هآرتس: مفاوضات الأسرى الأولية بدأت بجهود متوازية من مصر وقطر وتركيا
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
كشفت صحيفة "هاآرتس" العبرية، عن بدء اتصالات أولية تشارك فيها مصر وقطر وتركيا، ويبدو ألمانيا أيضاً، لإجراء صفقة تبادل أسرى بين المقاومة الفلسطينية في غزة وإسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي أوروبي قوله إن الهدف الأول هو إعداد قائمة منظمة لأسماء المخطوفين ووضعهم، ومحاولة إعادة النساء والأطفال والمصابين والمرضى على مراحل.
وتابع المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته: "لكن حتى الآن “لا توجد على الطاولة أي ورقة عمل يمكن البدء منها بنقاشات، ضمن أمور أخرى، بسبب عدم وجود إمكانية للحصول على معلومات موثوقة ومؤكدة من حماس".
ودعت "هاآرتس" رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، التي وصفتها بالأكثر تهورا، تنفيذ عملية تبادل أسرى فورية، معتبرة أنها "المهمة الأكثر إلحاحاً أمام إسرائيل تتلخص في إعادة الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة".
وأكدت أنه يجب على نتنياهو دفع كل ثمن مطلوب لتحقيق ذلك دون تأخير، بما في ذلك الاستعداد لإطلاق سراح فلسطينيين مسجونين في إسرائيل (يقدر عددهم بـ5200 أسير فلسطيني)".
وحذرت الصحيفة نتنياهو وحكومته من القيام بـ"مناورات خيالية أو تذاكٍ" لتأجيل تلك الخطوة، مشددة أنه على نتنياهو ألا "يحاول إنقاذ شرف الجيش على حساب الأطفال والرضع الإسرائيليين".
اقرأ أيضاً
صحيفة عبرية: على نتنياهو تنفيذ صفقة تبادل أسرى فورية مع حماس والجهاد
وذكرت أن الهجوم الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة دليل إلى أن إعادة هؤلاء الإسرائيليين لا تأتي على رأس أولويات حكومة نتنياهو.
وانتقدت الصحيفة تصريحات لوزير المالية (الإسرائيلي) بتسلئيل سموتريتش دعا فيها إلى "ضرب حماس بوحشية، وعدم أخذ قضية الأسرى في الاعتبار كثيراً".
ورأت الصحيفة أنه لا يحق لأي حكومة أن تتاجر بحياة المدنيين الأبرياء وتقرر التضحية بهم على مذبح الكبرياء الوطني، مضيفة: "وعلينا أن ندفع كل ما هو مطلوب، دون أي تأخير أو مناورات خيالية أو حيل".
كما أكدت الصحيفة أنه يجب أن تنتظر تل ابيب وتتأخر في حل أزمة الأسرى؛ لأن كل ثانية تمر تعرض حياة أقاربهم وعقلهم للخطر.
وكانت السلطات الإسرائيلية، قالت إن مقاتلي حركة حماس في قطاع غزة يحتجزون نحو 150 رهينة وأسيرا، بينهم جنود ومدنيون وأطفال ونساء ومواطنون أجانب، منذ الهجوم الذي شنته الحركة السبت على مواقع إسرائيلية.
وفي حين ما زال مئات الأشخاص في عداد المفقودين، وفيما عملية التعرف على هويات الجثث ما زالت مستمرة بعد أيام من الهجوم، تبقى حصيلة السلطات الإسرائيلية للمحتجزين في قطاع غزة تقديرية.
اقرأ أيضاً
765 شهيدا.. وهنية يؤكد: لا مفاوضات أسرى إلا بعد توقف المعركة
المصدر | الخليح الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: حماس المقاومة فلسطين أسرى وساطة قطر تركيا مصر قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
عودة الحرب على غزة.. نتنياهو يبحث عن نصر مطلق ويبعثر مسار التفاوض
منذ 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، تعمد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إحباط أي تقدم في أي مفاوضات تقود إلى وقف الحرب على قطاع غزة، ولجأ إلى ذرائع مختلفة في كل مرة يرى فيها نفسه بعيدا عما يسميه "النصر المطلق".
