في ظل المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها السودانيون بسبب حرب 15 ابريل، القى تفشي حمي الضنك والكوليرا، بعبء ثقيل على واقع النظام الصحي الهش بالبلاد.

الخرطوم: التغيير: سارة تاج السر

في وقت تحذر المنظمات الدولية التي تعني بالصحة، من تداعيات كارثية، من انتشار الاوبئة والامراض المعدية في العاصمة الخرطوم وولايات اخري.

10 مستشفيات فقط

فاقم المعاناة خروج أكثر من 99% من المستشفيات الكبرى والحكومية، عن الخدمة لوقوع اغلبها في مناطق الاشتباكات، وان 10مستشفيات من مجمل 53، بالعاصمة، هي قيد العمل وتتحمل أكثر من طاقتها الى جانب إفتقارها لجميع التخصصات والاجهزة الطبية.

كل ذلك وسط ما تعرض له الأطباء والكوادر المساعدة، من قتل واعتقال ونزوح وهجرة ولجوء.

انفجارات وبائية

وتشير الاحصاءات الرسمية إلى تسجيل ما يفوق 1200 اصابة بحمي الضنك، اكتر من 800 منها مسجلة في القضارف منذ بداية الرصد، وهي عدد الحالات المسجلة غير ان مابين 80% إلى 90% لم تصل إلى المستشفيات لكونها لاتحتاج إلى تدخل طبي.

وفي العام الماضي، انتشرت حمي الضنك في 8 ولايات، ابرزها ولاية شمال كردفان التي سجلت أعلى نسب إصابة، أما أكثر الولايات تأثرا هذا العام فقد كانت القضارف وهي اخر المناطق التي سجلت حالات إصابة في 2022.

وعزا وزير الصحة هيثم محمد ابراهيم، في حديثه مع (التغيير)، تجدد ظهور حمى الضنك، للكثافة العالية للبعوض، غياب المناعة المجتمعية، توقف العمليات الرويتنية من اصحاح بيئة ومكافحة نواقل، للأسباب الاقتصادية، التي سبقت الحرب، فضلا عن عدم وجود اعمال منتظمة بعد اندلاع المواجهات في 15 أبريل.

وقال الوزير: “مع المؤشرات المذكورة كان من المتوقع حدوث انفجارات وبائية في بعض الولايات خاصة مناطق الهشاشة المعلومة بالنسبة لنا، واشار الى رصد الحمى في كل الولايات الشرقية، البحر الاحمر، القضارف كسلا، الى جانب الجزيرة، سنار، شمال وجنوب كردفان، شمال دارفور.

وكشف عن المجهودات التي تبذلها السلطات الصحية الاتحادية والولائية والمجتمعات المحلية والشركاء الدوليين، في مكافحة الحمي، وأشار إلى أن الحاجة الماسة حاليا، لانتظام العمليات وتقليل كثافة البعوض والوضع الوبائي، وأعلن عن توجيه للولايات التي من المتوقع، زيادة إلاصابات فيها كولاية الجزيرة، بزيادة أعمال مكافحة الناقل وإيصال الإمداد.

وطبقا للسلطات الصحية بولاية الجزيرة فقد تم الإبلاغ عن وجود 134 حالة اشتباه بالحمى منها 112حالة موجبة بالفحص السريع و3 حالة وفاة، كما افاد بذلك التقرير التراكمي لحمى الضنك للفترة من 19سبتمبر حتى 10 اكتوبر.

وأكد المسئول الحكومي أنه تم تأكيد فحص الكوليرا بواسطة المعمل المرجعي للصحة العامة، قبل اسبوعين، بيد أن تسجيل أول حالات بدأ يوم 26 اغسطس بمنطقة القلابات الشرقية المتاخمة لدولة إثيوبيا، وكشف الوزير عن رصد 290 حالة في القضارف منها 19 حالة وفاة، اضافة الى 39 حالة بالخرطوم، منها 6 وفيات محصورة حسب التقارير في الحاج يوسف ومستشفى البان جديد.

وأوضح أن وزارة المالية اجتهدت في توفير مبيدات بقيمة 5 مليون دولار، وتخصيص مبالغ للأدوية العاجلة لسد الفراغ، للامدادات الطبية تتجاوز 20 مليون دولار خصصت لجزء من الامراض المزمنة، المحاليل واحتياجات الدم مع الداعمين والمانحين.

