فتاوى وأحكام 

ما الأفضل في الزكاة طعام وملابس أم مال

هل تقصيري في الصلاة يؤثر على ثواب الصدقة؟

هل يشترط الجلوس معتدلا عند قراءة القرآن واستقبال القبلة؟.. دار الإفتاء تجيب

هل استحمام المتزوجين يغني عن الغسل من الجنابة

ما هي الصلاة التي تقبل من المؤمن والمنافق؟

 

نشر موقع صدى البلد خلال الساعات الماضية عدد من الفتاوى التى تهم المواطنين ويسألون عنها في حياتهم اليومية، نبرز أهمها في هذا الملف

في البداية.

. اجابت دار الافتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها مضمونة، ما الأفضل في إخراج الزكاة طعام وملابس ام مال؟. 

لترد دار الافتاء موضحة، ان إخراج زكاة المال في صورة أشياء عينية؛ كالأطعمة، والملبوسات، وأدوات منزلية مناسبة لاحتياج الفقراء والمساكين، أمر جائز شرعًا؛ مع التنبيه على أن يكون ذلك ممَّا يحتاجون إليه، لا ممَّا يُفْرَض عليهم من غير اعتبار لاحتياجهم.

واشارت إلى ان مال الزكاة حقٌّ خالصٌ للفقير؛ فعن عطاء قال: «كان عمر بن الخطاب يأخذ العروض في الصدقة من الدراهم».

والمقصود الأعظم من الزكاة هو سد حاجة الفقراء والمحتاجين، وكلما كان جنس المخرج من الزكاة أوفق لحاجة المساكين وأنفع لهم كان ذلك أقرب إلى تحقيق مقصود الزكاة في الإسلام.

هل تقصيري في الصلاة يؤثر على ثواب الصدقة الجارية ؟..سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية.

لترد موضحة: إن عدم انتظامك فى الصلاة لا يؤثر على ما تعطيه من صدقة أو على ما تقوم به من بر لأبيك و أمك أو من فعل خير أو معاونة لاحد الضعفاء.

وتابعت: لا تضيع حظك من هذه العبادة العظيمة وهى الصلاة، فهى عماد الدين، فرجاء ان تحافظ على الصلاة.  

فمهما كانت الصدقات والتبرعات ولكن كل هذا بلا صلاة ولا صيام فهى هباء منثور لا قيمة له ولا وزن عند الله تعالى إلا بعد استياف الاركان وبعد الدخول فى الاسلام.

والصلاة الفائتة لابد من قضائها ولا تقوم السنن مقام الصلاة الفائتة، وكذلك لا تقوم الصدقة مكان الزكاة، فلا تقوم السنن مقام الفرائض. 

قراءة القرآن لها آدب وهي حالة مثلى لو حققها الإنسان يكون قد وصل إلى أعلى الدرجات، لذا يتساءل الكثير هل يشترط الجلوس معتدلاً عند قراءة القرآن واستقبال القبلة؟. 

لترد دار الإفتاء موضحة:" إن من آداب قراءة القرآن استقبال القبلة وستر العورة، وأن يكون المكان طاهرا، وإذا تعذر تحقيق جزء من هذه الآداب فيجوز للإنسان أن يقرأ القرآن وهو جالس على السرير أو وهو نائم أو يستر العورة او لا يسترها، كل هذا لا حرج فيه وسيأخذ ثوابا على ذلك إن شاء الله.

قال الشيخ محمود شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن قراءة القرآن في اتجاه القبلة من الأمور المستحبة وليست واجبة، فيجوز تلاوته في غير الصلاة دون استقبالها.

وأضاف شلبي، فى إجابته عن سؤال ورد إليه وذلك خلال فتوى على صفحة دار الإفتاء المصرية، مضمونه (هل يجوز قراءة القرآن في أي اتجاه ؟)، أن من أراد أن يقرأ القرآن دون استقبال القبلة فيصح ولا حرج فى ذلك.

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن قراءة القرآن في اتجاه القبلة من الأمور المستحبة وليست واجبة، فيجوز تلاوته في غير الصلاة دون استقبالها.

وأضاف «جمعة» خلال لقائه ببرنامج «والله»، أن هناك آدابًا مستحبة عند قراءة القرآن وليست واجبة منها ستر العورة، والاستياك (تطهير الفم بالسواك) والاستعاذة والبسملة والقراءة تَعَبُّدًا وتقربًا إلى الله لا لغرض دنيوي.

