ماذا حدث لزوج الصحفية الفلسطينية سلام ميمة؟.. نهاية مأساوية
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
حالة واسعة من الحزن والتعاطف بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مع الصحفية الفلسطينية سلام ميمة وأسرتها، بعدما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر استشهادها هي وزوجها وأطفالها نتيجة قصف الاحتلال الإسرائيلي الذي تتعرض له غزة، إلا أن مفاجأة أخرى غير متوقعة حدثت واتضح أنها على قيد الحياة.
وقبل استشهاد «ميمة» نشرت صورة أطفالها على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتبت: «أولادي ! هُم السند والسكن والمسكن والسكينة ولذة الحياة اللهمَ إنهَم قطعة من روحيِ فيَارب احفظهم ليِ بعينكَ التيِ لا تنام.
وروى نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر خلال مداخلة هاتفية في برنامج «عوافي» عبر إذاعة «جيش أف أم» الأردنية، مشيرا إلى أن فرق الإنقاذ تحاول انتشالها وزوجها وأبناءها من تحت الأنقاض.
تفاصيل تشيب لها الرأس، كشفت عنها حنين يمامة، شقيقة الصحفية سلام يمامة، في مداخلة هاتفية لإحدى الإذاعات العربية، إذ أكدت أن شقيقتها على قيد الحياة بعد أن ظلت أيامًا تحت الأنقاض، وأعلنوا خبر استشهادها، قبل أن تنقلب الأمور رأسًا على عقب، وتعود الصحفية الفلسطينية الشهيرة على قيد الحياة.
لم يستطيع الأب الانتظار حتى قدوم الدفاع المدني، بحثًا عن ابنته سلام، فبدأ البحث بنفسه، وتقول شقيقتها: «والدي طلع على الركام، ونده عليهم، سمعنا صوت الأولاد، وقتها الجيران ساعدونا نفتح والدفاع المدني جه ومقدرناش نعمل إلا فتحة صغيرة لخروج شخص واحد»
وأضافت: «كان في صعوبة يشيلوهم مرة واحدة وحجم الفتحة صغيرة جدا، خرجت أختي وهي بتتنفس على قيد الحياة بس باستخدام أجهزة التنفس، وبالنسبة لأولادها، شام في حضنها وهادي بخير، وعلي 7 سنين انتشل وفي مستشفى الشفاء».
وعن حالة زوجها، أكدت شقيقة الصحفية إنه استشهد: «للأسف الضربة كانت جامدة، طار وعثرنا على جثمانه بعد استشهاده».
عدد شهداء غزةوذكر نقيب الصحفيين الفلسطنين، خلال اللقاء أن عدد الشهداء من الصحفيين في قطاع غزة وصل إلى 8، إضافة إلى 2 مفقوين، مؤكدا أن الصحفيين في غزة يتعرضون لأعلى درجات الخطورة، حيث أصبحت قدرتهم على التحرك داخل القطاع صعبة جدا وغالبيتهم يتواجدون في المستشفيات.
وارتفع عدد الشهداء الفلسطيين نتيجة قصف الاحتلال الإسرائيلي، إلى 1100 في غزة، وفقا لما ذكرته وزارة الصحة الفلسطينية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سلام ميمة الصحفية سلام ميمة فلسطين غزة على قید الحیاة
إقرأ أيضاً:
سامح قاسم يكتب | عزت القمحاوي.. بين ترويض اللغة وترويض الحياة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في المشهد الأدبي العربي، يبدو عزت القمحاوي كاتبًا يمضي بعينين نصف مغمضتين، لا من غفلة، بل من دُربة. يعرف تمامًا كيف يُغمض عينًا عن الضجيج ليفتح الأخرى على ما يُهمّ: الكتابة بوصفها ضرورة. لا يلهث خلف الموضة الروائية، ولا يلهو بصوت مرتفع في سوق الأدب، بل يصغي إلى النص وهو يتشكل داخله، كما يُصغي النحات إلى الحجر قبل أن يضرب عليه بأزميل الرؤية.
ولد في الريف، لكنه لم يتركه تمامًا، حتى حين تنقّل بين العواصم الثقافية. حمله داخله كحكمة قديمة، كوشم لا يظهر إلا حين يتعرّى النص من زينته، فيبدو الطين هناك، دافئًا، يفيض بالحكايات والوجوه. في "بيت الديب" لا نقرأ رواية عن عائلة مصرية وحسب، بل نقرأ طبقات من الزمن، محمولة على ظهر سرد يعرف كيف يمضي عميقًا دون أن يتثاقل.
