الجزيرة:
2025-03-16@10:45:14 GMT

الإعلام الغربي على محك طوفان الأقصى

تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT

الإعلام الغربي على محك طوفان الأقصى

تفرض التجربة العريقة والمتنوعة للإعلام الغربي سقف توقعات عاليا في ما يتعلق بمدى دقته وتوازنه في نقل وقائع معركة "طوفان الأقصى" وما تثيره من مواقف ووجهات نظر وما تستدعيه من معطيات لا غنى عنها في إضاءة المشهد واستكشاف مساراته الماثلة والمحتملة.

على أرض الواقع بدت المسافة واضحة بل وفجة بين التقاليد والقيم التي يقول الإعلام الغربي إنه يتحرك ضمنها ويرى من خلالها تطورات المشهد في الشرق الأوسط، وما أنجزته منابر إعلامية غربية على أرض الواقع من حوارات ثنائية وأوسع تناولت المستجدات الساخنة والدامية الدائرة هناك.

دون تعميم مخل بوسعنا القول إن الإعلام الغربي الذي تضاءلت مساحة الاهتمام لديه بالحدث الفلسطيني حتى اكتفى في أغلب الأحيان بأخبار قليلة ذات طابع أمني، والذي اختزل قضية شعب وأرض في حوادث أمنية متفاوتة الأحجام لكنها معزولة أقرب لأقواس سرعان ما تغلق بعد أن تكون قد فتحت بهذه الحيثية أو تلك لأيام محدودة.

هذه المقاربة نزعت فعليا عن القضية الفلسطينية عناوينها الكبرى، فهي لم تعد قصة احتلال وسعي لاجتثاث شعب من أرضه، وهي ليست قصة ملايين من اللاجئين داخل أرضهم وخارجها، ولا هي قصة قهر يومي في سجن كبير يسمى غزة.

هي ليست كل ذلك وإنما مجموعات فلسطينية مسلحة تقوم بين حين وآخر باختراق الصمت المضروب حول وفاة مسار التسوية من خلال عمليات عسكرية هنا وهناك، دون إشارة بالقدر الكافي واللازم أصلا إلى جذور المشكلة والعقد المستحكمة فيها، والتي جعلت منها برميل بارود قابل للانفجار كل لحظة لهذا السبب أو لذاك.

سؤال يختزل قفزة هائلة

داخل هذه الذهنية وضمن هذا التأطير جاءت استضافات لشخصيات فلسطينية لتبادرها في ترديد شبه ببغائي لسؤال كاد يتكرر حرفيا وهو: هل تدين ما قامت به حماس بوصفه عملا إرهابيا استهدف مدنيين؟

سؤال يختزل قفزة هائلة فوق السياقات ومسارعة نحو "استحلاب" إدانة سهلة ومباشرة بدت أقرب لهدية مجانية لحكومة بنيامين نتنياهو التي وصفت على لسان نخب إسرائيلية وغربية بكونها الأكثر يمينية والأشد خطورة في تاريخ حكومات إسرائيل، تلك التي لم تتوقف يوما في التنافس الشرس على تنكيل أفظع وأشمل بالفلسطينيين.

وفي كل مرة كان الجواب الفلسطيني إحالة على ألف باء الصراع ومنابع الظلم البواح الذي اكتنف فصول القصة على مسمع ومرأى من دول العالم، خاصة منه ما يسمى العالم الحر، ذلك الذي تداعى للإعراب ليس فقط عن مساندة إسرائيل، وإنما كذلك الشد من أزرها بألوان من الدعم بلغ ذروته المؤقتة بإرسال إدارة بايدن قطعة مهمة من البحرية الأميركية وتخصيص فوري لثمانية مليارات من الدولارات في شكل دعم عسكري مباشر للجهد الحربي الإسرائيلي.

لم يكن ذلك هو أسوأ ما قام به الإعلام الغربي في أغلب ما خصصه لمتابعة معركة "طوفان الأقصى" بالخبر والتحليل، ففي مرات عدة كان المدعوون عبارة عن أعضاء في أوركسترا تعزف النغمة ذاتها، فتتعدد الزوايا لتكثف الصورة نفسها: إسرائيل في مرمى التهديدات الإرهابية!

