في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال عدوانه الدموي على قطاع غزة، فقد صدرت دعوات إسرائيلية لتحديد جملة من المهام الأساسية أمام الجيش، حددها مائير بن شبات الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، المقرب جدا من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

المهمة الأولى تتمثل بـ"السيطرة لإحلال النظام في الواقع الفوضوي الذي شهدته الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ورغم عدم اليقين الكامن في طبيعة الحرب، من الضروري تبديد الضباب قدر الإمكان، وتعزيز عناصر السيطرة الداخلية، بهدف تقليل مستوى القلق بين الإسرائيليين، من خلال تقديم إحاطات يومية منتظمة لهم في شكل قصير ومركّز".



ورأى في مقال نشرته "القناة 12"، وترجمته "عربي21" أن "المهمة الثانية هي الدفاع المتمثلة بإغلاق كامل للحدود مع غزة، لأنه ما دامت الحدود غير مغلقة بشكل محكم، فإن التهديدات على الجبهة الداخلية ستصرف الأنظار والجهود المطلوبة للقتال"، في حين تكمن المهمة الثالثة في الإجراءات المضادة المتمثلة بتحديد مكان المسلحين المنتشرين داخل الاحتلال، واستنفاد المعلومات، وبناء صورة كاملة وموثوقة فيما يتعلق بكل من زال فيها".

وزعم بن شبات أن "المهمة الرابعة هي الهجوم على غزة لأنه من المتوقع أن تستمر الحرب فترة طويلة، وهذا يمكن تعلمه ليس فقط من التصريحات الإسرائيلية، ولكن أيضا من سلوك حماس، والوتيرة المدروسة لإطلاق الصواريخ، لأن الاعتبارات الوحيدة التي ينبغي أن ترشدها هي الاعتبارات الأمنية والعملياتية، ولا داعي للخوف من الضغوط السياسية الدولية، والقلق من إغلاق ساعة الشرعية".

وأشار أنه "طالما أن 130 إسرائيلياً أسرى في غزة، فإن المجتمع الدولي سيضطر للاعتراف بحق الاحتلال في مواصلة القتال، ولا داعي للاهتمام بعدد الهجمات أو وزن القنابل التي تم إسقاطها، أو عدد الأهداف التي تم قصفها في غزة.

 ولفت إلى أن المهمة الخامسة تتمثل بإدارة القتال الجاري في غزة، حيث يتعين على مجلس الوزراء اتخاذ قرارات جوهرية في وقت قصير، بعضها استجابة لتطورات الحملة، وتفويض فريق محدود من الوزراء لإدارتها المستمرة، وتحديد مدة المناقشات للنخبة الأمنية، وتركيزها على الأساسيات المتمثلة في تحقيق هدف الحرب، وخططها، والجهود المبذولة لتحقيقها".


وفي مقال آخر، زعم بن شبات، أن "القتال في غزة يتطلب الآن هجوماً واسع النطاق، وليس عمليات جراحية، بعد أن تفاجأ الاحتلال بهجوم حماس، وما الذي يمكن فعله بشأن عدد الأسرى الإسرائيليين، مما يستدعي كيفية التحرك ضد القطاع.

وأضاف: "باعتباري كنت مسؤولاً عن المنطقة الجنوبية لجهاز الشاباك، فإن بودي معرفة كيف نفذت حماس مثل هذا الهجوم دون أي إنذار، رغم قناعتي أنه لم يكن ينبغي أن يحدث ذلك، لأن العبء الثقيل جداً تجاوز قدرة الإسرائيليين جسديّاً وعقليّاً".

وأكد في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "هجوم حماس أضرّ بثقة الإسرائيليين في الجهاز الأمني، مشيرا إلى أن عوامل تسلسل القيادة والسيطرة في هذه المواقف تكشف عن تحديات كثيرة ومعقدة تنتظر المنظومة الأمنية والعسكرية، مما يستدعي بالضرورة استكمال تطهير مناطق القتال داخل الاحتلال من وجود المسلحين، والتحقّق عددياً من عدم وجود أي منهم، وفي الوقت نفسه فرض السيطرة الكاملة على طول الشريط الحدودي بأكمله، والقيام بالاستعدادات العسكرية لاحتمال انضمام حزب الله".

وطالب المستوى السياسي بتوجيه جيش الاحتلال لإنشاء "محيط أمني" على الفور مع قطاع غزة بمساحة 300 متر شرق الحدود، على طوله بالكامل، والإعلان أن أي فلسطيني يدخل هذه المنطقة يخاطر بحياته، ووضع تعليمات إطلاق النار وفقاً لذلك، والذي يمكن أن يتم من الجوّ، وليس بالضرورة من خلال تواجد عسكري مادي في المنطقة".

وأشار إلى أن "احتمالات دخول قوى أخرى بجانب حماس سيناريو يجب أن يكون أمام أعين صناع القرار والمسؤولين العسكريين، مما يستدعي الاستعداد له، والتأكد من عدم استنزاف قدراتنا أمام ساحة واحدة، والدخول في نقاش حول كيفية التحرك الآن ضد قطاع غزة لتقليل الضرر الذي لحق بصورة الاحتلال الرادعة، ولتحقيق ذلك، لابد من دفع ثمن باهظ للغاية من حماس".

وزعم أنه "يجب القول وداعا لنمط العمليات الجراحية، التي رغم أنها توفر أضرارا مستهدفة، وتوضح القدرات الخاصة للاحتلال، لكنها تتطلب إعدادا معقّدا وطويلا، وعلى أي حال لا يمكن أن يكون الثمن وحده، بتحذير الفلسطينيين من شنّ هجوم واسع النطاق، وتدمير كل ما يتعلق بحماس: منازل الناشطين، المقارّ الحكومية، مكاتب الحركة، المؤسسات، فروع البنوك، المركبات، المولدات الكهربائية، القوارب، المستودعات، الورش، ووقف الممارسات مثل "الطرق على السطح" التي تسبق قصف المنازل".

ودعا "الاحتلال لأن تتحرر من كل الأمور المتعلقة باقتصاد غزة، ورفاهية سكانها، وإلغاء وظيفة الارتباط المدني بها، وإغلاق المعابر مع غزة بشكل كامل، بما في ذلك مرور الوقود والبضائع من معبر كرم أبو سالم، وتخفيض إمدادات الكهرباء، ومنع أنشطة الاتصالات والإنترنت في القطاع بأكمله".

وأوضح أن "أحداث غلاف غزة لها آثار معاكسة على الإسرائيليين، فمن ناحية فهي ترفع الروح المعنوية في المعسكر الفلسطيني، وتمثل مصدر إلهام لمزيد من الهجمات، وهم يدركون أن الاحتلال يعاني حالياً من آلام شديدة، ولن يتسامح مع الاستفزازات، وينبغي فرض حصار كامل عليهم، وتركيز الجهود العسكرية على غزة، دون خشية من ردود أفعال النظام الدولي على خطواتنا، لأن العالم يفهم الوضع جيدا للغاية، وكثافة الهجوم الذي شنّته حماس توفر الشرعية للخطوات غير التقليدية التي نتخذها، وليس من الصواب التصرف وفق ساعة توقيت، أو بدافع الخوف من رد فعل النظام الدولي".


إلعاد شامهيوف الكاتب في القناة 12، أعلن أن "هجوم حماس على غلاف غزة يوم السبت الأسود أثبت أن إسرائيل تقودها قيادة من الغنم، لأن ما حصل تسبب بانهيار الروح الإسرائيلية التي نشأنا عليها جميعًا، ومع بداية اليوم الخامس للحرب، كان شعور الكثير من الإسرائيليين أن الدولة في غيبوبة، واكتفى قادتها بالحديث بإرباك وتصريحات مصورة، وشعارات مكتومة، أمام صرخات مئات العائلات".

وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "هجوم السبت حصل على إسرائيل بينما لديها أكبر حكومة في تاريخها، ووزراء عاطلون عن العمل افتقروا للمعلومات، وهم يشاهدون مئات العائلات القلقة بين المستشفيات في محاولة للحصول على معلومات عن أبنائهم، لا يوجد من يتقن الحديث، ولا خطط طوارئ معدّة مسبقًا، ولا خطط إبداعية تتكشف في الوقت الفعلي، رغم أن أحداث يوم 7 أكتوبر الإسرائيلي يشبه يوم 11 سبتمبر الأمريكي".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاحتلال غزة غزة الاحتلال طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القناة 12 فی مقال فی غزة

إقرأ أيضاً:

"طوفان الأقصى".. الشرارة من غزة ولهيبها امتدّ للضفة

نابلس - خــاص صفا

لم يكن السابع من أكتوبر 2023 يومًا عابرًا في تاريخ الضفة الغربية، مثلما هو الحال بالنسبة للمنطقة ككل؛ فما قبل يوم "طوفان الأقصى" ليس كما بعده، ومنذ ذلك التاريخ وطوال سنةٍ كاملة دخلت الضفة مرحلة جديدة وغير مسبوقة في المواجهة المفتوحة مع الاحتلال.

ففي الوقت الذي كانت تُبثّ فيه المشاهد من غزة لاختراق السياج الفاصل وأسر جنود الاحتلال؛ كانت تلك اللقطات دافعًا استثنائيًا لشباب الضفة، واقتناعهم بجدوى المقاومة وحدها، وفشل ما سواها من حلول.

ورغم الأسلوب الدموي الذي اتبعه الاحتلال للقضاء على مقاومة الضفة، لكن ذلك لم يكن سوى صب لمزيدٍ من الزيت على النار المضرمة تحت الرماد، وفتحٍ للباب أمام انخراط فئاتٍ جديدة في العمل المقاوم، بشقيه المنظم والفردي.

وفي ظلال الذكرى السنوية الأولى للمعركة، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي سري سمور أن "طوفان الأقصى" أعطى الحالة الوطنية والشعبية في الضفة زخمًا أكبر ودفعة للأمام.

وقال لوكالة "صفا" إن "الطوفان" أدى إلى تغذية الحالة الوطنية التي بدأت تتصاعد بالضفة في السنوات الأخيرة، مع ازدياد الرغبة بالثأر لما يجري من مجازر في قطاع غزة.

كما أن المقاومة في غزة بصمودها وأدائها الميداني المميز، وفق سمور، شكلت نموذجًا يحتذى للشباب المقاوم في الضفة في الإبداع، وأعطتهم الدافعية للاستمرار وعدم الإحباط، بل ومحاولة تقديم الإسناد لغزة. 

ووصل عدد الشهداء في الضفة منذ بداية الطوفان وحتى اليوم نحو 740 شهيدا، ونحو 6 آلاف جريح، وهو ما لم يسجل خلال نفس المدة الزمنية في أي من الانتفاضات والهبّات السابقة.

لكن سمور يرى أن تأثير الطوفان في الضفة كان بطيئًا، ويعزو ذلك لعدة أسباب موضوعية، يُجملها هنا بأن "الطوفان أثّر على كل العالم، ومن باب أولى أن تتأثر الضفة، ولكن لم يكن بالشكل المتوقع".

ويشير إلى أن ساحة الضفة متعبة ومرهقة منذ سنوات عديدة بفعل ما مارسه الاحتلال فيها من سياسات تهدف لمنع انخراطها بالعمل الوطني والشعبي.

وبين أن الاحتلال سارع منذ اليوم الأول للطوفان لاتخاذ إجراءات وقائية في الضفة، وأشغل الناس بالبحث عن الأمن ولقمة العيش، وفي الوقت نفسه عمل على إفراغ الساحة من قيادات ورموز العمل الوطني التي يمكن لها أن تقود الشارع، كما أنهك الضفة بالاجتياحات المتكررة خاصة للبؤر المشتعلة كما في طولكرم وجنين.

ويلفت إلى أنه في الأيام الأولى للطوفان، كانت المشاركة الشعبية بالمسيرات المساندة كبيرة، ثم أخذت الأعداد تتراجع إلى أدنى مستوىً، وهذا سببه عدم وجود قيادات فاعلة والتي تم اعتقالها وتغييبها.

وأوضح أن الحالة الثورية تركزت في شمال الضفة، رغم ظهور حالات محدودة في مناطق أخرى بالمنطقة، وحتى في شمال الضفة كان التركيز في طولكرم وجنين أكثر من غيرهما.

ورغم التأثير المحدود، لكن سمور لا يقلل من أهمية هذا الأثير، فهو مثل المياه التي تسقي الشجرة ولكن لا تظهر الثمار مباشرة، بل أنها تحتاج إلى مزيد من الوقت فحسب.