قال الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الاغتسال يأتي بمعنى سيلان المياه عند الفقهاء، ومعناه فى الشرع "سيلان المياه على البدن بنية محددة".

وأضاف أمين الفتوى، فى إجابته على سؤال: "هل الاستحمام يغني عن الغسل من الجنابة؟"، أنه من شروط صحة غسل الجنابة أن يغطي الماء كل أعضاء الجسد وأن يتخلل الماء الشعر حتى يصل إلى الجذور، أما غير ذلك فلا يجوز لأنه إخلال بشروط الغسل.

وتابع: يفضل في غسل الجسد أن يغسل الجانب الأيمن أولا ثم يتبعه بالأيسر؛ وذلك لما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كنا إذا أصابت إحدانا جنابة، أخذت بيديها ثلاثا فوق رأسها، ثم تأخذ بيدها على شقها الأيمن، وبيدها الأخرى على شقها الأيسر". ثم سابعا وأخيرا غسل الرجلين . 

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إنه في حال اغتسل الشخص ونسى استحضار نية الوضوء، فإنه لا يجوز الصلاة بدون وضوء في هذه الحالة.

وأضاف «جمعة» في إجابته عن سؤال: «أحيانا اغتسل وأنسى استحضار نية الوضوء، فهل يجوز أن أصلى وأنا لم أتخذ نية الوضوء؟»، أنه إذا كان اغتسال تبرد فلا يجوز له الصلاة وعليه أن يتوضأ، مشيرا إلى أنه إذا كان اغتسالا لرفع الحدث فيجوز له الصلاة دون وضوء وإن لم ينو، لأن ما رفع كبيرة رفع صغيرة، فلو كان رفعا للحدث الأكبر ارتفع الحدث الأصغر وإن لم ينوه.

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن الصلاة على سيدنا رسول الله ﷺ إنما هي بعض حقه، والصلاة على النبي ﷺ تقبل من كل أحد، من المنافق ومن الفاسق، ومن المؤمن ومن التقي، ومن غيرهم، لتعلقها بالمقام الأجل، فمن يئس من نفسه ورأى أنه لا يطيع ربه إلا قليلاً فليشرع في الصلاة على النبي ﷺ مستحضراً حقه ووجوب الأدب معه، فإن ذلك يحمله على القيام بالفرائض، واجتناب المناهي، والتقرب إلى الله تعالى، وكلما صلى على النبي ﷺ فتحت له الأبواب، لأن الله قد قبلها ولو صدرت من قلب فاسق شقي، فما بالك لو أنها قد صدرت من قلب مؤمن تقي.

واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك”، أنه ينبغي أن نكثر من الصلاة على سيدنا رسول الله ﷺ أيضاً تكثيراً للثواب؛ لأنها جمعت فأوعت، فهي ذكر لله في نفسها، وهي مع ذلك امتثال لأمره تعالى حيث أمرنا أن نصلي عليه ﷺ ومع أنها طاعة في نفسها مستقلة، إلا أنها تشتمل على تعظيم سيد الخلق، وهو أمر مقصود في ذاته، ولأنها تشتمل على أشرف كلمة وهي: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله) فالصلاة عليه ﷺ إقرار منك بالوحدانية ابتداءً، لأنك تبدأها بأن تطلب الصلاة من الله وهذا توحيد، وتنتهي بالإيمان بسيد الخلق ﷺ.

وأشار إلى أن هذا بعض شأن الصلاة عليه ﷺ ولا يدرك شأنها إلا من فتح الله عليه، فهي الوقاية، وهي الكفاية، وهي الشفاء، وهي الحصن الحصين، وهي التي تولد حب رسول الله ﷺ في قلوب المؤمنين، فيقبلون على الطاعة ويتركون المعصية، وهي التي تحافظ على ذلك الحب وتصونه، وهي التي يترقى بها العبد عند ربه، وهي التي تجعل المؤمن ينال شرف إجابة النبي ﷺ عليه، حيث إنه يجيب على من صلى عليه، وهي مدخل صحيح، للدخول على السيد المليح الفصيح ﷺ ، فالدخول على سيدنا رسول الله ﷺ يبدأ بالصلاة عليه وبكثرة الصلاة عليه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء المصریة قراءة القرآن الصلاة علیه رسول الله ﷺ الصلاة على فی الصلاة وهی التی یؤثر على النبی ﷺ

إقرأ أيضاً:

قراءة في كتاب: محمود محمد طه وقضايا التهميش في السودان (4/5)

