كيف تتحول المخلفات البلاستيكية إلى وسائل مفيدة في بيئة نظيفة؟
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
((عدن الغد )) خاص
اعداد/ سميرة سالم
في خليج مانيلا بالفلبين كان الشاطئ مدفونًا بالنفايات التي كادت تُخفى معالمه حتى سمي ب"المرحاض".
أصبح الشاطئ الآن نظيفا لدرجة جعلته يختلف تماما عما كان عليه قبل أشهر، في وقت قصير تحول الشاطئ الى شكل آخر.
بدأت عملية تنظيف خليج مانيلا في 27 يناير/كانون الثاني الماضي، بمبادرة خمسة آلاف متطوع لإزالة 45 طنا من القمامة، في حملة تهدف إلى إعادة تأهيل البيئة على مستوى البلاد كمل قاموا بتوظيف صيادين مقابل2.
تكاليف مخفضة
في اليمن وتحديدا في تسعينات القرن المنصرم تم إطلاق مبادرة من مكتب هيئة البيئة حيث تم إنشاء أندية اصدقاء البيئة في المدارس في صنعاء و من خلال هذه المبادرة تم تكوين مبادرات صغيرة في المدرسة من ضمنها بناء غرفة من الطوب لرمي المخلفات البلاستيكية فقط من قبل الطلاب والطالبات يأتون بها من منازلهم.
بشكل اسبوعي كان يتم جمع تلك المخلفات ونقلها إلى محل خردوات ليتم تكسيرها ونقلها للمصنع لإعادة تدويرها ويتم بيع البلاستيك من قبل المدرسة بشكل دوري ويذهب الدخل لأنشطة المدرسة، لم يستمر هذا الحل لأكثر من عام دراسي واحد رغم كونه مثل بداية جيدة للتعامل مع النفايات البلاستيكية كان يمكن ان تتحول الى تجربة اوسع عبر المدارس الاخرى لو انها استمرت وتم تعميمها.
وبلغت التكلفة النهائية لحملة التنظيف ثلاثة أطنان من النفايات نحو 700 دولار مقابل 10500 دولار لنفس الكمية باستخدام البرنامج الحكومي.
في ساحل حضرموت يشير مدير عام فرع الهيئة العامة لحماية البيئة سالم عبدالله باقحيزل الى تجربة المبنى البلك لجمع النفايات البلاستيكية وإعادة تدويرها بأنها تجربة يمكن تكرارها لتخفيف المعاناة والمساهمة في حل مشكلة تراكم النفايات البلاستيكية في المحافظة وشواطئها و تقليل المخاطر البيئية بأقل الإمكانيات.
موضحا "نحن مستعدون لإطلاق هذه الحملة بالتعاون مع مكتب التربية والجهات المعنية بالمحافظة ".
من جانبه رحب عمر العطاس رئيس مبادرة فلنتعاون بفكرة تنظيف الشواطئ والاحياء كحل لتخفيف الأعباء عن عمال النظافة وامكانية تكرار التجربة من خلال التنسيق مع السلطة المحلية ومكتب البيئة والاحياء البحرية كونها لا تتطلب الكثير من الامكانيات. لكنه اوضح ان المجتمع ما يزال يحتاج إلى رسائل توعيه مختلفة ومتتالية يفضل ان تكون بصرية كالأفلام القصيرة حد قوله.
يوضح عمر أنه في عام 2021 تم عمل مبادرة بالتعاون مع صندوق النظافة بالمكلا/ حيث تم توفير 18 برميل للنفايات البلاستيكية في مدينة المكلا منطقة الشرج لكن المجتمع لم يتفاعل مع الحملة. فقمنا بنقلها إلى منطقة شارع الستين ونجحت الحملة بنسبة 90% والان لها سنتين في شارع الكورنيش.
من خلال استطلاع راي قمت به أثناء اعداد التقرير بين ابناء مدينة المكلا وجدت الفكرة تفاعلا واسعا حيث قال المستطلعون ان فكرة الغرف المخصصة في المدارس طريقة ستخفف تراكم القمامة بشكل كبير كما يمكن بعد التدوير الاستفادة منها في صناعة وسائل تعليمية.
المستطلعون اقترحوا ايضا امكانية تعمميها لتكون في الاحياء السكنية والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية للتخلص من مشاكل النفايات البلاستيكية.
لتفعيل دور المبادرات المجتمعية لجهة الحفاظ على البيئة وجمع نفايات البلاستيك والاستفادة منها من خلال إعادة تدويره وتصنيعه مره اخرى ميزات متعددة فعلى الجانب الاقتصادى يوفر الكثير من التكاليف و من الجانب البيئي سيحافظ على انظمة البيئة والحد من التلوث في التربة والمياه والهواء وخفض منسوب التلوث الناتج عن تصنيع البلاستيك من مباشرة المواد البترولية المصدر الأساسي لصناعة البلاستيك ، الى جانب المساهمة في حماية الحياة البحرية مثل السلاحف والحيتان لأنهم يتعرضون لكثير من الأمراض بسبب التلوث البلاستيكي في المياه والشواطئ.
محمد جلال 36 عاما من ابناء مدينة الحديدة يعمل في المكلا يقوم بجمع المخلفات البلاستيكية وبيعها لمحلات الخردة التي تقوم بفرمها وإرسالها إلى عدن و مأرب حيث تتواجد مصانع اعادة التدوير، يستخدم جلال هذه الطريقة كمصدر دخل له حيث يحصل على نحو ٥،٧ الاف في اليوم الواحد حوالي أربعة دولار .
تتسبب النفايات البلاستيكية في تشويه الوجه الجمالي لأحياء مدينة المكلا وشواطئها وشوارعها وتسهم في انتشار الأمراض والأوبئة حيث تعمل كبيئة حاضنة خلال فترات الامطار.
ويشتكي المواطنون من انتشار النفايات البلاستيكية في الشواطئ "نحن لا نجد متنفس سوى الشواطئ والبحر الذي نلجأ إليه من حر الصيف في عطلة نهاية الأسبوع وعندما نرتادها لا نجد مكانا نظيفا للجلوس فالاكياس والعلب والقوارير البلاستيكية في كل شبر من الشاطئ".
تمثل النفايات البلاستيكية خطرا على التربة ايضا كونها لا تتحلل بسرعة فتفقد التربة خصوبتها على المدى البعيد وتحجب ضوء الشمس عن التربة ويقلل من وجود الكائنات الحية الدقيقة والحشرات النافعة وتصبح التربة اقل صلاحية للزراعة.
تكدس النفايات البلاستيكية يتشبب ايضا في تكاثر بعض الكائنات الحية الدقيقة التي تساهم في عملية التحلل للمواد البلاستيكية ما يودي الى انتاج غاز الميثان المتسبب في حدوث الاحتباس الحراري، اضافة إلى تأثر آبار المياه الجوفية بسموم المخلفات البلاستيكية فتصبح غير صالحة للشرب بحسب التقارير ذات العلاقة.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: المخلفات البلاستیکیة النفایات البلاستیکیة البلاستیکیة فی من خلال
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: المدرسة الماتريديّة نشأت في بيئة ثقافيّة خصبة
أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن المدرسة الماتريديّة نشأت في بيئة ثقافيّة خصبة، شهدت تداخلًا وتفاعلًا بين اتجاهات فكريّة متباينة، وأن هذا المناخ كان حافزًا لظهور منهج عقلانيّ متماسك تميّز به الماتريديون، موضحًا أن المدرسة الماتريديّة قد طوّرت أدوات معرفيّة رصينة قامت على التأمل العقليّ والاستدلال المنطقيّ، حيث نظر أئمّتها إلى العقل بحسبانه وسيلة لا غنى عنها لمعرفة الله تعالى، بل واعتبروا النظر العقليّ واجبًا أوليًا على كل مكلّف، مؤكدين أن صحّة الخبر والحسّ لا تثبت إلا من خلال صدق العقل ذاته، وأنه تميّز برؤية عقلانيّة عميقة الجذور لا تكتفي بتلقّي النصوص، بل تبني المعرفة من خلال أدوات يمكن التحقق من صدقها ضمن المشترك الإنسانيّ العام، منوهًا إلى أن الماتريديّة أرست موقفًا معرفيًا متينًا يتكئ على ثلاث دعائم هي: العقل السليم، والحواس الظاهرة، والخبر الصادق، معتبرًا أن كل علم حقيقي لا بد أن يصدر عنها، وبالتالي فقد أسهم هذا الموقف المعرفي الماتريدي في بلورة رؤية تتسم بالموضوعيّة والانضباط، حيث ظل العقل فيها هو الأداة الأهم لفحص مصادر المعرفة الأخرى، مع وعي تام بحدود العقل نفسه، وحاجته إلى النقل في قضايا الغيب وما لا يُدرك بالتجربة.
جاء ذلك خلال كلمته بالمؤتمر العلمي الدولي «الماتريدية مدرسة التسامح والوسطية والمعرفة»، الذي تنظمه لجنة الشؤون الدينية بجمهورية أوزباكستان، في الفترة من 29 إلى 30 أبريل الجاري، في مدينة سمرقند بجمهورية أوزباكستان
وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن الإمام الماتريديّ –رضي الله عنه– امتاز بمجموعة من الشمائل التّي جعلته يحتل مكانةً فريدةً في تراثنا العظيم، فلقد كان رحمه الله متحررًا من التعصب المذهبيّ، منصرفًا إلى البحث عن الحقيقة بتجرد، دون انقياد أو تقليد أعمى لآراء السابقين، كما امتاز بنزعته الشموليّة في النظر والتحليل، حيث أظهر قدرةً فائقةً على الربط بين الجزئيات والكليات، وجمع الفروع تحت أصولها الكبرى، وهي قدرة تجلّت في تفسيره، وبرزت بوضوح في كتابه "التوحيد" ومن السمات اللافتة كذلك اهتمامه البالغ بالمضمون والمعنى، والتركيز على الجوهر والمقصد في تفسير النصوص، واللجوء إلى النكات البيانيّة أو اللفظيّة، إذا خدمت المعنى وأبرزت مغزاه، مؤكدًا بذلك أنّ الفكر لا قيمة له ما لم يرتبط بالعمل والتطبيق، ولذلك لم يكن تأثير المدرسة الماتريديّة حبيس بلاد ما وراء النهر فحسب، بل إن الأزهر الشريف بجامعه وجامعته كان ولا زال يدرّس في أروقته العتيقة كتابي «العقيدة النسفيّة وتفسير أبي البركات النّسفيّ»، وكلاهما مدونات أصيلة في المذهب الماتريديّ.
وأوضح المفتي، أن المذهب الماتريدي، لم يكن يومًا مجرد منظومة فكريّة نظريّة، بل مثل امتدادًا عميقًا للروح الإنسانيّة في الإسلام، حيث نظر علماؤه إلى القيم الإنسانيّة كأصول عقديّة وأخلاقيّة يجب أن تغرس في الوعي والسلوك معًا، وقد تجلى هذا في حرص الإمام الماتريديّ في تفسيره لقول الله تعالى ﴿خلقكم مّن نّفس واحدة}، على تأكيد أنّ الأصل البشريّ واحد، وأنّ جميع الناس إخوة، مما ينفي أي مبرر للتفاخر بالأحساب والأنساب، وتكتمل هذه الرؤية في نقده العميق لظاهرة الكبر، التّي يراها وليدة الجهل بحقيقة النفس، حيث يقول رحمه الله "من عرف نفسه على ما هي عليه من الأحداث والآفات وأنواع الحوائج - لم يتكبر على مثله "وبهذا يرسّخ المذهب الماتريديّ مفهوم التواضع لا كفضيلة أخلاقيّة فحسب، بل كمعرفة وجوديّة نابعة من وعي الإنسان بضعفه وحاجته، ويعكس بذلك تفاعلًا حيًّا بين العقيدة والأخلاق، حيث تصبح المساواة والتواضع والعدل قيمًا متجذّرةً في رؤية الإنسان لذاته والآخر، مبينًا أن الوسطيّة-التّي نحن بصدد دراستها في هذا المؤتمر المهم- لا تعني أبدًا الوسط بين الهدى والضلال، وإنّما تعني الاعتدال في الفكر، والصدق في الاعتقاد، والتوازن في السلوك، والعدل في الحكم والشهادة، إنّها موقف أهل السنّة والجماعة الأصيل الذي يجمع بين «الروح والمادة»، وبين «العقل والنقل»، وبين «الحقوق والواجبات»، قال تعالى: ﴿وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا﴾ [البقرة: 143]، قال الإمام الماتريديّ «وسطًا يعني عدولًا» في كل شيء؛ فالعدل هو الأوثق للشهادة على الخلق، والأجدر لقبوله.
واختتم المفتي حديثه بأن المدرسة الماتريديّة لم تقف عند حدود التسامح العقديّ، بل تجاوزته إلى التفاعل مع الفلاسفة والمتكلمين بنقد موضوعيّ هادئ، كما يظهر في أعمال النسفيّ وغيره، ممن جمعوا بين الإخلاص للأصول والانفتاح العقليّ، وبهذا كلّه تعدّ المدرسة الماتريديّة أنموذجًا أصيلًا في التعايش والتسامح، ومصدر إلهام فكريّ وأخلاقيّ يصلح للاهتداء به في عصرنا الراهن.
وقد أعرب مفتي الجمهورية في ختام كلمته عن خالص شكره وتقديره للجنة المنظمة للمؤتمر وسعادته بالمشاركة في هذا الجمع العلمي المبارك، الذي حضره جمعٌ كبير من العلماء والباحثين من مختلف دول العالم، من بينهم فضيلة دكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي الديار المصرية الأسبق، والدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف وجمع كبير من العلماء.