عضو انتخابات لجنة الأطباء المركزية حسام الأمين، توقع في افادته لـ (التغيير) إرتفاع معدلات الإصابة بحمي الضنك والاسهالات المائية في الخرطوم.

وقال إن تهالك النظام الصحي يصعب من محاولات الحد من تفشيهما رغم المجهودات التي تبذلها وزارة الصحة، في حدود المتاح.

وأكد الأمين، أنه مما يصعب الموقف وجود الوزارة خارج الخرطوم وخروج اكثر من 99% من المستشفيات الكبرى، والحكومية، عن الخدمة لوقوع أغلبها في مناطق الاشتباكات.

وأن 10مستشفيات من مجمل 53، بالعاصمة، هي قيد العمل، و تتحمل أكثر من طاقتها الى جانب إفتقارها لجميع التخصصات والاجهزة الطبية.

فيما دافع الوزير عن النظام الصحي في البلاد، ووصفه بالهش والضعيف، لكنه لم يصل حد الانهيار وذكر بأن عدد من المستشفيات لازالت تحت الخدمة، الى جانب عمل نظام الترصد ومكافحة الاوبئة في عدد من الولايات الآمنة ووصول الإمداد إلى كتير من المناطق التي تعاني من تفشي الاوبئة مثل القضارف، الجزيرة، الخرطوم.

ولفت الوزير إلى ان الخدمات الطبية تقدم في المناطق المذكورة سواء من الصحة الاتحادية أو الولائية واضاف: “نعم توجد صعوبات لكن لايمكن أن لايوصف النظام الصحي بالمنهار، بل على العكس، من المتوقع ان يتحسن للأفضل خاصة في ظل التكاتف الاخير بين ادارات وزارة الصحة الاتحادية بانوعها والصحة في الولايات والمنظمات الاممية العاملة في الميدان زدور الولاة والمجتمع الدولي.

تقييد ام تنظيم؟

مع دخول الحرب شهرها السابع تتهم منظمات دولية، حكومة الامر الواقع، بفرض قيود وعوائق على العمل، وعدم تلقيها رد على طلباتها للحصول على تأشيرات دخول.

واشتكت منظمة أطباء بلاحدود في اغسطس الماضي، من عدم منحها التأشيرات الضرورية، لطواقمها الطبية وقالت: “من دون منح السلطات السودانية للتأشيرات اللازمة بشكل عاجل، قد تضطر المنظمة إلى سحب دعمها من المستشفى التركي في الخرطوم وذكرت أن طلبات التأشيرات لا زالت معلّقة بعد أكثر من ثمانية أسابيع، وهي تخص فريق الطوارئ الذي يضم جرّاحين وممرضين ومتخصصين آخرين.

في رده على تلك الاتهامات، قال وزير الصحة، إن الإجراءات التي تفرضها الحكومة على حركة الوكالات الإنسانية العاملة في السودان، لاتعتبر تقييدا وإنما تدابير رسمية لسلامة الموظفين وحماية المساعدات من التهريب أو النهب.

واوضح أن الإجراءات المعمول بها هي إجراءات رسمية من جانب الدولة في مسأئل ” التأشيرات والدخول” و”اذونات المرور ” في مناطق التوترات الأمنية بهدف تأمين الكادر الطبي والامداد المتحرك بسبب هشاشة الوضع الأمني في بعض المواقع.

وأوضح انهم يفضلوا ان يكون التعيين داخل المنظمات الدولية من “السودانيين” ما أمكن، ومن ثم يتم استجلاب الموظفين الدولين الاميين في مواقع محددة لاسناد الفريق الطبي السوداني.

تداعيات

فيما أكد عضو لجنة انتخابات لجنة الاطباء، ان تداعيات حرب 15 ابريل، لاتقتصر على الدمار الذي طال البنية التحتية والمباني المتضررة فقط وإنما امتد للأجهزة الطبية و وملايين الدولارات التي أنفقت على تأهيل تلك المستشفيات.

وقال: “لا احد يمكنه أن يحدد حجم الميزانيات المتوقعة لإعادة تعميرها وتوقع ان يستغرق عودة النظام الصحي وتعافيه بالعاصمة نحو 5 الى 10سنوات، بعد توقف الحرب”.

وكشف عن نزوح وهجرة اعداد كبيرة من الأطباء والكوادر المساعدة إلى داخل وخارج البلاد، فضلا عن الاثار السلبية للحرب على الوضع الاقتصادي للمذكورين حيث ان العديد منهم لم يتقاضي مستحقاته المالية منذ ابريل الماضي.

و نبه الأمين الى تضرر قطاع غسيل الكلي، من الاقتتال الدائر منذ 6 اشهر، وقال من اجمالى 12 إلى 13 الف مريض غسيل كلي محصور من قبل المركز القومي لغسيل الكلي في السودان، هناك حوالي 8 الف إلى 9 الف مريض يتلقون نحو 70 الف غسلة في الشهر، لأسباب مالية وصعوبات متعلقة بالحرب، الى جانب العوائق التي تواجه مرضي السرطان والتخصصات النادرة والجراحات الدقيقة مثل الكبد والبنكرياس، لوجود معظم الأجهزة والادوية في الخرطوم مما أدي إلى صعوبة الحصول على الخدمات الطبية في ظل غياب احصاءات رسمية عن اعداد المرضي واجمالي المصابين والوفيات.

الوسومالصحة الكوليرا حرب الجيش والدعم السريع حمى الضنك وزارة الصحة السودانية

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الصحة الكوليرا حرب الجيش والدعم السريع حمى الضنك وزارة الصحة السودانية النظام الصحی الى جانب أکثر من

إقرأ أيضاً:

الحرب تضاعف تحديات الصحة الإنجابية في اليمن

في قريتها المعلقة على سفوح جبل صبر بمحافظة تعز جنوب غربي اليمن، عانت حفصة (29 سنة) من مخاض ولادة متعسرة في ظل غياب الأطباء والقابلات بالقرية النائية، واضطر زوجها إلى توليدها، وبعد إخراج جنينها، فوجئ الزوج بشحوب لونها وانهيارها، فقرر إسعافها إلى أحد مستشفيات مدينة تعز التي تبعد نحو ساعتين عبر طريق جبلي وعر، لكنها فارقت الحياة قبل الوصول إلى المستشفى.

 

حفصة واحدة من ضمن يمنيات كثيرات حرمن من خدمات الصحة الإنجابية نتيجة عدم وجود مركز طبي قريب، إضافة إلى قلة الوعي المجتمعي بأهمية الصحة الإنجابية، إذ تلد معظم النساء بعيداً عن المراكز الطبية، في حين يعاني اليمن من تدهور حاد في القطاع الصحي بفعل الحرب التي تشهدها البلاد منذ ما يقارب عشر سنوات، والتي تسببت بإحدى أكثر الأزمات الإنسانية كارثية في العالم، حسب الأمم المتحدة.

 

وتتأثر اليمنيات وأطفالهن بتدمير أو تعطل الكثير من المراكز الطبية، وعجز بقية المراكز القائمة عن تقديم الخدمات الصحية. ويشير صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أنه من بين كل خمسة مرافق صحية تعمل في البلاد، يقدم واحد فقط خدمات الأمومة والطفولة، ما يحرم مئات الآلاف من النساء الحوامل، بخاصة في الأرياف، من خدمات الصحة الإنجابية التي تشمل الرعاية خلال الحمل، وأثناء الولادة، وحتى اكتمال مرحلة الرضاعة.

 

تقول طبيبة النساء والولادة مروى رشاد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "اليمنيات هن الفئة الأكثر تضرراً من تدهور القطاع الصحي، ما يسفر عن ضعف الخدمات المقدمة في مجال الصحة الإنجابية، خاصة في القرى النائية والبعيدة، كما أن نسبة كبيرة من النساء يقمن بالولادة في المنازل، متجاهلات كل المخاطر المحدقة، أو يعتمدن على قابلات غير مؤهلات. هناك قلة وعي منتشرة تحول دون وصول خدمات الصحة الإنجابية إلى النساء، وهناك شرائح كبيرة تجهل أهمية الصحة الإنجابية، كما أن هناك فئات من النساء تجهل أهمية المتابعة الصحية لمراحل الحمل".