الاعتماد على الذات

ويقول الكاتب ومدير مركز رؤية للتنمية السياسية، أحمد العطاونة إن معركة "طوفان الأقصى -على مستوى الضفة الغربية- أعادت التأكيد على صورة العدو بوصفه احتلالاً استيطانيًا، إحلاليًا، فاشيًا، متطرفًا، دمويًا.

كما أعادت إلى الواجهة البرنامج السياسي والهدف الأساسي للاحتلال، وهو إنهاء الوجود والهوية الفلسطيني الفلسطينية، والتنكر للحقوق الوطنية، وهذا ما أفضى إلى قناعة بأنه لا أفق لحلول سياسية، ولا "حل الدولتين"، ولا تسوية يُمكن أن يدفع نحو حلٍ ما، وفق العطاونة.

وذكر أن المعركة دفعت للالتفات إلى ظاهرة الاستيطان في الضفة، إذ جاءت هذه الحرب بالتزامن مع زيادة تسليح المستوطنين حتى تحولوا إلى ميليشيات تهدد حياة الفلسطينيين، ولم يعد أمام الفلسطينيين سوى الدفاع عن أنفسهم، وهذا ما تبنّته الضفة الغربية وشبابها.

وأشار العطاونة في حديثه لوكالة "صفا" إلى أن هذه المعركة دفعت الفلسطينيين للاعتماد على الذات، ففي ظل التخاذل الدولي والإقليمي؛ حيث أدرك الفلسطينيون أنه من أجل إعادة الاعتبار لحقوقهم وقضيتهم ووضعها على سلم اهتمامات العالم؛ لا بد أن يكون هناك جهد فلسطيني خاص، والاعتماد على الذات في المواجهة مع الاحتلال.

واعتبر العطاونة أن من أهم انعكاسات الطوفان على الضفة، إعادة الاعتبار للمقاومة وإحيائها في الضفة رغم كل الظروف المعقدة الأمنية والميدانية، ورغم الجهد الطويل والكبير الذي بذل على الضفة بعد "السور الواقي" وانتفاضة الأقصى لثنيها عن المقاومة.

وأشار إلى أن الجيل المقاوم الجديد وُلد بعد الانتفاضة الثانية، وهذا يؤكد أن الشعب الفلسطيني هو صمام الأمان لقضيته، وهو الحامي لهذه القضية والحافظ لحقوق شعبه، وأنه مهما وضعت سياسات وإجراءات، ومهما تدخلت دول فإن هذا الشعب لا يمكن أن يفرط بحقوقه، وكلما جاء جيل جديد تبنى خيار المقاومة والمواجهة والتصدي للاحتلال، مما يبقي القضية حية. 

وأضاف أن الجيل الجديد أدرك واستلهم الحالة من قطاع غزة، ومما يراه ويشاهده من بطولات وصمود ومواجهة، وتأثر بها بشكل كبير، وسار على ذات الطريق، وهي طريق الصمود والمواجهة ومقاومة الاحتلال، ورفض الاستكانة والخنوع.

وأكد أن الشباب الفلسطيني في الضفة أدرك حقيقة أن هذا الاحتلال لا يمكن التعامل معه إلا بالصمود والمواجهة والمقاومة، ولهذا بدأت تتنامى ظاهرة المقاومة في الضفة. 

مقالات مشابهة

  • حماس بعد عام من طوفان الأقصى
  • "طوفان الأقصى".. الشرارة من غزة ولهيبها امتدّ للضفة
  • تطورات اليوم الـ365 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • "أوقفوا الإبادة" وسم تضامني مع اكتمال عام على "طوفان الأقصى"
  • 3 مسؤولين من حماس يكشفون ما الذي يفكر فيه السنوار بعد عام من “طوفان الأقصى”
  • مسؤولين بحماس يكشفون ما يدور بعقل السنوار بعد عام من طوفان الأقصى
  • 3 مسؤولين من حماس يكشفون ما الذي يفكر فيه السنوار بعد عام من "طوفان الأقصى"
  • أفراد وحدة نسائية إسرائيلية: تم تجاهل تحذيراتنا بشأن زيادة أنشطة حماس قبل هجوم "طوفان الأقصى"
  • تطورات اليوم الـ364 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • تطورات اليوم الـ363 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة