يقف حزب الله بين "طوفان الأقصى" و"السيوف الحديدية" ملتزماً جانب الغموض، ويقف معه لبنان بشعبه وأزماته وكوارثه وعجزه منتظراً قراره، إما بالانخراط في المعركة وفتح جبهة الجنوب، أو بضبط النفس والتزام حياد مدروس يحفظ له ماء وجهه.
صحيح أن الحزب جزء أساسي، وحتى أنه العمود الفقري لمشروع "توحيد الساحات" الذي أعلنه ويقوده رأس محوره الممانع، إلا أنّه لطالما نفى عن كيانه صفة التبعية لإيران، مصراً على أنه مكون لبناني وشريك كامل الأوصاف في التركيبة السياسية، والأهم هو يدرك مسؤوليته عن بيئة حاضنة، يساعدها في الأزمات ويقمعها إذا ما خرجت عن طوعه، ويدرك أن هذه البيئة ومعها اللبنانيين كلهم لن يجدوا من ينجدهم إذا ما تحولت مناطقهم أرضاً محروقة، حتى لو كان بإمكان الحزب أن يرد على النار بنار أكثر شراسة وأكثر فعالية مما في الجعبة العسكرية الإسرائيلية.بالتالي ستنقلب الأمور عليه، ولن يحصد من الطوفان ما يعزز سلطته ويثبتها.
لذلك نسمع أصواتاً ممانعة تنتقد من يسأل عن مصير لبنان مترقباً الحزب الممسك بقرار الحرب والسلم، وتتهمه بخلق إشكالية مغرضة، ولا تختلف بأهدافها عن الذين يعيّرون "المقاومة" بعدم المسارعة إلى نجدة حركة حماس.
فالحزب يعرف أن الدخول في المعركة لا يقتصر على البطولات المنبرية والتباهي الإعلامي المسبق بالنصر، ولا تزول تداعياته مع مسارعة أتباع محور الممانعة للتبريكات وشد الهمة استعداداً لتوزيع البقلاوة مع وقف إطلاق النار، ذلك لأن ظروف المعركة الحالية ليست شبيهة بحرب يوليو (تموز) عام 2006.
هنا ندخل إلى الهدف الفعلي لعملية "طوفان الأقصى"، وإذا كان يرتبط بإعادة القضية الفلسطينية إلى مسارها الصحيح، أي إلى مسار المواجهة مع العدو الإسرائيلي المغتصب للأرض، ورفض الصمت الحالي لكل انتهاكاته، أم أنه ينتهج مسار مصادرة القرار الفلسطيني بهذه الخطوة الحاسمة واللازمة لنقل المرجعية الفلسطينية من منظمة التحرير، وحركة فتح إلى حركة حماس لمصلحة "محور الممانعة"؟؟
حينها، ربما سيربط الحزب، مصير لبنان بما تتطلبه مصلحة المحور وليس القضية الفلسطينية. ولا عجب إذا اشتد وطيس المعارك بما لا يناسب المحور ومشروعه، أن يبدأ تفعيل الوساطات، سواء أتت من قطر أو من مصر أو من المملكة العربية السعودية، مع توظيف للسلطة الفلسطينية حتى التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ومن ثم الانقلاب على هذه السلطة وترتيب التوجهات السياسية بعد ذلك على أساس الانتصار الإلهي، كما حصل في لبنان بعد حرب 2006 وسيطرة حزب الله على مفاصل البلد خدمة لمشاريع محوره.
وحينها، سيتحول "النصر" إلى ورقة يتاجر بها المحور ويوسّع وفقها نفوذه في الإقليم، فيصبح قلب الطاولة حلقة جديدة من حلقات تخريب المنطقة التي سبقت مشروع "توحيد الساحات"، ويمنحه ورقة إضافية للضغط على المجتمع الدولي بموجب الأبعاد الجيوسياسية. وضوح الهدف مع تطورات المعركة وفق المسار المرسوم من رأس المحور يحدد قرار الحزب، مع دراسة للوضع الداخلي اللبناني، ووضع حسابات الربح والخسارة في الميزان. وربما يمكن الاستدلال على أن "توحيد الساحات" ليس قدراً محتوماً حتى الساعة. فالإشارات تصب في هذا التوجه مع قول المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي: "مخطئ من يربط بين إيران وهجوم حماس على إسرائيل".
بالتالي، لا يُحْسَد الحزب على وضعه، والأرجح أنه لا يملك قراره في اللحظة الراهنة، لذلك يقف مترقباً مسار المعركة داخل فلسطين المحتلة، ومكتفياً بالضربات النوعية، دون خرق قواعد الاشتباك.حتى يأتيه الخبر اليقين عن القدر المحتوم بين الطوفان والسيوف.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: غزة وإسرائيل زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً: