خطاب السودان أمام الاجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
القاهرة – نبض السودان
ننشر نص كلمة والسودان أمام اجتماع الدورة غير العادية لمجلس الجامعة العربيّة على المستوى الوزاري بشأن التطورات في فلسطين اليوم الأربعاء.
وكانت الكلمة كما يلي:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
السيد/ ناصر بوريطة، وزير خارجية المملكة المغربية – رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة
السادة أصحاب الفخامة والمعالي وزراء الخارجية
السيّد / أحمد أبو الغيط – الأمين العام لجامعة الدول العربيّة
الأخوة والأخوات ممثلي الدول الشقيقة والصديقة
الحضور الكريم
السلام عليكم ورحمة الله،،،
أرجو في مستهل حديثي أن أُحي صمود الشعب الفلسطيني الذي يتعرض حاليا لأقسى أنواع الانتهاكات والاعتداءات يحاصره الجوع ونقصان الامدادات والمياه والكهرباء تحت مرمى القصف والنيران مدافعا عن قضيته العادلة، قضية العرب المركزية، بل قضية كل الشرفاء والقِوى المحبة للسلام في العالم.
إن الساحة الفلسطينية تشهد تصعيدا خطيرا وغير مسبوق جراء الاعتداءات والانتهاكات الجسيمة التي تقوم بها قوات الاحتلال الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق.
سيدي الرئيس،
إن وفد بلادي يدين بشدة الحصار الجائر الذي فُرض على قطاع غزة ومنع المياه والكهرباء والغذاء عنهم وكافة الخدمات، مما جعل القطاع بأكمله تحت هذا الحصار الذي ينتهك مباديء القانون الانساني الدولي.
إن هذا الحصار الذي يتعرض له قطاع غزة يهدد بتعريض حياة المزيد من المدنيين للخطر وبخاصة النساء والأطفال وكبار السن والمرضى. إن ما يحدث في القطاع لهو مأساة وتراجيديا مكتملة الأركان تتحمل وزرها سلطات الاحتلال الاسرائيلي ويدفع ثمنها مواطنون عزل أبرياء.
سيدي الرئيس
إن كافة سكان قطاع غزة قد أصبحوا عالقين اليوم تحت الهجمات والقصف الجوي المتواصل وقد سُدت أمامهم كل المخارج، ويخشى السودان وقوع المزيد من القتل والتشريد، ويحذر السودان من مغبة إجتياح قطاع غزة أو أية أراضي فلسطينية محتلة، أو تجاهل أسس القانون الدولي الإنساني التي تمنع تهديد المدنيين.
سيدي الرئيس،
إن سجل الاعتداءات والاستفزازات الاسرائيلية المستمرة، والانتهاكات الممنهجة لحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق في الاراضي المحتلة بما في ذلك تواصل الاعتداءات على المقدسات الاسلامية والمسيحية وخاصة الاعتداءات المستمرة على المسجد الأقصى وغيرها، والتوسع في بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، مقرونا مع انسداد الأفق السياسي لجهود الحل السلمي وتراجع الاهتمام الدولي بهذه القضية وعدم احراز أي تقدم في جهود حل النزاع وفق قرارات الشرعية الدولية بما يؤدي إلى انشاء دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، كل هذا قد أسهم في تفجر الوضع على هذا النحو غير المسبوق، بل وينذر بمزيد من التصعيد إذا استمرت الاعتداءات الاسرائيلية الحالية على القطاع واستمر الحصار الجائر المفروض على الشعب الفلسطيني الشقيق.
أن السودان يرى أن الأولوية التي يفرضها الوضع الحالي هي العمل على وقف التصعيد، ويدعو في هذا السياق إلى تضافر الجهود العربية والدولية للعمل على وقف فوري لاطلاق النار باعتباره الأولوية المطلقة، حقنا للدماء وتجنبا لاطالة أمد معاناة المدنيين وسقوط المزيد من القتلى والجرحى وحتى لا تنجرف المنطقة بكاملها إلى مستنقع صراع ممتد ستكون له انعكاساته الخطيرة والجدية على الاقليم والعالم ككل.
سيدي الرئيس،
إن تحقيق الأمن والسلام في الاقليم، وإنهاء هذه الدوامة والدائرة المفرغة من العنف والعنف المضاد وسقوط المدنيين الابرياء يكمن في المضي مباشرة إلى لب هذه القضية والولوج إلى جذور النزاع ومعالجة أسبابه بما يسهم في إنهاء الاحتلال وانشاء دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف حتى يتسنى للشعب الفلسطيني الشقيق أن يعيش عزيزا مكرما في دولته المستقلة. إن اية جهود دولية أو اقليمية لا تضع هذا الأمر في موضعه الصحيح ولا تنفذ إلى لب الأزمة وجوهر القضية أو لا تتعامل معه بما يستحق من أهمية وباعتباره السبيل الوحيد الكفيل بجلب الأمن والسلام، لن تنجح بالتأكيد في نزع فتيل الأزمة ولن تتمكن من كبح جماح العنف ووقف اراقة الدماء والانتهاكات. وفي المقابل يبقى الأمر المؤكد هو أن ضمان حقوق الشعب الفلسطيني والنظر اليها في اطارها الصحيح وفق قرارات الشرعية الدولية سيكون هو الطريق الوحيد الصحيح المؤدي إلى استدامة الحلول وجلب الاستقرار على المديين القريب والبعيد إلى المنطقة.
سيدي الرئيس
ونحن في مقام الجامعة العربية، بيت العرب الكبير، التي إلتزمت بمساندة القضية الفلسطينية كأولوية وقضية مركزية للأمة العربية، فإن السودان يؤكد دعمه لقرارات الجامعة العربية القاضية بأن القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين ضمن حقوق شعبها غير القابلة للتصرف وضمن خيار حل الدولتين، مع تأكيدنا وتسليمنا بأن السلام يمثل الخيار الإستراتيجي من أجل إقرار حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وذلك وفقًا لمرجعيات وقرارات الأمم المتحدة، ومبادرة السلام العربية.
سيدي الرئيس
أسمح لي في ختام كلمتي، أن أؤكد على تأييد السودان وتضامنه بالكامل مع إخوتنا في فلسطين ودعمه لما يخلص إليه إجتماعكم الموقر ويناشد بتسريع الجهود الاقليمية والدولية لوقف اطلاق النار الفوري وتوفير كافة سُبل الحماية والأمان لسكان قطاع غزة ولكامل الشعب الفلسطيني والبدء فورا في مسار سياسي كفيل بتحقيق الحل الشامل والجذري وفق قرارات الشرعية الدولية والمتمثل في انشاء دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من يونيو 1967 حتى يمكن أن يسهم ذلك في تحقيق الأمن والإستقرار والسلام في كامل المنطقة والاقليم دون تمييز.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته…….
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: أمام الاجتماع السودان خطاب الفلسطینی الشقیق الشعب الفلسطینی وعاصمتها القدس دولة فلسطین قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
وكيل الأزهر: مأساة الشعب الفلسطيني تحدث أمام مجتمع دولي يقف متفرجًا وعاجزًا عن وقف معاناتهم
أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، اليوم الأحد، أن انعقاد النسخة الخامسة من الأسبوع العربي للتنمية المستدامة بجامعة الدول العربية، تحت عنوان «حلول مستدامة من أجل مستقبل أفضل: المرونة والقدرة على التكيف في عالم عربي متطور» يثبت أن الدولة المصرية مواكبةٌ لما يجري في الساحة من حراك اقتصادي واجتماعي، وأنَّها حريصة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، الذي يؤكد دومًا أهمية توفير حياة كريمة لجميع المصريين، واهتمام أجهزة الدولة بمقاومة ومكافحة الفقر وهو ما تبينه بوضوح الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة، رؤيةِ مصر2030، التي تمثِّل إرادةً حقيقيَّةً نابعةً من قراءةٍ واعيةٍ للواقع، ومن فكرٍ منظمٍ، ومن أملٍ في مستقبلