الجزيرة:
2024-10-05@05:15:27 GMT

الإعلام الغربي على محك طوفان الأقصى

تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT

الإعلام الغربي على محك طوفان الأقصى

تفرض التجربة العريقة والمتنوعة للإعلام الغربي سقف توقعات عاليا في ما يتعلق بمدى دقته وتوازنه في نقل وقائع معركة "طوفان الأقصى" وما تثيره من مواقف ووجهات نظر وما تستدعيه من معطيات لا غنى عنها في إضاءة المشهد واستكشاف مساراته الماثلة والمحتملة.

على أرض الواقع بدت المسافة واضحة بل وفجة بين التقاليد والقيم التي يقول الإعلام الغربي إنه يتحرك ضمنها ويرى من خلالها تطورات المشهد في الشرق الأوسط، وما أنجزته منابر إعلامية غربية على أرض الواقع من حوارات ثنائية وأوسع تناولت المستجدات الساخنة والدامية الدائرة هناك.

دون تعميم مخل بوسعنا القول إن الإعلام الغربي الذي تضاءلت مساحة الاهتمام لديه بالحدث الفلسطيني حتى اكتفى في أغلب الأحيان بأخبار قليلة ذات طابع أمني، والذي اختزل قضية شعب وأرض في حوادث أمنية متفاوتة الأحجام لكنها معزولة أقرب لأقواس سرعان ما تغلق بعد أن تكون قد فتحت بهذه الحيثية أو تلك لأيام محدودة.

هذه المقاربة نزعت فعليا عن القضية الفلسطينية عناوينها الكبرى، فهي لم تعد قصة احتلال وسعي لاجتثاث شعب من أرضه، وهي ليست قصة ملايين من اللاجئين داخل أرضهم وخارجها، ولا هي قصة قهر يومي في سجن كبير يسمى غزة.

هي ليست كل ذلك وإنما مجموعات فلسطينية مسلحة تقوم بين حين وآخر باختراق الصمت المضروب حول وفاة مسار التسوية من خلال عمليات عسكرية هنا وهناك، دون إشارة بالقدر الكافي واللازم أصلا إلى جذور المشكلة والعقد المستحكمة فيها، والتي جعلت منها برميل بارود قابل للانفجار كل لحظة لهذا السبب أو لذاك.

سؤال يختزل قفزة هائلة

داخل هذه الذهنية وضمن هذا التأطير جاءت استضافات لشخصيات فلسطينية لتبادرها في ترديد شبه ببغائي لسؤال كاد يتكرر حرفيا وهو: هل تدين ما قامت به حماس بوصفه عملا إرهابيا استهدف مدنيين؟

سؤال يختزل قفزة هائلة فوق السياقات ومسارعة نحو "استحلاب" إدانة سهلة ومباشرة بدت أقرب لهدية مجانية لحكومة بنيامين نتنياهو التي وصفت على لسان نخب إسرائيلية وغربية بكونها الأكثر يمينية والأشد خطورة في تاريخ حكومات إسرائيل، تلك التي لم تتوقف يوما في التنافس الشرس على تنكيل أفظع وأشمل بالفلسطينيين.

وفي كل مرة كان الجواب الفلسطيني إحالة على ألف باء الصراع ومنابع الظلم البواح الذي اكتنف فصول القصة على مسمع ومرأى من دول العالم، خاصة منه ما يسمى العالم الحر، ذلك الذي تداعى للإعراب ليس فقط عن مساندة إسرائيل، وإنما كذلك الشد من أزرها بألوان من الدعم بلغ ذروته المؤقتة بإرسال إدارة بايدن قطعة مهمة من البحرية الأميركية وتخصيص فوري لثمانية مليارات من الدولارات في شكل دعم عسكري مباشر للجهد الحربي الإسرائيلي.

لم يكن ذلك هو أسوأ ما قام به الإعلام الغربي في أغلب ما خصصه لمتابعة معركة "طوفان الأقصى" بالخبر والتحليل، ففي مرات عدة كان المدعوون عبارة عن أعضاء في أوركسترا تعزف النغمة ذاتها، فتتعدد الزوايا لتكثف الصورة نفسها: إسرائيل في مرمى التهديدات الإرهابية!

ووسط جوقة المدعوين تجد من يتم تقديمه على أنه خبير في الشأن مهمته بسط توطئة معلوماتية تشمل معطيات وتعقيدات التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والديمغرافيا، ولك أن تذهل لحجم المغالطات التي يتم تسريبها تحت غطاء من ألقاب علمية ومواقع أكاديمية رنانة تحكي في الواقع جهلا فادحا أو تجاهلا يلامس حد الإجرام في رسم صورة تقدم على أنها واقع، وما في الواقع بواقع.

