رأي.. بشار جرار يكتب عن حرب السابع من أكتوبر: العودة إلى كامب ديفيد
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
كل مشاعر العزاء والتضامن أقدمها كأب، لكل أب فلسطيني وإسرائيلي عانى وما زال يعاني وأسرته دما ودموعا، من ضيق أفق بعض السياسيين الذي يصرون على تفويت فرص السلام الواحدة تلو الأخرى.
هذا ليس لومًا فيه تعميم، فنظرة على كلف الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي منذ قرن بدوائره الإثنية كافة، تشير إلى أن الأمور وصلت إلى نقطة اللاعودة وللجميع، خاصة الأطراف الإقليمية والدولية الراعية لطرفي الصراع الرئيسيين.
كلفة "القضية"، القضية الفلسطينية، وكلفة "الوعد"، وعد بلفور وقيام إسرائيل كوطن قومي ليهود العالم وليس فقط ليهود فلسطين التاريخية أو الشرق الأوسط، كلف هاتين القضيتين قد يكلف العالم حربا عالمية ثالثة خلافا لما ثارت فيه المخاوف من تداعيات حرب أوكرانيا التي كانت "قضيتها" أولى ضحايا "طوفان الأقصى" و"السيوف الحديدية"، وهما الاسمان المعتمدان من قيادتي الحرب التي استغرقت ما قدره محمد دحلان القيادي الفلسطيني -الذي كان قبل نحو عقدين القائد الحقيقي لقطاع غزة- بخمس وعشرين دقيقة "انهار فيها كل شيء".
دحلان ألمح في مقابلة تلفزيونية خاصة قبل يومين أن يحيى السنوار زعيم حماس الأول في قطاع غزة، المسؤول على نحو خاص عن إدارة ملف الرهائن والأسرى والتخطيط للحرب التي سجد شكرا لها خليفة خالد مشعل، إسماعيل هنية في جناح فندقه في الدوحة. مشعل قائد المكتب السياسي السابق قام بدوره بتحريض شعوب "دول الطوق" على دخول الحرب، الأمر الذي أثار استياء واسعا قد يتم التعبير عنه بقرارات غير مسبوقة ضد الحركة في عدد من الدول العربية.
هو قرار الحرب إذن، صحيح أن الإعلان جاء على لسان أطول قادة إسرائيل خدمة في عدد حكوماته ومددها، إلا أن هناك شكوك أو تكهنات أن من اتخذ قرار الحرب هو طهران على الأرجح، وإن كانت واشنطن تنفي أو تنكر حتى الآن وجود ما يؤكد تورط إيران بالعملية، التي من الناحية الموضوعية ما كانت لتتم دون توفير الأدوات التسليحية والتدريبية والمالية الكفيلة بإحداث ما هو أخطر من حرب أكتوبر 1973 من حيث تمكن ميليشيا من اختراق أكثر الحدود تحصينا في العالم ربما بعد المنطقة منزوعة السلاح بين الكورتين.
لغز الاختراق ستشكل له لجنة تحقيق وطنية إسرائيلية على الأرجح على غرار ما تم بخصوص الاجتياح الإسرائيلي للبنان في ثمانينيات القرن الماضي، أو تقرير الكونغرس (من الحزبين الجمهوري والديمقراطي) الصادر عقب اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١ والتي تمت مقارنته بالحادي عشر من سبتمبر الإسرائيلي تحديدا إثر الصور الأولى التي فاضت بها بعض منصات "التناحر" الاجتماعي، تحديدا ما اقترفه بعض عناصر حماس في غلاف غزة من ممارسات مشينة مدانة. ولعل أكبر خطأ مكرر يقترفه من يتصدى لمخاطبة الرأي العام العالمي والأهم الإسرائيلي واليهودي في العالم، هو من يصمت أو يتحفظ أو يبرر جرائم تستنكرها جميع الشرائع السماوية والأرضية. من حق الناس متابعة وسائل الإعلام كافة، وتثق بمن يوافق هواها في سرديته وأجندته، لكن من المهم في مراحل مصيرية الصدق مع الناس، والاطلاع -بموضوعية- على ما يقوله الآخرون لاكتمال المشهد، حتى يحكم المعنيّ أو المهتم على الأمور بمنطقية.
في المقابل، الصور المأساوية المدانة أيضا الواردة من ضحايا القصف الإسرائيلي الجوي والصاروخي لغزة المكتظة بالسكان وقطع إمدادات المياه والطاقة عنها ومنع دخول المساعدات الإنسانية الطارئة إليها ليس فقط مرفوضا إنسانيا بل ويعتبر تدميرا للذات حيث مع كل ضحية تسقط يقوم مقاتل جديد في صفوف حماس أو غيرها من التنظيمات التي بدأت تباعا تلحق بالركب. حتى الآن الجهاد الإسلامي في غزة وحزب الله اللبناني أصدر إشارات نارية كان أخطرها تلك الرشقات الصاروخية "المجهولة" التي أطلقت على إسرائيل من داخل الأراضي السورية باتجاه الجولان.
غداة كلمة الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض الثلاثاء الذي تأخر موعد بثه جراء اتصال مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو "بيبي"، شكّل الأخير حكومة وحدة وطنية كحكومة حرب مع خصمه ووزير الدفاع السابق بيني غانتس. لن تكون حكومة "بيبي-بيني" برأسين فالمهمة كما صدرت على لسان أكثر من مسؤول في إسرائيل وأمريكا (ومن الحزبين الجمهوري والديمقراطي) هي القضاء على حماس بحسب كلمات نيكي هيلي مندوب أمريكا السابقة لدى الأمم المتحدة والمرشحة الجمهورية للرئاسة الأميركية 2024. أول رئيس مجلس نواب معزول الجمهوري كيفين مكارثي شبه ما جرى بهجوم بيرل هاربر الذي أنهى عمليا سياسة العزلة والنأي بالذات ودفع أمريكا بدخول الحرب العالمية الثانية. أما الأخطر على الإطلاق فكان وصف السناتور ليندسي غراهام ما جرى بحرب دينية داعيا إسرائيل إلى تسوية حماس بالأرض.
آيزنهاور في الطريق وجيرالد فورد رست قبالة السواحل الإسرائيلية. حاملتا طائرات أمريكيتان تؤكدان جدية تحذير بايدن لإيران وحزب الله وميلشياتها في العراق وسوريا واليمن من خطورة الانضمام إلى الحرب.
فهل تكون غزة السابقة الأولى التي تتم فيها الإطاحة بميليشيا لا نظاما كما جرى في العراق؟ في تقديري هذا ما سيتم. بعيدا عن "رغائبية" البعض فإن من سيحدد وتيرة إنجاز هذه المهمة هو أحد عاملين: إما مصير الرهائن الأمريكيين لدى حماس وإما تهور أي من أذرع إيران في دخول الحرب خاصة حزب الله اللبناني.
الطريق إلى كامب ديفيد ستكون مكلفة للجميع، لكنها الأقرب إلى تحقيق رؤية الدولتين بعد ضمان تفكيك جميع الميلشيات التي تعطل تطبيعا سعوديا إسرائيليا، ومشاريع إقليمية دولية ضخمة كالشريان الاقتصادي والخط التجاري من الهند إلى أوروبا.
فتح، كبرى التنظيمات الفلسطينية وأولها، بدأت في ستينيات القرن الماضي بـ"عاصفة" والآن تعد حماس منافستها التي انقلبت عليها في غزة بـ"طوفان"، والظاهر أن ما يجري حقيقية على الأرض هو تسونامي سيغير الكثير في خارطة الشرق الأوسط، ليس بالضرورة الحدود، بقدر ما هو ارتباطها كإقليم فيه منابع الطاقة وخطوط الإنتاج والتجارة، ارتباطها بعالم متعدد الأقطاب..
أمريكاإسرائيلإيرانالقضية الفلسطينيةحزب اللهرأينشر الخميس، 12 أكتوبر / تشرين الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: القضية الفلسطينية حزب الله رأي
إقرأ أيضاً:
اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي
أيها السادة في كل مكان، أيها العالم الحر وبني الإنسان، يا أصحاب الضمائر الحية والنفوس الأبية، ويا #دعاة_الحرية و #حقوق_الإنسان، أيها المنادون بالكرامة و #العدل و #المساواة، أيها المتحضرون المتمدنون، الحداثيون العصريون، يا من تدعون أنكم بشراً وترفضون بينكم شرعة الغاب وحياة الضواري والوحوش البرية، يا أصحاب القلوب الرحيمة والأحاسيس المرهفة، أيها الرقيقون العاطفيون، البكاؤون اللطيفون، ألا ترون ما يجري حولكم وما يدور في محيطكم، ألكم آذانٌ تسمعون بها، وعيونٌ ترون بها، وقلوب تعون بها، أم على قلوبٍ أقفالها، وقد طمست عيونكم وختم على قلوبكم وصمت آذانكم، فلم تعودوا ترون وتسمعون، وتشعرون وتعقلون.
إن غزة تدمر وأهلها يقتلون، وشعبها يباد، والحياة فيها تعدم، والأمل فيها يموت، ولا شيء فيها أصبح صالحاً للحياة أو ينفع للبقاء، إنهم يقتلون من قتلوا، وينبشون قبور من دفنوا، ويعيدون زهق الأرواح التي خنقوا والنفوس التي أفنوا، ويفجرون الأرض تحت أقدامهم، ويشعلون النار فيهم ومن حولهم، يقصفونهم بأعتى الصواريخ وأكثرها فتكاً فتتطاير في السماء أجسادهم وتتفرق على الأرض أشلاؤهم، ويدفنون أحياءهم تحت الأرض، ويهيلون عليهم الرمال بجرافاتهم ويحكمون عليهم بالموت خنقاً، والعالم يرى ويسمع، لكنه يصمت ويسكت، ولا يحرك ساكناً ولا يستنكر سياسةً أو يشجب عملاً.
مقالات ذات صلة نور على نور 2025/04/06الأنفاس في غزة باتت معدودة ومحدودة، وهي تخنق وتزهق، ويقتل من بقي فيها يقف على قدميه ويتنفس، وباتت أعداد أهلها تقل وأسماؤهم من سجلاتها المدنية تشطب، إنهم لا يريدون لنا الحياة، ولا يتمنون لنا البقاء، وهم عملاً بتوراتهم يعملون السيف فينا ويثخنون فينا ويقتلوننا، ويحرقون أرضنا ويقتلون أطفالنا، ولا يستثنون من آلة القتل حيواناتنا، ويعدون بحثاً عن أحياء بيننا أو ممن نجا من قصفهم فيغيرون عليهم من جديد، أملاً في قتل من بقي، والإجهاز على من أصيب من قبل وجرح.
أيها الناس …. عرباً ومسلمين، مسيحيين وبوذيين، مؤمنين ووثنيين، ألا من ناصرٍ ينصرنا، ألا من حرٍ يكرُ معنا، ألا من غيورٍ يغضب لنا، ألا من أصواتٍ ترتفع لأجلنا، وتصرخ في وجه إسرائيل وأمريكا معنا، ألا ترون أن إسرائيل تجرم وتبالغ في إجرامها، وتنهك كل القوانين وتخرق كل الأعراف ولا تخاف من بطش أو ردعٍ، فالولايات المتحدة الأمريكية، راعية الظلم والإرهاب في العالم، تقف معها وتؤيدها، وتنصرها وتناصرها، وتمدها بالسلاح والعتاد، وتدافع عنها بالقوة وتقاتل معها بالحديد والنار.
أيها العرب أين عروبتكم وأين نخوتكم، أين قيمكم وأين هي أصالتكم، أينكم من ضادٍ مع فلسطين تجمعكم، ولسانٍ يوحدكم، وأينكم من أرضٍ بهم تقلكم وسماءٍ تظلكم، ألا تغضبون لما يتعرض له أهلكم في قطاع غزة خاصةً وفي فلسطين عامةً، ألا ترفعون الصوت عالياً ليحترمكم العالم ويحسب حسابكم، ألا ترون أنكم تفقدون احترامكم وتخسرون مكانتكم، ولا يبقى من يقدركم ويحفظ مقامكم، فإن من يهون يسهل الهوان عليه، ومن يعز نفسه ويكرم أهله يصعب على غيره أن يذله وعلى عدوٍ أن يهينه.
أيها المسلمون أين هي عقيدتكم مما يجري لنا ويلحق بنا، ألا تقرأون كتاب ربكم وتعقلون قرآنكم الذي يقول بأنكم رحماء بينكم، وأشداء على عدوكم، أما سمعتم قول رسولكم الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أنه إذا أصيب منكم عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، فأين أنتم أيها المسلمون مما نتعرض له في غزة وفلسطين من مذابح ومجازر وحروب إبادة، ألا تعلمون أن التاريخ لن يرحمكم ولن ينساكم، وأنه سيكون سبةً في جبينكم وعاراً يلاحقكم ويلوث صفائحكم، وأن اللعنة التي لاحقت ملوك الطوائف ستلاحقهم، وما أصابهم سيصيبكم.
أيها العالم المشغول بحروب التجارة وقوانين الاقتصاد ورسوم ترامب الجمركية، ألا ترون الدماء التي تسفك، والأرواح البريئة التي تزهق، والأطفال الذين يقتلون، والنساء التي تحرق، والأجساد التي تتطاير، ألا تسمعون عن الحصار المفروض على ملايين الفلسطينيين في قطاع غزة، وعن جوعهم وعطشهم، وفقرهم وعوزهم، ومرضهم وشكواهم، ومعاناتهم وألمهم، ألا تسمعون بغزة وما يجري بها ولها، وما أصاب أهلها ولحق بسكانها، ألا ترون مشاهد الأرض المحروقة، والبيوت المدمرة، والشوارع المحروثة، والكلاب الضالة التي تنهش أجساد الشهداء، وتخرج من جوف الأرض بقايا أجسامهم.
أيها البشر إن كنتم بشراً ألا تثورون للعدل، ألا تنتفضون للقيم الإنسانية والمعاني السماوية، فهذه إسرائيل تقتل بصمتكم، وتقتلنا بعجزكم، وتبيدنا بأسلحتكم، وتتبجح بتأييدكم، وهي ماضية في جرائمها، ومستمرة في عدوانها، ولا تخشى من عقاب، ولا تقلق من سؤال، فهل تتركونها تمضي في جريمتها التي لا مثيل لها في التاريخ، ولا ما يشبهها في البلاد، ألا تنتصرون لضعفنا، وتهبون لنجدتنا، وتعترضون على قتلنا، وتقفون في وجه عدونا، وتصدون آلته العسكرية، الأمريكية والأوروبية، وتمنعونه من قتل الأبرياء وإبادة الشعب، وترفضون سياساته وأمريكا الداعية إلى طردهم وإخراجهم من أرضهم، وحرمانهم من حقوقهم في وطنهم وبلادهم.
بيروت في 6/4/2025
moustafa.leddawi@gmail.com