السفير الفلسطيني في لندن يشتبك مع سرديّة الغرب
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
تألّق السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة حسام زملط، في معرض ردوده على بعض وسائل الإعلام الغربية التي استضافته للتعليق على مجريات الأحداث في فلسطين المحتلة، ظنّاً منها أنها ستخطف منه تصريحاً عاجلاً يُدين فيه عمليات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، كي تتداوله فيما بينها على وجه السرعة، فتظهر الدبلوماسية الفلسطينية بمظهر الخجول، ولكن السفير اشتبك معها لفظياً أكثر من مرة، وتركها تحت هول الصدمة حتى هذه اللحظة، بعدما عرّى الإعلام المنافق على حقيقته المنحازة لصالح الاحتلال، الأمر الذي قُوبل بحالة ابتهاج وتأييد على منصات التواصل الاجتماعي.
الاشتباك اللفظي الذي حصل لم يكن بين حسام زملط ومُذيع فحسب، بل كان اشتباكاً سرديّاً بين روايتين اثنتين، أولاهما هي رواية اللاجئ الفلسطيني في أوروبا التي تُبرِز مظلمة الشعب الفلسطيني أمام جَور الاحتلال وعقليّته الإجرامية القائمة على القتل والتهجير والحصار والتجويع والاعتقال، والثانية هي رواية الإعلام الغربي الذي لم ينصف الشعب الفلسطيني حتى وهو تحت القصف الهمجي الذي خلّف آلاف الشهداء والجرحى، وأحدث دماراً هائلاً في البنية التحتية داخل قطاع غزة، الذي يُترك اليوم بدون أدنى مقومات الحياة، وسط صمتٍ مُريبٍ عجيب من المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكناً..
الاشتباك اللفظي الذي حصل لم يكن بين حسام زملط ومُذيع فحسب، بل كان اشتباكاً سرديّاً بين روايتين اثنتين، أولاهما هي رواية اللاجئ الفلسطيني في أوروبا التي تُبرِز مظلمة الشعب الفلسطيني أمام جَور الاحتلال وعقليّته الإجرامية القائمة على القتل والتهجير والحصار والتجويع والاعتقال، والثانية هي رواية الإعلام الغربي الذي لم ينصف الشعب الفلسطيني حتى وهو تحت القصف الهمجي
إن دفاع حسام زملط المُستميت عن حقوق شعبنا، وإبرازه الوجه الحقيقي للمواقف الغربية، تجلّى على بُعد أيامٍ فقط، حيث طالبت وزيرة الداخلية البريطانية بشكلٍ علنيٍّ واضح، بقمع المظاهرات المؤيدة لفلسطين، وفضّها ولو بالقوة، بذريعة أنها ترفع شعار "فلسطين من البحر إلى النهر"، فهذا وفق اعتقاد الوزيرة البريطانية مدعاة لإزالة ما تُسمّى إسرائيل من الوجود، وإيحاء مُبطّن لمعاداة السامية وإيذاء لمشاعر اليهود الذين يعيشون في بلادها، في حين أنّ الفلسطينيين في بلادها لا مشاعر لهم وهم يشاهدون أشقاءهم في الداخل تحت مرمى الصواريخ.
وبالتالي فإن السفير الفلسطيني كان مُدرِكاً تماماً وبشكل مُسبَق لسياسة البلد الأوروبي الذي يعيش فيه، وكان على دراية بأنّ من منح بلفور وعداً مجانياً للمحتلين وعلى طبقٍ من ذهب، لن يمنح الفلسطيني في الطرف المقابل ترخيصاً كي يُدين أطفال بلفور أنفسهم، الذين أنجبهم ذلك الوعد الباطل فوق أرضنا..