السؤال المشروع

ولعل السؤال المشروع والمطروح هنا هو التالي:

هل مثل هذا التعاطي الإعلامي حالات شاذة تحفظ ولا يقاس عليها؟ أم أنها منهج قائم يتم تفعيله كلما دعت الحاجة، والحاجة هنا خطر مهم يحيق بإسرائيل يستدعي تبييضا لصفحتها وترويجا من طرف ظاهر وآخر لسرديتها؟

وهل مثل هذا التعاطي هو مجرد سقطة مهنية من إعلام راكم تجربة طويلة في تغطية حروب عالمية ومعارك تحرر وطني وكوارث طبيعية؟ أم أن الأمر يتعلق بجوهر صلب يسكن العقل الغربي الباطن ويحكم تفكيره ويمنعه من مجاوزة خطوط حمراء ويجعله يدمن تكرار رواية يمكن وصفها بكونها "يهودية مسيحية"، طبعا دون وقوع في فخ التعميم والاستغراق عند استعمال التعبيرين؟

الحقيقة هي أن معركة "طوفان الأقصى" والتغطية الغربية لها أعادتا القضية الفلسطينية إلى سيرتها الأولى وفرضت استدعاء المحركات الأساسية لدوامة العنف بشكليه الاحتلالي والمقاوم، لتضع الجميع أمام معادلة أساسية تقول إن من يتغافل عن الأسباب لا حق له في أن يستاء من النتائج، ذلك أن عصر ملايين الناس في قمقم غزة وقهر أمثالهم في الضفة والشتات يتضمن حكما تداعيات ليس أقلها مقاومة المحتل وإيجاعه بكل الطرق الممكنة.

ولأي كان أن يجيل البصر في مختلف القنوات والمواقع الغربية ليجد أن دلائل "العمى" في النظر إلى واقع القضية الفلسطينية أكثر من أن تحصى، واللافت للانتباه هو أن المحاور الفلسطيني وبمجرد التذكير بجذور القضية يجد أمامه مذيعا يحاول وبضعف صارخ الرد على البرهان الفلسطيني ثم سرعان ما ينهي المقابلة، في مقابل لقاءات مع إسرائيليين يفسح مجال الزمن أمامهم مع مقاطعات شحيحة وخجولة لا تمنعهم من تزييف المشهد مجددا مرارا وتكرارا.

في مقابل هذه القاعدة التي تحولت سقطة في تجربة الإعلام الغربي تبرز هنا وهناك استثناءات قليلة ومحتشمة من بعض الشجعان الذين من حقهم الخوف على مصيرهم المهني لمجرد إفساح المجال أمام تفهّم الحق الفلسطيني، فضلا عن المفارقة الغربية الصارخة بين رفض الاحتلال الروسي لأوكرانيا، وتكريس وتزكية والتبرير للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

حديثنا في الإعلام الغربي لا يمكن أن يكتمل دون آخر عن تعامل الإعلام العربي مع "طوفان الأقصى"، وهناك ما أدهى وأنكى وأمر مما يقوم به الإعلام الغربي.

حديث تفرض التطورات التطرق إليه في مقالة أخرى قريبا جدا.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الإعلام الغربی طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

تطورات اليوم الـ363 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة

غزة - صفا

دخلت عملية "طوفان الأقصى" التي أعلن القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس محمد الضيف انطلاقها، يومها الـ363، ردًا على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين واقتحاماته المتكررة للمسجد الأقصى، فيما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء عملية "سيوف حديدية" ضد قطاع غزة.

واستأنف جيش الاحتلال يوم الجمعة الأول من ديسمبر/ كانون الأول عدوانه على القطاع بعد هدنة إنسانية استمرت سبعة أيام.

واستشهد منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة 41689 مواطنًا، فيما وصل عدد المصابين إلى 96625، كما أن 72% من الضحايا هم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة.

ومع استمرار العدوان الهمجي، توقفت معظم المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل، إما بسبب القصف أو نفاد الوقود.

في المقابل، أشارت التقديرات العسكرية الإسرائيلية إلى أنّ أكثر من 1500 إسرائيلي قتلوا منذ بدء المعارك، بينهم أكثر من 700 ضابط وجندي، بالإضافة إلى نحو 10 آلاف جريح.

وفيما يلي آخر تطورات الأحداث:

مقالات مشابهة

  • تطورات اليوم الـ365 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • "أوقفوا الإبادة" وسم تضامني مع اكتمال عام على "طوفان الأقصى"
  • عام على طوفان الأقصى
  • "أوروبيون لأجل القدس": الاحتلال يستغل الحرب لتغيير الواقع بالأقصى
  • تطورات اليوم الـ364 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • عرض شعبي لخريجي الدورات العسكرية المفتوحة “طوفان الأقصى” في مديرية بني العوام بحجة
  • تطورات اليوم الـ363 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • عام على طوفان الأقصى: من ربح ومن خسر؟
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها
  • قيادات إسرائيلية أطاح بها طوفان الأقصى