ولم يُرد نتنياهو من وراء إطالة أمد المفاوضات تحسين شروطها والإتيان بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) "صاغرة" لإعادة الأسرى وفق شروط إسرائيلية، بل أراد في حقيقة الأمر تحقيق جملة من الأهداف الإستراتيجية المرتبطة برسائل القوة للداخل الإسرائيلي وتحقيق الردع في غزة والضفة والمنطقة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 280 غارة خلال شهر.. هل حققت إسرائيل أهدافها من استباحة أجواء سوريا؟list 2 of 2تاريخ عريق وواقع متأزم.. هل تستطيع إيران "الانبعاث من تحت الرماد"؟end of listوبمساعدة الولايات المتحدة إسرائيل في تحقيق أهدافها طوال فترة الحرب، وضلوعها أيضا في تذليل عقبات التفاوض، يظهر السؤال حول مآلات الحرب والتفاوض والأهداف من ورائها، وهو ما ناقشه الباحث محمد هلسة في ورقة بحثية نشرها مركز الجزيرة للدراسات بعنوان "مسارات الحرب والتفاوض في غزة وأزمة الحلول".
"الحرب فقدت جدواها"ظهر بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 نقاش في إسرائيل حول الأهداف التي يرجى تحقيقها من الحرب التي ستشن على قطاع غزة، وتعمَّق النقاش أكثر بعد الاجتياح البري، وسط تضخم مشاعر انتقامية تنادي بضرب حماس بأي طريقة.
وتلخصت أهداف الحرب التي أعلنتها الحكومة في القضاء على البنية التحتية العسكرية والحكومية لحماس، واستعادة الأسرى الإسرائيليين، وتبديد أي تهديد مستقبلي لإسرائيل في القطاع.
إعلانواستخدمت إسرائيل في سبيل ذلك القوة الجوية المدمرة والعمليات البرية واستهداف البنية التحتية والاغتيالات التي طالت قيادات عسكرية وسياسية، إلى جانب تشديد الحصار والتجويع الممنهج ومنع إدخال المساعدات.
ومع طول عمر الحرب، تعالت الأصوات الإسرائيلية لوقف القتال في أقرب فرصة، بدعوى أن "الحرب استنفدت أهدافها وتحولت إلى حرب مراوحة لا إمكانية لتحقيق مزيد من الإنجازات فيها"، مع المطالبة بوضع ملف استعادة الأسرى الإسرائيليين على قائمة الأولويات.
واصطدمت تلك الأصوات مع موقف نتنياهو القائل بضرورة استمرار الحرب حتى تحقيق "النصر المطلق"، من دون توضيح طبيعته أو كيفية تحقيقه.
وتمكن نتنياهو حتى اللحظة من تصفية عدد من قادة من حماس، على رأسهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ورئيس الحركة في غزة يحيى السنوار، والقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف وعديد من القادة الآخرين، إلى جانب تدمير معظم القوة القتالية لحماس وترسانتها الصاروخية، واستعادة معظم الأسرى بالمفاوضات، واقتطاع جزء كبير من القطاع في الشمال لتوسيع المنطقة الأمنية العازلة، وتحويل قطاع غزة إلى منطقة غير قابلة للعيش.
ورغم ذلك كله، فإن إسرائيل عجزت عن القضاء على حماس على نحو كامل بوصفها قوة ما زالت تخوض مجموعاتها حربا على إسرائيل وتفرض قوتها وسيطرتها على قطاع غزة، مانعة بذلك إسرائيل من فرض بدائلها المختلفة لحكم القطاع، واحتفاظها حتى الآن بعدد من الأسرى الإسرائيليين.
بدأت المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل في يناير/كانون الثاني 2024 في العاصمة الفرنسية باريس، ثم في القاهرة في فبراير/شباط من العام نفسه، لتستقر المفاوضات بعد ذلك في الدوحة.
وانتهت جميع الجولات من دون تحقيق اختراق في مسارها، إلى أن أعلن الرئيس الأميركي السابق جو بايدن عن "مقترح إسرائيلي لوقف إطلاق النار لمدة 6 أشهر والإفراج عن جميع المحتجزين"، ورغم تبني مجلس الأمن الدولي للمقترح في قراره رقم 2735 يوم 10 يونيو/حزيران 2024 وموافقة حماس، فإن نتنياهو تنصل منه وقرر الاستمرار في الحرب.
إعلانبعد ذلك، عادت مفاوضات الدوحة بمشاركة أميركية ومصرية، ثم توقفت مرة أخرى وسط تمسك نتنياهو بمحور صلاح الدين (فيلادلفيا) وتفتيش العائدين إلى شمال غزة، ليتدخل الرئيس الأميركي المنتخب حينها دونالد ترامب للدفع نحو التوصل إلى اتفاق قبل تنصيبه رسميا يوم 19 يناير/كانون الثاني 2025، وهو ما حدث، ثم خرقته إسرائيل يوم 18 مارس/آذار 2025.
ويقوم الموقف الإسرائيلي في المفاوضات على وجوب استمرار الحرب حتى بعد توقيع أي اتفاق، على افتراض أن الاتفاق لن يحقق أهداف الحرب، وهو ليس سوى مسار جزئي ووقتي لاستعادة الأسرى وحرق أوراق حماس في أي مفاوضات مستقبلية.
وخلق الموقف الإسرائيلي هذا حالة من العبث خلال المفاوضات، فالتفاوض على وقف إطلاق النار على أساس مطلب استمرار إطلاق النار لا يوحي إلا بالاستخفاف بطرف مقابل يفاوض أساسا على شروط وقف إطلاق نار مستدام وإنهاء الحصار وإعادة الإعمار.
وتتباين الجبهة الإسرائيلية بين نتنياهو وحلفائه من اليمين الذين يرون أن أولوية الحرب هي القضاء على حماس وأن الأسرى الإسرائيليين ليسوا سوى ثمن يسير في سبيل ذلك من جهة، وأحزاب المعارضة وأهالي الأسرى الذي ينادون بأن يكون الأسرى على رأس الأولويات من جهة أخرى.
تبني حماس موقفها على أساس إنهاء الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من المحاور الرئيسية والمدن وعودة سكان شمال القطاع وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين تحددهم هي، وسط هيمنة إسرائيل ميدانيا وتكنولوجيا.
ورغم مرونة حماس في التفاصيل المتعلقة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، فإن نتنياهو ظل يختلق الذرائع لتفادي الالتزام بمقتضيات اتفاق وقف إطلاق النار، ويتهرب من الإعلان عن القبول بوقف الحرب والانسحاب من القطاع عبر افتعال الأزمات وتقديم شروط إضافية.
إعلانوتعاملت حماس مع المماطلة الإسرائيلية بمطالبة الوسطاء بوضع جدول زمني وتقديم ضمانات دولية لتنفيذ ما اتفق عليه، وهي تعي أن السلوك الإسرائيلي والأميركي يراد منه سحب ورقة الأسرى من يد الحركة فحسب.
أظهرت حماس بعد التوقيع على اتفاق الهدنة الأخيرة التزاما كاملا ببنود المرحلة الأولى، في حين كان واضحا أن نتنياهو لم يكن ينوي أصلا الوصول إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، ناهيك على الثالثة، وهو ما يفسر قرار العودة للحرب.
وافتقرت إسرائيل للنية الحسنة على مدار المفاوضات، فقد كانت تأمل في إثارة رد فعل عنيف من جانب المقاومة يوفر لها ذريعة العودة إلى الحرب، وبينما لم ينجح الفخ، عادت إسرائيل مع ذلك إلى الحرب وألقت باللوم على حماس.
