لجريدة عمان:
2025-02-09@03:09:42 GMT

جهاز الرقابة والتشديد في الحفاظ على المال العام

تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT

مع صدور التقرير السنوي لجهاز الرقابة المالية والإدارية الذي نشر مؤخرًا، في مسألة التدقيق على المال لعام 2022، وهي النتائج التي أسفرت عن متابعة وتدقيق النشاطات التي قامت بها بعض الوحدات الحكومية والهيئات والشركات، والجهات الاستثمارية التي هي ضمن صلاحيات الجهاز في الرقابة عليها، ووفقًا لـ«رؤية عُمان 2040»، وما يهدف إليه في إطار صلاحيته الممنوحة له في تعزيز النزاهة، وهو ما أشار إليه جلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله ورعاه - في خطابه في 23 فبراير 2020، الذي أكد فيه على أهمية متابعة: «حوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة؛ لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤيتنا وأهدافها».

ولا شك أن محاصرة الفساد الإداري والمالي، والتضييق على المصالح الخاصة غير القانونية، واستغلال النفوذ لمآرب ذاتية، من الأمور التي تعرقل التنمية الوطنية، وتأخر المشروعات التي تنهض بالدولة وأجهزتها في كل مجالات المشروعات التنموية.

واشـتمل التقرير السنوي للجهاز على العديد من الموضوعـات التي نتجت عن أعمال وبسط رقابة الجهاز على بعض الوحدات الحكومية والهيئات والاستثمارات والشركات، وفق خطة فحصه السنوية لعام 2022، أخذًا في الاعتبار أهداف «رؤية عمان 2040» واسترشادًا بالمبادئ والأسس والمعايير المعتمدة من المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الانتوساي)، وأدلة العمل الرقابي ووفق الأهمية النسبية وتحليل المخاطر القائمة على مبدأ الفحص بالعينة، نفّذ خلالها الجهاز (181) مهمة رقابية نتج عنها (147) تقريرًا رقابيًا، وأُبلغـت نتائجهـا إلـى الجهـات المعنيـة التـي أبـدت تعاونـًا وتجاوبـًا مـن خلال اتخـاذ الإجراءات والمعالجـات التصويبيـة لملاحظات وتوصيـات الجهـاز، والقيـام بإحالـة بعـض المخالفـات التي تشكل شبهة جنائية إلـى الادعاء العـام لاتخاذ إجراءاتـه بشـأنها.

والحقيقة أن اتجاه الدولة إلى استخدام القانون الصارم لضرب الفساد ومحاصرته بالمتابعة الدقيقة الإدارية والفنية، واسترداد ما تم أخذه من أموال وغيرها، وتطبيق العقاب القانوني، يعد من أولويات القضاء على هذا الخطر الكبير على موارد الدولة والمجتمع، وزيادة الفاعلية الرقابية المتعددة، أصبح من الضرورات المهمة وتتماشى مع الخطة الاستراتيجية 2040، ولعل أهمها، خلخلة البنية الإدارية التي أقام عليها هذا الفساد بما يسهم في تجهيز أطر إدارية وقانونية بهذا القطاع، وعقاب من سوّلت له نفسه التلاعب وتجاوز الأمانة التي كلف بها للحفاظ على مقدراتها، واستغلالها بصورة أو بأخرى، ومن هنا لا بد من تطوير وتجديد السياسات التي تسيّر النظم في هذه القطاعات بما يضمن سلامة الأداء، ومصداقية الممارسة الأدائية للعمل المالي والإداري، والشفافية، وفقًا لمعايير وخطط تكفل الكفاءة، وأن تكون منسجمة مع القانون وقواعد الإدارة المنظمة بضوابط لوائح الرقابة المالية والتشريعية، وغيرها من الرقابات الأخرى التي تراها الدولة ضامنة لمنع الفساد والتجاوزات للمال العام.

