مراكش ـ هيمن موضوع العدالة المالية وخدمة الدين على نقاشات اليوم الثاني، من الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي المنعقدة حاليا بمدينة مراكش المغربية.

وفي ندوة حول دليل جديد لمواجهة الأوقات الصعبة، شدد المشاركون -مسؤولون في البنك الدولي ووزراء وخبراء من دول عدة- على ضرورة وضع قواعد جديدة للتعاطي مع خدمة الدين، وسرعة تحرك رؤوس الأموال من الجهات المانحة خلال الأزمات والأوضاع العادية إلى البلدان الفقيرة، التي تواجه مخاطر جمة مرتبطة بالفقر والتضخم.

وأكثر ما شد الانتباه، هو ما قالته المديرة التنفيذية لليونيسيف، كاثرين راسل، حول الحيرة التي تصيب هذه البلدان في الاختيار غير العادل بين خدمة الدين والاستثمار في التربية والتعليم، بما يضمن لأطفالها الازدهار المنشود.

وأبرزت أن أكثر من مليار طفل في العالم، يعانون الجوع في مناطق مهددة دائما بمخاطر متعلقة بالتغيرات المناخية والأزمات العامة، في حين لا يجد أغلبهم طريقا لإكمال دراسته، وقالت، إن على الجميع أن يتحمل مسؤوليته لكي لا نرى ذلك مجددا.

وأكدت كاثرين راسل ضرورة أن تركز الجهود على الاستثمار في تربية الأطفال وتلبية حاجاتهم المختلفة، والتسريع بعودتهم إلى المدارس خلال حدوث الأزمات، وعلى تقوية الحكومات، وهو تحد للجميع، وليس لهذه البلدان الهشة المعنية.

كاثرين راسل نبهت إلى أن مليار طفل في العالم يعانون الجوع في مناطق مهددة بالتغير المناخي وأزمات عامة (الفرنسية) الدعم المباشر

من جهته أكد وزير المالية والشؤون الاقتصادية في مالاوي، سوستن ألفريد جوينجوي، ضرورة أن يؤدي البنك الدولي دورا مهما بشأن الدعم المباشر، وتسريع التدابير المالية لمواجهة المخاطر الطارئة، وتذليل العراقيل للحصول على التمويل الكافي، وتحدث عن كيف مرت البلاد بأزمة بسبب التغير المناخي، وحركت مواردها الذاتية لتجاوزها، قبل أن تصل تلك التمويلات الخارجية.

وأضاف أن الحكومات تجد حرجا أمام ضعف مواردها، في حين تستغرق الجهات المانحة وقتا كبيرا للاستجابة للأزمات، وشدد على ضرورة أن يؤخذ موضوع تعليق، أو إنهاء خدمة الدين على محمل الجد، حتى "يساعدنا  (ذلك) على الوفاء بالديون".

وفي السياق ذاته، أشارت وزيرة التحول الطاقي والتنمية المستدامة في المغرب، ليلى بنعلي، بخصوص حديث وزير مالاوي عن خدمة الدين إلى أنه لا يمكن الإجابة عن سؤال التغير المناخي، والثنائية بين الأغنياء والفقراء، دون مناقشة مثل هذه الموضوعات في عمقها.

وأبرزت أن أزمة المناخ باتت عابرة للأجيال والحدود، وهو موضوع يطول نقاشه، مؤكدة أهمية استحداث أدوات تمويلية تراعي هذه الأزمات.

وأوضحت الوزيرة أن الحاجة إلى التمويل تظهر في ظل أزمات ومخاوف وتهديد للكرامة الوطنية أيضا، ومن ثم يجب أن تكون المبادرة لتأمين التنمية المستدامة نابعة من حاجة الشعوب.

ولفت إلى أنه على المجموعات التمويلية الدولية أن تعي أن الأدوات التقليدية لم تعُد ناجعة، وأنه عليها البحث عن بدائل تراعي تأمين مستقبل أطفال الدول الفقيرة، وتحديث بناها التحتية الطاقية والكهربائية والرقمية بشكل أفضل.

إحدى جلسات اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في مراكش في اليوم الأول (الفرنسية) تسديد الدين بعد التعافي

من جهته، شدد نائب الرئيس التنفيذي لبنك التنمية للبلدان الأميركية، جوردان شوارتز، على ضرورة وجود ثقة بين المؤسسات البنكية، مبرزا أن مؤسسته وقّعت مذكرة تفاهم مميزة مع البنك الدولي، بحيث تسمح بتعزيز الصلابة في المناطق الهشة، من خلال تأمين خط تمويلي للاستجابة في حالة الطوارئ، وقروض الإنعاش، الممنوحة لدول فقيرة أو صغيرة تعاني من محدودية إمكاناتها.

ونبه إلى ضرورة أن تكون الحكومات قادرة على وضع بند خاص بدفع الدين بعد التعافي من الكوارث بشكل خاص، وأن تُعنى الشراكات التمويلية بالحصول على قروض بشروط ميسرة.

وعلّقت المديرة العامة للعمليات في البنك الدولي، آنا بيردي، بقولها، إن خدمة الدين يمكن توقعها على خلاف الاستجابة للكوارث، ولذا وجب تغيير القواعد؛ مثل: نقل الأموال واستثماراتها من مشروعات إلى أخرى أكثر إلحاحا، مع ضرورة التوفر على موارد احتياطية يمكن تحريرها واستعمالها بسرعة.

وشددت على ضرورة البدء بالتخطيط لتفادي المفاجآت، وإدخال مواجهة الكوارث كجزء من برامج الحكومات، وبناء شراكات ناجحة مع تحديد حاجة المستهلكين، والانسجام مع المعايير وهو ما يتطلب بعض الوقت، لتعمل بنوك التنمية بطريقة منفتحة وجديدة وخلاقة، بدل أن تملي على البلدان طريقة التصرف.

فوائد الديون مرتفعة

ونقلت الجزيرة نت أسئلة العدالة المالية وخدمة الدين إلى الناشطة الحقوقية سارة سعدون، التي تحضر الاجتماعات السنوية بمدينة مراكش، التي أبرزت في جوابها أن ما يناهز 3.3 مليار شخص يعيشون في بلدان تنفق على فوائد الديون أكثر من التعليم أو الصحة، وفقا لتقرير حديث للأمم المتحدة.

وأضافت سارة -عضو منظمة هيومن رايتس ووتش- أنه بموجب قانون حقوق الإنسان، يقع على عاتق الحكومات التزام بإعطاء الأولوية لحماية الحقوق، وتوقع من الدائنين إعادة هيكلة الديون للحفاظ على قدرة الحكومات على إنفاق ما يكفي على الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، وغيرها من الحقوق.

وختمت سارة بالقول، إن صندوق النقد أدرك أن سياساته يمكن أن تضر الناس ويقول، إنه يعالج هذه التأثيرات، لكن الأدوات التي طورها لا تعمل، وبدلا من ذلك، ينبغي له أن ينشر السياسات المقترحة وتأثيراتها المتوقعة، حتى يتم النقاش من الجميع، والوصول إلى ما فيه مصلحة الجميع، وفق تعبيرها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: البنک الدولی خدمة الدین على ضرورة ضرورة أن

إقرأ أيضاً:

المشاط: 50% ارتفاعا في تكلفة خدمة الدين للدول النامية خلال 3 سنوات

شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الاجتماع التحضيري، للمؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية المقرر عقده في إسبانيا في يونيو 2025، والذي تستضيفه حكومة إسبانيا بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والاتحاد الأوروبي، وإيطاليا، وإسبانيا، والسويد.

واستهدف المؤتمر التحضيري تسليط الضوء على التكامل بين الأطر الوطنية المتكاملة للتمويل والمنصات والاستراتيجيات الأخرى التي تقودها الدول، وتعزيز التنسيق بين خطط الاستثمار وأطر السياسات، وشارك في الجلسة الدكتور محمود محي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة المعني بتمويل أهداف التنمية المستدامة، وتوماس بيلوي، القائم بأعمال مدير مركز التمويل المستدام ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، و أوليفر شوانك، رئيس قسم تحليل السياسات بإدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة، وممثلي العديد من الحكومات.

وخلال كلمتها بالمؤتمر، دعت الدكتورة رانيا المشاط، إلى صياغة رؤية دولية أكثر شمولًا وعدالة لمواجهة تحديات التنمية، في ظل ما تواجهه البلدان النامية من تحديات معقدة تعيق مكاسب التنمية مثل ارتفاع معدلات الفقر، وتزايد أعباء الديون، وعدم الاستقرار الجيوسياسي، وعلى الرغم من أن القضاء على الفقر متعدد الأبعاد قضية مشتركة وحاجة ملحة، فإنه يعتبر أيضًا عاملاً تمكينيًا مهمًا يعزز العمل نحو ضمان عدم ترك أحد خلف الركب. 

%50 ارتفاعا بتكاليف خدمة الديون

وأضافت أن البلدان النامية تواجه ارتفاعًا بتكاليف خدمة الديون، بأكثر من 50% بين عامي 2022 و2025، مما يحد بشكل كبير من الحيز المالي المالي اللازم للاستثمارات المستدامة. وفي المقابل، تستمر بعض الاختلالات الهيكلية بالمجتمعات، موضحة أنه بينما يتجاوز ثروة العالم 460 تريليون دولار، فإن تعبئة جزء بسيط من هذه الثروة لسد الفجوة السنوية لتمويل أهداف التنمية المستدامة البالغة 4 تريليون دولار يظل بعيد المنال. ومع تحقيق تقدم في 17%فقط من أهداف التنمية المستدامة، فإنه من الواضح أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب تضامنًا ومناهج متكاملة لدفع الانتقال العادل.

