عدن الغد:
2024-11-23@00:45:11 GMT

مهمشون محرومون من الوثائق الشخصية

تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT

مهمشون محرومون من الوثائق الشخصية

عدن (عدن الغد) خاص:

تقرير/دنيا شبوطي

 

 

على الرغم من القوانين الدولية التي تجرّم التمييز، إلا أن الفئة السمراء في اليمن، كانت ولا تزال عُرضة لأنواع كثيرة من التمييز الاجتماعي والاستغلال، إلى جانب التهميش والحرمان الذي يتعرض له أبناء هذه الشريحة داخل المجتمع اليمني، ما يتسبب بحرمانهم المواطنة، وكثير من الحقوق.

 

في مدينة عدن، جنوب اليمن، لم تستطع الشابة أسماء محمد، في العشرينات من عمرها، الحصول على بطاقة شخصية، نظرًا للصعوبات التي وقفت أمامها، فاستخراج الهوية التعريفية، يتطلب من أبناء هذه الفئة، احضار عاقل المنطقة، وهوية الأب، من أجل التعريف بهم.

 

تقول الشابة: "والدي لم يهتم في سنوات شبابه بقطع بطاقة شخصية تعرف به. كان يعمل في البناء متنقلًا بين المدن بشكل طبيعي دون حاجته لحمل هوية كما يقول.. وكذلك لم يهتم بحصولنا على البطائق.. اليوم أجد صعوبات كثيرة وتجعلني غير قادرة على الحصول على هوية تُعرِّف بي كيمنية".

 

وتضيف: "يحتاج الفرد للبطاقة طول فترة حياته، للتعريف بنفسه، عندما يتنقل في النقاط الأمنية، وكذلك تساعد في حصول الأسر على المساعدات الإغاثية من المنظمات.. أسرتي تعتبر محرومة من التغذية، لأن والدي لا يمتلك بطاقة".

 

إلى جانب ذلك، ترغب هذه الشابة، بالحصول على هويتها الشخصية، التي تعزز من شعورها بأحقية المواطنة، والحصول على التعليم الجامعي، والانخراط في منظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الإغاثية، التي تعمل في مختلف المدن اليمنية، فالهوية تسهل لها السفر والتنقل بحرية بين المناطق، حد تعبيرها.

 

 

أسباب وعقبات

على مدار العقود الماضية، انصرف المهمشون في اليمن إلى البحث عن لقمة العيش، متناسين أهمية الانضمام إلى سجلات الدولة، والحصول على الهوية، بدءًا من "شهادات الميلاد" التي تُمنح لأسرة الطفل عند الولادة، وصولًا إلى البطاقة الشخصية، وجواز السفر، وانعدام هذه الوثائق يعني أنك مجهول الهوية.

 

ثمة أسباب تفسر عزوف عشرات المهمشين اليمنيين، عن مكاتب الأحوال المدنية، تتمثل بندرة التفكير بحيازة البطائق الشخصية، وسط صعوبة العثور على مُعرِّفين؛ خاصة أن محيط هؤلاء، ينتمون إلى نفس الفئة، ولا يمتلكون بطائق.

 

وحسب شهادات كثيرين، فإن غالبية المدنيين من غير الفئة السمراء، يرفضون التعريف بهم؛ بحجة الاشتباه أنهم مهاجرين أفارقة، بالإضافة إلى أن تواجد هذه الشريحة، تقتصر على تجمعات معينة بعيدة عن المجتمع، كما يتجنبون الاندماج به، الأمر الذي يجعلهم يعيشون في عزلة اجتماعية، تقلل حجم علاقاتهم بالمحيط، خاصة عُقال الحارات والشخصيات التي قد تساعدهم في الأحوال المدنية.

 

ويشير هؤلاء إلى أن قلة الإمكانيات، حرمت عشرات الأسر المهمشة، من الحصول على الهوية، خصوصًا الذين يسكنون الريف، فالتنقل يضاعف تكاليف استخراج البطاقة الشخصية، إلى جانب بُعد المسافات بين تجمعات سكن المهمّشين، ومراكز الأحوال المدنية الواقعة في مراكز المديريات أو في قلب المدن.

 

وخلال سنوات الحرب، شكا عشرات المهمشيين اليمنيين، من عدم حصولهم على البطاقات الشخصية، خاصة مع إلزامية توفرها لصرف المساعدات الإغاثية، ورغم ذلك، ما زال مئات المهمشين في مدن مختلفة باليمن، عاجزين عن توفيرها.