المؤلف: دكتور عبد الله الفكي البشير- عدد فصول الكتاب: سبعة فصول- عدد الصفحات: (664)، الناشر ط1: دار باركود للنشر والتوزيع، الخرطوم، 2021، ويجري العمل حالياً لنشر ط2، عن دار الموسوعة الصغيرة للطباعة والنشر والتوزيع، جوبا، 2024

بقلم سمية أمين صديق

المحـــاور
عن مؤلف الكتاب
مدخل
الحوار حول أطروحة المركز والهامش
مفهوم التهميش عند الأستاذ محمود محمد طه
التوجه العربي للسودان وتعميق التهميش وتعزيز الإقصاء
الأمة الأفريقية والدعوة لانسحاب السودان من جامعة الدول العربية
الحزب الجمهوري والعلاقات بين السودان ومصر
جنوب السودان والتاريخ الطويل من التهميش
محمود محمد طه هو السجين الأول والوحيد من أجل جنوب السودان
التنقيب عما بعد التاريخ المعلن: ملاحظات حول كتاب الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان
قضايا التعدد الثقافي ونظام الحكم والمعرفة الاستعمارية واستمرار التهميش
الموقف من مؤتمر البجة/ البجا، أكتوبر 1958
تجليات ضعف الانفتاح على الأرشيف القومي عند المثقفين: الدكتور مجدي الجزولي نموذجاً
الدستور وقضايا التهميش
المرأة أكبر من هُمش في الأرض

تجليات ضعف الانفتاح على الأرشيف القومي عند المثقفين: الدكتور مجدي الجزولي نموذجاً
عبدالله الفكي البشير: "لا تستقيم دراسة التاريخ والشأن الوطني بالخيال وباطمئنان المثقف إلى سقفه المعرفي"

كتب عبدالله، قائلاً: إن استنتاج مجدي الجزولي، والذي أوردناه في الحلقة السابقة، "غير صحيح البتة، وفيه جرأة زائدة وخلاصات ظالمة لنفسها ولكاتبها وللقراء وللتاريخ". وأضاف عبدالله، قائلاً: ففي الوقت الذي يقول فيه مجدي الجزولي في دراسته: "عاش الأستاذ محمود في عالم غير عالم مؤتمر البجا"، نجد أن محمود محمد طه كان من أوائل الذين كتبوا في الصحف السودانية عن مؤتمر البجة، إن لم يكن أولهم. فقد عقد المؤتمر بمدينة بورتسودان، خلال الفترة ما بين 11- 13 أكتوبر 1958، ونشر محمود محمد طه أولى مقالاته في 18 أكتوبر 1958، بصحيفة أنباء السودان، كما ورد في الحلقة السابقة.

الكتابة عن مؤتمر البجة تدفع بعض أعضائه ليكونوا جمهوريين

ذكر الدكتور عبدالله بأن الأستاذ محمود محمد طه استمر يكتب عن حقوق أهل الأقاليم، والمستضعفين والمهمشين، لا سيما مؤتمر البجة، ويدعو للتعاطي مع مشاكل أقاليم السودان المختلفة "بالذكاء وقوة التخيل" لطبيعة المشاكل والاختلافات الثقافية والدينية واللغوية. وأشار عبدالله إلى كتابات الأستاذ محمود عن مؤتمر البجة لفتت انتباه الكثير من أبناء مؤتمر البجة إلى طرح محمود محمد طه، وإلى الفهم الجديد للإسلام الذي يدعو له، وإلى تلاميذه الإخوان الجمهوريين، فأصبح بعض منهم جمهوريين. وقد أشار عبدالله لنماذج منهم، ومن بين هؤلاء على سبيل المثال، لا الحصر، محمد أدروب أوهاج (1942- 2013). وكتب عبدالله قائلاً: حكى لي محمد الفضل أحمد الطاهر بكر، وهو من الإخوان الجمهوريين، قائلاً: "الأخ الأستاذ الدكتور محمد أدروب اوهاج كان عضواً في مؤتمر البجا ومن الفاعلين والمؤثرين في مجتمع شرق السودان يحكى عن الأسباب والمؤثرات التي ساهمت في التزامه للفكرة الجمهورية كتابة الأستاذ محمود عن مؤتمر البجا وهي ليست عنصرية والعنصرية مرفوضة لكنها مناطقية تقع فى حيز الحكم الفدرالي. والحكم الفدرالي أول من نادى به الأستاذ محمود ومنصوص عليه في كتاب اسس دستور السودان الصادر عام 1955" .
والحق أن ما أورده عبدالله عن موقف الأستاذ محمود محمد طه من مؤتمر البجة/ البجا، يدحض وينسف ما جاء به مجدي الجزولي. وقد ذكر عبدالله بأنه عندما نشر الدكتور مجدي مقاله، وقبل أن يصدر المقال في كتاب، قرأ عبدالله المقال، وعلم بنية مجدي بنشر المقال في كتاب، قام عبدالله بإرسال رسالة خاصة لمجدي، أوضح فيها أن المقال "اشتمل على معلومات غير صحيحة، وأخبار غير سليمة، وقدم تحليلاً وخرج بنتائج تحتاج منك إلى إعادة نظر"، وأِشار عبدالله في رسالته لـ (13) نقطة تحتاج من مجدي لمراجعة وتصحيح، وأورد له عبدالله النصوص التي تؤكد صحة حديثه مع المصادر والمراجع. رد الدكتور مجدي الجزولي على عبدالله فوعد "بأن الملاحظات ستجد منه الاهتمام". غير أن عبدالله كتب، قائلاً: "لكن للأسف حينما صدر الكتاب لم تجد تلك الملاحظات اهتماماً من مجدي، برغم وعده بأنها ستجد منه كل اهتمام، فلم يراجع المقال، ولم يصوب شيئاً، ولم يُقوِّم النص كما أشار في رسالته. وظلت النقاط الثلاثة عشرة، التي لفت انتباهه إليها، كما هي". وأضاف عبدالله، قائلاً: "لم يكن مجدي محقاً فيما ذهب إليه. بل مثَّل كتاب مجدي، في تقديري، نموذجاً ناصعاً، كما هو حال معظم الدراسات السودانية، في ضعف الانفتاح على الأرشيف القومي السوداني. فقد حمل الكتاب معلومات خاطئة، وقدم تحليلاً قاصراً، فجاءت خلاصاته غير صحيحة البتة، ومضللة كذلك"
وختم عبدالله هذا المحور الذي خصصه لنقد ما كتبه الدكتور مجدي الجزولي، قائلاً: "والحق أن كتاب مجدي الجزولي، ومثله كثير في الدراسات السودانية، يمثل إسهاماً في التضليل وتعميق التهميش، أكثر من كونه إسهاماً في تنمية الوعي. ومن هنا يمكننا أن ندرك كيف أن التهميش يتراكم بسبب ضعف انتاج المثقفين وعدم جودة خدمتهم، إلى جانب غياب النقد، وعدم الاحتفاء به".

الفصل السادس: الدستور وقضايا التهميش

يري دكتور عبد الله أن موضوع وضع الدستور الدائم مثل أكبر تحدي للقادة في السودان، منذ الاستقلال وحتى اليوم. كما ظلت الدساتير المعمول بها منذ العام 1951 وحتى اليوم ثمانية دساتير إلى جانب سلسلة من المراسيم والأوامر الدستورية، وعند فحصها، تؤكد بجلاء على أن السودان، كان، ولا يزال بيئة خصبة للتهميش ولممارسته والشعور به. وظلت كذلك تلك الدساتير، إلى جانب عوامل أخرى، تحمل في داخلها بذور أسباب انفصال جنوب السودان، واستمرار الصراع في السودان، وتمدد مناخ التشظي فيه. فعلى الرغم من التنوع الثقافي نادر المثيل الذي حُظي به السودان، فإنه واستناداً على الدستور منذ الاستقلال، فإن غير المسلم، ظل مواطناً من الدرجة الثانية، وأن اللغات المحلية، التي بلغت المئات، لم تجد الاعتراف الدستوري، ناهيك عن أن تكون لغة تعليم في أيِّ مرحلة من المراحل التعليمية. فالتهميش إذن أمر يدل عليه دستور السودان منذ الاستقلال وحتى اليوم، قبل النظر في المظالم الأخرى التي نتجت عن قضايا التنمية وشؤون الحكم واقتسام السلطة والثروة، وغيرها، فهناك الكثير من الثقافات والجماعات في السودان التي لم يعبر الدستور عن تطلعاتها وآمالها. فإذا كان الدستور، كما يقول محمود محمد طه، هو عبارة عن صياغة أمل الأمة، وهو أمل كل الشعب، أقليته وأغلبيته، وأن الحديث عن الدستور يعني الحديث عن الديموقراطية، حيث الديموقراطية هي فرص التساوي بين المواطنين من حيث هم مواطنون، فإن آمال بعض الجماعات وتطلعاتها لم تضمن في الدستور. كما إن الدستور في جملته، كما ورد في قول محمود محمد طه، عبارة عن المثل الأعلى للأمة، موضوعاً في صياغة قانونية، تحاول تلك الأمة أن تحققه في واقعها بجهازها الحكومي، بخطط عملية يقوم برسمها التشريع والتعليم، ويقوم بتنفيذها الإدارة والقضاء والرأي العام. والدستور يجب أن يحقق الحقوق الأساسية التي هي حق الحياة وحق الحرية وما يتفرع عليهما. لم تحقق الدساتير فرص التساوي بين المواطنين من حيث هم مواطنون، فكانت الدساتير نفسها تكريساً للتهميش والإقصاء. هذا بالإضافة إلى ما تعرَّضت له هذه الدساتير من امتهان واحتقار، من الحاكمين، لخدمة مصالح ضيقة، في مراحل مختلفة.
كما غطي هذا الفصل:
1/ موقف الأستاذ محمود من دساتير السودان منذ العام 1951 وحتى يوم تجسيده لمعارفه في صبيحة في صبيحة يوم 18 يناير 1985؟
2/ دعوة الأستاذ محمود محمد طه إلى الدستور الإنساني والعمل من أجله، وموقفه من دساتير السودان منذ عام 1951 وحتى 18 يناير 1985، والموقف من الدستور الإسلامي الذي طُرح في السودان، والموقف من الدستور العلماني.

الفصل السابع: المرأة أكبر من هُمش في الأرض
محمود محمد طه: "المرأة، وهي أكبر من استضعف في الأرض، عبر التاريخ، لا فرصة لها في النصفة إلا يوم تقوم شريعة الإنسان، على أنقاض شريعة الغابة "

عن موضوع المرأة عند الأستاذ محمود محمد طه، يري المؤلف من بحثه ودراسته لدعوة الأستاذ محمود: الفهم الجديد للإسلام، أن موضوع المرأة ظل يشغل مكانة خاصة وموضوعاً مركزياً وموضعاً لانشغال الأستاذ محمود محمد طه المستمر ويأتي في أول أولوياته، كما ظل منحازاً فيه، على الدوام، إلى جانب المرأة وبلا حياد. ومن أقوال الأستاذ محمود في هذا الموضوع كما رصد دكتور عبد الله "أمران اثنان أنا لست فيهما بالمحايد المرأة والسودان"

العمل من أجل إغاثة الملهوف ونصرة المهضوم والمظلوم والمهمش

يقول المؤلف: "عندما أعلن محمود محمد طه عن مشروعه: الفهم الجديد للإسلام، في 30 نوفمبر 1951، وأخذ يفصل فيه ويبشر به، قال إن هذا المشروع ما جاء إلا من أجل نصرة المستضعفين، والمرأة هي أكبر من استضعف في الأرض". ولذا يري دكتور عبد الله أن المشروع هذا أصله دعوة للمرأة قبل الرجل كما قال عنه صاحبه، لأنه هو دعوة للمستضعفين في الأرض. وعندما صدر كتاب: محمود محمد طه يدعو إلى تطوير شريعة الأحوال الشخصية، عام 1971، وهو كتاب يعتبره المؤلف كتاب جديد في بابه لأنه يتناول الشريعة السلفية بالتطوير، الأمر الذي يحقق تحرير المرأة وتكريمها برفع الظلم والتهميش عنها ، وقد جاء إهداء الكتاب مخاطباً أولاً النساء: "إلى أكبر من استضعف في الأرض ، ولايزال.. إلى النساء.. ثم إلى سواد الرجال، وإلى الأطفال.. بشراكم اليوم !! فإن موعود الله قد أظلّكم ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ في ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ) . ويضيف دكتور عبد الله أنه وبعد صدور الكتاب خاطب الأستاذ محمود محمد طه تلاميذه وتلميذاته، "مبيناً لهم بأن اهتمامهم بمسألة الأحوال الشخصية يجب أن لا يعتبرونها شريعة لتنظيم المجتمع ، وإنما هي في الحقيقة نصرة لمظلوم هو المرأة، فقد النصير، صائح في البيداء انقطع عنه النصير" وأحب الأعمال إلى الله إغاثة الملهوف "وأضاف قائلاً: "أنا بفتكر عملكم في هذا الجانب هو في الحقيقة عمل في أساس نصرة المهضوم و المظلوم، وهذا الدين ربنا وعد به هكذا ، (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ) وأكثر المستضعفين في الأرض النساء. كان الأطفال مستضعفين، وكان الرقيق مستضعف، وكان العمال مستضعفين، وكان الفلاحون مستضعفين، لكن هؤلاء كلهم قامت نصرتهم.. المرأة لغاية الآن نصيرها ضدها ".
ويقول دكتور عبد الله إن موضوع المرأة، كما يراه الأستاذ محمود محمد طه، هو أخطر شئون الأرض على الإطلاق، فالمرأة في الأرض، عند الاستاذ محمود محمد طه، كالقلب من الجسد. لهذا وجدت المرأة في مشروعه، الفهم الجديد للإسلام، مكانة، لم تبلغها في أي طرح فكري إسلامي أو غير إسلامي. (وقد فصل دكتور عبد الله ذلك في كتابه هذا) ويخبرنا المؤلف بأن الأستاذ محمود محمد طه قد تناول موضوع المرأة في الكثير من الكتب والمحاضرات والمناشير والبيانات والجلسات التربوية. كذلك قدم المؤلف في هذا الفصل من الكتاب موجزاً مختصراً مع الإشارة لبعض المصادر التي تخاطب موضوع المرأة، كما تناول ثلاثة موضوعات دارت حولها بعض النقاشات وتناولها بعض النقاد، وهي: موقف الأستاذ محمود محمد طه من عادة الخفاض الفرعوني، وموضوع إبقاء النسب في عقد الزواج، عند الأستاذ محمود محمد طه، وموضوع "المرأة مكانها البيت " كما ورد عند الأستاذ محمود محمد طه.

المرأة والظلم الموروث من الحقب السوالف من التاريخ البشري: شريعة الغابة

يري دكتور عبد الله بأن الأستاذ محمود محمد طه قد أرجع خضوع المرأة للرجل إلى مخلفات الماضي، حيث عوامل التاريخ الموروث من سوالف الحقب، فهو يرى أن المجتمع القائم على المنافسة في منادح الكسب وعلى المناجزة في مسالك الحياة، يجعل المرأة تخضع للرجل وتبيعه نفسها بيع السوام مقابل أن يغذيها وأن يحميها . فقد نشأ المجتمع البشري في الغابة، وورث مخلفاته وهي مخلفات لا يزال يعيش أخرياته ."والقاعدة العامة فيها أن القوة تصنع الحق، فللقوي حق طبيعي على الضعيف.. يستحقه لمجرد قوته.. و يتقاضاه بقواه .. فالقوة تصنع الحق. كانت شريعة الغابة تمارس، في السلم، بالقوانين العنيفة.. وفي الحرب بحد السلاح" . ويُرجع سبب العنف الغاشم ذلك إلى البيئة الطبيعية التي دفعت الإنسان إلى الحرص وحب الجمع والادخار والإكثار من الطعام ، الأمر الذي أدي للحروب والمغامرات .ويحدثنا الدكتور عبد الله أن : "الفضيلة في المجتمع البشري كما يقول محمود محمد طه، في المكان الاول، فضيلة جسدية، قوة الساعد، وقوة الاحتمال، والمقدرة على الانتصار في مأزق الحرب … فالفضائل، كما يقول الأستاذ محمود محمد طه، تختلف اختلافاً كبيراً من مجتمع إلى آخر، فما هي فضيلة في مجتمع بعينه قد لا تكون فضيلة في مجتمع آخر، فكأن المرأة لمكان ضعفها الجسدي وضعفها الوظيفي، في معترك الفضيلة فيه، في أغلب الأحيان لقوة الساعد وبفرصة الخلو من الموانع التي تعوق الكدح والسعي، أصبحت محتاجة لمن يغذيها ويحميها، فقد اضطرت فدفعت قسطاً كبيراً من حريتها ثمناً تحرز به حمايتها وغذائها". وصف المؤلف وضع المرأة في ذلك الزمان قبل أن تشرق شمس الإسلام في الجزيرة العربية حيث كانت الأنثى تُعامل شر معاملة وكان التخلص منها مكرمة من المكارم وكانت من أجل ذلك، توأد، وترجع عادة الوأد لسببين أو لأحدهما "خوف جلب العار، أو الخوف من المضايقة في الرزق". ويبين لنا المؤلف وضع المرأة في المجتمع الجاهلي، فقد "كانت معاملتها تعامل كرقيق مملوك أظهر صيغ معاملتها.. وكان التعدد في الزواج غير مقيد العدد، إذ كان الجاهليون يتزوجون العشر.. والعشرون زوجة.. يستغلون النساء، يستولدونهن، ويستخدمونهن في بعض أعمالهم.. وهم عن طريق الزواج يستخدمون الرق …ولا تزال صور بشعة، من هذا الاسترقاق عن طريق الزواج، تمارس في المجتمعات المتخلفة المعاصرة". يُرجع الأستاذ محمود محمد طه مسألة أسباب التسلط على المرأة إلى الملكية، والاسترقاق والموروث من الحقب السوالف في التاريخ البشري.

الإسلام يرث أوضاعاً بشعة تعامل فيها الأنثى شر معاملة

يأخذنا دكتور عبد الله إلى فجر الإسلام في مجتمع الجزيرة العربية الجاهلي: "عندما أشرقت شمس الإسلام في الجزيرة العربية وجد المرأة مسلوبة حتى من حق الحياة ، ووجد العرب في الجاهلية يعاملون الأنثى شر معاملة، فجاء ، كما يقول محمود محمد طه، بتقريعهم على هذا الصنيع الشنيع، ، قال تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} و كذلك قوله تعإلى :( وَإِذَا ٱلۡمَوۡءُۥدَةُ سُئِلَتۡ * بِأَيِّ ذَنۢبٖ قُتِلَتۡ *) كما ورث الإسلام صوراً مختلفة من الأوضاع البشعة التي كانت تجري في مجتمع الجاهلية، فحسم المُشتط منها حسماً . ولكنه لم يكن ليتخلص من سائرها، فينهض بالمرأة إلى المستوي الذي يريده لها في أصوله و ما ينبغي له أن يتخلص، وما يستطيع.. ذلك بأن حكمة التشريع، التدرج، كما يري الأستاذ محمود محمد طه، فإن المجتمعات لا تقفز عبر الفضاء و إنما تتطور تطوراً و ئيداً وعلى مكث.. فكان لزاماً على التشريع أن يأخذ في اعتباره طاقة المجتمع على التطور، وحاجته الراهنة فيجدد القديم ويرسم خط تطوره ويحفز المجتمع على السير في المراقي، وقد كان هذا ما فعله التشريع الإسلام.. فنرى أنه قد احتفظ بتعدد الزوجات ولكنه حصر ذلك في أربع زوجات "وقد راعى في ذلك أمرين حكمين هما إعزاز المرأة وحكم الوقت". كما نري أنه أشرك الأنثى في الميراث ولكنه جعلها على النصف من الرجل، وادخلها في الشهادة ولكنه جعلها على النصف من الرجل وذلك تشريع حكيم في وقته؟ لأن المرأة كانت ضعيفة الشخصية، والذاكرة نسبة لقلة تجاربها وخبرتها.
كانت هذه الشريعة، كما يقول الأستاذ محمود محمد طه، عادلة وحكيمة، إذا أُعتبر حكم الوقت، ولكن "يجب أن يكون واضحاً، فإنها ليست الكلمة الأخيرة للدين.. و إنما هي تنظيم للمرحلة ، يتهيأ بها ، وخلال وقتها ، المجتمع ، برجاله ونسائه ، لدخول عهد شريعة الإنسان، ويتخلص من عقابيل شريعة الغابة خلاصاً يكاد يكون تاماً.. و يومئذ تعامل المرأة في المجتمع، كإنسان.. لا كأنثى.. ذلك هو يوم عزها المدخر لها في أصول الدين "