الضرائب: زيادة الحد الأقصى للمشروعات الصغيرة من 15 إلى 20 مليون جنيهوزير الإسكان: إجراء قرعة علنية لتخصيص 481 قطعة أرض تم توفيق وضعها بالشروق

وأوضحت "المشاط"، أنه لا يزال النمو العالمي هشًا، حيث يُتوقع أن يبلغ 3.3% – وهو أقل بكثير من المتوسط التاريخي البالغ 3.7%. وهذا التباين بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة يسلط الضوء على الحاجة الملحة للتدخلات المستهدفة والتعاون الدولي القوي لسد هذه الفجوة ودفع التقدم العادل، مؤكدة على ضرورة إعادة هيكلة مؤسسات التمويل الدولية، وتنفيذ إصلاحات جذرية في النظام المالي العالمي ليتواكب مع المتغيرات والتحديات التي تواجهها الدول، وضمان استدامة تدفق تمويل التنمية.

وأشارت إلى أهمية المنصات الوطنية حيث تعمل كآليات متكاملة لتنسيق العلاقة بين الأطراف ذات الصلة والموارد والأولويات، مما يُعزز الكفاءة والتأثير، لافتةً إلى نموذج المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي» في مصر، الذي يهدف إلى تسريع الأجندة الوطنية للعمل المناخي ويوفر فرصًا لحشد التمويل والاستثمارات الخاصة لدعم التحول الأخضر في مصر، ويعكس الروابط والتكامل بين العمل المناخي وجهود التنمية، منوهة بأن تلك المنصات تعزز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص التي تعد ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية.

وسلّطت الضوء على إطلاق وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي الاستراتيجية الوطنية المتكاملة لتمويل التنمية، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على هامش قمة المستقبل في سبتمبر الماضي – بما يتماشى مع الحاجة إلى وجود حافز لأهداف التنمية المستدامة يقدم إجراءات فورية لإنقاذ أجندة 2030 وتركز الاستراتيجية على نهج موحد لتمويل التنمية من خلال دمج الاستثمارات العامة والخاصة، وتعزيز التماسك في السياسات، وتعزيز الشفافية والمساءلة. وتوفر إطارًا منظمًا لمعالجة فجوات التمويل والتنمية، وتعزيز الابتكار، وإعطاء الأولوية للمشاريع التي تحقق أقصى تأثير على الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، مضيفة أن الاستراتيجية تأتي كجزء من إطار عمل الوزارة الذي يهدف إلى تحقيق النمو النوعي ويدعمه محركات رئيسية تتمثل في استخدام السياسات القائمة على البيانات والأدلة لمعالجة الفجوات التنموية القطاعية، وبناء اقتصاد مرن للمستقبل، وتحسين تخصيص الموارد.

وأشارت إلى جهود مصر للتوسع في آليات التمويل المبتكر، مثل برنامج مبادلة الديون الذي تم تنفيذه مع إيطاليا وألمانيا، لافتة إلى إطلاق مصر مبادرة "محفز النمو الاقتصادي" بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي، على هامش الاجتماعات السنوية في دافوس. حيث تم تصميم هذه المبادرة لفتح فرص اقتصادية جديدة، وحشد الاستثمارات الخاصة، وتسريع مشاريع التنمية المستدامة.

وأكدت "المشاط" أن الفعاليات العالمية مثل المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية (FfD4)، وقمم أهداف التنمية المستدامة، ومؤتمرات الأطراف القادمة (COPs)، توفر فرصًا حاسمة لمعالجة هذه التحديات بشكل مباشر، وتمثل انطلاقة نحو نظام مالي عالمي أكثر عدالة وكفاءة، مشددة على ضرورة تسريع البنوك متعددة الأطراف الإصلاحات بشكل عاجل لتعبئة المزيد من التمويل للتنمية المستدامة، بما في ذلك آليات مبتكرة مثل التمويل الميسر وتبادل الديون من أجل المناخ، والتي تعد حاسمة للبلدان التي تحتاج إليها.

مقالات مشابهة

  • وزير المالية ومدير عام صندوق النقد العربي يوقعان اتفاقية إعادة هيكلة ديون اليمن للصندوق
  • المالية النيابية تستضيف محافظ البنك بشأن العقارات والعمولات
  • عقوبات 2024 لـ مروجي شائعات بيع المستشفيات وصندوق النقد ورأس الحكمة
  • المشاط: 50% ارتفاعا في تكلفة خدمة الدين للدول النامية خلال 3 سنوات
  • البنك المركزي يعلن عن ارتفاع الدين الداخلي
  • البنك المركزي: ارتفاع الدين الداخلي للعراق بنسبة 2.9 %
  • تنظمه “المالية” وصندوق النقد الدولي.. انطلاق مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة
  • رئيس البنك الإسلامي للتنمية يلتقي المديرة العامة لصندوق النقد الدولي والوفد المرافق لها
  • بتنظيم مشترك من وزارة المالية وصندوق النقد الدولي.. انطلاق مؤتمر العُلا لاقتصادات الأسواق الناشئة غدًا
  • وزارة المالية وصندوق النقد الدولي يطلقان غدًا مؤتمر العُلا لاقتصادات الأسواق الناشئة