ووسط جوقة المدعوين تجد من يتم تقديمه على أنه خبير في الشأن مهمته بسط توطئة معلوماتية تشمل معطيات وتعقيدات التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والديمغرافيا، ولك أن تذهل لحجم المغالطات التي يتم تسريبها تحت غطاء من ألقاب علمية ومواقع أكاديمية رنانة تحكي في الواقع جهلا فادحا أو تجاهلا يلامس حد الإجرام في رسم صورة تقدم على أنها واقع، وما في الواقع بواقع.

السؤال المشروع

ولعل السؤال المشروع والمطروح هنا هو التالي:

هل مثل هذا التعاطي الإعلامي حالات شاذة تحفظ ولا يقاس عليها؟ أم أنها منهج قائم يتم تفعيله كلما دعت الحاجة، والحاجة هنا خطر مهم يحيق بإسرائيل يستدعي تبييضا لصفحتها وترويجا من طرف ظاهر وآخر لسرديتها؟

وهل مثل هذا التعاطي هو مجرد سقطة مهنية من إعلام راكم تجربة طويلة في تغطية حروب عالمية ومعارك تحرر وطني وكوارث طبيعية؟ أم أن الأمر يتعلق بجوهر صلب يسكن العقل الغربي الباطن ويحكم تفكيره ويمنعه من مجاوزة خطوط حمراء ويجعله يدمن تكرار رواية يمكن وصفها بكونها "يهودية مسيحية"، طبعا دون وقوع في فخ التعميم والاستغراق عند استعمال التعبيرين؟

الحقيقة هي أن معركة "طوفان الأقصى" والتغطية الغربية لها أعادتا القضية الفلسطينية إلى سيرتها الأولى وفرضت استدعاء المحركات الأساسية لدوامة العنف بشكليه الاحتلالي والمقاوم، لتضع الجميع أمام معادلة أساسية تقول إن من يتغافل عن الأسباب لا حق له في أن يستاء من النتائج، ذلك أن عصر ملايين الناس في قمقم غزة وقهر أمثالهم في الضفة والشتات يتضمن حكما تداعيات ليس أقلها مقاومة المحتل وإيجاعه بكل الطرق الممكنة.

ولأي كان أن يجيل البصر في مختلف القنوات والمواقع الغربية ليجد أن دلائل "العمى" في النظر إلى واقع القضية الفلسطينية أكثر من أن تحصى، واللافت للانتباه هو أن المحاور الفلسطيني وبمجرد التذكير بجذور القضية يجد أمامه مذيعا يحاول وبضعف صارخ الرد على البرهان الفلسطيني ثم سرعان ما ينهي المقابلة، في مقابل لقاءات مع إسرائيليين يفسح مجال الزمن أمامهم مع مقاطعات شحيحة وخجولة لا تمنعهم من تزييف المشهد مجددا مرارا وتكرارا.

في مقابل هذه القاعدة التي تحولت سقطة في تجربة الإعلام الغربي تبرز هنا وهناك استثناءات قليلة ومحتشمة من بعض الشجعان الذين من حقهم الخوف على مصيرهم المهني لمجرد إفساح المجال أمام تفهّم الحق الفلسطيني، فضلا عن المفارقة الغربية الصارخة بين رفض الاحتلال الروسي لأوكرانيا، وتكريس وتزكية والتبرير للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

حديثنا في الإعلام الغربي لا يمكن أن يكتمل دون آخر عن تعامل الإعلام العربي مع "طوفان الأقصى"، وهناك ما أدهى وأنكى وأمر مما يقوم به الإعلام الغربي.

حديث تفرض التطورات التطرق إليه في مقالة أخرى قريبا جدا.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الإعلام الغربی طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

تحالف الأحزاب: الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة الأكثر إنصافا لحل القضية الفلسطينية

عبر تحالف الأحزاب المصرية، الذي ينضوي تحت لوائه نحو 42 حزبًا سياسيًا، عن ترحيبه بتناول الصحافة الأمريكية للخطة العربية لغزة التي طرحتها مصر في القمة العربية الأخيرة وأيدتها الدول العربية والإسلامية، فضلا عن الدعم الأوروبي، واصفًا هذا الطرح بـ«المنصف والعقلاني» والذي يتسق مع الواقع الذي يؤدي بالضرورة لإحلال السلام ونبذ العنف.

الخطة المصرية لاقت ترحيبًا دوليًا

وفي بيان أصدره المركز الإعلامي لتحالف الأحزاب المصرية على لسان أمينه العام، النائب تيسير مطر، رئيس حزب إرادة جيل، ووكيل لجنة الصناعة في مجلس الشيوخ، والذي بدوره أكد أن الخطة المصرية التي لاقت ترحيبًا دوليًا، وعلى نطاق واسع، استهدفت وضع حل لجذور الأزمة الحالية وتقديم رؤية متكاملة للحياة ما بعد الحرب على غزة، ولاسيما في ضوء المعطيات التي تشير إلى أزمة حقيقية داخل قطاع غزة، ووضع أطر بديلة للإعمار بعيدًا عن التهجير.

برلمانية: صعيد مصر يشهد طفرة تنموية غير مسبوقة في عهد الرئيس السيسيالرئيس السيسي يهنئ مارك كارني برئاسة حكومة كندا

ووصف النائب تيسير مطر، التراجع الأمريكي عن مخطط التهجير والذي جاء على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ«العقلاني»، في ضوء أن الإصرار على المخطط كان سيضر بالمنطقة والمصالح الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط بأكملها، وخاصة أن العناد الأمريكي، وإن كان سيفيد الجانب الإسرائيلي وحده، لكنه كان سيزيد من رقعة الحرب والعنف في ظل عدم رضاء دول المنطقة بأكملها بالطرح الأمريكي، مشيرًا إلى أنه على الولايات المتحدة أن تنظر بإنصاف لمصالح طرفي الصراع، وتسعى لحلحلته بما يحقق النفع للفلسطينيين والإسرائيليين، على حد سواء، لافتًا إلى أن النظرة الأحادية أفقدت ثقة دول المنطقة والمجتمع الدولي الثقة في الرؤية الأمريكية.

وقال أمين عام تحالف الأحزاب المصرية، إنه وإلى جانب الخطة المصرية للإعمار، والتي جاءت شاملة ومتكاملة، علينا أن نستغل حالة الزخم الدولي الدائرة حول القضية الفلسطينية وأن نضع حدًا لهذا الصراع التاريخي، عبر حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، على حدود الرابع من يونيو 1967، مؤكدًا أننا أمام فرصة تاريخية تقتضي صدق الرؤية للأطراف الدولية الفاعلة للجلوس على مائدة المفاوضات وحل تلك الإشكالية من جذورها وهو ما سيسهم في حلحلة تلك النزاعات وإحلال السلام، لكي يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون، جنبًا إلى جنب، بعيدًا عن الصراع الدموي المستمر.

مصر داعية السلام

واختتم النائب تيسير مطر حديثه بالقول: مصر لطالما كانت على الدوام داعية إلى السلام ومطالبة بضرورة احترام الإرادة الفلسطينية في إقامة دولتهم، فإنه آن الأوان أن نستمع للرؤية المصرية في هذا الصدد، وإلا فإن الحلول الوقتية لن تؤدي إلى نتائج حقيقية، وسرعان ما نعود إلى نقطة الصفر ودائرة الصراع مرة أخرى، ومن ثم فإن على المجتمع الدولي أن يتبنى الرؤية المصرية وأن يكون لديه رغبة صادقة في عودة الحق الفلسطيني الذي انتزع منه منذ عقود طويلة، ونحن على يقين بأن التوافق المصري الأمريكي سيؤدي حتمًا إلى حل القضية الفلسطينية، في ظل التفاهم في الرؤى بين السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس دونالد ترامب.

مقالات مشابهة

  • هاليفي: حماس نجحت في خداع إسرائيل قبل عملية طوفان الأقصى
  • كيف ساهمت المواقف المصرية فى الحفاظ على القضية الفلسطينية؟
  • تحالف الأحزاب: الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة الأكثر إنصافا لحل القضية الفلسطينية
  • أبوخشيم: يجب محاسبة وسائل الإعلام التي تروج لخطاب الكراهية
  • FP: هل يتمكن حكام سوريا الجدد من مواجهة المشاكل التي زرعها الاستعمار الغربي
  • فاسدة وغسر شرعية..ترامب يهاجم ووسائل الإعلام التي تنتقده
  • بقرار أمريكي أوروبي.. حجب قناة الأقصى الفضائية عن الظهور في كافة الأقمار الصناعية
  • قرار أمريكي وأوروبي يقضي بحظر بث قناة الأقصى.. وحماس تعلّق
  • حجب قناة الأقصى الفضائية عن الظهور في كافة الأقمار الصناعية
  • وزير الإعلام اللبناني: تشكيل لجنة لمتابعة النقاط التي عرضها صندوق النقد الدولي