فتاوى وأحكام..ما الأفضل في الزكاة طعام وملابس أم مال..ما هي الصلاة التي تقبل من المؤمن والمنافق؟..هل تقصيري في الصلاة يؤثر على ثواب الصدقة؟
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
فتاوى وأحكام
ما الأفضل في الزكاة طعام وملابس أم مال
هل تقصيري في الصلاة يؤثر على ثواب الصدقة؟
هل يشترط الجلوس معتدلا عند قراءة القرآن واستقبال القبلة؟.. دار الإفتاء تجيب
هل استحمام المتزوجين يغني عن الغسل من الجنابة
ما هي الصلاة التي تقبل من المؤمن والمنافق؟
نشر موقع صدى البلد خلال الساعات الماضية عدد من الفتاوى التى تهم المواطنين ويسألون عنها في حياتهم اليومية، نبرز أهمها في هذا الملف
في البداية.
. اجابت دار الافتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها مضمونة، ما الأفضل في إخراج الزكاة طعام وملابس ام مال؟.
لترد دار الافتاء موضحة، ان إخراج زكاة المال في صورة أشياء عينية؛ كالأطعمة، والملبوسات، وأدوات منزلية مناسبة لاحتياج الفقراء والمساكين، أمر جائز شرعًا؛ مع التنبيه على أن يكون ذلك ممَّا يحتاجون إليه، لا ممَّا يُفْرَض عليهم من غير اعتبار لاحتياجهم.
واشارت إلى ان مال الزكاة حقٌّ خالصٌ للفقير؛ فعن عطاء قال: «كان عمر بن الخطاب يأخذ العروض في الصدقة من الدراهم».
والمقصود الأعظم من الزكاة هو سد حاجة الفقراء والمحتاجين، وكلما كان جنس المخرج من الزكاة أوفق لحاجة المساكين وأنفع لهم كان ذلك أقرب إلى تحقيق مقصود الزكاة في الإسلام.
هل تقصيري في الصلاة يؤثر على ثواب الصدقة الجارية ؟..سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية.
لترد موضحة: إن عدم انتظامك فى الصلاة لا يؤثر على ما تعطيه من صدقة أو على ما تقوم به من بر لأبيك و أمك أو من فعل خير أو معاونة لاحد الضعفاء.
وتابعت: لا تضيع حظك من هذه العبادة العظيمة وهى الصلاة، فهى عماد الدين، فرجاء ان تحافظ على الصلاة.
فمهما كانت الصدقات والتبرعات ولكن كل هذا بلا صلاة ولا صيام فهى هباء منثور لا قيمة له ولا وزن عند الله تعالى إلا بعد استياف الاركان وبعد الدخول فى الاسلام.
والصلاة الفائتة لابد من قضائها ولا تقوم السنن مقام الصلاة الفائتة، وكذلك لا تقوم الصدقة مكان الزكاة، فلا تقوم السنن مقام الفرائض.
قراءة القرآن لها آدب وهي حالة مثلى لو حققها الإنسان يكون قد وصل إلى أعلى الدرجات، لذا يتساءل الكثير هل يشترط الجلوس معتدلاً عند قراءة القرآن واستقبال القبلة؟.
لترد دار الإفتاء موضحة:" إن من آداب قراءة القرآن استقبال القبلة وستر العورة، وأن يكون المكان طاهرا، وإذا تعذر تحقيق جزء من هذه الآداب فيجوز للإنسان أن يقرأ القرآن وهو جالس على السرير أو وهو نائم أو يستر العورة او لا يسترها، كل هذا لا حرج فيه وسيأخذ ثوابا على ذلك إن شاء الله.
قال الشيخ محمود شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن قراءة القرآن في اتجاه القبلة من الأمور المستحبة وليست واجبة، فيجوز تلاوته في غير الصلاة دون استقبالها.
وأضاف شلبي، فى إجابته عن سؤال ورد إليه وذلك خلال فتوى على صفحة دار الإفتاء المصرية، مضمونه (هل يجوز قراءة القرآن في أي اتجاه ؟)، أن من أراد أن يقرأ القرآن دون استقبال القبلة فيصح ولا حرج فى ذلك.
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن قراءة القرآن في اتجاه القبلة من الأمور المستحبة وليست واجبة، فيجوز تلاوته في غير الصلاة دون استقبالها.
وأضاف «جمعة» خلال لقائه ببرنامج «والله»، أن هناك آدابًا مستحبة عند قراءة القرآن وليست واجبة منها ستر العورة، والاستياك (تطهير الفم بالسواك) والاستعاذة والبسملة والقراءة تَعَبُّدًا وتقربًا إلى الله لا لغرض دنيوي.
