نعم كان لنا تعليم نوعيا ومجانيا من المرحلة الأولية وحتي الجامعة إبان الحقبة الاستعمارية ، مروراً بفترة مابعد الاستقلال ونظام عبود وكانت البعثات للخارج متاحة للمستحقين ولم تخيب مخرجات هذه البعثات ظن الوطن وقد عادت بالجديد والمفيد تساهم في البناء والتعمير وتضيف للخدمة المدنية التي كانت راسخة مزيداً من الالق والابهار وعبرت الخبرات السودانية الي الخليج وفعلت الاعاجيب وكانت البلديات هنالك تحت إشراف أبناء النيلين ومنهم كمال حمزة ابو المعالي الذي نال بجهده وحسن إدارته للحكم المحلي الحظوة عند العائل الكبير الشيخ زائد بن سلطان فصيره من المقربين عنده وعينه حاكما لمكتبه !!.

.
ونفس الدرجة والتقدير نالها البروف علي محمد شمو ووصل به المقام عند هؤلاء القوم وعن جدارة واستحقاق وبعد ان كان الوكيل لوزارة الإعلام ترقي الي وظيفة المستشار للشيخ زائد الذي احتفي به كثيرا ولولا أن النميري عينه وزيراً للإعلام في البلاد لما فرطت الإمارات في هذا الكنز الثمين !!..
نعود ونكرر من غير ملل إن الذي نحن فيه الآن بلد تائه فاقداً للدولة والصولة ومن غير حكومة يصطلي بنار حرب مستعرة سببها جنرال لايفهم غير لغة البندقية وآخر فاقد تربوي وصل إلي منصب الرجل الثاني في الدولة رغم أن الفضاء مكدس بالباحثين ، الأكاديميين والمفكرين وهذا يدل علي أن التعليم عندنا قد فقد هيبته والناس باتت تحب المظاهر والمسكن الفاخر والتهندم وكلمة يا فندم ولا يهم أن يكون المخ فارغا والذهن خاليا !!..
عبود لم يسعي للحكم بل الحكم سعي إليه تسليما وتسلما من البيه سكرتير الحزب التاريخي وكل هذا من باب الحسد لأن كل حزب يريد نصيب الأسد وإلا سيقلب الطاولة على الجميع ... ورغم أن عبود كان مهندساً وعسكرياً ناضجا وابن بلد وغاية في التهذيب والتحضر ويكفي أنه اذهل كيندي وعده من اروع الرؤساء الأفارقة وفي عهده جاء الي بلادنا رؤساء عالميون وتبادلوا معنا المنافع وكان ميزاننا التجاري راجحا والرياضة بكافة ضروبها وجدت الاهتمام وسارت الي الامام ...
ولكن نظل نحن الشعب من يصنع الدكتاتوريين وصرنا بدل أن نترك الرجل ( يشوف شغله ) ( لخمناه ) بالاغاني والقصائد والجري خلف موكبه وبالهتافات مثل ( ايدناك باعبود ... الشعب يريدك باعبود ) وكان أن دخل السودان في محور الغرب وانتهزت امريكا الفرصة ايام حربها الباردة مع موسكو وحلف وارسو فسلطوا عبود علي شيوعيي السودان وأطلق عليهم ود الكتيابي يصطادهم مثل الارانب ...
ورغم أن مشروع الجزيرة كان في قمة ازدهاره وتم دعمه بامتداد المناقل والتعليم كان قويا ومجانيا ولكن الدكتاتورية أطلت بوجها القبيح فصار المواطن يؤخذ بالشبهات وانعدمت الحريات وكانت جريدة الثورة هي الجريدة الرسمية وكان رئيس تحريرها أديباً معروفا هو محمد الخليفة طه الريفي وتندر عليها الناس لكبر حجمها وقالوا عنها ( البرش بي قرش ) مما استلزم سجن من يردد هذا القول وقد تم تكميم الأفواه وكثر المخبرون ورجال الأمن وظهرت جرائم لم يسمع بها الناس من قبل ظلت طلاسم وقيدت ضد مجهول ...
وضاق الناس ذرعاً بحكم عبود جبل الحديد الذي قالوا عنه في البداية أنه جاءهم بالراي السديد وبعد ست سنوات هبوا فيه كالاعصار وكانت ثورة أكتوبر الأخضر ١٩٦٤ التي وضعت حدا لحكم أول عسكر تركوا الثكنات وسكنوا الامتداد !!..
نواصل معكم إن شاء الله تعالى في الحلقة القادمة .

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم بمصر .

ghamedalneil@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

في ذكرى صلاح السقا .. أوبريت الليلة الكبيرة إرث فني لا يموت

يعد أوبريت “الليلة الكبيرة” أحد أعظم الأعمال الفنية في تاريخ المسرح المصري، فهو ليس مجرد عرض مسرحي للعرائس، بل تحفة فنية متكاملة تجمع بين الإبداع البصري، والإيقاع الموسيقي الساحر، هذا العمل الذي أخرجه الفنان الكبير صلاح السقا الذي يصادف اليوم ذكرى ميلاده واستطاع أن يظل حاضرًا في ذاكرة الأجيال، ليصبح رمزًا من رموز الفلكلور المصري.

البداية.. كيف ولدت الفكرة؟

بدأت فكرة الأوبريت في الخمسينيات، عندما تعاون صلاح السقا مع الشاعر صلاح جاهين والموسيقار سيد مكاوي، لتقديم عمل فني يعكس أجواء الموالد الشعبية المصرية بمزيج من الكوميديا والموسيقى الساحرة.

 جاءت كلمات جاهين مليئة بالحياة، تصف أجواء المولد بكل تفاصيله، من البائعين إلى لاعبي الأكروبات، ومن الحاوي إلى المنشدين، بينما أضفى سيد مكاوي بألحانه روحًا خفيفة وجذابة، جعلت الأوبريت أقرب إلى قلوب المصريين.

صلاح السقا.. المايسترو خلف الستار

لم يكن إخراج عرض عرائس بهذا المستوى أمرًا سهلًا، لكن صلاح السقا أبدع في تحريك العرائس بأسلوب جعلها تبدو وكأنها نابضة بالحياة. 

استطاع أن يمنح كل شخصية في الأوبريت طابعًا خاصًا، حيث نجد البائع المتجول، والمغني، والحاوي، وعروسة المولد، كلهم يتحركون بتناغم ساحر يجذب الصغار والكبار على حد سواء.

 نجاح “الليلة الكبيرة”

رغم مرور أكثر من ستة عقود على عرضه الأول، ما زال الأوبريت يحظى بمكانة خاصة، ويعاد تقديمه في العديد من المناسبات، يمكن إرجاع نجاحه لعدة عوامل:

• البساطة والعمق: استخدم صلاح جاهين لغة سهلة ممتلئة بالحكمة والمشاعر، مما جعل الأوبريت قريبًا من الناس.

• الإخراج المبدع: استطاع صلاح السقا تحويل العرائس إلى شخصيات حقيقية تعيش وسط الجمهور.

• الموسيقى الخالدة: ألحان سيد مكاوي جعلت الأوبريت قطعة فنية لا تُنسى، حتى أن كثيرًا من ألحانه أصبحت تُستخدم في المهرجانات والاحتفالات الشعبية.

تراث فني مستمر

حتى اليوم، يعرض “الليلة الكبيرة” على مسرح العرائس، وتبقى أغانيه وألحانه جزءًا من الثقافة المصرية. 

كما أن الأوبريت أصبح مصدر إلهام للعديد من الفنانين، حيث تم تقديمه بأساليب مختلفة، بما في ذلك عروض مسرحية حديثة وأعمال تلفزيونية تستلهم منه

مقالات مشابهة

  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. أنا السجّان الذي عذّبك
  • سيف بن زايد: أبناء الإمارات رجال يصنعون الفارق من أجل مستقبل الوطن
  • عيد بني سويف القومي.. المحافظ يضع أكليل الزهور على النُصُب التذكاري لشهداء الوطن
  • وزير العمل: 800 ألف عامل أجنبي في العراق والسوريون غير مشمولين بالقرارات
  • محافظ بني سويف يضع أكليل الزهور على النُصُب التذكاري لشهداء الوطن
  • خالد الجندي: “لو سيدنا نوح عاش فى زمن السوشيال كانوا هيعملوا فيه إيه”
  • أحمد التهامي: والدي أحد أبطال أكتوبر.. وكان مثالا يحتذى به في الوطنية
  • رمضان يعني.. "حكاوي القهاوي" تعرض للمنع وكان سيتوقف لولا تدخل الرئاسة
  • أبناء النوبة ينظمون لقاءً حاشداً لجمع الصف ومواجهة المؤامرات التي تحاك ضد منطقة جبال النوبة
  • في ذكرى صلاح السقا .. أوبريت الليلة الكبيرة إرث فني لا يموت