إن حسام زملط وغضبه يمثّلان غضب فلسطينيي أوروبا أجمعهم، الذين تُمنع عليهم الكلمة، ويُحاسَبون لمجرد تغريدة عبر منصة "إكس"، أو تدوينة عبر فيسبوك، في حين يتحرك مئات الجنود الفرنسيين للقتال إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، في الوقت الذي تتحرك فيه أيضاً حاملة الطائرات الأمريكية "فورد" وهي الأضخم في العالم، جهاراً نهاراً، تتبعها حاملةٌ أخرى نحو مياه الشرق الأوسط، لضرب قطاع غزة المحاصر والإجهاز عليه بأسلحة ثقيلة، وأنت أيها الفلسطيني المقيم في أوروبا عليك أن تُعاين المشهد عن كثب دون أن تحرّك ساكناً، وعليك أيضاً أن تضبط سُكّرك كثيرا كي تصبح "سُكّر وسط" لا تُسبب إزعاجاً وآفاتٍ للآخرين، وإلّا سوف تجد نفسك في دائرة الاتهام بدعم الإرهاب أو معاداة السامية، ولكَ حرية الاختيار بين هاتين التّهمَتين المُغلّفتَين الجاهزتَين..
وأتساءل في معرض الحديث عن ازدواجية المعايير الغربية التي كشف عنها حسام زملط: لماذا يحل للدول الأوروبية أن تهب لنجدة الأوكرانيين أمام الحرب التي شنتها روسيا على بلادهم، فيدعمونهم بالسلاح والمعدّات ومنصّات السياسة، واللجوء وتقديم الدعم، في حين يُطلَب من قطر على سبيل المثال أن تلعب دوراً بمنع دخول أطراف أخرى على خط الصراع الدائر بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، رغم أن مناطق داخل فلسطين كالضفة الغربية مصنّفة بالقانون الدولي على أنها مناطق محتلة؟ وبأي حق يهدد الاحتلال الإسرائيلي مصر بقصف شاحنات الإغاثة في وضح النهار إذا ما حاولت الدخول إلى قطاع غزة لسد رمق الجوعى والمحاصرين هناك؟ وكيف تصمت منظمات حقوق الإنسان والدول الراعية للإنسانية عن هذا التشبيح والعربدة الإسرائيلية؟..
ليس هذا فحسب، بل إن التصريحات التي صدرت من قادة الاحتلال الإسرائيلي، تُثبت مدى منطق الشوارع الذي يتمتع به هؤلاء، فالحيوانات البشرية التي تحدث عنها وزير الخوف لديهم يوآف غالانت هم حيوانات من فصيلة الأُسُود الذي داسوا هيبة الاحتلال أمام مواطنيها وأمام العالم، وأصبح "الجيش الذي لا يُقهَر"، جيشاً من الأسرى والمفقودين والمأزومين والقتلى، بل أصبح جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الذي صدّعوا رؤوسنا به على مدار سنوات، جهازا من راديوهات الخردة التي لا تصلح إلا للإنصات لبرنامج حُكم العدالة عصر كل يوم ثلاثاء، ولهذا دعت المحامية الإسرائيلية ريفيتال تالي، وهي عضو الكنيست عن حزب الليكود، إلى استخدام السلاح النووي والانتقام العنيف ردا على هجمات حركة حماس، وسمعها المجتمع الدولي بأكمله وهي تطلق هذا التصريح المؤطر بالسلاح النووي دون أن يعترض، ولكنه يعترض فقط عن عدم إدانة السفير الفلسطيني في لندن لحركة حماس..
لم يحتجّ أحدٌ حينما قال السفير إنه هنا ليمثّل الشعب الفلسطيني، لأنه بهذا الاشتباك يمثّلنا جميعا نعم، بل إننا نتضرع إلى الله أنْ لو كان سفراء الدبلوماسية الفلسطينية كلهم على ذات الدرجة من الشجاعة ورباطة الجأش والثبات في مثل هذه المواقف..
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني الإعلام الإسرائيلي أوروبا إسرائيل فلسطين أوروبا الإعلام مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی السفیر الفلسطینی الشعب الفلسطینی الفلسطینی فی
إقرأ أيضاً:
السفير غملوش في عيد الاستقلال: لبنان يتعرض إلى تدمير ممنهج لكل مقومات الحياة
بغداد اليوم - بغداد
أعرب السفير العالمي للسلام رئيس جمعية "تنمية السلام العالمي" حسين غملوش، اليوم الأحد (24 تشرين الثاني 2024)، عن أسفه لحلول الذكرى الـ 81 للاستقلال هذا العام، في وقت يتعرض لبنان الى مجازر يومية في حق شعبه وتدمير ممنهج لكل مقومات الحياة.