وضع المرأة في الشريعة الإسلامية

يقول دكتور عبد الله لقد ظلت الشريعة الإسلامية التي بين أيدينا والقائمة على آيات الفروع (الآيات المدنية)، وهي شريعة الرسالة الأولى كما يري الأستاذ محمود محمد طه متأثرة، في حكمةٍ برواسب الماضي، الذي كان عليه المجتمع الجاهلي حيث كانت المرأة لا تملك حق الحياة، دعك عن حق الحرية، والمساواة. فحظ المرأة في الشريعة الإسلامية، كما يري الأستاذ محمود محمد طه، ظل مبخوساً بينما حظها في القرآن مساوي لحظ الرجل. فالمرأة في الشريعة الإسلامية كما يقول: "على النصف من الرجل في الشهادة، وهي على النصف منه في الميراث وهي على الربع منه في الزواج وهي دونه في ساير الأمور الدينية والدنيوية " كما شرح دكتور عبد الله أن على المرأة الخضوع للرجل، أباً وأخاً وزوجاً. وفي هذا تهميش مقنن ظل يُمارس على طول المدى على المرأة وهو يصب في صالح الرجل، أياً كان المستوى الأخلاقي والتعليمي والثقافي لذلك الرجل. فالرجل والمرأة تحكمهما آية القوامة (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ)
ويجي تسبيب ذلك وشرحه، الرجال قوامون على النساء، يعني أوصياء، متسلطون لهم علىهن حق الطاعة والسبب يعود إلى (بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم) ويقول المؤلف أن هذه الفضيلة هي فضيلة جسدية، فقوة العضل هي الفضيلة في ذاك الوقت (القرن السابع) وكذلك فرص الرجل في العمل خارج المنزل والكسب في ذلك الوقت هي السائدة ، أما المرأة فمكانها البيت.. كل ذلك كان حكيماً كل الحكمة كما يقول الأستاذ محمود محمد طه عندما جاء في وقته في القرن السابع. كما أنه يقول إنه ذلك التشريع والوضع لم يكن ظلماً وإنما هو عدل، ولكنه العدل الذي يناسب القاصر، هو العدل الذي يبرره حكم الوقت". فقد كانت المرأة في القرن السابع قاصرة عن شأو الرجل، و ليس القصور ضربة لازب علىها ، و إنما هو مرحلة تقطع مع الزمن والصيرورة إلى الرشد حتماً ، مقضي بحتمية ملاقاة الله : (يَٰٓأَيُّهَا ٱلْإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ). ويوضح أن "ملاقاة الله لا تكون بقطع المسافات وإنما هي بتقريب صفات العبد من صفات الرب "ا والإنسان الوارد ذكره هنا مقصود بها الرجل والمرأة، وليس الخطاب للرجل وحدة. ويوضح المؤلف أن للقرن السابع (حكم وقت) هو الذي جعل العدل بين الرجال والنساء على الصورة التي جاءت بها شريعة الله، وللقرن العشرين (حكم وقت) يجعل صورة العدل في القرن السابع ظلماً يبرأ الله منه. وتنتقل صورة العدل إلى المستوى الجديد الذي ضمنه دين الله، حين قصرت عنه شريعة الله نزولاً على مقتضى الحكمة التي أقام الله علىها (حكم الوقت) فالشريعة الحاضرة حكيمة إذا ما وضعت في موضعها من حكم وقتها، كما يري الأستاذ محمود محمد طه، فهي في غاية الانضباط، والحكمة، والعدل، والسماحة…وهي قد حررت المرأة، يومئذ تحريراً كبيراً. فأخرجتها من الوأد وهي حية واستردت لها حق الحياة المسلوب منها وقفزتها قفزة حكيمة وجريئة في آن معاً. ويبين كذلك أن النقص لا يظهر في تشريع شريعة القرن السابع إلا إذا ما نُقلت من وقتها، وجيء بها من التاريخ لوقتنا الراهن، وطُلب إليها أن تستوعب طاقات المرأة المعاصرة، لتنظم حقوقها وتحل مشاكلها.. ولكن لن يكون النقص، حينئذ ٍ هو نقص الشريعة، وإنما هو نقص هذه العقول التي تنقلها من بيئتها إلى بيئة لم تشرع لها بدعوي أن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان.
نلتقي في الحلقة القادمة.

 

abdallaelbashir@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • من فاتته الكثير من الصلوات وعجز عن ترتيب أكثرها.. كيف يرتبها في القضاء؟.. الشيخ “عبدالله المنيع” يوضح
  • ما هي أول صلاة صلاها الرسول؟.. الظهر أم العصر
  • قراءة في كتاب: محمود محمد طه وقضايا التهميش في السودان «4- 5»
  • هل تصح الصلاة في المساجد التي بها أضرحة؟.. «الإفتاء» تُجيب
  • قراءة في المواجهة الكبرى
  • 6 حالات يحق فيها للمؤمن عليه أو أسرته الحصول على معاش مادي.. منها المرض والوفاة
  • قراءة في كتاب: محمود محمد طه وقضايا التهميش في السودان (4/5)
  • متى يتم وقف صرف معاش العجز نهائيًا عن المؤمن عليه؟
  • «أزهري» يوضح 7 مبطلات للصلاة.. «احذر الوقوع فيها»