 

 

حلول

في قانون الأحوال المدنية، تنصّ المادة رقم 49، على أنه "يجب على كل شخص من مواطني الجمهورية اليمنية بلغ سن 16 أن يحصل على بطاقة هوية من إدارة الأحوال المدنية، والسجل المدني المقام في دائرته، فإذا أصبح المواطن رب أسرة، وجب عليه أن يقدّم بطاقته الشخصية إلى إدارة الأحوال المدنية والسجل في دائرته للحصول على بطاقة عائلية".

 

لكن غياب الوعي بأهمية الحصول على الهوية، وعدم إدراك علاقتها بالحقوق والحريات والمواطنة، وكذلك عدم ارتباط المهمشين بالمعاملات العقارية والتجارية، وغياب الملكية الخاصة للأغلبية، والفقر المدقع المحيط بهم، وتفشي ظاهرة الرشوة والوساطة، وارتفاع تكاليف قطع البطاقة.. كل ذلك، يفسر عزوف أبناء الفئة السمراء، عن استخراج الهوية الشخصية والعائلية.

 

يعتقد اجتماعيون أن تحفيز المهمشين للحصول على هوية شخصية، يتطلب عمل برنامج توعوي، يزيد من معرفة هذه الفئات بضرورة الحصول على البطاقة، ومدى ارتباطها بالحقوق الاقتصادية والمدنية والاجتماعية، وبالتنسيق مع مكاتب الأحوال المدنية والسجل المدني.

 

من جهته، يؤكد رئيس الإتحاد الوطني للمهمشين في اليمن، نعمان الحذيفي، أن شروط مصلحة الأحوال المدنية بإحضار ضمين، ومذكرات موقعة من عقال الأحياء، تلعب دورًا كبيرًا في عزوف البعض عن استخراج تلك الوثائق".

 

ويشير الحذيفي في حديثه، إلى أن المهمشين بدأوا منذ فترة قصيرة، يدركون أهمية الحصول على الوثائق الشخصية، في حياتهم اليومية، لافتًا إلى أن إتحاد المهمشين تواصل مع مصلحة الأحوال والسجل المدني، من أجل نزول لجان ميدانية إلى الأحياء الشعبية، ومساعدة المهمشين في الحصول على البطائق الشخصية وشهادات الميلاد.

 

 

أنتجت هذه المادة ضمن مشروع "تقاطعات" الذي تنفذهمؤسسة نسيج للإعلام الاجتماعي بدعم من مركز الحوارالعالمي (كايسيد).

 

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: الأحوال المدنیة الحصول على إلى أن

إقرأ أيضاً:

تقديم كتاب الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه

تقديم كتاب
الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه: الوقائع والمؤامرات والمواقف، للدكتور عبد الله الفكي البشير

بقلم أ. د آمال قرامي
أستاذة الفكر الإسلامي والدراسات الجندرية بالجامعة التونسية

''لا أحد يراقب، ولا أحد يهتمّ، ولا أحد يحفظ سجلاً لأيّ شيء، إلى درجة أنَّ الذّاكرة والتاريخ ميّتان كلاهما''.
حميد دباشي، بشرة سمراء، أقنعة بيضاء

لاشكّ أنّ الذي كُتب حول إدانة المفكّر السوداني محمود محمد طه وتكفيره ثمّ محاكمته وقتله غزير، ومتنوّع وهو يشمل آراء المناصرين ومواقف المهاجمين المنشورة في الصحف أو في مختلف وسائل الإعلام فضلا عن البيانات، والردود، والمحاضر وغيرها من الوثائق الهامّة، ومن هنا اقتضى مشروع حفظ هذا العدد الكبير من الوثائق بأشكالها الكتابيَّة والصوريَّة، توفّر فريق من الباحثين والباحثات يتكفّلون كما جرت العادة، بالجمع والتصنيف والتبويب ثمّ التأليف. ولكن د. عبد الله الفكي البشير كسر القاعدة وخرج عن السنن المألوفة لينهض بمفرده بكلّ أعباء الأرشفة والتحليل علّه بذلك يفي بوعد قطعه على نفسه بأن يظلّ إسم أستاذه حاضرا في فعل تشكيل الوعي الجمعي، وأن تبقى سيرته الذاتية مرئية وخالدة على مرّ الزمن.
تكتسي الوثائق المضمّنة في هذا المؤلف، قيمة خاصّة لدى جامعها ومالكها إذ بفضلها جدّد "الفكي" صلته بشخصيات كثيرة من أفراد عائلة المفكّر محمود محمد طه ومريديه وأصدقائه من الحزب الجمهوري، واسترجع ذكريات تشمل البدايات والـتأسيس وأيّام المحنة وصولا إلى لحظة تنفيذ الحكم بإعدام محمود محمد طه: "شهيد الحريّة''. ومن هذا المنطلق احتلت الوثائق قيمة نفسية لدى مالكها فهي تذكّره بالأهواء: الغضب، والفرح والفخر والوجع والآلام ...وكيف يستغل القانون للتخلص من الخصوم وكيف تصادر الحقوق (الحق في التفكير والحق في التعبير...).ولا تعدّ هذه الوثائق التي جمعها "الفكي" مجرد أشياء بل إنّها تمتلك تاريخا اجتماعيا وثقافيا وسياسيا، وما التعلّق بالأشياء إلاّ تعلّق بما يضفي دلالة على حيواتنا.
وعلاوة على القيمة الذاتية والنفسية تتميّز هذه الوثائق بقيمة تاريخية هامّة ذلك أنّها رُتّبت بطريقة توضّح تطور الأحداث والوقائع والمواقف، وتكشف المستور والمضمر وغير المصرّح به أمام الملأ. فتبرز خيوط المؤارات والدسائس وتتجلّى أشكال التواطؤ. ونحسب أنّ فرز الوثائق ثم تحديد تلك التي تستحقّ الحفظ الدائم بسبب قيمتها الفعليَّة لم يكن أمرا سهلا على المؤلّف. كما أنّنا نرجّح أنّ كشف 'الفكّي' عن المؤسسات الدينية الموّرطة والشخصيات السياسية والفكرية التي لاذت بالصمت جبنا او حفاظا على امتيازاتها أو خوفا لم يكن قرارا يسيرا. فهل بإمكان هذه الشخصيات اليوم، أن تطلّع على ما نشر فتقدم على تجسيد ثقافة الاعتذار؟
ولئن سعى النظام الدكتاتوري إلى ممارسة الشطب والمحو والطمس حتى يقضي على مشروع محمود محمد طه الفكري''الفهم الجديد للإسلام'' ويهمّش دوره في التاريخ أو يزّيفه فإنّ تمسّك الأتباع بكتب 'طه' وحفظ الوثائق الخاصّة بمحاكمته وكلّ المقالات التي كتبت حوله يعدّ، في نظرنا، فعل مقاومة: مقاومة الشطب والتصرّف في التاريخ والذاكرة الجمعية. ونقدّر أنّ الذين حفظوا الوثائق من التلف لم يكونوا واعين بأهميتها أو قادرين على تحديد دورها في المستقبل. فما كان ينظر إليه على أساس أنّه مجرد متابعة للأحداث صار اليوم بالغ الأهمية ومثمّنا لأنّه يعكس تاريخ الأفكار وتطوّر التجارب السياسية والخبرات والمواقف وتراكم المعارف. بل إنّنا نرى أنّ هذا المؤلف يساهم بقدر كبير، في تدريب السودانيين/ات وغيرهم على ترسيخ ثقافة الاعتراف: الاعتراف بفضل الذين تجرأوا/ن على التعبير عن آرائهم بكلّ صراحة ولم ينافقوا أو يكتموا المعارف. (بتول مختار محمد طه وموقف تجمع الكتاب والفنانيين التقدميين، ...)
