لجريدة عمان:
2025-03-16@11:20:16 GMT

جهاز الرقابة والتشديد في الحفاظ على المال العام

تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT

مع صدور التقرير السنوي لجهاز الرقابة المالية والإدارية الذي نشر مؤخرًا، في مسألة التدقيق على المال لعام 2022، وهي النتائج التي أسفرت عن متابعة وتدقيق النشاطات التي قامت بها بعض الوحدات الحكومية والهيئات والشركات، والجهات الاستثمارية التي هي ضمن صلاحيات الجهاز في الرقابة عليها، ووفقًا لـ«رؤية عُمان 2040»، وما يهدف إليه في إطار صلاحيته الممنوحة له في تعزيز النزاهة، وهو ما أشار إليه جلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله ورعاه - في خطابه في 23 فبراير 2020، الذي أكد فيه على أهمية متابعة: «حوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة؛ لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤيتنا وأهدافها».

ولا شك أن محاصرة الفساد الإداري والمالي، والتضييق على المصالح الخاصة غير القانونية، واستغلال النفوذ لمآرب ذاتية، من الأمور التي تعرقل التنمية الوطنية، وتأخر المشروعات التي تنهض بالدولة وأجهزتها في كل مجالات المشروعات التنموية.

واشـتمل التقرير السنوي للجهاز على العديد من الموضوعـات التي نتجت عن أعمال وبسط رقابة الجهاز على بعض الوحدات الحكومية والهيئات والاستثمارات والشركات، وفق خطة فحصه السنوية لعام 2022، أخذًا في الاعتبار أهداف «رؤية عمان 2040» واسترشادًا بالمبادئ والأسس والمعايير المعتمدة من المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الانتوساي)، وأدلة العمل الرقابي ووفق الأهمية النسبية وتحليل المخاطر القائمة على مبدأ الفحص بالعينة، نفّذ خلالها الجهاز (181) مهمة رقابية نتج عنها (147) تقريرًا رقابيًا، وأُبلغـت نتائجهـا إلـى الجهـات المعنيـة التـي أبـدت تعاونـًا وتجاوبـًا مـن خلال اتخـاذ الإجراءات والمعالجـات التصويبيـة لملاحظات وتوصيـات الجهـاز، والقيـام بإحالـة بعـض المخالفـات التي تشكل شبهة جنائية إلـى الادعاء العـام لاتخاذ إجراءاتـه بشـأنها.

والحقيقة أن اتجاه الدولة إلى استخدام القانون الصارم لضرب الفساد ومحاصرته بالمتابعة الدقيقة الإدارية والفنية، واسترداد ما تم أخذه من أموال وغيرها، وتطبيق العقاب القانوني، يعد من أولويات القضاء على هذا الخطر الكبير على موارد الدولة والمجتمع، وزيادة الفاعلية الرقابية المتعددة، أصبح من الضرورات المهمة وتتماشى مع الخطة الاستراتيجية 2040، ولعل أهمها، خلخلة البنية الإدارية التي أقام عليها هذا الفساد بما يسهم في تجهيز أطر إدارية وقانونية بهذا القطاع، وعقاب من سوّلت له نفسه التلاعب وتجاوز الأمانة التي كلف بها للحفاظ على مقدراتها، واستغلالها بصورة أو بأخرى، ومن هنا لا بد من تطوير وتجديد السياسات التي تسيّر النظم في هذه القطاعات بما يضمن سلامة الأداء، ومصداقية الممارسة الأدائية للعمل المالي والإداري، والشفافية، وفقًا لمعايير وخطط تكفل الكفاءة، وأن تكون منسجمة مع القانون وقواعد الإدارة المنظمة بضوابط لوائح الرقابة المالية والتشريعية، وغيرها من الرقابات الأخرى التي تراها الدولة ضامنة لمنع الفساد والتجاوزات للمال العام.

ولذلك على أجهزة الدولة، أن تضطلع بمهام كبيرة لتحقيق هذه الأهداف في القضاء على مؤشرات الفساد، بما في ذلك مسألة «الرشاوى»، و«السمسرة»، و«العمولة» المرتبطة بمصالح خاصة للعمل العام، وهذه للأسف تؤسس لذهنية سلبية لدى البعض، حيث يعتبرها ظاهرة طبيعية، لكنها تشكل مخاطر لكونها بيئة حاضنة للفساد الإداري والمالي، لو تركت تتغلغل في الإدارة حتى لو كانت فردية.

وقد أشرت في كتابات سابقة إلى أهمية هذه التقارير السنوية من جهاز الرقابة المالية والإدارية، على أسس جديدة ودقيقة في الرقابة المالية والإدارية، وتعد من أفضل الطرق المنهجية لكشف الأخطاء الطبيعية، منها وغير الطبيعية لأهداف غير خاصة، تتجاوز النظم والقوانين السارية، لذلك الأمر يتطلب أن تتعزز الرقابة من جهات الاختصاص في بلادنا بصورة دائمة ومعدة إعدادًا علميًا ومنهجيًا، وتقديمه لصناع القرار، والتعريف بكيفية الصرف المالي على المشروعات العامة، وعلى أسعارها، وعلى إسناد شركات بعينها والمخططات الهندسية بصورة سليمة، من حيث الأوامر التغييرية التي أصبحت لافتة في العقود الماضية، بهدف التحقق من دقة مبالغ المشروع، وتوازن التكلفة، مع ما تتطلبه القيمة السعرية لهذا المشروع أو ذاك، في الجوانب الفنية وغيرها من المجالات، التي يعرفها الفنيون والمختصون بهذه المشروعات بعد التدقيق، ولذلك فإنّ الشفافية والنزاهة، أصبحت مهمة وضرورية في العمل الرقابي، ولا شك أنّ الفساد بصفة عامة له الكثير من المساوئ الأخرى على قطاعات أخرى مرتبطة بالتنمية الاقتصادية بصفة خاصة، ألا وهي تدني مستويات كفاءة الاستثمار العام، وضعف مقومات الجودة في البنية التحتية العامة، لكونها تحد من الموارد المخصصة للاستثمار، وربما تزيد في كلفتها، أو توجيهها التوجيه السلبي التي تجعل الدولة تخسر مبالغ طائلة، مع تأثيرها على المشروعات الأخرى المقبلة، دون أن تكون هذه المبالغ قد وضعت في ما خُطط لها بالصورة المطلوبة، أو أنها وُضعت وفق مخططات سليمة وعلمية، منذ تأسيس هذا المشروع أو ذاك، أو ربما يدخل عامل الوساطات في اختيار المشروعات الإنشائية، ما يُسفر عنه تدني نوعية المنشآت العامة، إن لم يتحقق هذا بطرق ناجعة وسليمة من الأخطاء الكبيرة.

ولأن التقرير لجهاز الرقابة المالية والإدارية، كان وافيًا بصفة عامة، هذا ما ينبغي أن تسير عليه، مع التجديد في مضامينه العلمية والفنية، ومن هنا تظل قضية مكافحة الفساد وإعطاء النزاهة أولوية في الخطط والبرامج التنموية، وإتاحة المجال لدور المجتمع المدني في القيام بدوره الاجتماعي والفكري.

والحقيقة أن وطننا العربي تراجع عن المكانة التي ينبغي أن يكون عليها، من حيث القدرات والإمكانيات والقدرات الكبيرة التي يملكها، إلى جانب الموقع المؤثر الاستراتيجي لو تحققت النزاهة بصورة كاملة عراقيل الفساد، باعتباره في قلب العالم بثرواته الطبيعية المتعددة، مع قضية الفساد وغياب النزاهة، هما الأكثر تأثيرا على التراجعات الاقتصادية، إلى جانب ذلك هناك مسببات أخرى على غياب التنمية المستدامة التي تحققت لدول أخرى، كانت في مستوانا العربي منذ عدة عقود، وأصبحت يشار إليها كدول تتنافس مع الدول التي سبقت الجميع في التنمية الكبيرة اقتصاديًا وصناعيًا وتنمويًا، وغيرها من أوجه التقدم العلمي والتكنولوجي، والحقيقة أن مسألة الفساد، تعد من أكبر التأثيرات السلبية على التنمية على مستوى العالم، وأول الاستحقاقات التي تجعلها تتقدم دون إعاقات، هو استئصال معوقات الفساد وتأثيراته من الأولويات، بحيث تم حصاره بالصرامة القانونية، ومحاسبة المفسدين، ويتم العقاب على مرتكبيه، وهذا مهم ومطلوب لمحاصرته.

ولا شك أن النزاهة، تعد رافدًا من روافد حركة التنمية التي تتحرك في المسار الصحيح دون إعاقات، ودون أن تتعرض للإخفاقات من تحركات الفساد، من خلال الخطط التي تمتلك الأدوات التي تقف حائلا دون أن يكون مؤثرًا في هذه البرامج والمشروعات من خلال الرقابة على الأسس الفنية الدقيقة، وفي غيابها سيتحرك الفساد الذي يضع القناع على تصرفاته غير النزيهة البعيدة عن الأمانة والنزاهة والحرص على المال العام، ليضع العراقيل والمثبطات من خلال موقع المسؤول -غير النزيه- الذي لديه بعض الصلاحيات واستغلال نفوذه، لينتفع ويتجاوز القوانين واللوائح، ليحول دون تحرك عجلة التنمية المستدامة بالصورة التي خُطط لها، مع تطبيق بلادنا للخطة الاستراتيجية للتنمية المستدامة 2040 منذ ثلاثة أعوام- كما أشرنا آنفًا- وبما وضعته من خطط ومتابعات ومراجعات للخطط المقسّمة، ويتم تطبيقه -بحسب ما وضعته في الخطة من برامج- والتي بلا شك ننظر لها نظرة مختلفة - فجهاز الرقابة المالية والإدارية، هو الذي سيكون الرديف المساند للخطة الاستراتيجية العمانية 2040،بهدف تحقيق النزاهة والشفافية والحفاظ على المال العام.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرقابة المالیة والإداریة على المال

إقرأ أيضاً:

انطلاق محاكمة رئيس جهة مراكش السابق بتهم تبديد واختلاس المال العام

زنقة 20 ا الرباط

انطلقت اليوم الجمعة بغرفة الجنايات الإبتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الإستئناف بمراكش،جلسة جديدة لمحاكمة عبد العالي دومو الرئيس الأسبق لجهة مراكش تانسيفت الحوز سابقا (جهة مراكش آسفي حاليا).

وقررت هيئة المحكمة في جلستها الأخيرة تأجيل البت في الملف من أجل استبدال الخبير محمد بوسالم بمراكش بالخبير رضوان لفندي مع تبليغه نسخة من القرار التمهيدي الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ 03/11/2023 و حثه على انجاز مهمته وفق العناصر و النقاط الواردة بالقرار التمهيدي.

وكانت غرفة الجنايات الإبتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الإستئناف بمراكش، أصدرت في جلستها ليوم الجمعة ثالث نونبر 2023، حكما تمهيديا في ملف عبد العالي دومو الرئيس الأسبق لجهة مراكش تانسيفت الحوز سابقا (جهة مراكش آسفي حاليا)، يقضي بإجراء خبرة حسابية.

وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، قرر متابعة الرئيس السابق لمجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز، والبرلماني السابق عن حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من أجل “تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة والتزوير واستعماله وإتلاف وثائق من شأنها الكشف عن جناية”، وإحالته على يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة، المكلفة بجرائم الأموال، لإجراء تحقيق في مواجهته من أجل المنسوب إليه.

مقالات مشابهة

  • محافظ بني سويف: 8.7 مليون جنيه تمويلات لمشروعات صغيرة من صندوق التنمية
  • متحدث النيابة الإدارية لـ صدى البلد : دور الهيئة التحقيق بالمخالفات المالية والإدارية | خاص
  • الرقابة المالية تطلق بوابة تشريعات القطاع غير المصرفي
  • الاختلاف في حصص توزيع سرقات المال العام وراء تعطيل اجتماعات مجلس ديالى
  • لقاء بين جهاز تنمية المشروعات و التصديري للأثاث لدعم برنامج "انطلاق"
  • التصديري للأثاث يعقد لقاء مع جهاز تنمية المشروعات للتعريف ببرنامج انطلاق
  • انطلاق محاكمة رئيس جهة مراكش السابق بتهم تبديد واختلاس المال العام
  • إحالة وزير كويتي سابق إلى النيابة العامة لتورطه في قضايا فساد
  • محافظ المنوفية يحيل مسئولي إحدى مؤسسات الرعاية الإجتماعية للنيابة العامة
  • الرقابة المالية تطلق بوابة تشريعات القطاع المالي غير المصرفي