ولذلك على أجهزة الدولة، أن تضطلع بمهام كبيرة لتحقيق هذه الأهداف في القضاء على مؤشرات الفساد، بما في ذلك مسألة «الرشاوى»، و«السمسرة»، و«العمولة» المرتبطة بمصالح خاصة للعمل العام، وهذه للأسف تؤسس لذهنية سلبية لدى البعض، حيث يعتبرها ظاهرة طبيعية، لكنها تشكل مخاطر لكونها بيئة حاضنة للفساد الإداري والمالي، لو تركت تتغلغل في الإدارة حتى لو كانت فردية.

وقد أشرت في كتابات سابقة إلى أهمية هذه التقارير السنوية من جهاز الرقابة المالية والإدارية، على أسس جديدة ودقيقة في الرقابة المالية والإدارية، وتعد من أفضل الطرق المنهجية لكشف الأخطاء الطبيعية، منها وغير الطبيعية لأهداف غير خاصة، تتجاوز النظم والقوانين السارية، لذلك الأمر يتطلب أن تتعزز الرقابة من جهات الاختصاص في بلادنا بصورة دائمة ومعدة إعدادًا علميًا ومنهجيًا، وتقديمه لصناع القرار، والتعريف بكيفية الصرف المالي على المشروعات العامة، وعلى أسعارها، وعلى إسناد شركات بعينها والمخططات الهندسية بصورة سليمة، من حيث الأوامر التغييرية التي أصبحت لافتة في العقود الماضية، بهدف التحقق من دقة مبالغ المشروع، وتوازن التكلفة، مع ما تتطلبه القيمة السعرية لهذا المشروع أو ذاك، في الجوانب الفنية وغيرها من المجالات، التي يعرفها الفنيون والمختصون بهذه المشروعات بعد التدقيق، ولذلك فإنّ الشفافية والنزاهة، أصبحت مهمة وضرورية في العمل الرقابي، ولا شك أنّ الفساد بصفة عامة له الكثير من المساوئ الأخرى على قطاعات أخرى مرتبطة بالتنمية الاقتصادية بصفة خاصة، ألا وهي تدني مستويات كفاءة الاستثمار العام، وضعف مقومات الجودة في البنية التحتية العامة، لكونها تحد من الموارد المخصصة للاستثمار، وربما تزيد في كلفتها، أو توجيهها التوجيه السلبي التي تجعل الدولة تخسر مبالغ طائلة، مع تأثيرها على المشروعات الأخرى المقبلة، دون أن تكون هذه المبالغ قد وضعت في ما خُطط لها بالصورة المطلوبة، أو أنها وُضعت وفق مخططات سليمة وعلمية، منذ تأسيس هذا المشروع أو ذاك، أو ربما يدخل عامل الوساطات في اختيار المشروعات الإنشائية، ما يُسفر عنه تدني نوعية المنشآت العامة، إن لم يتحقق هذا بطرق ناجعة وسليمة من الأخطاء الكبيرة.

ولأن التقرير لجهاز الرقابة المالية والإدارية، كان وافيًا بصفة عامة، هذا ما ينبغي أن تسير عليه، مع التجديد في مضامينه العلمية والفنية، ومن هنا تظل قضية مكافحة الفساد وإعطاء النزاهة أولوية في الخطط والبرامج التنموية، وإتاحة المجال لدور المجتمع المدني في القيام بدوره الاجتماعي والفكري.

والحقيقة أن وطننا العربي تراجع عن المكانة التي ينبغي أن يكون عليها، من حيث القدرات والإمكانيات والقدرات الكبيرة التي يملكها، إلى جانب الموقع المؤثر الاستراتيجي لو تحققت النزاهة بصورة كاملة عراقيل الفساد، باعتباره في قلب العالم بثرواته الطبيعية المتعددة، مع قضية الفساد وغياب النزاهة، هما الأكثر تأثيرا على التراجعات الاقتصادية، إلى جانب ذلك هناك مسببات أخرى على غياب التنمية المستدامة التي تحققت لدول أخرى، كانت في مستوانا العربي منذ عدة عقود، وأصبحت يشار إليها كدول تتنافس مع الدول التي سبقت الجميع في التنمية الكبيرة اقتصاديًا وصناعيًا وتنمويًا، وغيرها من أوجه التقدم العلمي والتكنولوجي، والحقيقة أن مسألة الفساد، تعد من أكبر التأثيرات السلبية على التنمية على مستوى العالم، وأول الاستحقاقات التي تجعلها تتقدم دون إعاقات، هو استئصال معوقات الفساد وتأثيراته من الأولويات، بحيث تم حصاره بالصرامة القانونية، ومحاسبة المفسدين، ويتم العقاب على مرتكبيه، وهذا مهم ومطلوب لمحاصرته.

ولا شك أن النزاهة، تعد رافدًا من روافد حركة التنمية التي تتحرك في المسار الصحيح دون إعاقات، ودون أن تتعرض للإخفاقات من تحركات الفساد، من خلال الخطط التي تمتلك الأدوات التي تقف حائلا دون أن يكون مؤثرًا في هذه البرامج والمشروعات من خلال الرقابة على الأسس الفنية الدقيقة، وفي غيابها سيتحرك الفساد الذي يضع القناع على تصرفاته غير النزيهة البعيدة عن الأمانة والنزاهة والحرص على المال العام، ليضع العراقيل والمثبطات من خلال موقع المسؤول -غير النزيه- الذي لديه بعض الصلاحيات واستغلال نفوذه، لينتفع ويتجاوز القوانين واللوائح، ليحول دون تحرك عجلة التنمية المستدامة بالصورة التي خُطط لها، مع تطبيق بلادنا للخطة الاستراتيجية للتنمية المستدامة 2040 منذ ثلاثة أعوام- كما أشرنا آنفًا- وبما وضعته من خطط ومتابعات ومراجعات للخطط المقسّمة، ويتم تطبيقه -بحسب ما وضعته في الخطة من برامج- والتي بلا شك ننظر لها نظرة مختلفة - فجهاز الرقابة المالية والإدارية، هو الذي سيكون الرديف المساند للخطة الاستراتيجية العمانية 2040،بهدف تحقيق النزاهة والشفافية والحفاظ على المال العام.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرقابة المالیة والإداریة على المال

إقرأ أيضاً:

12 تريليون دينار مجمل الصرفيات على المشاريع الخدمية خلال 2024

8 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: اكد رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني على دعم وتطوير عمل الرقابة الداخلية ضمن نهج مكافحة الفساد.

المسلة تنشر نص البيان:

رعى رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني، اليوم السبت، مؤتمر الرقابة الداخلية الذي نظمه ديوان الرقابة المالية الاتحادي تحت شعار (الرقابة هي خط الصد الأول في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية).

وأكد سيادته، في كلمة له، أنّ المؤتمر يستهدف تعزيز عمل الرقابة الداخلية، وترسيخ الشفافية في أداء الواجب، وذلك التزاماً بالمستهدف الأول في عمل البرنامج الحكومي، المتمثل بمكافحة الفساد، الذي يعد معياراً أساسياً لإيمان المواطن بالنظام والعملية السياسية بمجملها، مشيراً إلى أهمية الرقابة الداخلية؛ كونها النظام الذي يصحح مسيرة عمل المؤسسة والضامن لمنع هدر المال العام، وهي لا تعني البيروقراطية والعرقلة، بل مسار نزيه وشفاف يتعاطى مع القانون وروحه وأهدافه قبل أن تنفذ تعليماته.

وأكد السيد السوداني أن ما صدر من المرجعية الدينية العليا في تشرين الثاني الماضي، اثبت جدية الحكومة في جعل مكافحة الفساد على رأس أولوياتها، وأنّ الانحراف عن هذا المسار سيؤثر على تأدية بقية الاستحقاقات في مكافحة البطالة وتوفير فرص العمل والإصلاح الاقتصادي والخدمات.

