«رضا» استُدعي للاحتياط: لم أنسَ لحظة إعلان العبور
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
تجاعيد وجهه تحمل بين طياتها تاريخاً طويلاً، قضى شبابه فى خدمة وطنه وحمايته بعد استدعائه ضمن قوات الاحتياط قبل حرب أكتوبر، لم يتردد محمد رضا عبدالعظيم، 83 عاماً، الذى يعيش فى واحة الفرافرة، فى تلبية نداء الوطن حينها، سافر على الفور من محافظة الوادى الجديد -محل سكنه- متوجهاً إلى مقر خدمته بالقاهرة، تاركاً خلفه زوجته وثلاثة من الأبناء، واضعاً المصلحة العليا للوطن نصب عينيه.
لم تكن الرحلة من واحة الفرافرة إلى القاهرة سهلة، وفقاً لتصريحات «محمد» لـ«الوطن»: «كان شيخ الغفر يتابع من تم استدعاؤه من الاحتياط ويتوجه برفقتهم إلى قسم الشرطة لتسليم أنفسهم، وحينها لم تكن هناك وسائل مواصلات بالواحة سوى الجِمال، فتوجهت برفقة زملائى إلى قسم الشرطة عبر قافلة جِمال نقلتنا من واحة الفرافرة إلى الواحات البحرية، قاطعة نحو 300 كيلو، واستغرقت الرحلة 7 أيام».
كانت الواحة البحرية أكثر إعماراً من الفرافرة، وفى كل شهر تمر سيارة محملة بالمواد الغذائية والطعام، يسميها الأهالى «عربية التموين»، التى كانت تقل المجندين أيضاً من وإلى الواحة: «كنا نتحرك من الفرافرة إلى الواحة البحرية بالجِمال، ومن هناك تقلنا سيارة التموين إلى القاهرة ليجرى توزيعنا على أماكن الخدمة»، لافتاً إلى أن مدة الانتظار تتوقف على موعد وصول الجندى إلى الواحة البحرية، فالبعض كان يصل فى نفس يوم وصول الشاحنة، والبعض ينتظر أياماً معدودة قد تصل إلى شهر كامل: «انتظرت 12 يوماً فى الواحة البحرية حتى وصلت الشاحنة وأقلتنى وزملائى إلى القاهرة ليتم توزيعنا على مناطق التجنيد، وحينها أُرسلت إلى أسوان لحراسة السد العالى الذى شهد تأميناً كبيراً من القوات المسلحة أيام الحرب».
التواصل بين المجندين وأسرهم كان من الأمور الصعبة للغاية، وفق تصريح «محمد»: «كانت وسيلة التواصل الوحيدة هى الجوابات، كنت أسلّم جواباتى لأحد أبناء الواحة حال حصوله على إجازة لتوصيلها لأسرتى، ونفس الكلام لو حد من أهلى عايز يبعتلى جواب، وقضيت سنة كاملة ماعرفش أى حاجة عن أبنائى وزوجتى حتى حصلت على إجازة».
ولفت إلى أن الوسيلة الوحيدة لمعرفة آخر تطورات الحرب كانت الراديو، ومع الإعلان عن الضربة الجوية فى الإذاعة وتقدم الجيش المصرى، كانت كلمة «الله أكبر» هى الأعلى فى كل مكان، واصفاً تلك اللحظة بالعظيمة، حيث بدأ الجنود فى التهليل والهتاف بصوت عالٍ مرددين: «الله أكبر، الله أكبر»، وكان صوت الهتافات أعلى من صوت الراديو: «أول ما سمعنا فى الراديو إن مصر عبرت فرحنا فرحة كبيرة جداً، والعساكر كانت تجرى فى كل مكان من الفرحة وتحضن بعض، ويهتفوا الله أكبر، الله أكبر، ووزعنا على بعض حلويات ومشروبات، وفضلنا نحتفل ونغنى ونرقص طول الليل فى الكتيبة، وفرحتنا بالنصر العظيم ده نسيتنى مرار الغربة وإنى قضيت سنة كاملة بعيد عن زوجتى وأبنائى».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حرب أكتوبر حرب الاستنزاف ملحمة العبور خط بارليف الجيش الذي لا يقهر الله أکبر
إقرأ أيضاً:
اعتزال ووعكة صحية.. هل كانت حالة محمد رحيم النفسية سر رحيله المفاجئ؟
أحدثت وفاة الفنان والملحن محمد رحيم المفاجئة موجة من الحزن والصدمة في الوسط الفني، حيث كان يتمتع بشعبية كبيرة ومكانة مرموقة بين زملائه وجمهوره.
ورغم إنجازاته الموسيقية التي أثرت الساحة الفنية، إلا أن معاناته النفسية وظروفه الصعبة في السنوات الأخيرة ألقت بظلالها على حياته، لتنتهي مسيرته بطريقة مؤلمة وصادمة.
وفاة محمد رحيموفاة محمد رحيمقبل أشهر من وفاته، أعلن محمد رحيم اعتزاله العمل الفني عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلًا: "تعليق كل أنشطتي الفنية لأجل غير مسمى حتى إشعار آخر مع احتمالية اعتزالي المهنة والسفر خارج البلاد".
إلا أن محبيه وجمهوره تفاعلوا مع الخبر بشكل كبير، مطالبين إياه بالعودة عن قراره، وبالفعل، استجاب رحيم لهذه المطالب وكتب عبر حساباته: "بكيت بالدموع من كتر الإحساس اللي في الرسائل اللي بعتوهالي... خلاص يا جماعة أنا هارجع تاني علشان خاطركم".
وفي شهر يوليو الماضي، تعرض محمد رحيم لذبحة صدرية نُقل على إثرها إلى المستشفى، حيث أجرى عملية قسطرة ناجحة، وطمأن جمهوره لاحقًا من خلال فيديو نشره على "فيسبوك": "أجريت عملية بسيطة وبقيت زي الفل، ربنا شفاني وعدت على خير".
ورغم تعافيه جسديًا، إلا أن الضغوط النفسية والتجاهل الذي واجهه من الوسط الفني أثرا بعمق على حالته النفسية، وشعر رحيم بالمرارة بسبب تهميشه وعدم تقدير مساهماته، وهو ما انعكس على نفسيته الرقيقة، ليختار العزلة بدلًا من محاولة فرض وجوده.
وفاته المفاجئة أثارت صدمة في الوسط الفني، حيث عبر عدد كبير من الفنانين عن حزنهم البالغ لما مر به من ضغوط.
وكتب الشاعر بهاء الدين محمد كتب على "فيسبوك": "محمد رحيم ارتاح خلاص... تمن الضغط على الإحساس الموت".
للمرة الثانية.. زوجة محمد رحيم تعلن موعد جنازته أسرة الملحن محمد رحيم تتسلم جثمانه من مشرحة زينهم (صور)وأما المخرج محمد العدل فقد عبر عن حزنه الشديد، كاتبًا: "محمد مات من عدم التقدير... رغم أنه من أهم ملحنين العالم بجوائز عالمية، إلا أن الإعلام تجاهل إنجازاته، محمد مات من المحسوبية والمجاملات".
ورغم الظروف الصعبة التي عاشها في سنواته الأخيرة، إلا أن محمد رحيم ترك إرثًا فنيًا غنيًا سيظل محفورًا في ذاكرة الفن العربي، فقد أثرى الساحة الموسيقية بأعمال مميزة، وسيبقى اسمه حاضرًا رغم رحيله المبكر.
برحيل محمد رحيم، فقد الوسط الفني واحدًا من أكثر المبدعين حساسية وإبداعًا، وبينما تتوالى ردود الأفعال الحزينة، يبقى إرثه الموسيقي شاهدًا على موهبة فذة وإنسانية عميقة لم تُقدر كما تستحق.