د.حماد عبدالله يكتب: " لا حياة لمن تنادى" !!
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
مثل شعبى تعلمناه من " الفولكلور المصرى " وهو حينما ينفخ أحد فى "قربة " أو " بالونة " مثقوبة النتيجة لاشىء !! على الإطلاق.
لاأعرف لماذا كان شعورى حينما جلست لأكتب عن معاناه كتاب أعمدة الرأى وخاصة حينما تنصب أرائهم على عوار فى البنية الأساسية فى المجتمع سواء كان هذا العوار فى سلوك بشر أو فى إدارة مرفق أو فى سياسات متبعة ولكنها سياسات غير ذات جدوى فى تنفيذها أو فى مشاكل تواجة المصريين وتودى بحياتهم وفى الإمكان تلافى تلك المشاكل ببعض القرارات الإدارية أو التنفيذية إلا أن هناك " ودن من طين وودن من عجين " وهذا أيضاَ مثل شعبى !!
ولا أحد يقرأ ولا أحد يسمع وإن قرأ أحد فهو واثق شديد الثقة بأن لاأحد سيحاسبة عما قرأ أو سيؤاخذه عن أنه لايقرأ وخاصة كما أعتقد أن المسئول من أهم أدوات إدارته من يقرأ له ويترجم ماهو مكتوب فى سطر أو سطرين ومفادهم أن هناك رأى فى قصور فى الأداء وأن المطلوب شيىء ليس بكثير فى مجال تخصص البيك المسئول لكى يأخذ بقلمة ويضع قراره لإنهاء مشكلة !! ولكن للأسف هذه الأدوات تعطلت جداَ وأصبحت معدومة وغير موجودة فى أجندة السادة المسئولين بداية من السيد رئيس مجلس الوزراء إلى أصغر مسئول فى محافظة من محافظات مصر النائية فى الوادى الجديد أو فى البحر الأحمر.
وكنت قد كتبت عن أعمدة الرأى وأهميتها ودللت على ماكتبت بمناقشة دارت بينى وبين كاتب عمود رأى شهير فى المحروسة وهو المرحوم الأستاذ جلال دويدار "رئيس تحرير الأخبار الأسبق" وإقترحت أن يتبنى كتاب الرأى فكرة مثيرة لكى ينتبة السادة المسئولين على أننا " لاننفخ فى قربة مقطوعة " بأننا نخرج يومياَ بعمود أبيض لعلهم يتسائلون ماذا حدث لهؤلاء القوم من " نافخى القرب " لعل وعسى يتفضلوا ويناشدونا بأن نكتب أرائنا وأنهم سيرفضونها أو سيأخذون ببعضها ولكن ليس بهذا القدر من التجاهل ومن الإستهتار والإهمال والذى يتسبب عنه غرق العبارات وقتل الناس فى سكك حديد وسقوط القتلى ونزف الدماء على أسفلت الطرق وهروب الشباب فى مراكب خشبية فى عرض البحار وسرقة وأهدار المال العام على أشكال مختلفة وسياسات تعليم مهترئة وأعلانات عن تدخل فى وزارة تعليم من جهات أجنبية تحت أعين المسئولين وزيادة فى ترويج المخدرات بين الأطفال وسوء أخلاق الشارع المصرى وإفتقادنا لنظام مرورى حازم وإشارات ضوئية فى تقاطعات الطرق أسوة بدول صغيرة جداَ ونائمة جداَ وأحترام لأثارنا وحماية لها والحفاظ على حدائقنا وشوارعنا من العبث والعشوائيات.
-لكن " لا حياة لمن تنادى " فالقربة مخرومة " !!للأسف الشديد.
[email protected]
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (4)
تخيل عزيزى المواطن أن أحدهم هتف فى واحد من شوارع القاهرة وهو يصرخ: «خدلك ساتر إحنا فى حرب». فإذا نظرت إلى السماء لم ترَ طائرات ولا مُسيَّرات ولم تسمع أصوات طلقات البنادق، فهل ستصدق ما يقول؟!
فماذا لو أخبرتك أننا نحارب بالفعل منذ سنوات، وأن تلك الحرب ممكن أن يصبح سلاحها كتاباً وفيلماً ومسلسلاً، بل من الممكن أن يكون رواية وقصصاً وأشعاراً وأغنيات؟!
