يبدو أن يوم السابع من أكتوبر لعام 2023 سيكون تاريخًا مفصليًا على مدار الصراع العربي الإسرائيلي برمته، وثاني أكبر انتصار عسكري بعد خمسين عاما على حرب السادس من أكتوبر، حيث صُدم العالم بما حققته عملية طوفان الأقصى، التي نفذتها حركة المقاومة الفلسطينية، حماس، بالتعاون مع بعض الفصائل الأخرى. 

 

في عملية طوفان الأقصى انهارت الحسابات العسكرية، والتفوق التكنولوجي والاستخباراتي لدولة الاحتلال القائمة، حيث يستعرض مقال من صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية أن حركة حماس قامت بتدمير نظام أمني فائق التقنية بقيمة مليار دولار على حدود غزة فقط باستخدام عدد من الجرافات، والطائرات الشراعية، وشبكة الاتصالات من الجيل الثاني 2G.

 

طوفان الأقصى لم تربك إسرائيل وحدها ! 

تقول الصحفية في بوليتيكو “دانييلا تشيسلو” إن عملية طوفان الأقصى ليست عملية كبرى فحسب بالنسبة لإسرائيل، وإنما لمنظومة الدفاع الغربية بأكملها التي وضعت ثقة كبيرة في إسرائيل باعتبارها موردًا للأسلحة وأنظمة الأمن الذكية عالية التقنية. 

 

وتؤكد أودري كورث كرونين، مديرة معهد كارنيجي ميلون للأمن والتكنولوجيا، هذه الفرضية قائلة “لقد أصبح من السهل على نحو متزايد إنشاء وسائل تكنولوجية متقدمة إلى حد ما لمواجهة الدول التي تمتلك تقنيات متطورة للغاية، وهو الدرس الذي يشهد عليه الارتفاع الكبير في أعداد القتلى من قطاع غزة وإسرائيل على السواء”.

التكنولوجيا تغير الحرب

وقالت “كرونين” التي ألفت كتاب “السلطة للشعب: كيف يعمل الابتكار التكنولوجي المفتوح على تسليح إرهابيي الغد” المنشور في 2019 إنها بالفعل رأت أطروحتها حول إضفاء الطابع الديمقراطي على التكنولوجيا التي تغذي عالمًا أكثر فوضوية تتحقق.

 

وتابعت كرونين "إن التكنولوجيا تغير الحرب، لكنها لا تغيرها بالضرورة بالطرق التي يعتقد معظم المتفائلين بالتكنولوجيا أنها ستفعلها، نظرًا لإمكانية الوصول إلى التقنيات، فمجموعات مثل حماس قادرة على استخدام كل شيء بدءًا من الطائرات بدون طيار، إلى وسائل التواصل الاجتماعي، إلى مجموعات التكنولوجيا ذات التقنيات المنخفضة والعالية التي يمكن أن يكون لها تأثير هائل".

 

وصفت كرونين ثلاثة مجالات رئيسية حيث يمكن للجهات الفاعلة التي تمتلك تقنيات ذات مستوى منحفض أن تطغى فيه على نظرائها، وهي : إضفاء الطابع الديمقراطي على تكنولوجيا الإعلام؛ وزيادة الوصول المادي الذي تسمح به الطائرات بدون طيار والصواريخ الرخيصة؛ وتكامل الأنظمة، أو القدرة على التواصل بشكل فعال داخل المجموعة.  

 

وهي أمور استطاعت حركة حماس أن تفعلها عند اجتياح عدد من المواقع الإسرائيلية بسرعة كبيرة لدرجة أن نظام المراقبة بدون طيار الخاص بها فشل.  

حماس تعلمت الدرس من الأوكرانيين

وعقدت كرونين مقارنة بين الصراعات الحالية في “إسرائيل” وأوكرانيا، حيث استخدم الأوكرانيون مستوى عال نسبيا من التطور التكنولوجي لمقاومة جيش تقليدي أكبر من خلال اتباع المبادئ الثلاثة للحرب غير المتكافئة. 

 

وأشارت إلى أن حركة حماس تعلمت الدرس من الأوكرانيين، الذين استخدموا الطائرات بدون طيار بنفس الطريقة لتدمير الدبابات الإسرائيلية ميركافا طراز مارك 4، مؤكدة على أن التكنولوجيا أكثر تعقيدًا بكثير من الجانب الذي يمتلك القدرات الأكثر تكلفة والأكثر تقدمًا من الناحية التقنية. 

 

على مر الزمان، تغلب المقاتلون المتحمسون المتفوقون عددًا على خصومهم الأفضل تجهيزًا عبر التاريخ من إسبرطة إلى الحروب النابليونية إلى الغزو السوفيتي لأفغانستان.

 

 وترى كرونين أن الوضع الحالي له أيضًا جذور معاصرة فريدة من نوعها، لا سيما القرار الذي اتخذته إدارة بيل كلينتون في التسعينيات بإتاحة تكنولوجيات المعلومات مثل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على نطاق واسع للجمهور، مما أدى إلى إطلاق اتجاه يجعل من الممكن حتى للمستهلكين الأفراد لرؤية جميع أنحاء العالم بمساعدة الطائرات بدون طيار وتحديد الموقع الجغرافي.

 

نوهت كرونين  إلى مبدأ غاية في الأهمية وهو مدى توزيع التكنولوجيا المتطورة عبر مشهد استهلاكي واسع يكفي للجهات الفاعلة الأصغر حجماً ذات الدوافع العالية للقيام بأي أعمال عنف ترغب فيها. 

 

يأتي ذلك في الوقت الذي تعمل فيه الدول الكبرى الغنية على تضخيم ميزانياتها الدفاعية وتتباهى بأنظمة مثل القبة الحديدية الإسرائيلية، إلا أن الجانب الثاني من القصة والذي يتمثل في الزيادة الهائلة في النفوذ الذي يمكن الوصول إليه من قبل الجهات الفاعلة الأضعف تقليديًا، هو ما قد يقلب المعادلة رأسا على عقب. 

     

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: طوفان الأقصى عملية طوفان الأقصى حركة المقاومة الفلسطينية حماس حركة حماس فصائل المقاومة الفلسطينية الصراع العربي الإسرائيلي منظومة الدفاع الإسرائيلية إسرائيل مستقبل الحرب الطائرات بدون طیار طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

4 عمليات في 4 بحار.. اليمن يثبت حدود التغييرات الجيوسياسية لـ “طوفان الأقصى”

يمانيون – متابعات
حمل البيان الأخير للقوات المسلحة عن تنفيذ أربع عمليات عسكرية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي، العديد من الرسائل الاستراتيجية والدلالات الهامة.

ويدل على النجاح اليمني السريع في فرض واقع إقليمي جديد واسع النطاق، يمثل أرضية رئيسية لتحولات جيوسياسية كبيرة وتأريخية تثبت حتمية هزيمة المعسكر الصهيوني في المنطقة.

العمليات الأربع غطت مسرح عمليات قد يكون هو الأكبر والأكثر تنوعاً في تاريخ المواجهات البحرية، حيث شمل أربع مناطق بحرية مختلفة، فبين موقع السفينة “أنفيل بوينت” البريطانية التي تم استهدافها في المحيط الهندي، وموقع السفينة “لاكي سايلور” التي تم استهدافها في البحر المتوسط، تشتعل جبهة بحرية غير مسبوقة راكمت انتصاراتها بسرعة قياسية في مواجهة تحالف غربي مدجج بالسفن الحربية وحاملات الطائرات، وفتحت رصيداً لم يغلق بعد من المعادلات التي تفرض لأول مرة، بما في ذلك استهداف ومطاردة تلك السفن والحاملات بصواريخ أسرع من الصوت، وقوارب مسيرة شديدة الانفجار وغواصات وطائرات مسيرة تستنزف مخزونات من أغلى الذخائر الدفاعية في العالم.

هذا النطاق الاستراتيجي للعمليات اليمنية والذي فشلت القوى الغربية في الحد من اتساعه عندما كان لا يزال مقتصراً على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، يمثل برهاناً عريضاً على انتهاء عصر كامل من الهيمنة الأمريكية والغربية على البحار، وبشكل خاص على بحار المنطقة العربية والإسلامية التي تعودت واشنطن وشركائها على أن تكون كلها بمثابة منطقة نفوذ خاصة تثبت أركان الهيمنة السياسية والاقتصادية والعسكرية على المنطقة، وبالتالي فإن فقدان السيطرة عليها يعكس تهاوي تلك الهيمنة بكل جوانبها.

هذا أيضاً ما تؤكده هويات السفن الأربع المستهدفة التي تم الإعلان عنها في البيان الأخير، فإلى جانب السفينتين المذكورتين، تم استهداف سفينة “ديلونيكس” النفطية الأمريكية في البحر الأحمر للمرة الثانية، بالإضافة إلى سفينة “إم إس سي يونيفيك” الإسرائيلية في البحر العربي، وهو ما يعني أن الجبهة اليمنية ملتزمة بشن ضرباتها على قوى المعسكر الصهيوني (أمريكا وبريطانيا وكيان الاحتلال) بنفس الوتيرة، بالإضافة إلى الشركات المرتبطة بهذه القوى، الأمر الذي يمثل دلالة واضحة على حرص القيادة اليمنية على ضرب جميع أركان الهيمنة الغربية في المنطقة، وعلى تصعيد المواجهة ضدها جميعاً لفرض واقع جيوسياسي جديد كلياً يحافظ على مكاسب طوفان الأقصى كمعركة إقليمية تاريخية، ويجعل ثمن الإبادة الجماعية المستمرة في غزة أكبر بكثير مما توقعه الأعداء.

مواصفات السفن الأربع:

وبحسب البيانات الملاحية فإن السفينة الاسرائيلية (إم إس سي يونيفيك) المستهدفة في البحر العربي، هي ناقلة حاويات ترفع علم ليبيريا، ويبلغ طولها 285 متراً وعرضها 40 متراً.

وتتبع هذه السفينة شركة “إم إس سي” المرتبطة بإسرائيل، والتي تعتبر من أكثر الشركات الداعمة للكيان الصهيوني.

أما السفينة الأمريكية “ديلونيكس” والتي أعلنت قوات صنعاء المستهدفة في البحر الأحمر للمرة الثانية، فهي ناقلة نفط وكيماويات ترفع علم ليبريا ويبلغ طولها 164 متراً، وعرضها 23 متراً.

وقد حاول الأمريكيون إخفاء ملكية هذه السفينة من خلال تسجيلها في 20 يونيو المنصرم باسم شركة تحمل اسم “ديلونيكس” في ليبريا، لكن قبل ذلك التاريخ كانت السفينة مسجلة باسم شركة “أوكتري كابيتال ماينجمينت” ومقرها في الولايات المتحدة الأمريكية.

أما السفينة البريطانية “أنفيل بوينت” المستهدفة في المحيط الهندي، فهي سفينة من نوع (رول أون – رول أوف) أو (سفن الدحرجة) التي تحمل السيارات والشاحنات التي تنقل البضائع، وهي ترفع علم بريطانيا، ويبلغ طولها 193 متراً وعرضها 26 متراً.

وبحسب البيانات فإن هذه السفينة مملوكة لشركة “فورلاند شيبينغ” ومقرها في بريطانيا.

وتظهر البيانات أن السفينة الرابعة “لاكي سايلور” المستهدفة في البحر الأبيض المتوسط هي ناقلة نفط وكيماويات ترفع علم مالطا ويبلغ طولها حوالي 184 متراً، وعرضها 27 متراً.

وتدار هذه السفينة من قبل شركة “إيسترن ميديتيرينيان ماريتايم” اليونانية التي تم استهداف عدد مرتفع من سفنها خلال المرحلة الرابعة من التصعيد بسبب انتهاك الشركة لقرار حظر الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة.

مقالات مشابهة

  • هنية وطقوش يبحثان تطورات "طوفان الأقصى" الميدانية والسياسية
  • هل فعلاً سقطت سنجة بسبب الحارس الشخصي..!؟
  • تايمز أوف الصهيونية: تكنولوجيا حماس وحزب الله المنخفضة تؤلم جيش العدو
  • هيئة الطيران المدني تصدر أول تصريح تشغيلي لتنظيف واجهات المباني بطائرات بدون طيار
  • مخاطر كبيرة.. الذكاء الاصطناعي يدخل عصر الروبوتات القاتلة
  • بالأرقام.. خسائر مذهلة ألحقها طوفان الأقصى بالجيش الإسرائيلي
  • 4 عمليات في أربعة بحار.. اليمن يثبت حدود التغييرات الجيوسياسية لـ طوفان الأقصى
  • هولندا تعتزم تزويد أوكرانيا بطائرات "إف-16"
  • 4 عمليات في 4 بحار.. اليمن يثبت حدود التغييرات الجيوسياسية لـ “طوفان الأقصى”
  • قصة بسموت مؤسس سايت بت الإسرائيلية.. من منقذ أرواح إلى غريق في طوفان الأقصى