بيروت- دخلت حركة حماس على خط المواجهة العسكرية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي انطلاقا من الجنوب اللبناني للمرّة الأولى، بعدما تبنت في بيان رسمي باسم "كتائب عز الدين القسام" – الجناح العسكري للحركة- مسؤوليتها عن إطلاق صواريخ، في سياق متصل بعملية "طوفان الأقصى" التي بدأتها السبت الماضي.

وأوضح رئيس دائرة العلاقات الوطنية لحركة حماس في الخارج علي بركة للجزيرة نت، أن قيام حركته بعملية من جنوب لبنان "هي رسالة رمزية تحمل عنوان التضامن مع الشعب الفلسطيني، ورسالة للعدو الصهيوني بأننا لن نسمح باستفراد المقاومة في غزة".

وأضاف بركة "إذا أقدم العدو على حماقة باجتياح بري للقطاع، فليعلم أننا لسنا وحدنا في المعركة، وسيدخل إليها محور المقاومة تحت شعار وحدة الساحات".

وأكد بركة أن "العمليات التي تحصل في لبنان تأتي تلبية لنداء القائد الضيف، حتى نمنع العدو الصهيوني من الاستفراد بقطاع غزة، لأنه فشل أمام المقاومة ويحاول الانتقام من الشعب الفلسطيني بقصف الأبراج السكنية والمدارس والجامعات والمساجد والأسواق والإسعافات"، داعيا إلى معاقبة إسرائيل على جرائمها.

قصف صاروخي ومدفعي متبادل بين جنوب لبنان وإسرائيل صباح الأربعاء (الجزيرة) "لماذا لا يحق لنا؟"

وتساءل بركة "هل يحق للكيان الصهيوني الاستعانة بالإدارة الأميركية وبالاتحاد الأوروبي؟ وقد أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الحرب على الشعب الفلسطيني وإرسال أسلحة وذخائر"، وقال إن "الصواريخ التي أُطلقت على غزة اليوم هي من الصواريخ الأميركية الجديدة، وهي فتاكة أكثر من القديمة الموجودة في الكيان الصهيوني".

واعتبر بركة أن "الهدف من إرسال الإدارة الأميركية لحاملة الطائرات هو تهديد قوى المقاومة في المنطقة"، وأضاف "إذا كان يحق لهذا الكيان الغاصب المحتل أن يستعين بحلفائه، لماذا لا يحق لنا الاستعانة بحلفائنا العرب والمسلمين؟".

وذكر أن قضية فلسطين ليست قضية الشعب الفلسطيني وحده، بل قضية العرب المركزية وقضية المسلمين وكل أحرار العالم، "لذلك من حق المقاومة والشعب الفلسطيني الاستعانة بحلفائه، وأن يطلب المعونة والنجدة، ومنذ اليوم الأول وجه القائد العسكري محمد الضيف نداءً إلى لبنان وإيران والعراق وسوريا واليمن وكل الأمة العربية للوقوف معنا".

وقال بركة "إذا حاول العدو الصهيوني اقتحام غزة بريا، فإن المعركة ستتوسع أكثر؛ لأن حلفاء المقاومة لن يتركوها لقمة سائغة للكيان الصهيوني والإدارة الأميركية، فالحرب علينا أميركية-إسرائيلية، وليست فقط من حكومة نتنياهو". وتحدث عن "وجود غرفة عمليات مشتركة لقوى المقاومة بدون أن يحدد مكانها، وقد جرى تفعيلها منذ العام 2021".

ووفق المسؤول في حماس، "من حق المقاومة إنشاء غرفة عمليات مشتركة، لأن أميركا عندها غرفة عمليات وتدير المعركة ضدنا، ألا يحق لنا غرفة عمليات مشتركة، وألا يحق لنا الهجوم على إسرائيل وأرضنا محتلة منذ العام 1948؟".

