قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن روسيا تأمل بأن يأخذ الجميع على محمل الجد الالتزام بإنشاء دولة فلسطين، بعد انتهاء المرحلة الساخنة من الصراع في الشرق الأوسط.

وشدد لافروف على ضرورة التزام طرفي النزاع الفلسطيني الإسرائيلي باحترام القانون الإنساني وتجنب الاستخدام العشوائي للقوة.

“نأمل بشدة أنه بمجرد انتهاء هذا الصراع، وندعو إلى حدوث ذلك على الفور، أن يتحلى الجميع بالمسؤولية الجدية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن إنشاء دولة فلسطينية على أساس المبادئ التي وافقت عليها الأمم المتحدة”.

قال لافروف للصحفيين، بعد قمة وزراء خارجية رابطة الدول المستقلة في بيشكيك: “في اليوم نفسه الذي بدأت فيه هذه المرحلة الساخنة من المواجهة بين حماس وإسرائيل، أصدروا بيانًا رسميًا من وزارة الخارجية، دعوا فيه بالضبط إلى ما تتحدثون عنه الآن – وقف فوري لإطلاق النار واستئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل وفلسطين”.

وأضاف لافروف: “اليوم (في قمة وزراء خارجية بلدان رابطة الدول المستقلة) تطرقنا إلى هذا الموضوع. دعونا نرى ما إذا كان من الممكن قبل القمة (لرؤساء دول رابطة الدول المستقلة) الاتفاق على موقف مشترك لعرضه رسميا”.

وأضاف لافروف: “الجميع لديه رأي مشترك، لقد ناقشنا هذا اليوم في جلسة ضيقة، وهو أنه من الضروري الوقف الفوري لهذا الصراع، والامتثال للقانون الدولي والإنساني، ومنع أي مظاهر للأعمال الإرهابية، والاستخدام العشوائي للقوة، والتي يمكن أن يعاني منها المدنيون على كلا الجانبين بأعداد كبيرة، وهم يعانون منها بالفعل”.

وأعلن القائد العام لـ”كتائب عز الدين القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس” الفلسطينية، محمد الضيف، يوم السبت 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بدء عملية “طوفان الأقصى” لوضع حد “للانتهاكات الإسرائيلية”. وقال الضيف في بيان: “الضربة الأولى والتي استهدفت مواقع العدو ومطاراته وتحصيناته العسكرية قد تجاوزت 5 آلاف صاروخ وقذيفة”.

وتمكنت حركة “حماس” من أسرِ عدد غير معروف من الإسرائيليين بينهم جنود وضباط، والعودة بهم إلى قطاع غزة.

المصدر: النهار أونلاين

إقرأ أيضاً:

نووي إيران.. بين الجد والهزل

في رواية "حفلة التفاهة" يصف لنا الراحل ميلان كونديرا (ت: 2023م) تصوراته عن العالم من حوله قائلا: "هذه التفاهة التي تحيط بنا، إنها مفتاح العقل، مفتاح المزاج الجيد والرضا".. ويمتد بالوصف قائلا: "يجب ألا نأخذ ما يجرى حولنا على محمل الجد!".. قد تكون نوايا كونديرا في روايته الأخيرة تتجه فكريا وفلسفيا في اتجاه آخر غير ما نقصده هنا، لكننا سنعمل بما يقول به الأصوليون من خصوص اللفظ وعموم المعنى.. وعذرا للروائي الراحل على أي حال..

لكن لماذا ورد على الخاطر الآن هذه الرواية بعنوانها الزاخر بالسخرية، ولماذا في هذا الوقت بالذات؟

لقد أطل علينا رأس ويتكوف، المبعوث الترامبي المختار، لحل أزمات العالم التي تدور مع دوران كوكب الأرض. في أوكرانيا ستجد ويتكوف يذهب ويجيء، في غزة ستجد ويتكوف يذهب ويجيء، وأخيرا ها هو الآن في عُمان جاء ليفاوض إيران بشكل غير مباشر، حول برنامجها النووي، الذي يجب عليها أن تتفاوض عليه وإلا "فسيكون هناك قصف.. سيكون قصفا لم يشهدوا مثله من قبل" كما قال ترامب في وعوده وتوعداته المهددة والمرعبة، التي سنسمعها أيضا عن غزة والصين، وبعض رذاذها سيصل إلى أوروبا وكندا، ولا زال العرض مفتوحا..

اختيار التوقيت له علاقة بأزمة إسرائيل في غزة، والتي لا يبدو أن لها حلا يناسب الزهو والغطرسة الغربية وإسرائيل (التي هي في حالة احتضار)، فها نحن نقترب من اليوم الثلاثين من بدء الجحيم الذي توعد به ترامب (18 آذار/ مارس) وغلمانه هنا وهناك، ولم يحدث شيء مما يتوقعون ويأملون
* * *

لكن في حالة إيران سنجدنا في دهشة بعض الشيء، لأن الموضوع له تاريخ غير قصير من الجدل المثير، الغرب كله وفي القلب منه إسرائيل، لهم اهتمامهم قديم بهذا الموضوع، وشاركوا فيه بدرجة أو بأخرى، لكننا في هذه المرة لن نجد إلا ويتكوف، المبعوث الترامبي المختار العابر للإدارات والوزارات والتخصصات، ذاك الذي يفاوض أي أحد، في أي أزمة!

وسنجد أن الموضوع كله مشحون بأجواء من الإثارة والدراما والمفاجآت، تلك الأجواء التي يفضلها كثيرا مستشارو ترامب، ناهيك عن تفضيل ترامب نفسه لها.

السيارات المسرعة، والرجال الذين يمشون حولها في سرعة وتحفز، والوجوه كلها يرتسم عليها الجدية البالغة والترقب، والاستعداد الدائم للحركة والانقضاض على الخصوم. وكما ذكّرنا كونديرا بـ"التفاهة"، سيذكرنا الروائي الإسباني الشهير سرفانتس بـ"الأوهام"!

* * *

وفورا سيأتي في خاطرنا المشهد الشهير لـ"دون كيشوت" أمام طواحين الهواء: "فلم يعد يحتمل الانتظار أكثر مما انتظر، فكلما تأخر في خروجه كلما ازدادت المظالم، وتراكم عناء البشرية وشقاؤها، طبقات بعضها فوق بعض، وهو ما كان يثقل كاهله، ويشعره بتأنيب ضمير، أوَلم يكن بمقدوره أن ينهي عذابات البشرية، ويضع حدا للمظالم، لولا تراخيه وتكاسله" (وفي الحالة الترامبية سيقول: لولا عدم انتخابه)..

* * *

في توقيت غريب بدأت المفاوضات (الأمريكية الإيرانية) غير المباشرة، توقيت أبعد ما يكون عن أولويات الأزمات إقليميا (الشرق الأوسط/ غزة) ودوليا (أوكرانيا والصين..).

فمن اختار لها هذا التوقيت؟ ولما كانت بالذات في هذا التوقيت..؟ ومن باب التوقع والاحتمال: إلى أين ستسير؟ وفي أدنى الأحوال وأقصاها: إلى ما ستنتهي؟

* * *
هذا ملف يراد منه وله: الاستمرار والتوظيف، لا التوقف والإتمام. لقد انتهى السلاح النووي كسلاح، بالمعنى الحرفي لكلمة سلاح في الحرب العالمية الثانية.. تمتلكه أو لا تمتلكه، لم يعد ذلك هو ما يرجح كفة الميزان، لحساب طرف على طرف
أتصور أن اختيار التوقيت له علاقة بأزمة إسرائيل في غزة، والتي لا يبدو أن لها حلا يناسب الزهو والغطرسة الغربية وإسرائيل (التي هي في حالة احتضار)، فها نحن نقترب من اليوم الثلاثين من بدء الجحيم الذي توعد به ترامب (18 آذار/ مارس) وغلمانه هنا وهناك، ولم يحدث شيء مما يتوقعون ويأملون، لم تستسلم المقاومة، لم يثر أهل غزة على المقاومة، وبدأت تتصاعد هجمات المقاومة!!

سيكون ملف سوريا قريبا من هذه الأجواء أيضا، فضربات إسرائيل في سوريا لن تمنع ما بدأ يوم 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024م، اليوم الذي تحررت فيه دمشق من الحكم القديم، وجاء حكم جديد لا ينتمى إلى النظام الإقليمي العربي الذي ولدت فيه "دولة إسرائيل"، ويبدو أنه وثيق الصلة بالنظريات والتصورات والطموحات التي قدمتها التجربة التركية الحديثة (العدالة والتنمية)، وترامب تحدث عن ذلك بتعرية لا سابق لها في دنيا السياسة..

وهذا تطور تاريخي كبير يطرق أبواب الشرق الأوسط المنشود، الذي اختفى طويلا في دهاليز النظام العربي الرسمي بتفاهمات تامة مع النظام الدولي وقتها (نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية).. ومهما فعلت إسرائيل مدعومة من الغرب لتعطيل هذا التطور، فلن تستطيع أبدا إيقافه، فقد جاء في أكثر الأوقات ملائمة (ما بعد طوفان الأقصى).

* * *

لن يحدث أي شيء مفاجئ ولا غريب، يدفع بالمفاوضات الإيرانية/الأمريكية في أي اتجاه يسير بها إلى إتمام الموضوع نهائيا، هذا ليس مطلوبا أبدا، وفي الاستراتيجية الغربية كلها على فكرة لا أمريكا فقط.

المطلوب أن يظل الملف مفتوحا، ويتم تناوله بدرجات متفاوتة من التصعيد والتخفيض، وأتصور أن الوعي الإيراني، موصول بالوعي الغربي في إدراك هذا المفهوم..

هذا ملف يراد منه وله: الاستمرار والتوظيف، لا التوقف والإتمام. لقد انتهى السلاح النووي كسلاح، بالمعنى الحرفي لكلمة سلاح في الحرب العالمية الثانية.. تمتلكه أو لا تمتلكه، لم يعد ذلك هو ما يرجح كفة الميزان، لحساب طرف على طرف..

أول وآخر (قتبلة نووية) في التاريخ هي التي ألقيت فوق هيروشيما. هذا "فهم" يدركه الأعمى بعكازه، قبل أن يدركه السياسى في أبحاثه.

x.com/helhamamy

مقالات مشابهة

  • هكذا تؤدي الحرب السودانية إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة 
  • روسيا: التوافق مع واشنطن على السلام بأوكرانيا ليس سهلاً
  • الإمارات تؤكد التزامها الراسخ بدعم الشعب السوداني الشقيق
  • موقع أفريقي: هكذا تؤدي الحرب السودانية إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة
  • الإمارات تدين الفظائع في السودان وتدعو إلى «صمت المدافع»
  • بيان دولة الإمارات بشأن مرور سنتين على اندلاع الصراع في السودان
  • لافروف: نخب أمريكية تعرقل جهود ترامب لتطبيع العلاقات مع روسيا
  • لافروف: على الغرب مراجعة نزاهة كييف في مناقشات تسوية الصراع
  • نووي إيران.. بين الجد والهزل
  • المنظور الاستراتيجي للصراع الاقتصادي العالمي