وقال غملوش في بيان تلقته "بغداد اليوم"، إنه" من المؤسف أن تحل ذكرى الاستقلال ولبنان يتعرض إلى تدمير ممنهج لكل مقومات الحياة فيه، ومحاولة محو حضارة عمرها اكثر من 7000 سنة، من قبل عدو لا يأبه بمجتمع دولي ولا بمنظمات حقوقية، الى درجة انه يسعى الى اعادة صياغة التاريخ وإظهار نفسه كصاحب الحق التاريخي في المنطقة، وتدمير ما يربط الشعب اللبناني بماضيه، بهدف اضعاف اية مقاومة سياسية او ثقافية مستقبلية".
واعتبر غملوش، أن" تضمين التسوية حرية حركة جيش العدو داخل الأراضي اللبنانية متى يشاء، ورفض عودة النازحين فورا الى قراهم، والانسحاب حتى الخط الأزرق وليس خط الهدنة كما يطالب الإسرائيلي، كلها امور تتناقض مع فكرة الاستقلال وتشكل انتهاكا صارخا للسيادة اللبنانية، و"نحن متأكدون ان كل مكونات الشعب والمسؤولين على مختلف مستوياتهم لا يقبلون بذلك"، داعيا الى الحديث عن تثبيت الحدود البرية وليس ترسيمها.
وتابع: "في خضم هذه السوداوية التي نعيشها، لفتنا أولا اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت ما يدفع العديد من الدول الى وقف مد إسرائيل بالأسلحة والوصول حتى الى مقاطعتها، علاوة على ذلك فان هذا القرار يشجع الدول التي طبعت مع العدو على اعادة النظر في ذلك، ثانيا قرار لجنة حماية الممتلكات الثقافية التابعة لمنظمة الاونيسكو منح لبنان الحماية المعززة ل34 موقعا أثريا، ما يؤكد اعتراف الدول بأهمية التراث اللبناني ويشكل ادانة ضمنية ورفضا من منظمة الاونيسكو والمجتمع الدولي لهذا النوع من الاعتداءات ودعما لحق لبنان في الحفاظ على تراثه الثقافي ما يؤكد سيادة الدولة اللبنانية على مواقعها التراثية، كما ان القرار يدعو الى ضرورة احترام المعاهدات الدولية مثل اتفاقية لاهاي الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية اثناء الحروب".
وأشار غملوش إلى، أن" كل حبة تراب وكل شبر من هذه الأرض على مساحة الـ 10452 كيلومترا مربعا، مسؤول عنها كل مكونات الشعب، والاجيال المقبلة ستسأل، والتاريخ سيكتب عن وحدة اللبنانيين وجهودهم لمواجهة التحديات بروح تضامنية، وما نمر به اليوم خير اختبار لهذه الوحدة التي يجب ان تتجلى في أطر معينة، منها على سبيل المثال تنظيم حملات لجمع التبرعات والمساعدات للنازحين والمتضررين من الحرب، ودعم المؤسسات الصحية والاغاثية التي تعمل في الميدان، اما على المستوى السياسي فالمطلوب تعزيز الحملات الاعلامية والدبلوماسية لابراز قضية لبنان امام المجتمع الدولي، ومطالبة الامم المتحدة والمجتمع الدولي بالتدخل لوضع حد للعدوان الاسرائيلي".
وختم غملوش: "شهداؤنا وشهداؤكم، مناطقنا ومناطقكم، قضيتنا وقضيتكم، مصطلحات نستخدمها في خطاباتنا السياسية واحاديثنا اليومية، ما يدلل على عمق الشرخ والانقسام الذي يسود مجتمعنا. امام هذه التناقضات لا بد من ان نؤكد ان بناء الدولة هو المخرج لكل ما نعيشه اليوم، والسبيل الوحيد لبلوغ هذه الدولة هو توحيد خطابنا من اجل الخروج من دوامة التناقضات، وكي نبدأ علينا طرح الإشكالية الاتية اي لبنان نريد؟ وعلى ضوء الإجابة على هذا السؤال نستطيع البدء بوضع استراتيجية وطنية ورؤية واحدة لوطن الارز".