية. إذا نجحت سوريا في تنفيذ هذه الرؤية، فإنها لن تكون فقط جزءًا من الحل، بل قوة دافعة تعيد تشكيل ملامح الأمن الإقليمي برؤية طموحة ومستدامة.ـ التركيز على مشاريع اقتصادية توفر فرص عمل للشباب، مما يسهم في تقليل احتمالات الانجراف نحو التطرف.
مبادرة “التحالف الإقليمي للسلام والتنمية”
كخطوة مبتكرة، يمكن لسوريا أن تطلق مبادرة تحمل اسم “التحالف الإقليمي للسلام والتنمية”، تكون مهمتها مواجهة الإرهاب من خلال:
1 ـ مشاريع تنموية مستدامة:
ـ تنفيذ مشاريع إنسانية واقتصادية في المناطق المتضررة من الإرهاب في سوريا ودول الجوار لتحويلها إلى مراكز إنتاج واستقرار.
2 ـ إعادة تأهيل المتأثرين بالإرهاب:
ـ إنشاء مراكز إقليمية متخصصة لإعادة تأهيل الأفراد المتأثرين بالفكر المتطرف ودمجهم في مجتمعاتهم.
3 ـ تعزيز التعليم والتوعية:
ـ إطلاق برامج تعليمية مشتركة تدعم قيم التسامح والتعايش، وتتصدى للفكر المتطرف من جذوره.
هذه المبادرة ليست مجرد منصة أمنية، بل رؤية متكاملة تجمع بين الأمن والتنمية، ما يجعل سوريا في طليعة الدول الساعية لتقديم حلول شاملة للتحديات الإقليمية.
رسائل سوريا: الالتزام والشراكة الإقليمية
خلال مشاركتها في مؤتمر ميونيخ، تبعثت سوريا رسائل واضحة تُظهر التزامها بمسؤوليتها تجاه الأمن الإقليمي:
ـ رسالة التزام:
ـ التأكيد على استعداد سوريا للعب دور محوري في بناء نظام أمني إقليمي شامل ومستدام.
ـ رسالة شراكة:
ـ انفتاح سوريا على التعاون مع دول الجوار لتحقيق الأمن الجماعي، وتعزيز الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب.
ـ رسالة ابتكار:
ـ تقديم مبادرات وأفكار جديدة تُحدث تغييرًا جذريًا في طرق التعامل مع الإرهاب، وتعزز استقرار المنطقة على المدى الطويل.
رؤية سوريا.. ركيزة الأمن والتنمية في المنطقة
رؤية سوريا الجديدة ليست مجرد استجابة للتحديات الراهنة، بل دعوة لابتكار مستقبل مشترك يعزز الأمن والتنمية. إذا نجحت سوريا في تنفيذ هذه الرؤية، فإنها لن تكون فقط جزءًا من الحل، بل قوة دافعة تعيد تشكيل ملامح الأمن الإقليمي برؤية طموحة ومستدامة.