إنّ ما أقدم عليه 'الفكّي' من جمع وترتيب وتصنيف وتحليل يندرج، في اعتقادنا، ضمن مسلكين: مسلك مقاومة النسيان، من جهة، ومسلك بناء المعرفة، من جهة أخرى. فالمطلع على هذا المؤلف الضخم يدرك أنّ الشغف بجمع الأرشيف متنزّل ضمن مشروع تأسيس رواية مضادة للرواية الرسمية السياسية/الدينية التي شرعنت لتصفية خصم سياسيّ وفكري معتمدة في ذلك على فاعلين متنوعين: صحفيين وقضاة وجامعيين وشيوخ دين ومحامين وغيرهم. فعن طريق التمحيص في البيانات والمقالات والكتب وغيرها من الوثائق يدرك القارئ/ة تهافت الرواية الرسمية التي أرادت إخراج أفكار 'طه' في لبوس دينيّ وعملت على تعبئة الرأي العامّ ضدّه وشوّهت مشروعه وشخصه فصوّرته على أساس أنّه محارب للدين وتعاليمه، والحال أنّه خصم فكريّ/سياسي قاوم الطغيان والقهر ومأسسة الجهل بالقلم. يقول "طه" متحدثا عن مشروعه :"إنّ ما جئت به هو من الجدّة بحيث أصبحت به بين أهلي كالغريب. وبحسبك أن تعلم أنّ ما أدعو إليه هو نقطة التقاء الأديان جميعها حيث تنتهي العقيدة، ويبدأ العلم وتلك نقطة يدخل منها الإنسان عهد إنسانيته ولأوّل مرّة في تاريخه الطويل.''(1970)
ونذهب إلى أنّ ثراء هذا الأرشيف قد جعله يتحوّل إلى مصدر مهمّ للمعرفة وحوّل المؤلف إلى مصدر أساسي في الدراسات التاريخية والثقافية المعاصرة إذ ثمّة معلومات ضافية عن علاقات الأحزاب بالنظام، وعلاقات ممثلي المؤسسات الدينية والهيئات العلمية بالمفكّرين والسلطة، وإشارات جليّة إلى طبيعة العلاقات السائدة بين المفكّرين والجامعيين وغيرهم. ونعثر على معلومات دقيقة حول التحالفات بين وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وهيئة علماء السودان من جهة، وتنظيم الإخوان المسلمين ومشايخ الأزهر ورابطة العالم الإسلامي ومقرّها المملكة العربية السعودية، من جهة أخرى، وهو أمر يثبت مرّة أخرى، كيف تعقد الإيلافات بين 'المحافظين' و'المتشدّدين' في بلدان العالم الإسلامي وكيف يتم الإجماع على تصفية أصحاب الفكر المستنير وحفاظا على المواقع والامتيازات. ولا يمكن التغاضي عن قيمة الملاحق التي مثّلت قسما كبيرا من الكتاب فهي نصوص قلّما يعرفها المهتمون بالفكر الإسلامي أو المتابعون للحياة السياسية في السودان دون ان ننكر قيمتها في الاستدلال والبرهنة وتفنيد المزاعم والتهم الباطلة.
وبناء على التمحيص في الروايات المتقاطعة والوثائق المتنوّعة وإجراء المقابلات المتعدّدة أمكن لل''الفكي'' أن ينبش في التاريخ السياسي والاجتماعي والفكري الاقتصادي، وأن يمارس قراءة نقدية لفترة مهمّة من تاريخ السودانيين، وأن يعيد تركيب الأحداث ويكشف التلاعب بالنصوص والوقائع (كالموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة) ويستخلص الدروس والعبر، ويتوقّف عند أهمّ النتائج. فليست حادثة اغتيال 'طه' في نظره، إلاّ 'دليل على فشل التجربة الديمقراطية في السودان وستظل وصمة عار في سجل القضاء السوداني ''. أمّا استرجاع هذه الوقائع والأحداث فإنّه يمثّل في نظره "بحثا في سجل وتاريخ عنف الدولة السودانية''.
يصدر المؤلف في فترة حرجة من تاريخ السودان استشرى فيها العنف وتفتت فيه النسيج الاجتماعي، وكثرت فيها الخيبات والمآسي وبرزت فيها علامات التراجع عن أهداف الثورة السودانية. فهل يكون هذا المؤلف ملاذ الحائرين/ات والباحثين عن فهم أسباب ما يجري؟

أ.د آمال قرامي
أستاذة الفكر الإسلامي والدراسات الجندرية بالجامعة التونسية، تونس

abdallaelbashir@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • الأحوال المدنية في واجهة روشن بالرياض .. خدمات إلكترونية متعددة احتفاءً باليوم العالمي للطفل
  • المسيحية تدعو العالم للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية العراقي: خطوة كبيرة الى الوراء
  • مكتب الصرف يعتمد تقنية جديدة لمحاصرة مزوري الرخص
  • هل كان نتنياهو على علم بتسريب مساعده معلومات سرية؟
  • اتهام مساعد لنتانياهو وجندي في تسريبات هزت إسرائيل
  • الأحوال الشخصية تقضي بفسخ نكاح عروس الـ شوقر دادي
  • السامعي يزور فرعي الأحوال المدنية في سامع وخدير
  • في اليوم العالمي للطفل.. الصغار في غزة محرومون من حقوقهم الأساسية
  • طلاب من أجل مصر بسوهاج تشارك في ورشة قانون الأحوال الشخصية بالمنيا
  • تقديم كتاب الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه