الأمم المتحدة: ربع سكان اليمن بحاجة إلى دعم ورعاية نفسية
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
لم تترك الحرب التي دخلت عامها التاسع تباعاً شيئاً في اليمن إلا ودمرته، فبالإضافة إلى مقتل أكثر من 350 ألف شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، حسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، هناك ربع سكان هذا البلد بحاجة إلى دعم ورعاية نفسية.
قالت الأمم المتحدة، إن ربع سكان اليمن، الذين يقدر عددهم باكثر من 30 مليون نسمة، بحاجة إلى الدعم والرعاية في مجال الصحة النفسية، جراء صدمات الصراع وتداعياته المستمرة منذ تسع سنوات.
وأكد صندوق الأمم المتحدة للسكان، في بيان مقتضب نشره على منصة (إكس) بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يصادف 10 أكتوبر من كل عام: أن "واحدا من بين كل 4 أشخاص في اليمن يعانون اضطرابات في الصحة النفسية وبحاجة لخدمات دعم ورعاية".
وأشار إلى أن اليمن الذي يعاني حربا منذ تسع سنوات، يحتاج سبعة ملايين شخص لخدمات الصحة النفسية.
وفي وقت سابق، ذكرت منظمة الصحة العالمية، ان الحرب تسببت باضرار نفسية وعقلية، لأكثر من 5.5 مليون شخص، وان عددهم في تزايد.
وتواجه معدلات الإصابة التي تشمل النساء والأطفال والفئات الضعيفة الاخرى، معوقات جمّة، يأتي من بينها نقص الكادر الطبي المتخصص، حيث يُقدر عدد الأطباء النفسيين في البلاد بحوالي 58 طبيباً، بمعدل طبيب نفسي واحد لكل نصف مليون شخص، إضافة إلى 120 استشارياً نفسياً، حسب تقديرات 2020.
وسبق وافاد ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن، الدكتور أرتورو بيسيغان، بأن النظام الصحي في البلاد غير قادر على تقديم الدعم الكافي أو الحصول على بيانات شاملة بسبب الوصمة الثقافية.
وذكر أن دراسة أجريت في العام 2019 حول حالات الصحة العقلية في البلاد، ووجدت هذه الدراسة، التي تمثل 42 في المئة من السكان، أن اضطراب ما بعد الصدمة هو حالة الصحة العقلية ذات أعلى معدل انتشار 45 في المئة بين السكان. وتلا ذلك الاكتئاب 27 في المئة، والقلق 25 في المئة، والفصام 18 في المئة، واخيراً الرهاب 4 في المئة.
وتسببت الإصابات النفسية للسكان بعشرات الحوادث، تفاوتت ما بين العزلة والعدائية، والأخيرة دفعت بأصحابها إلى ارتكاب جرائم بحق أنفسهم وأقاربهم ومن حولهم، شملت الانتحار والقتل.
وفي 21 سبتمبر/ ايلول 2014م انقلبت مليشيا الحوثي على النظام بقوة السلاح، وسيطرت على العاصمة صنعاء قبل أن تبدأ بالتوسع في بقية المحافظات، ما أدى إلى حرب بين القوات الحكومية والمليشيات الانقلابية، استعانت على إثرها، حكومة اليمن بتحالف قادته السعودية في 26 مارس/ آذار 2015م.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: الأمم المتحدة فی المئة
إقرأ أيضاً:
الهشاشة النفسية للإنسان المعاصر
د. خلود بنت أحمد بن عامر العبيدانية
ختمنا بتاريخ 10/11/2024م سلسلة من المحاضرات قدمها مركز الأمير عبد المحسن بن جلوي للبحوث والدراسات الإسلامية لبرنامج علمي يناقش قضية "الإنسان المعاصر بين الهشاشة والصلابة.... نحو مقارنة بينية" تتضمن المحاضرات عناوين متنوعة أبرزها وأعمقها مناقشة الهشاشة النفسية ومن هنا أحببت أن أشاركم بهذا المقال أوضح فيه "الهشاشة النفسية للإنسان المُعاصر بين الواقع والمأمول".
تشير الهشاشة النفسية إلى حالة من الضعف أو القابلية للتأثر بشكل كبير بالضغوط النفسية والعاطفية. يمكن أن تتجلى هذه الحالة في صعوبة التعامل مع التوتر، القلق، الاكتئاب، أو أي تحديات نفسية أخرى. الأشخاص الذين يعانون من الهشاشة النفسية قد يجدون صعوبة في التكيف مع التغيرات أو الضغوط اليومية، مما يُؤثر على صحتهم النفسية والعاطفية بشكل عام.
الهشاشة النفسية للإنسان المعاصر أصبحت ظاهرة ملحوظة في مجتمعاتنا اليوم؛ حيث تتزايد الضغوط النفسية والاجتماعية بشكل غير مسبوق. من أهم الأسباب التي تؤدي إلى هذه الهشاشة هي التغيرات السريعة في نمط الحياة، والتكنولوجيا المتقدمة التي تفرض على الأفراد التكيف المستمر، بالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية والاجتماعية. وهذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى شعور الفرد بالعجز والقلق المستمر، مما يؤثر سلبًا على صحته النفسية. من أعراض الهشاشة النفسية: التهويل والمبالغة في تصور حجم المشاكل، الشعور باليأس والإحباط بسرعة، والانغماس في الأفكار والمشاعر السلبية. هذه الحالة تؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية، حيث يميل الشخص إلى الاعتماد المفرط على الآخرين بحثًا عن التوازن والدعم. يمكن تصنيف الهشاشة إلى عدة أنواع بناءً على الأسباب والعوامل المؤثرة، منها الهشاشة النفسية الأولية التي تحدث نتيجة لعوامل داخلية مثل التغيرات الهرمونية أو الوراثية، والهشاشة النفسية الثانوية التي تنتج عن عوامل خارجية مثل التعرض لصدمات نفسية أو ضغوط العمل. هناك أيضًا الهشاشة النفسية المرتبطة بالأمراض، والتي تظهر عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو خطيرة، مما يزيد من شعورهم بالضعف والقلق. بالإضافة إلى ذلك، توجد الهشاشة النفسية المؤقتة التي تكون نتيجة لظروف مؤقتة مثل فقدان وظيفة أو وفاة شخص عزيز، وغالبًا ما تزول بزوال السبب. كل نوع من هذه الأنواع يتطلب نهجًا مختلفًا في التعامل والعلاج، ومن المهم التعرف على النوع المحدد لتقديم الدعم المناسب.
للتعامل مع الهشاشة النفسية وتعزيز الصحة النفسية، يمكن اتباع عدة طرق فعالة. ممارسة الرياضة بانتظام تساعد في تقليل التوتر والقلق من خلال إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين، بينما يوفر التواصل الاجتماعي الدعم العاطفي ويقلل من الشعور بالعزلة. تقنيات التأمل والاسترخاء مثل اليوغا والتنفس العميق تهدئ العقل وتقلل التوتر، والنوم الجيد يعزز الصحة النفسية ويساعد في التعامل مع الضغوط اليومية. التحدث مع مختص نفسي يمكن أن يوفر الدعم المهني ويساعد في تطوير استراتيجيات فعالة للتعامل مع التحديات النفسية. بالإضافة إلى ذلك، تحديد الأهداف الواقعية يعزز الشعور بالإنجاز ويقلل من الإحباط، وممارسة الهوايات التي تستمتع بها يمكن أن تكون وسيلة فعالة لتخفيف التوتر وتحسين المزاج.
في المستقبل، من المتوقع أن تستمر هذه الظاهرة في التفاقم إذا لم يتم اتخاذ إجراءات جادة لمعالجتها. قد يؤدي ذلك إلى زيادة معدلات الاكتئاب والقلق، وتأثيرات سلبية على الإنتاجية والعلاقات الاجتماعية. لذا، من الضروري تعزيز الوعي بأهمية الصحة النفسية وتوفير الدعم اللازم للأفراد لمواجهة هذه التحديات.
المأمول في التعامل مع الهشاشة النفسية هو تحقيق مجتمع يتمتع أفراده بصحة نفسية قوية وقدرة على مواجهة التحديات بمرونة وثبات. يمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز الوعي بأهمية الصحة النفسية وتوفير الدعم اللازم للأفراد عبر برامج توعية وتثقيفية. كما يمكن تحسين الوصول إلى خدمات الصحة النفسية وتقديم الدعم المهني من خلال مستشارين ومعالجين نفسيين.
من المأمول أيضًا تطوير استراتيجيات فعالة للتعامل مع الضغوط النفسية، مثل تعزيز مهارات التأقلم والتكيف، وتشجيع ممارسة الرياضة والنشاطات التي تعزز الصحة النفسية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تعزيز الروابط الاجتماعية وتوفير بيئة داعمة تشجع على التواصل المفتوح والصحي بين الأفراد.
في المستقبل، يمكن أن تسهم التكنولوجيا في تقديم حلول مبتكرة لدعم الصحة النفسية، مثل تطبيقات الهواتف الذكية التي توفر إرشادات وتمارين نفسية، أو منصات تواصل افتراضية تقدم الدعم النفسي عن بُعد. الهدف النهائي هو بناء مجتمع يتمتع أفراده بالقدرة على مواجهة التحديات النفسية بثقة ومرونة، مما يساهم في تحسين جودة الحياة بشكل عام.
في الختام، يمكن القول إن الهشاشة النفسية للإنسان المعاصر هي قضية معقدة تتطلب تضافر الجهود من جميع أفراد المجتمع، بما في ذلك الحكومات والمؤسسات والأفراد، لضمان مستقبل أكثر استقرارًا وصحة نفسية أفضل للجميع.
** باحثة تربوية في مجال علم النفس والإرشاد، عضو المجلس الاستشاري الأسري العُماني