من ناحية أخرى، قال بركة إن "تركيا بدأت تعيد تصحيح الموقف الذي تمثّل بتقديم التعازي لعائلات جنود الاحتلال الإسرائيلي الذين يقتلون شعبنا، والرئيس التركي وحكومته هددوا إسرائيل بأنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي في حال استمرت باتباع أسلوب المليشيات لا الدولة، واستمرت بفرض الحصار الإغاثي والغذائي والدوائي، وقد أدانت تركيا أيضا التدخل الأميركي وإرسال حاملة الطائرات إلى الشرق الأوسط لمساندة إسرائيل ومحاربة الشعب الفلسطيني".

الأضرار الناجمة عن الضربات الإسرائيلية للمنازل في جنوب لبنان (الجزيرة) سابقة الجهاد الإسلامي

ولا يعد دخول حماس على خط العمليات العسكرية انطلاقا من الجنوب الأول أو الوحيد، فقد سبقتها حركة الجهاد الإسلامي، وأعلنت "سرايا القدس" الجناح العسكري التابع لها، تنفيذ هجوم على مواقع إسرائيلية قبالة قرية الضهيرة اللبنانية. واستشهد في العملية كل من رياض قبلاوي من مخيم عين الحلوة، وحمزة موسى من مخيم البرج الشمالي في منطقة صور.

وأكد مسؤول العلاقات الإسلامية لحركة الجهاد في لبنان شكيب العينا للجزيرة نت أن "هذه العمليات تأتي في سياقها الطبيعي وفي إطار معركة طوفان الأقصى ووحدة الجبهات في الداخل والساحات في الخارج، بحيث يعبر الشعب الفلسطيني بفصائله المقاومة ومن أي ساحة تُمكّنه الظروف فيها عن عزمه على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي".

وقال العينا "مصممون على الالتحاق بركب المعركة وخوض غمارها حتى التحرير، وعلى نقل المعركة إلى ساحة العدو لتغيير المعادلة.. أصبحنا مُهاجمين وليس دفاعيين".

الجيش اللبناني يستنفر في الجنوب وسط تصاعد التوتر (الجزيرة) دلالات تحرك ساحة الجنوب

رغم أن الشارع اللبناني السياسي مأزوم بالأساس بشأن القضايا الداخلية، إلا أن هناك من يؤيد حق المقاومة باستخدام الجبهة الجنوبية. ويقول المحلل العسكري العميد ناجي ملاعب إن "تحريك جبهة الجنوب ليس مستغربا على المراقبين، حيث بدأت بعملية من حزب الله ثم بالجهاد الإسلامي ثم بحماس".

وقال ملاعب للجزيرة نت، إن "هذا دليل على وحدة الساحات في أي معركة ضد العدو الإسرائيلي، سواء من المقاومة الإسلامية أو الفصائل الفلسطينية وصولا إلى الجولان السوري، بهدف إزعاج العدو وإشغاله لتخفيف الضغط عن غزة في الداخل".

ويعتقد ملاعب أن قرار فتح جبهة الجنوب "يرتبط سياسيا بما تقرره إيران". ويقول "نجد أنفسنا أمام مقاومة مدعومة من إيران، وهذا الدعم استفادت منه حركة حماس. أما عسكريا فإن الأمور مرتبطة بما يحدث في قطاع غزة، فإذا نجحت البندقية الفلسطينية في وقف أي تقدم بري نحو غزة والتعامل معه بنجاح، فلن يكون هناك حاجة لفتح جبهات أخرى".

وقال المحلل العسكري إنه "في حالة كان هناك طلب من الداخل بفتح جبهات إضافية، فنعتقد أن هذا التدخل سيؤدي إلى بداية حرب إقليمية كبيرة، وهذا ما سيمنعه الوجود الأميركي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی غرفة عملیات للجزیرة نت جنوب لبنان یحق لنا

إقرأ أيضاً:

رسالة إلى الداعية ياسر برهامي

لا نعتقد أنّ هناك حركة مقاومة أو تحرّر في التاريخ قد تعرّضت إلى حملة تشويه وشيطنة وتحامل وتثبيط من بني جنسها، مثلما تعرّضت له المقاومة الفلسطينية، ولاسيما منذ 7 أكتوبر 2023 إلى اليوم، ولم يقتصر الأمر على الأنظمة العربية المتصهينة ونخبها المأجورة، بل امتدّت حتى إلى عدد من الدعاة الذين حمّلوا بدورهم المقاومة كل المصائب والبلايا التي حلّت بغزة، ومن ثمّة، تبرئة الاحتلال من أيّ مسؤولية عما يرتكبه منذ 18 شهرا من مجازر وإبادة وتدمير وتجويع منهجي…

آخر هؤلاء الدعاة المتحاملين على المقاومة، هو الشيخ ياسر برهامي، رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية في مصر، الذي أبى إلا أن يردّ على فتوى الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين بوجوب الجهاد في غزة، بفتوى مضادّة وضع فيها ضرورة احترام معاهدات التطبيع مع الاحتلال فوق نصرة أهل غزة المستضعفين، كما تجنّى على المقاومة وحمّلها مسؤولية مجازر الاحتلال!

أوّلا: بدل أن يصدع برهامي بالحقّ وينتقد تمسّك الدول العربية المطبّعة باتفاقات العار مع الاحتلال، ويطالبها بالتخلي عنها، وطرد سفرائه من عواصمها، والإسراع إلى إغاثة سكان غزة الذين يتعرّضون لحرمان تامّ من الغذاء والماء والدواء والكهرباء منذ 2 مارس إلى اليوم، نراه يتحجّج بهذه الاتفاقيات المخزية للتذرّع بخذلان المقاومة وأهالي غزة.. ترى، أيّ قيمة لهذه المعاهدات مع الاحتلال وهو يواصل حربه النازية ضدّ الأطفال والنساء ويرتكب المجازر الوحشية بحقّهم كل يوم ويحرمهم من أبسط المساعدات الإنسانية، في مخالفة صريحة للقانون الدولي الإنساني الذي يعدّ اتخاذ التجويع سلاحا لجريمة حرب مكتملة الأركان؟ هل بقي أيّ معنى لمعاهدات “السلام” الذليلة مع الاحتلال بعد أن صرّح وزير المالية الصهيوني سموتريتش بأنه “لن تدخل حبة قمح واحدة إلى غزة”؟ أمثل هذا العدو الفاشي المجرم نحترم معه المعاهدات والمواثيق ونتّخذها ذريعة لخذلان أشقائنا الفلسطينيين؟
ثانيا: لقد تجنّى الشيخ برهامي على “حماس” حينما زعم أنّها لم تشاور من الدول الإسلامية إلا إيران في هجوم 7 أكتوبر 2023.. والواقع أنّ “حماس” لم تشاور أيّ دولة إسلامية من الدول الـ57 في ذلك، لا إيران ولا غيرها، ولو فعلت، لكانت الكثير من هذه الدول قد أسرعت كالبرق إلى إطلاع أمريكا على الهجوم المرتقب، ولفشل فشلا ذريعا. لقد أحسنت “حماس” صنعا حينما تكتّمت بشدّة على تفاصيل خطة الهجوم وتوقيته، ولم تطلع عليها أحدا، حتى حلفاءها في محور المقاومة، ولذلك نجح، ولو أطلعت عليه أحدا، لتكفّل العملاء المندسّون بتحذير الاحتلال منه. وللتدليل على ذلك، نذكّر بما وقع لـ”حزب الله” في لبنان الذي اتّضح من اغتيال كبار قادته، وتفجير معظم ترسانته الصّاروخية في مخازنها، أنّه مخترق استخباراتيا حتى النخاع، لذلك، فعلت “حماس” الصواب حينما تكتّمت على هجوم 7 أكتوبر وقامت به وحدها، وما ذكره الشيخ برهامي هو مجرّد تجنّ سافر على الحركة، تحرّكه خلفية طائفية مقيتة، والهدف منه الطعن في تحالفها مع إيران التي تزوّدها بالصواريخ والأسلحة المختلفة، وهو تحالف لا يعني البتّة التبعية العمياء لإيران وترك قرارات الحرب والسّلم بيدها.

ثالثا: على غرار الأنظمة المتصهينة، والآلاف من المثقفين والإعلاميين المرتزقة، والذباب الإلكتروني المأجور، وفقهاء البلاط.. حمّل الشيخ برهامي مسؤولية ما يقع في غزة من تدمير وإبادة وتطهير عرقي وتجويع وتنكيل بالفلسطينيين إلى “حماس” التي قامت بهجوم 7 أكتوبر، الذي عدّه الشيخ “تخريبا للبلاد” وتساءل مستنكرا “هل يتحقق النصر بهدم المساجد والمستشفيات والمدارس؟” وكأنّ “حماس” هي التي هدمتها وليس الاحتلال!

وبهذا المنطق المعوجّ، فإنّ مسؤولية تدمير 8 آلاف قرية جزائرية خلال الثورة التحريرية واستشهاد 1.5 مليون جزائري يتحمّلها بن بولعيد وبقية القادة الذين قرّروا تفجير ثورة 1 نوفمبر 1954، ولا يتحمّلها الاستعمار الفرنسي، ومن ثمّة، لا يحقّ لنا الآن مطالبته بالاعتراف بجرائمه والاعتذار عنها والتعويض للجزائر، وقس على ذلك بقية ثورات العالم التي قدّمت تضحيات كبيرة لتحرير أوطانها كالفيتنام وأفغانستان… أيّ منطق سقيم هذا؟ هل تتحرّر الشعوب من العبودية للمستعمرين وتستعيد البلدان المحتلّة سيادتها سوى بالتضحيات الشعبية الجسيمة؟

ثم، هل تقع مسؤولية ما يحدث في مخيمات الضفة الغربية؛ جنين ونابلس وطولكرم وغيرها، منذ أزيد من شهرين ونصف شهر، من قتل وتدمير وتهجير، على عاتق “حماس” أيضا؟ مالكم كيف تحكمون؟

كنّا نودّ لو وقف الشيخ برهامي مع المقاومة الشريفة في كفاحها من أجل القدس والأقصى نيابة عن ملياري مسلم، أو على الأقل يلزم الصمت على غرار آلاف الدّعاة الذين يخشون بطش أنظمتهم المطبّعة، لو سكت، لكان ذلك أهون من أن يطعن في المقاومة الشريفة، ويبرّر ضمنيّا جرائم الاحتلال ويخدم سرديته المقلوبة، للأسف الشديد، وهذا الموقف المخزي الذي يمالئ به الحكّام، سيسجّله عليه التاريخ إن لم يتراجع عنه، وسيحاسبه عليه الله، تعالى، يوم القيامة، يوم لا ينفعه حاكم يتزلّف إليه اليوم على حساب إخوانه المظلومين المستضعفين. وقفوهم إنهم مسؤولون.

(الشروق الجزائرية)

مقالات مشابهة

  • لجان المقاومة: الشعب اليمني الشريف يدفع ثمنَ مواقفه الإيمانية بمساندة الشعب الفلسطيني
  • إسرائيل تنشر فيديو لعمليتها في رفح وتعلن استهداف قيادي "بارز" في حماس
  • المقاومة العمياء التي أخذت غزة إلى الجحيم
  • رسالة إلى الداعية ياسر برهامي
  • قيادي بحماس: من الضروري التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة
  • “حماس” تنعى شهيد رفع العلم الفلسطيني بتونس الشاب خالد فارس
  • حماس تنعي شهيد العلم الفلسطيني الشاب التونسي خالد فارس
  • أول تعليق من حماس على تحريض سموتريتش لمنع دخول القمح إلى ‎غزة
  • غارة إسرائيلية تقتل لبنانيا في الجنوب
  • عبد الرزاق مقري: إنهاء المقاومة سيؤدي لتغوّل اليمين الصهيوني على العرب