رسَّخت الدراما المصرية فى عقولنا أن الكتب لن نراها سوى مع شخصيات مثقفة، وتعريف مثقفة هنا أى شخصيات لا (تستحم) ضربها الجنون تهيم فى الأرض دون رابط أو ضابط. وأغلبنا يذكر المشهد الكوميدى للفنان الراحل «أحمد راتب» فى فيلم «يا رب ولد» وهو يقول: «أنا مثقف بوهيمى يفعل ما يحلو له»، وكيف رفض أن (يستحم) لأنه مثقف!
ربما يرد قارئ أنه لا يعرف القراءة أصلاً ولا خطر عليه بالتالى، وإلى ذلك المتحدث نقول إن الكتاب أصبح بصيغة صوتية ومتاحاً بكل سهولة على هاتفك. وأصبح فيلماً تشاهده، أو محاضرة دينية يقدمها داعية يرتدى ملابس أنيقة ويظهر أمامك فى كل وسيلة مسموعة أو مرئية حتى يقدم لك الأفكار التى يرى من وجهة نظره أنها الدين الصحيح!
ذكرنا فى مقال سابق أن أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية قررت تجنب خطأ الإنجليز، والألمان، والفرنسيين، والروس؛ بعد ما شاهدت إمبراطوريات لا تغيب عنها الشمس وهى تنهار بسبب الحروب التى دمرتها، وبدأنا نسمع مع الأمريكان عن الحرب الثقافية الباردة، وهناك تفصيلات أكبر لمن يحب أن يقرأ كتاب «من الذى دفع للزمار؟» لـ«ف. س. سوندرز».
الأمريكان أدركوا مبكراً حجم الخطأ فى إرسال جنودهم للموت فى دول أخرى، وفكروا فى وسائل مختلفة أوصلتهم إلى فكرة شيطانية؛ سنحارب الدول بشعوبها! وأسهل طريقة للسيطرة خلال تلك الفكرة هى اللعب فى أدمغة الشعوب المراد التحكم بها.
أدركت أمريكا متأخراً أن خطر الجماعات الإرهابية التى صنعوها فى أفغانستان ضد الروس ليس بعيداً عنهم، وأن تلك المجموعات من الضرورى السيطرة عليها، وأسهل طريقة لذلك هو توجيه تلك الطاقة العدوانية إلى داخل المنطقة العربية بعيداً عن المواطن الأمريكى.
فى تلك المرحلة أصدر مركز أبحاث تابع لوزارة الدفاع الأمريكية تقريراً شديد الخطورة حول كيفية احتواء خطر الجماعات الإرهابية. والاحتواء هنا لا يُقصد به القضاء على الإرهاب بشكل عام، لكن المقصود توظيف تلك المجموعات داخل الدول العربية نفسها، فمن جانب سيتخلص الأمريكان من تكرار توجيه سلاح القاعدة للداخل الأمريكى، ومن جانب آخر تصبح تلك المجموعات ورقة ضغط ضد أى دولة عربية تحاول مواجهة الغرب على أى مستوى!
تقرير مركز الأبحاث الأمريكى هدف إلى تكوين شبكة تحالفات داخل الدول العربية تروج للثقافة الأمريكية، وتدفع الناس لمشاهدة الحياة بعين أمريكا وليس بعيونهم الشرقية دون الانتباه لقدم تاريخ الفكر الشرقى الموجود قبل نشأة أمريكا نفسها بآلاف السنين!
من أجل تقريب المسألة سنعطى نموذجاً لتبسيط المسألة وتقريبها للأذهان؛ فى عام 2006 منحت هيئة المعونة الأمريكية 20 مليون دولار لشركات نشر مصرية فى مقابل تأسيس مكتبات فى مدارس التعليم الابتدائى، حيث تدفع الهيئة كامل تكاليف الكتب والورق والطباعة، والمقابل المقدم من الشركات فى سبيل تنفيذ تلك المنحة هو طبع قصص أطفال تعمل على تهيئة عقل من يقرأها إلى قبول الثقافة الأمريكية عموماً، بمعنى أن ذلك العقل الخام سوف يصبح مهيأ مستقبلاً لاستقبال أفكار أكثر (أمركة) وتقبلاً للحريات بمفهومها الغربى!
فى تلك الفترة، بالتحديد عام 2005، وصل عدد المدونات التى دشنها شباب مصرى إلى 150 ألف مدونة على الإنترنت يكتبون من خلالها أفكارهم، ثم بمرور الوقت أصبح هناك فيس بوك والذى يستخدمه الآن أكثر من نصف الشعب المصرى!