قال الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الاغتسال يأتي بمعنى سيلان المياه عند الفقهاء، ومعناه فى الشرع "سيلان المياه على البدن بنية محددة".
وأضاف أمين الفتوى، فى إجابته على سؤال: "هل الاستحمام يغني عن الغسل من الجنابة؟"، أنه من شروط صحة غسل الجنابة أن يغطي الماء كل أعضاء الجسد وأن يتخلل الماء الشعر حتى يصل إلى الجذور، أما غير ذلك فلا يجوز لأنه إخلال بشروط الغسل.
وتابع: يفضل في غسل الجسد أن يغسل الجانب الأيمن أولا ثم يتبعه بالأيسر؛ وذلك لما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كنا إذا أصابت إحدانا جنابة، أخذت بيديها ثلاثا فوق رأسها، ثم تأخذ بيدها على شقها الأيمن، وبيدها الأخرى على شقها الأيسر". ثم سابعا وأخيرا غسل الرجلين .
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إنه في حال اغتسل الشخص ونسى استحضار نية الوضوء، فإنه لا يجوز الصلاة بدون وضوء في هذه الحالة.
وأضاف «جمعة» في إجابته عن سؤال: «أحيانا اغتسل وأنسى استحضار نية الوضوء، فهل يجوز أن أصلى وأنا لم أتخذ نية الوضوء؟»، أنه إذا كان اغتسال تبرد فلا يجوز له الصلاة وعليه أن يتوضأ، مشيرا إلى أنه إذا كان اغتسالا لرفع الحدث فيجوز له الصلاة دون وضوء وإن لم ينو، لأن ما رفع كبيرة رفع صغيرة، فلو كان رفعا للحدث الأكبر ارتفع الحدث الأصغر وإن لم ينوه.
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن الصلاة على سيدنا رسول الله ﷺ إنما هي بعض حقه، والصلاة على النبي ﷺ تقبل من كل أحد، من المنافق ومن الفاسق، ومن المؤمن ومن التقي، ومن غيرهم، لتعلقها بالمقام الأجل، فمن يئس من نفسه ورأى أنه لا يطيع ربه إلا قليلاً فليشرع في الصلاة على النبي ﷺ مستحضراً حقه ووجوب الأدب معه، فإن ذلك يحمله على القيام بالفرائض، واجتناب المناهي، والتقرب إلى الله تعالى، وكلما صلى على النبي ﷺ فتحت له الأبواب، لأن الله قد قبلها ولو صدرت من قلب فاسق شقي، فما بالك لو أنها قد صدرت من قلب مؤمن تقي.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك”، أنه ينبغي أن نكثر من الصلاة على سيدنا رسول الله ﷺ أيضاً تكثيراً للثواب؛ لأنها جمعت فأوعت، فهي ذكر لله في نفسها، وهي مع ذلك امتثال لأمره تعالى حيث أمرنا أن نصلي عليه ﷺ ومع أنها طاعة في نفسها مستقلة، إلا أنها تشتمل على تعظيم سيد الخلق، وهو أمر مقصود في ذاته، ولأنها تشتمل على أشرف كلمة وهي: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله) فالصلاة عليه ﷺ إقرار منك بالوحدانية ابتداءً، لأنك تبدأها بأن تطلب الصلاة من الله وهذا توحيد، وتنتهي بالإيمان بسيد الخلق ﷺ.
وأشار إلى أن هذا بعض شأن الصلاة عليه ﷺ ولا يدرك شأنها إلا من فتح الله عليه، فهي الوقاية، وهي الكفاية، وهي الشفاء، وهي الحصن الحصين، وهي التي تولد حب رسول الله ﷺ في قلوب المؤمنين، فيقبلون على الطاعة ويتركون المعصية، وهي التي تحافظ على ذلك الحب وتصونه، وهي التي يترقى بها العبد عند ربه، وهي التي تجعل المؤمن ينال شرف إجابة النبي ﷺ عليه، حيث إنه يجيب على من صلى عليه، وهي مدخل صحيح، للدخول على السيد المليح الفصيح ﷺ ، فالدخول على سيدنا رسول الله ﷺ يبدأ بالصلاة عليه وبكثرة الصلاة عليه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء المصریة قراءة القرآن الصلاة علیه رسول الله ﷺ الصلاة على فی الصلاة وهی التی یؤثر على النبی ﷺ
إقرأ أيضاً:
فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
ـ السائل يقول: في قوله تعالى: «وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا» لماذا كان الجن يستمعون الحديث من السماء؟ وهل هو الحديث الذي يدور بين المولى جل وعلا وملائكته عليه السلام؟
إن ما يصل إلينا مما يتعلق بكتاب الله عز وجل، طلبًا لمزيد بيان أو تأكدا من تفسير اطلع عليه السائل، لهو مما يستبشر به، فهذا دليل على أن هذا المجتمع حي نابض يسأل عن معاني آيات الكتاب العزيز وأن أهله راغبون في تدبر آيات كتاب الله تبارك وتعالى، وأما الجواب عن السؤال عن هذه الآية الكريمة فقد كان هذا الأمر قبل البعثة المحمدية، كان مأذونًا للجن بما آتاهم الله تبارك وتعالى من قوى وملكات أخفيت علينا أن يسترق السمع في إيحاء الله تبارك وتعالى لملائكته الكرام لبعض الأوامر ولبعض ما يوحيه إليهم، ثم يعزون بما استرقوه إلى بعض الكهنة والسحرة من أهل الأرض، فيظهرون أمام الناس بمظهر مطلع على شيء من الغيوب.
لكن بمبعث نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- سدت أبواب السماء عنهم وكان من يستمع منهم أو من يحاول استراق السمع يأتيه شهاب رصد أي شهاب مرصد يحرقه ويمنعه مما كان قد ألفه، فكان ذلك من أمارات بعثة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-
المؤذنة بختم النبوات، واكتمال التهيئة البشرية لهذه الدعوة الخاتمة وأن مصدرها وإعجازها إنما ستكون في هذا الكتاب الذي أوحاه الله تبارك وتعالى إلى نبيه محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- والله تعالى أعلم.
ـ في قوله تعالى: «إِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم» من هؤلاء القوم الذين يستبدل الله تعالى بهم غيرهم؟
المبدل منهم هم الذين يتولون عن طاعة الله عز وجل، ويأنفون عن الاستجابة لأمره، وعن مخافته وتقواه سبحانه وتعالى، والبدل الذي سيحل محلهم هم قوم مطيعون أتقياء مستجيبون لأوامر الله تبارك وتعالى، فحيثما ورد مثل هذا الوعيد في كتاب الله عز وجل فإن معناه ظاهر، وهو هذا المعنى المتقدم أن الإعراض عن طاعة الله تبارك وتعالى سبب لإزالة دولة أولئك وزوال النعم عنهم وتحملهم لآثام إعراضهم و بوئهم بإزر ما تسبب فيه من الإعراض عن طاعة الله تبارك وتعالى، ثم سيهيئ الله عز وجل الأسباب لجيل آخر يستجيبون لأمر الله تبارك وتعالى وينقادون لحكمه، يجاهدون في سبيله ويدعون إليه جل وعلا، هذا هو المعنى والله تعالى أعلم.
ـ يقول السائل: كيف نفرق بين الآيات التي تتحدث عن عدم انقطاع الأعمال بعد الممات، مثل قوله تعالى: «وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى(39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى»، وبين الحديث الذي ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث؟
لا تعارض بين الآيات الكريمات والحديث الشريف، فبعض المفسرين قال في مثل قوله سبحانه وتعالى: «وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى(39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى» سوف يرى أن من سعيه حملوا ظاهر هذه الآية للتوفيق بينها وبينما ورد من امتداد الأجر والثواب بعد وفاة هذا الإنسان بأنواع من الصالحات كالدعاء له والصدقة عنه والصدقة الجارية أن ذلك إنما كان من سعيه.
فلصلاحه وورعه وتقواه ترك آثارا سببها عمله الصالح فكان هو السبب، فمن أجل ذلك استحق أن ينال الأجر والثواب بدعاء الولد له أو بدعاء الصالحين له أو بما خلفه من صدقات جارية أو من عموم الصدقات، أو بما تركه من آثار علم وهدى ونور ورشد تركه في المجتمع، فإنه يؤجر؛ لأنه كان السبب في ذلك، فلا تعارض أصلا.
فهذا يعني أنه كان من الصلحاء الأتقياء فترك أثرا حسنا والله تبارك وتعالى يقول: « وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ» فمن الآثار ما هو آثار حسنة بسبب صلاح ذلك الذي انقطع عمله بانقطاع حياته فتسبب فيه إلا أن أثر ذلك العمل يبقى ممتدا،
فيحوز الأجر والثواب بامتداد ذلك الأثر، وهذا فضل من الله تبارك وتعالى.
ـ في قوله تعالى: « قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ» ما معنى هذه الآية الكريمة؟
قد يكون لي نظر في معناها يختلف عما هو لدى طائفة كبيرة من المفسرين، الآية مع داود عليه السلام، يقول ربنا تبارك وتعالى: «وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (20) وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ».
