تقييمات إسرائيلية: طوفان الأقصى أخطر من حرب أكتوبر.. تقوض وجودنا
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
في الوقت الذي يدخل فيه عدوان الاحتلال يومه السادس، فإن الإحباط الإسرائيلي ما زال سيد الموقف، من حقيقة توصف بـ"المروعة"، بعد أن قوّضت حماس الشعور بالأمن لدى المستوطنين.
.
ران أدليست الكاتب في صحيفة معاريف، أكد أننا "لسنا أمام حرب نظامية في غزة، بل إن ما يقوم به الجيش هو غارات جوية لأغراض الانتقام، وتعزيز ثقة الجمهور الإسرائيلي الذي يعاني من المخاوف".
واستدرك "لكن المشكلة في عدم تناسب القوة الجوية مع نتائج الدخول البري، وحينه قد تندلع حرب حقيقية، ناهيك عن الانفتاح في الشمال الذي قد يتطور لمعركة متعددة الساحات، مع العديد من الخسائر والأضرار في الممتلكات والبنية التحتية، وبالتالي فإنهم في حكومة الفشل، يستعدون بالفعل لـليوم التالي، ولكن في هذه الأثناء، وكالعادة، هناك شلل وذعر في هذه الحكومة".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "نتنياهو غير مؤهل لإدارة الوضع الحربي، لأن الحقيقة المروعة أن عدة مئات من مقاتلي حماس نجحوا في عملية محلية لتقويض الشعور بالأمن الوجودي لدى المستوطنين، وطالما أن سلاح الجو هو الذي يقصف، فإنه سيظل ممسكاً بزمام المبادرة، ولكن في اللحظة التي يصدر فيها الأمر بالتحرك إلى غزة، يجب على النظام السياسي أو الأمني أن يفعل شيئاً جذرياً للتعامل معها، لأنه في هذه اللحظة يستحيل تقدير الكيفية التي سيتم بها الدخول البري إلى غزة".
رون كوفمان الكاتب في صحيفة معاريف أن "تمسك نتنياهو بترؤس حكومة الفشل يؤكد أنه لا يستعد جيداً بالفعل لليوم التالي، رغم تهديداته بأن الحرب على غزة من شأنها أن تحدث تغيرات إقليمية في الجبهتين الجنوبية والشمالية، فضلا عن حديثه عن تغيير الشرق الأوسط لعقود قادمة، وتهديداته المتكررة لحماس "لا تجربونا"، أو "ردنا سيكون غير مسبوق".
"لكن من الناحية العملية فإن الزعيم الفلسطيني محمد الضيف، استعد جيداً للحرب، وأغرقنا في فوضى سوف تستمر لسنوات من خلال الاستيلاء على 20 مستوطنة و11 قاعدة عسكرية".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "إسرائيل حتى لو قتلت الضيف، ومعه جميع قيادات حماس الموجودة في بلدان أخرى، فلن تُنسى الكارثة التي حدثت في مستوطنات غلاف غزة، وبذلك لن نكون مشغولين بحصر عدد السنوات التي مضت على حرب يوم الغفران 1973، لأننا من الآن فصاعدا سوف نحسب الأيام والأسابيع والشهور والسنوات حتى حرب عيد العرش 2023، بسبب ما مارسته الحكومة الحالية من مظاهر الغطرسة الغبية، والعرض المزيف، والكبرياء المتعجرف، وخداع الجمهور الذي يشكك في دوافع الحكومة".
وختم بالقول إن "خمسة أيام مرّت على بداية الحرب، وما زال نتنياهو يبحث عن الصيغة لحكومة الطوارئ، ويخيفه رئيسان سابقان للأركان، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، ممن يتمتعان بخبرة متراكمة في القتال وإدارته، وقد يدمران صورته كـ"سيد الأمن"، لأنهما يعرفانه من أحداث سابقة، وفي نهاية المطاف، في يوم من الأيام، ستنتهي الحرب، وستنشر لجنة التحقيق التي ستلقي اللوم على الحكومة، رغم أن المحاسبة سيتم تأجيلها ستة أشهر بعد الحرب، لأن الدماء الناجمة عن القتال والخراب في مستوطنات غلاف غزة لا تزال رائحتها قائمة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاحتلال الفلسطيني فلسطين الاحتلال طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
طوفان الأقصى وإعلاء الحقيقة التاريخية
المؤرخ الإسرائيلي الشهير إيلان بابيه (70 سنة) له توصيف دقيق لما يجرى الآن في الشرق الأوسط يقول فيه: "نحن الآن في خضم مسار تاريخي بدأ بالفعل، يمكنك أن تؤجل زوال إسرائيل وزوال الاحتلال، لكنك لا يمكن أن توقفه..".
وبغض النظر عن كون الرجل ضيق حيز التغيير التاريخي الذي يشير إليه وحصره في قصة بقاء إسرائيل وزوالها.. إلا أننا بالفعل أمام مسار تاريخي جديد، ليس على مستوى الأحداث فقط، بل وهو الأهم على مستوى الأفكار..
* * *
اليقين المؤكد هو أننا كعرب دخلنا تاريخ الإنسانية بالإسلام، وتكونت على إثر ذلك معادلة أقامت نفسها بنفسها وكان لها مقامها، وهي أن الأمة العربية بالإسلام، تكون في قلب مجرى التاريخ، وبدون الإسلام، هي على هامش كل التواريخ..
وستظهر هذه المعادلة بوضوح بدءا من العصر العباسي الثاني (القرن العاشر ميلادي) وبداية الهجوم الأوروبي على عالم الإسلام ومعه الهجوم التتاري، في الحالتين كانت المعادلة تنصب نفسها قائمة والعكس صحيح تماما، ورأيناه في حطين (1187م) وعين جالوت (1260م)..
وكل حركات التحرر الوطني في المشرق والمغرب العربي كانت منتبهة جيدا لهذه المعادلة.. وذلك عهد قريب لم يبعد عنا بعد.
* * *
وسنرى الراحل ميشيل عفلق (ت: 1989م) المسيحي الأرثوذكسي والمنظر العتيد لحزب "البعث العربي" يعبر لنا عن ذلك فيقول: "الدين في صميم القضية العربية، والمواطن العربي الذي نعمل لتكوينه، لم نرض له أن يكون تكوينا ناقصا أو زائفا، وبدافع من الحب للأمة العربية، أحببنا الإسلام منذ السن اليافعة، وبعد أن اقتربنا أكثر من فهمه، أضحى حبنا لأمتنا يتلخص في حبنا للإسلام".
وسيقول جملة جامعة مانعة شارطة: وإذا "فُهم الإسلام على حقيقته" ستتكرر ملحمته بكل فصولها في واقعنا الحاضر، وإلى أن تختم بالظفر النهائي للحق والإيمان.. كأن الراحل الكريم يتحدث عن "طوفان الأقصى".. فها هي المقاومة تحمل لنا وللشرق وللأمة كلها "فهم الإسلام على حقيقته".
* * *
وسيكون هاما هنا أن نسمع لرأى له وزنه وثقله من داخل المخزن الأكاديمي في إسرائيل، إنه د. داتون هاليفي أستاذ التاريخ بجامعة تل أبيب، والذي سيكتب لنا في موقع يديعوت الأسبوع الماضي كما نقل لنا الأستاذ ياسر الزعاترة على صفحته: مات السنوار، ولكن يبدو أن إسرائيل تساهم في تنفيذ وصيّته، السنوار فَهم بعمق قدرة القيادة المتطرفة على جر مصير أمة كاملة معها.
الحكومة المتطرفة في إسرائيل في هذه الفترة لم تكن فقط السبب وراء هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بل كانت أيضا فرصته (السنوار) لدفع إسرائيل نحو الهاوية، لقد نجح في ذلك بشكل ممتاز على مدار عام، كان يعلم أن إسرائيل ستتوجه الى الانتقام الوحشي.
وسيتكفل ذلك داخليا وخارجيا بـ"هدم صورة إسرائيل" عن نفسها، وصورتها في العالم الخارجي، حكومة الكارثة، ستفعل كل ما بوسعها لتنفيذ وصية السنوار كما هي، حتى تتفكك إسرائيل!
* * *
ما الذي فعلته المقاومة حتى يحدث كل هذا؟ والشيء الهام حقا، بل والأهم، هو كيف أعدت المقاومة نفسها للقيام بكل هذا..؟
لنعرف ذلك، سيكون علينا أولا أن نستدعى النظام العربي الرسمي من الخمسينيات وحتى يومنا هذا، أولئك الذين كانوا يتحدثون من خارج التاريخ!.. هم الذين اختاروا ذلك، وعن بينة اختاروا ذلك.. لماذا؟ لأن الدخول إلى "مجرى التاريخ" الحقيقي، كان سيترتب عليه ما يقض مضاجعهم كأصحاب سلطان، وهم في واقع الحال يريدون أن يعيشوا بسلطانهم ويتمتعوا بالأبّهة الكاملة (راجع مذكرات خالد محي الدين- "الآن أتكلم").
ذلك أن الدخول ثانية إلى مجرى التاريخ لن يكون إلا عبر نفس الطريق الذي دخلت منه الأمة في "الميلاد الأول"، كما يقول لنا المفكر الراحل مالك بن نبي (ت: 1973م) في كتابه المهم "شروط النهضة". وسيقول لنا فيه جملة من أروع ما قاله في كل كتاباته: "وإنها لشريعة السماء: غيرّ نفسك تُغيّر التاريخ".
* * *
ما وراء الصورة المبسّطة للواقع الحالي، هو أن الشرق الذي تشكّل بعد الحرب العالمية الثانية، كان مقصودا له ومنه أن يكون "خارج التاريخ"، حتى تدخل "إسرائيل" هذا التاريخ.. ليس حبا في اليهود، فتاريخ الكراهية الأوروبية لليهود أشهر من أن يُذكر ويعرَّف.
* * *
دخلت إسرائيل التاريخ على أيدي المقاول الغربي (أوروبي وأمريكي)، وكما قلنا كان لا بد من خروج الشرق من "مجرى التاريخ"، لتكون إسرائيل وأشباه إسرائيل هم تاريخ هذا الشرق.
من التصريحات المتكررة لنتنياهو تشبها بكبار الزعماء في التاريخ، هو أنه يقود حربا لتغيير الشرق الأوسط! والشرق كله فعلا يتجه نحو التغيير، لكنه التغير باتجاه إعلاء "الحقيقة التاريخية".. حقيقة ارتباطه القدري والتاريخي بالإسلام.