وفي ما يلي أبرز ما جاء في كلمة السيد رئيس مجلس الوزراء خلال المؤتمر:

???? تعد الرقابة الداخلية حائط الصد الأول للفساد، لحماية المؤسسة الحكومية ذاتياً، وتنزيه عملها.

???? 12 ترليون دينار مجمل ما تم صرفه على المشاريع الخدمية للوزارات والمحافظات خلال عام 2024.

???? ما تحقق خلال العامين الماضيين أعطى أملاً للمواطنين وثقةً بالدولة وتفاؤلاً بأن البلد في المسار الصحيح.

???? الفساد أصبح مثل الفايروس، متحوراً ويكيف نفسه على ضوء الإجراءات التي تتخذها الجهات الرقابية.

???? وضعنا معالجات حاسمة في العمل الحكومي بكامل الشفافية والوضوح، وفي إطار القانون لمكافحة الفساد.

???? جعلنا مسألة دعم الرقابة الداخلية وتطوير عملها، في مقدمة الحلقات الإجرائية ضمن منهجية مكافحة الفساد.

???? تم رفع مستويات التدقيق الداخلي إلى مديريات عامة لضمان التمكين الكامل بعملها في مكافحة الفساد.

???? مضينا في إيجاد تشريع قانوني وفق المادة الدستورية (108) لتنظيم عمل المديريات، وتعزيز استقلالها في تأدية المهام.

???? دعمنا توصيات المؤتمر الأول لمكافحة الفساد، وأبرزها تعزيز عمل أقسام الرقابة الداخلية بالموارد البشرية والكفاءات.

???? التقييم الدوري لأداء أصحاب الدرجات الوظيفية العليا ضروري؛ لضمان فاعلية وأداء المؤسسات الحكومية، منعاً للفساد.

???? وجهنا بالإسراع في حسم وإنجاز الإخبارات والشكاوى والدعاوى الجزائية، ضمن المُدد المحددة قانونا.

???? نؤكد على متابعة القضايا المتعلقة بالرأي العام، ومبالغ الفساد الكبيرة وكبار موظفي الدولة، لفرض الجزاء القانوني بحق المدانين

???? التأكيد على تعزيز الثقة في إجراءات المساءلة والمحاسبة، لضمان تحقيق الردع العام.

???? نؤكد على العمل المتآزر لتحويل النزاهة إلى ثقافة اجتماعية تتبرأ من الفساد وتحاصره داخل المجتمع.

???? دعمنا كل الجهود التي كشفت عن تفصيلات صغيرة من الفساد، وقادت إلى استرجاع مبالغ طائلة من المال العام.

???? وضعنا استعادة المطلوبين والأموال المنهوبة شرطاً وملفاً في علاقاتنا الدولية.

???? ندعم مخرجات مؤتمركم وكل الجهود الوطنية المباركة في إنفاذ القانون وحماية أموال العراقيين.

•••••
المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء
8 – شباط – 2025

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الرقابة المالية: إلزام مؤسسات الدولة بتطبيق النظام المحاسبي الموحد مطلع العام 2026
  • السوداني: صرفت(12) تريليون ديناراً على الخدمات خلال 2024
  • السوداني يتعهد بالمضي قدماً في محاربة الفساد
  • 12 تريليون دينار مجمل الصرفيات على المشاريع الخدمية خلال 2024
  • السوداني: الفساد أصبح مثل الفايروس متحوراً ويكيف نفسه
  • قانون العفو العام “وجهة نظر تحليلية”
  • إعادة انتخاب هيئة النزاهة والوقاية من الرشوة  عضوا في اللجنة الدولية لهيئات مكافحة الفساد
  • ليبيا ومصر تعززان التعاون في مكافحة الفساد وتطوير الرقابة الإدارية
  • قادربوه: ملتزمون بتطوير مهارات العاملين بهيئة مكافحة الفساد
  • «قادربوه» يوقّع مذكرة تفاهم مع هيئة الرقابة الإدارية بمصر