 

بدوره، يقول مسؤول الإعلام الصحي بمكتب الصحة في محافظة تعز تيسير السامعي، لـ"العربي الجديد"، إن "الصحة الإنجابية من بين الخدمات الأساسية التي تقدمها وزارة الصحة ضمن حزمة الرعاية الصحية الأولية، وهذا يعد من واجبات الدولة نحو المواطنين، وهي تشمل رعاية الأم الحامل منذ بداية الحمل حتى اكتمال فترة الإرضاع، والهدف منها تحسين النسل، وتقليل نسب وفيات الأمهات بسبب الحمل، وأيضا ولادة أطفال يتمتعون بصحة وعافية".

 

ويؤكد السامعي أنّ "ضعف برامج الصحة الإنجابية في الأرياف ناتج عن قلة الوعي، فالناس ينظرون إلى الصحة الإنجابية من زاوية واحدة هي تنظيم الأسرة، وهذه نظرة قاصرة، لأنها تشمل فحوص ما قبل الزواج، ورعاية الأم الحامل، والرضاعة الطبيعية، والولادة الآمنة. هناك جهود كبيرة لوزارة الصحة في هذا السياق، آخرها تنظيم حملة حول تعزيز صحة الأم والوليد  في محافظتي عدن وتعز، والتي استهدفت أكثر من 380 ألف امرأة، منهن 117 ألف امرأة في خمس مديريات بمحافظة تعز".

 

وبحسب التقديرات الرسمية، فإن ما يقارب 65% من نساء اليمن لا يتلقين الرعاية الصحيّة الكافية أثناء الحمل، رغم أن اليمن يشهد نحو 2.7 مليون ولادة كل عام.

 

ويفيد صندوق الأمم المتحدة للسكان، في تقرير حديث، بأن الأزمة الإنسانية الحادة في اليمن الناتجة عن الصراع المستمر كانت أكثر تأثيراً على النساء، ويحتاج نحو 17,8 مليون شخص في اليمن للمساعدة في مجال الرعاية الصحية، ومن بين هؤلاء 5.5 ملايين من النساء في سن الإنجاب، تتراوح أعمارهن بين 15 و49 سنة، إلى خدمات الصحة الإنجابية، وتحتاج 6,3 ملايين أنثى إلى الحماية من العنف، ونحو 2,7 مليون امرأة حامل ومرضع بحاجة إلى العلاج من سوء التغذية.

 

وقال تقرير الصندوق الأممي إنّ اليمن يعاني من ارتفاع معدلات وفيات الأمهات التي تمكن الوقاية منها، وإنّ امرأة واحدة تموت كل ساعتين بسبب الحمل أو الولادة. فيما تؤكد منظمة الصحة العالمية أن وفيات الأمومة في اليمن تمثّل الرقم الأعلى في إقليم شرق البحر المتوسط.

 

وتورد المنظمة الأممية أن أكثر من مليون امرأة حامل في اليمن يعانين من سوء التغذية، وهن معرضات لإنجاب أطفال يعانون من مضاعفاتٍ صحية مُزمنة، كما أنّ قرابة مليوني امرأة حامل ومرضع لديهنّ فرص رعاية صحية محدودة، أو قد تكون معدومة خلال العام الحالي.


مقالات مشابهة

  • البيت الأبيض يكشف ماهية الأجسام الغامضة التي ظهرت في سماء الولايات المتحدة
  • نيويورك تايمز: الشرع طالب الولايات المتحدة برفع العقوبات التي فرضت على سوريا
  • وكيل صحة الإسماعيلية: تتفقد القافلة الطبية بالمحسمة الجديدة
  • “صحة الخرطوم” تعتزم إعادة تشغيل مرافق صحية بأمدرمان
  • بالصور | إقليم شمال إفريقيا يبحث في طرابلس سبل تعزيز التنسيق لمكافحة الأوبئة العابرة للحدود
  • الحرب تضاعف تحديات الصحة الإنجابية في اليمن
  • الكشف على اكثر من 250 طفل ضمن القافلة الطبية "أطفالنا بخير" بالدقهلية
  • وزير الصحة: وصول عدد خدمات «بداية» لـ 154 مليون خدمة
  • الخرطوم تكشف عن نسبة أدوية الطوارئ المتوفرة لتغطية احتياجات ثلاثة أشهر
  • “صحة بالخرطوم” تعلن عن خطتها لمكافحة الأوبئة وتعزيز الرعاية الصحية