سيناريوهات مختلفة لمسار “طوفان الأقصى”
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
#سواليف
كتب .. معتصم سمارة
سقطت «إسرائيل» بالضربة القاضية هذه المرة، وكان سقوطها مدوياً، سقطت هيبتها وغطرستها واستكبارها، سقط تفوقها وتكنولوجيتها، سقط جيشها الذي لا يُقهر، وتمرغ أنفها بالتراب.
لا يعني ذلك أنّ ما سوف يأتي ليس مهماً، وما سوف يفعله #الاحتلال، ويفعله أصلاً منذ نشأ، من دمار هائل، بسبب قوّة نيرانه الغاشمة، هو أهمّ ما في الأمر، لكن في هذا #الصراع الطويل والمعقد، حقّقت المقاومة هدفها في ضربة واحدة، ثمّ تفرغت للتالي من جنون الاحتلال، على عكس كلّ المواجهات السابقة.
طوال عامين سابقين ومنذ #معركة « #سيف_القدس » التي تآكلت فيها قدرة الردع «الإسرائيلي» كثيراً، حاول الاحتلال استعادة هيبته من خلال العربدة في #القدس عبر «مسيرة الأعلام» والتنكيل بالمقدسيين العزل، ثم عبر شن حملة عسكرية ضد «الجهاد الإسلامي» في غزة، وفي الحالتين بقيت « #حماس » شبه مكتوفة الأيدي، وبدت كأنها مردوعة عن القتال، وهنا بات الاحتلال مقتنعاً أن سياسة تحييد «حماس» نجحت، وأنه يمكن شراء سكوتها عبر زيادة المنحة القطرية.
لكن يبدو أن «حماس» كانت أكثر وأبعد إستراتيجية في تخطيطها وقراءتها لما هو قادم، واتضح أنها كانت تخطط وتعد للمواجهة الكبرى، وبمستوى عال من الدقة و #الكتمان و #تضليل_العدو، وإلا كيف استطاعت «حماس» خداع جهاز #المخابرات «الإسرائيلي» ووحداته التجسسية، التي تتجسس على غزة ليل نهار، والتي تفاخر بأنها تعرف أدق التفاصيل عن سكان القطاع.
«حماس» كانت أبعد إستراتيجية في تخطيطها وقراءتها لما هو قادم واتضح أنها كانت تعد للمواجهة الكبرى
كيف استطاعت «حماس» من نشر 5 آلاف #صاروخ في مواقعها قبل الهجوم، ونشرت قوات برية ودخلت بهجوم مظلي دون أن تعلم «إسرائيل» الدولة المتقدمة تكنولوجياً بهذا الأمر، لقد استطاعت «حماس» تخطي نظام الدفاع الذي صرفت عليه «إسرائيل» مليارات الدولارات.
وقد رأت #المقاومة أن هذا هو التوقيت الأنسب لتوجيه الضربة القاضية للاحتلال، خاصة أنها حصلت على معلومات تفيد أن الاحتلال ينوي توجيه ضربة موجعة إلى قطاع غزة، وكذلك في ظل استمرار الاحتلال في سياسته الاستفزازية في القدس وتكرار اعتداءاته على الأسرى، إضافة الى كل ذلك حديث «نتنياهو» المتكرر عن تصفية القضية الفلسطينية نهائياً في ظل التطبيع العربي.
أحداث المعركة
أحداث 7 أكتوبر كشفت المؤسسة الأمنية لدى الكيان الصهيوني؛ الجيش والاستخبارات العسكرية و« #الشاباك»، عارية تماماً، وأزالت من العقل الجمعي في الشرق الأوسط بأسره فكرة الجيش الذي لا يُقهر، وحطمت النظريات الدفاعية، وفشلت «إسرائيل» مجدداً، كما فشل أيضاً السور الأمني الغالي التكلفة، المُقام بين القطاع ومستوطنات الغلاف، الذي خلق إحساساً مضخماً بالأمن، لا أساس له من الصحة.
يرى عدد من كبار المحللين العسكريين والإستراتيجيين الصهاينة، أن الهجوم الذي شنته «حماس» يفوق بكثير إخفاق حرب 1973م، وأن الهجوم الذي كان في معظمه مصوراً يُعدّ إذلالاً لـ«إسرائيل»، ويلحق أضراراً فادحة بصورتها العسكرية قد لا يمكن تجاوزها بسهولة.
هذا الانهيار كانت له عدة مؤشرات، منها:
1- «صفر» معلومات استخباراتية بحيازة «إسرائيل» بشأنه.
2- المنظومة الأمنية أدركت أن هناك عمليات خطف من شبكات التواصل الاجتماعي.
3- لم تكن لدى #الجيش_الصهيوني قوات كافية في محيط قطاع غزة.
4- حصل إرباك لدى الجيش فيما يتعلق بلوجستيات نقل الجنود من قلب الكيان إلى ساحة المعركة.
5- عندما وصل الجيش إلى مستوطنات غلاف القطاع، انتظرت القوات ساعات قبل أن تدخل إلى ساحات القتال لعدم وجود أي تصور ميداني حول ما يجري في الداخل.
بالإضافة إلى ذلك، ظلت بعض #المستوطنات تستغيث لمدة يوم كامل من دون أن تكون هناك قدرة للوصول إلى الأحياء التي سيطر عليها مقاومو «حماس»، ولهذا تداعيات على مفهوم الأمن، ودور الجيش، داخل المجتمع الصهيوني نفسه، وداخل المنظومة الأمنية الصهيونية.
سيناريو حرب متعدّدة الساحات/ الجبهات
مع بدء المعركة الحالية، اتجهت الأنظار مجدداً إلى احتمالية انضمام جبهات أخرى للقتال («حزب الله» اللبناني على وجه التحديد)، وقد تصاعد هذا السيناريو مع تناقل العديد من وسائل الإعلام العربية والعبرية أيضاً بأن هذا الأخير نقل رسالة إلى الكيان الصهيوني عبر الوسيط المصري هدّد فيها بالانضمام إلى القتال في حال أقدم الاحتلال على الدخول برياً إلى قطاع غزة، وفي أعقاب إعلانه في 8 أكتوبر المسؤولية المباشرة عن قصف مواقع في «هار دوف» في مزارع شبعا اللبنانية المحتلّة بمجموعة من قذائف الهاون قبل أن يتم الردّ على القصف بواسطة المدفعية الصهيونية.
« #طوفان_الأقصى » تأكيد على إستراتيجية «حماس» في استخدام بنيتها العسكرية في القطاع لتحقيق إنجازات على المستوى الوطني
هذا الحدث، بالإضافة إلى التقديرات العسكرية الصهيونية السابقة، والتصريحات التي أدلى بها «حزب الله» سابقاً حول الحرب متعدّدة الجبهات -حتى وإن لم يُعلن نيّته التدخل في هذه المعركة صراحة- تجعل هذا السيناريو محتملاً، كما تشير العديد من التحليلات العسكرية والأمنية إلى أن تعدّد الجبهات يحتمل تعدّد الساحات الفلسطينية التي ستنضم إلى المواجهة، لا سيّما أن احتمالية ارتكاب المستوطنين عمليات انتقامية في الضفة الغربية أمر وارد بشدّة (خصوصاً أن المستوطنين في الضفة الغربية هم من جمهور المستوطنين المتطرفين).
مثل هذا السيناريو قد يترتّب عليه تفجير ساحة الضفة الغربية التي يمكن أن تتحول إلى ساحة حرب بين المستوطنين والفلسطينيين، ويمكن اعتبار إغلاق الحواجز الصهيونية التي تقطّع أوصال الضفة الغربية منذ صباح اليوم الثاني لبدء المعركة محاولة للسيطرة على هذه الساحة، هذا بالإضافة إلى هدفها الأساس والمتمثّل في الحدّ من حدوث عمليات فدائية في الطرق والشوارع الاستيطانية في الضفة.
في دلالات المواجهة
كان السؤال الأهم دوماً: ما جدوى مراكمة كل هذه القوة في قطاع غزة؟ وقد جاءت هذه المعركة لتقول بكل وضوح: إن الأمر لا يتعلق بغزة فقط، وفي الحقيقة أن الأمر بدأ مع معركة «سيف القدس»، في ربيع 2021م، ليكون إجابة عن سؤال معنى مراكمة القوة وتوسيع البنية العسكرية، ودورها في القضية الوطنية عامة، وتأكيد أن إستراتيجية «حماس» في استخدام بنيتها العسكرية في القطاع لتحقيق إنجازات على المستوى الوطني إستراتيجية راسخة يثبتها الدليل العملي مرة بعد أخرى؛ الأمر الذي يجعل محاولة احتواء سلاح المقاومة، أو تحييده عن القضية الوطنية العامة؛ فشلاً ذريعاً للاحتلال، وانتصاراً لمنطق المقاومة والمراهنة عليها.
