تنقل والدنا له الرحمة و المغفرة في عدة منازل و جميعها كانت بمارنجان بحكم عمله بالمشروع ، الا ان منزلة الأخير بمارنجان ضاحية حلة حسن هو المنزل الوحيد الذي امتلكه عدا ذلك كانت جميعها تتبع ملكيتها لمشروع الجزيرة . هذا المنزل يشدني خيط روحي و وجداني عميق اليه ، مثلما لسابقاته الاتي حضن طفولتي و صباي لكن هذا يتميز بانه مملوك للاسرة .
البيوت لها روح و الفة و تراث وخيوط تربطك بالجزور و ذكري حية نجترها من حين لاخر . لقد وثق لها تراثنا العربي و السوداني . في عهد الجاهلية كتب الشعراء ابيات من الشعر عن المنازل ضمنتها بعض قصائدهم يبكون فيها علي الاطلال ، علقت علي استار الكعبة تجسد شعورهم العميق بالحزن علي المنزل بالرغم من طبيعة حياة التنقل والترحال كرعاة .
عندنا في السودان يصفون الشخص الخلوق حسن السيرة و السلوك بقولهم ان - فلان من بيت - كناية علي ان البيوت تشكل وجدان و شخصية الفرد و تحسن تربيته .
مازلت الذاكرة تحتفظ بصور من كل ركن في البيت الي يومنا هذا ! ، الاثاث ، السكان ، الضيوف ، صينية الطعام محتوياتها ، فطور الجمعة و طقوس الوالد للتحضير لصلاة الجمعة و اصطحابه لضيوف من الجامع علي الغداء طقوس رمضان و الاعياد و الافراح و الاتراح … الخ التفاصيل التي لا نستطيع ان نتذكرها الان خلال مشاهداتنا اليومية حتي الامس القريب .
من سنن الله أن هذا المنزل هجره اخر سكانه منذ اكثر من عقدين من الزمان ، رحل عنه كل السكان الذين فرقتهم الحياة في مضارب ارض الله الواسعة ! عندما قرر اخوتي بيع المنزل الذي ظل شاغرا و اتت عليه كل عوامل التعرية ، انتابني شعور بفقد شي عزيز ، و شعور بالحزن كأنما للبيوت انفس و ارواح نحزن لفقدها . يبدوا ان البيوت ليست مباني كما يتظني لنا و انما هي كيان معنوي حي نخاطبه بمشاعرنا .
للاسف هذا الشعور اصبح يخالج الملاين من ابناء الوطن الذين فقدوا بيوتهم نتيجة للحرب اللعينة . لقد استمعت للكثيرين الذي يعبرون عن حزنهم الذي زاد بسبب فقدهم بالاضافة للمنزل، فقدهم لمقتنياتهم من صور لمناسبات مهمة توثق لاحداث سعيدة و اعياد ميلاد لاطفالهم و شهادات و تحف و هدايا مهمة ، فقدانهم لها احزنهم اكثر من فقدهم لممتلكاتهم المادية .
معظمنا الان يسكن مع اسرته في منزل و قد يكون قد تنقل في اكثر من منزل ، كل هذه المنازل تشكل ماضي وحاضر لنا ، و لكن يظل منزل الاسرة الكبير الذي ترعرعنا في كنفه يستحوذ القدر الاكبر من هذا الحنين برمزية البيت الكبير والحوش الكبير .
لذلك علينا ان نقدر احساس الاطفال و الصبايا الذين غادروا منازلهم مع ذويهم بسبب الحرب . هؤلاء الأطفال يعيشون كنازحين داخل و خارج الوطن . لا يستوعبوا لماذا اندلعت هذه الحرب فوق رؤوسهم لتجعلهم يغادروا منازلهم ؟ رحلوا علي عجل، تركوا مقتنياتهم خلفهم دون ان يتمكنوا من اخذها ، العابهم ، صورهم ، غرف نومهم ،مدارسهم و اصدقائهم .. . بالتاكيد هذه واحدة من ماسي الحرب العديدة فهي تمس فئة الاطفال ، بالتأكيد لها تاثيرها النفسي الذي قد ينعكس علي مستقبلهم ومستقبل الوطن الذي مستقبله بيد هذا الجيل .
نسال الله ان يرد الجميع الي بيوتهم سالمين في القريب العاجل .
جعفر فضل
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
«الوطن» تكشف آخر وصية لمحمد الضيف قبل استشهاده: كونوا أبطالا مقاومين لأجل فلسطين
عقب إعلان الناطق العسكري لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أمس الخميس، استشهاد محمد الضيف، قائد هيئة أركان الكتائب، خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بدأت التساؤلات حول رجل الظل الذي أرهق الاحتلال على مدار 30 عامًا من مطاردته ومحاولة الحصول على أي معلومة تساعد على اغتياله.
تفاصيل آخر لقاء لمحمد الضيف بأسرتهوكشفت «الوطن» عن آخر لقاء جمع محمد الضيف بأسرته، حيث التقى قائد هيئة أركان كتائب القسام بزوجته الأولى، منى حمدان «أم خالد»، وأبنائه خالد وحليمة، صباح يوم الجمعة 6 أكتوبر 2023، أي قبل يوم من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر.
آخر وصية لمحمد الضيف قبل استشهادهوقال نجله الأكبر، خالد، لـ«الوطن»: «أوصاني والدي في آخر لقاء بتقوى الله والتمسك بكتابه، والحفاظ على كل ذرة تراب من وطننا فلسطين، وقال: هذه أرضنا ومقدساتنا التي نقدم أرواحنا من أجلها، أريد منك أن تكون بطلاً مقاومًا، تقدم روحك لأجل قضيتك، وفي سبيل الله من أجل فلسطين والمسجد الأقصى ومسرى رسول الله».
تغيير الهوية والكنيةوقالت زوجة قائد هيئة أركان كتائب القسام إنها عقب الحرب، وصواريخ الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت المنزل الذي كانت تعيش فيه، انتقلت مع أبنائها للإقامة في إحدى مراكز الإيواء بمدينة غزة.
وأضافت أنها كانت تخفي هويتها نظرًا لحساسية موقع زوجها، لكن بعد استشهاده أصبح بإمكانها الحديث عن علاقتها به، قائلة: «بعد استشهاد زوجي محمد الضيف، رحمة الله عليه، تمكنت لأول مرة من كشف هويتي والافتخار بأنني زوجة هذا المجاهد القيادي الشهيد الذي كان المطلوب الأول للاحتلال الإسرائيلي على مدار 30 عامًا».
وأوضحت أنها كانت تستخدم ألقابًا مستعارة لحماية نفسها وأطفالها، مثل «أم فوزي»، «أم فواز»، «أم حسام»، «أم السعيد»، «أم العبد»، بينما كان أبناء الشهيد يخفون هويتهم أيضًا: «يعني مثلا خالد كان اسمه فوزي ومعروف في الحارة بهذا الاسم عشان ما حد ينتبه إنه ابن القائد الضيف لكن الآن أستطيع أن أقول: أنا أم خالد، زوجة القيادي القسامي العظيم محمد الضيف، رجل الظل، وهؤلاء أبناؤه»
وأشارت منى حمدان، الزوجة الأولى للضيف، إلى حياة الزهد التي عاشتها معه قائلة: «بيتنا 4 فرشات وحصيرة، قبل الحرب وبعدها، طبعا هاي الأمر بيعمل صدمة لناس كتير لأنهم بيتخيلوا إن عائلات وأسر القياديين عايشين حياة رفاهية داخل قصور».
ويعد محمد دياب المصري، المعروف بـ«محمد الضيف» والمولود في مخيم خانيونس جنوب قطاع غزة، هو صاحب المسيرة الطويلة والمحاطة بالغموض في حركة حماس، حيث كانت له قدرة كبيرة على التخفي والإفلات من مطاردة الاحتلال التي وضعته على رأس قائمة المطلوبين منذ عقود.