هذه الآيات الكريمات في سورة «ص» وقد صدّرت قبل القصة بوصف داود عليه السلام وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب إذن ما يذكره بعض المفسرين من أن داود عليه السلام تعجل حاشاه في الحكم ولم يسمع من الطرف الآخر، لا يليق بمقام قاض عادي فكيف بداود عليه السلام الذي نص الله عز وجل قبل أن يعرض القصة قال وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب، وبعد القصة مباشرة قال يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني إن هؤلاء الذين تصوروا ملائكة، هذا بعيد جدا، ملائكة ونعاج وخصومة، رغم أنه قول كثير، وكأنها مسرحية أو تمثيلية لا تليق، هؤلاء من قومه، رجال تسوروا عليه المحراب، وعرضوا ما لديهم، اقتحموا صومعة عبادته وتبتله وخلوته بالله تبارك وتعالى، هذا التسور وهذا الاقتحام يكشف عن طبيعتهم أولا، هم أهل بادية واضح أنهم غلاظ الطباع، القرآن الكريم قال ففزع منهم، قالوا لا تخف يعني من هيئتهم وهذا الاقتحام المفاجئ فزع داود عليه السلام منهم، في موضع خلوته في محرابه يدخل عليه هؤلاء ففزع منهم، في خطابهم إياه نجد هذه الغلظة والشدة فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا سواء الصراط، إذن هم من قومه إلا أنهم كانوا غلاظ الطباع.
المسألة الثالثة أيضا ما هو محل الخصومة إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة فقال واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب لم يطلب أخذها تملكا، طلب أن يكفل له نعجته، هذا مطلب سائغ فهذا راع لتسع وتسعين نعجة، وأخوه ليست له إلا نعجة واحدة يقوم على شأنها، فقال له أكفلنيها، ضمها إلى التسع وتسعين. وأنا أقوم برعايتها وما تحتاج إليه من مرعى ورعاية وحلب إلى آخره، قال وعزني في الخطاب هذا الخطاب مقنع، كل من يسمع أن هذا الأخ شفيق بأخيه يريد أن يكفيه هم تلك النعجة الواحدة دون أن يضيف إلى نفسه عبئًا، تصبح حجته قوية فهو يكاد يكون ليس بحاجة إلى أن يسمع منه لأن الطرف الآخر أثنى عليه بهذا صاحب التسع والتسعين والذي يقول هو صاحب النعجة الواحدة.
فهنا داود عليه السلام وقد بلغ من الملك ما بلغ وآتاه الله تعالى فصل الخطاب قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض الخلطاء الشركاء؛ لأن هذه الشركة ستكون غير واضحة، ماذا عن نتاجها ماذا عن مغارمها كيف سيميز نعجة واحدة من تسع وتسعين، لم تذكر هذه التفاصيل فاكتفى بأنك ضمها إليه وستكفى مؤونتها ولذلك رأى داود عليه السلام بما أوتي من حكمه أن هذا قد يكون بعد ذلك سببا للتنازع والخصومة للافتقار إلى هذه الشروط وهذه التفاصيل المبينة الموضحة لهذا الاتفاق الذي سيكون بينهما، فهما وإن كانا في هذا الموضع في محل الاتفاق وكان الباعث لهما الأخوة وقد انتصر لكل واحد منهما فريق من القوم لأنه قال إذ تسوروا المحراب.
فأصبحت مسألة واضحة طالما أوتي هذا الملك وهذه الحكمة وهو يقضي بين قومه فكيف ألجأهم إلى أن يتسوروا عليه المحراب ذاكرا متبتلا تاليا متأملا متدبرا، ويترك قومه دون أن يفتح أبواب الحكم والقضاء، وأبواب السماع وأن يعطي هذا الجانب ما يستدعيه مما بوأه إياه ربه تبارك وتعالى، فكان هذا هو الدرس هذه هي العظة التي أراد الله تبارك وتعالى أن ينبه داود إليها؛ لأنه في مقامه وفي مقام ما أوتي إياه من منزلة ومن حكمة ومن فصل خطاب كان الأليق في حقه أن يعطي قومه ما يحتاجون إليه منه في هذه الشؤون ولذلك جاء مباشرة يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس، أي أعط هذا الجانب ما يستدعيه من العدل والحكم والوقت والجهد؛ لأنه من المنزلة التي بوئت إياه، هذا ما أجده مقنعا، وما أجده متناسبا مع سياق هذه الآيات الكريمة والله تعالى أعلم.