أما السؤال الأصعب هو: كيف استطاع مقاتلو «كتائب القسام» أن يخترقوا الحدود بكل هذه السهولة ويتغلبوا على أنظمة الرقابة والتجسس ويصلوا بكل سهولة إلى عمق 30 كم داخل فلسطين المحتلة 1948م، بل ويمعنوا قتلاً وتدميراً في العدو ثم يعودوا بعشرات الأسرى إلى قطاع غزة سالمين غانمين؟ لعل الإجابة تكمن في
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الاحتلال الصراع معركة سيف القدس القدس حماس الكتمان المخابرات صاروخ المقاومة الشاباك الجيش الصهيوني المستوطنات طوفان الأقصى الضفة الغربیة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
ما أهمية قاعدة “عاموس” الصهيونية التي استهدفها حزب الله؟
يمانيون – متباعات
في تطور لافت، أعلن حزب الله اليوم الأربعاء تنفيذ هجوم جوي بطائرات مسيّرة على قاعدة “عاموس” العسكرية التابعة للكيان الصهيوني، في عملية جديدة تضيف مزيداً من الضغط على الاحتلال الصهيوني في إطار المواجهات المستمرة.
وتعد قاعدة “عاموس” واحدة من المنشآت العسكرية الحيوية في شمال الكيان الصهيوني، حيث تقع على بُعد 55 كيلومترًا عن الحدود اللبنانية، غرب مدينة العفولة. وتعتبر هذه القاعدة بمثابة مركز استراتيجي في استعدادات جيش الاحتلال، فهي تمثل محطة مركزية في تعزيز نقل وتوزيع القوات اللوجستية في المنطقة الشمالية، وكذلك في دعم أنشطة شعبة التكنولوجيا الخاصة بالجيش الصهيوني.
أنشئت القاعدة في الأصل من قبل قوات الانتداب البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية، وكانت بمثابة امتداد لمهبط الطائرات “مجدو” الخاصة بالطائرات الخفيفة. ومع مرور الوقت، أصبحت القاعدة نقطة تجمع وتوزيع حيوية للجنود الصهاينة، لا سيما في دعم قوات الاحتياط من خلال استقبالهم وتوزيعهم في فترات الأزمات العسكرية. وقد كانت حتى عام 2016، مركزًا لاستقبال وتجهيز جنود الاحتياط، وفي فترة لاحقة أصبحت مقرًا للكتيبة المشاة الميكانيكية التابعة للواء غولاني.
وفي عام 2018، بدأت سلطات الكيان الصهيوني بتوسيع وتجديد القاعدة لتواكب احتياجاتها العسكرية الحديثة، وأصبح بمقدور القاعدة استيعاب أكثر من 2000 جندي وضابط، بالإضافة إلى مئات الموظفين الذين يتولون مهام النقل والخدمات اللوجستية. كما شملت أعمال التجديد بناء مركز صيانة متطور لأسطول الشاحنات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال، وكذلك تحديث أنظمة الطاقة الشمسية التي تُستخدم في القاعدة.
وتعد قاعدة “عاموس” اليوم من أبرز المواقع العسكرية التي يوليها جيش الاحتلال الصهيوني اهتمامًا بالغًا، حيث تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات التنقل السريع لقوات الاحتلال في المنطقة الشمالية، والتي تحظى بأهمية بالغة في حال نشوب نزاع أو مواجهة مع حزب الله.
ويشير الهجوم الأخير على القاعدة إلى تصعيد نوعي في العمليات العسكرية التي ينفذها حزب الله ضد البنى التحتية العسكرية التابعة للكيان الصهيوني، ويعكس قدرة الحزب على ضرب مواقع حساسة تقع في عمق الأراضي المحتلة.
وقد يعزز هذا الهجوم من موقف حزب الله في مواجهة الاحتلال، ويشكل تحديًا جديدًا للجيش الصهيوني في الوقت الذي تزداد فيه الضغوط العسكرية عليه من جبهات متعددة.