كتابة القمحاوي تنتمي إلى سلالة نادرة: تلك التي لا تخشى البطء، ولا تستعجل النهاية. لغته ليست للعرض، بل للبناء. جملة بعد جملة، كأنما يعيد اختراع النظر، لا الحكاية فقط. تتجاور عنده البساطة مع الفخامة، الريف مع الميتافيزيقا، البهجة مع الحداد. في "غرفة المسافرين"، مثلًا، يسافر دون أن يغادر، يكتب عن المدن والخرائط والفنادق، لكن المعنى الحقيقي للسفر يبقى داخليًا، مُحاطًا بالأسئلة لا بالإجابات.
عزت القمحاوي لا يكتب كثيرًا، لكنه حين يفعل، يزرع أثرًا. كلماته مشغولة بعناية صانع لا تعنيه الكثرة، بل الدقة. حتى حين يكتب عن الحواس في "الأيك في المباهج والأحزان"، فإنه لا يصف، بل يعيد بناء الحواس نفسها. كل صفحة تحمل دهشة، كما لو أن القارئ يتذوق اللمس، ويشمّ الصوت، ويرى الكلمات ككائنات حيّة تنمو أمامه.
هو كاتب لا يريد أن يُبهر، بل أن يبقى. ولهذا، ستجد أثره فيك بعد أن تطوي الصفحة، لا على الصفحة ذاتها.
في زمن السرعة، يختار القمحاوي البطء. في زمن النشر اليومي، يختار الصمت أحيانًا. وفي زمن التكرار، يكتب كما لو كانت الجملة الأولى في التاريخ.
وهو إذ يكتب بهذه السكينة الظاهرة، لا ينتمي إلى فصيلة الكُتّاب الذين يختبئون خلف الغموض، ولا أولئك الذين يستعرضون معجمهم ليرعبوا القارئ. عزت القمحاوي لا يعوّل على الدهشة السهلة، ولا يصنع المفاجآت الرخيصة، بل يبني نصّه كما تُبنى العلاقات العميقة: بالإنصات، بالتواطؤ، بالصمت المحسوب، وبالتكرار الحميم للجمال غير الصاخب.
من يقرأ له يدرك سريعًا أن الكاتب لا يبحث عن بطولة شخصية، بل عن إنقاذ اللغة من ابتذالها اليومي. هو لا يكتب ليثبت شيئًا، بل لأنه يحمل شيئًا يجب أن يُقال. حتى حين يكتب عن الحب، كما في "ذهب وزجاج"، فإن الحب لا يكون حكايةً عاطفيةً عابرة، بل اختبارًا للجسد والزمن والهوية، في مساحة لا تتسعها الرواية بمعناها التقليدي. يجعل من العلاقة بين رجل وامرأة لوحةً من النور والخذلان، من التذكّر والنسيان، ليصوغ عالمًا هشًا وشفافًا كما الزجاج، وثقيلًا كما الذهب في تأويله العاطفي.
والقمحاوي لا يتورّع عن طرح الأسئلة المؤرقة، لكنه لا يقدّم إجابات مباشرة. يضع القارئ أمام مرايا مشروخة، لا تعكس شكله، بل تلمّح إلى كينونته. في "يكفي أننا معًا"، لا يهتم ببنية الرواية التقليدية، بل يشرع في كتابة تتجاور فيها الفلسفة مع الشعر، والسرد مع التأمل، والممكن مع المستحيل. كأنه يخبر القارئ بأن الرواية لم تعد ملزمة بالشكل، بل بالعمق. بالإنصات للفراغ، لا بملئه.
ثمّة رهافة في مفرداته لا تشبه أي حساسية أخرى، رهافة تعود إلى شاعر لم يكتب القصيدة، بل تركها تتسلّل إلى نثره وتستقرّ هناك، متواريةً بين الفواصل والنقط. هو كاتب يفهم الإيقاع كما يفهم الموسيقي السكون بين نغمتين. لا يكتب ليملأ الصفحات، بل ليملأ الغياب. هذا ما يجعل كتابته قابلة لإعادة القراءة، لا لأنها مبهمة، بل لأنها مشبعة بما لا يُقال مرة واحدة.
أعماله تشبه المراكب الصغيرة التي لا يُدرك المرء أنها تحمل ذهبًا إلا حين يفرغها على الشاطئ. لا تطلق أبواقها، ولا تلوّح بالأعلام، بل تمضي بصبرٍ في النهر، تاركةً خلفها أثرًا خفيًا، لكنه لا يُمحى.
وعزت القمحاوي، في النهاية، كاتب يصنع من اللغة وطنًا مؤقتًا، ومن الحكاية نزهة بطيئة في غابة الذاكرة. كأن كل نصّ له، هو غرفة انتظار بين زمنين، بين قارئ وذاته، بين كاتب لا يريد شيئًا، وقارئ يبحث عن كل شيء.
فهل ثمة ما هو أصدق من هذا النوع من الكتابة؟