ويواجه نتنياهو وضعا داخليا يزداد تعقيدا بالتزامن مع العودة إلى الحرب، فمن المفترض أن ائتلافه سيجري تصويتا على موازنة عام 2025، وليس لديه الأغلبية اللازمة لتمريرها، وهو ما قد يودي بحكومته، خاصة مع استقالة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في فبراير/شباط الماضي ثم استقالة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في نهاية مارس/آذار، احتجاجا على رغبة بن غفير في حقائب وزارية أكثر للعودة إلى الحكومة بعد استئناف الحرب.
ويمكن تلخيص الأسباب غير المعلنة للعودة إلى الحرب في 3 أسباب:
1- تعمد نتنياهو استدامة الحرب على غزة لأطول فترة ممكنة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك لمعرفته أن المجتمع الإسرائيلي يستجيب للهدوء في أثناء الحروب، وهو ما يفتح الباب أمام حالة استثنائية قد تمكنه من إحداث تغييرات عميقة.
2- رفع مستوى المواجهة مع حماس كما لم يكن ممكنا من قبل، وهو ما عبّر عنه مسؤولون إسرائيليون لصحيفة نيويورك تايمز بقولهم: "نستهدف الآن قادة كبارا في حماس لم نكن نعتبرهم أهدافا في السابق"، وهو ما يعني السعي إلى انهيار حماس عمليا وتسليم القطاع إلى العشائر المحلية.
إعلان3- استكمال مشروع التهجير وتحقيق أجندة أوسع للاحتلال، مع بحث إسرائيل عن وسائل جديدة لإعادته إلى الطاولة والبحث عن بدائل لمصر والأردن قد تشمل سوريا والسودان والصومال وغيرها من الدول التي يمكن لترامب مساومتها بملفات اقتصادية أو سياسية.
4- عودة الحرب على غزة بالتزامن مع الضربات الأميركية في اليمن قد تكون مقدمة لضرب إيران وحسم المعركة معها ومع حلفائها في المنطقة، خاصة مع التحريض الإسرائيلي المستمر ضدها، ومع تصريحات ترامب عن احتمال التصعيد معها.
في ظل تهديدات نتنياهو بأن للضربات الجوية ما بعدها والدعم الأميركي الأعمى وغياب الإسناد الخارجية للمقاومة بما يكفل تغيير مسار الحرب أو إيقافه، فإن مستقبل الحرب يحتمل 3 سيناريوهات:
1- من المرجح أن تستمر الحرب في غزة إلى حين الموافقة على الميزانية، مما يعني أن الحرب قد تتوقف بعد عدة أسابيع متفاوتة الشدة.
2- قد تنجح حماس في الموافقة على مقترح مبعوث ترامب ستيف ويتكوف في تشجيع الوضع الداخلي الإسرائيلي المضطرب والرهان على إمكانية حدوث تحولات داخلية إسرائيلية تكبح جماح إسرائيل في مواصلة الحرب، لكنه رهان محفوف بالمخاطر وقد يجدد الحرب مع نهايته.
3- إذا لم ينجح ويتكوف في تقريب وجهات النظر بين حماس وإسرائيل، فإن ترامب قد يقع في مأزق "تقديم الدعم لحرب لا نهاية لها"، دون القدرة على التوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح الأسرى ووقفا دائما لإطلاق النار، في حين قد يأتي التدخل الأميركي لاحقا لوقف الحرب من دون اتفاق.
في المحصلة، لا يبدو أن هناك أي آفاق سياسية في المستقبل، فالمقاومة لا تزال صامدة رغم الخسائر، وهو ما يسبب قلقا وجوديا لإسرائيل، لأنه قد يمثل مشروعا نموذجيا لقوى أخرى في المنطقة، ويجعل الفوضى وسيلة إسرائيل الوحيدة لاستمرار الحرب إلى حين تنفيذ مشروع التهجير أو القضاء على حماس.
إعلان
[يمكنكم قراءة الورقة التحليلية كاملة عبر هذا الرابط]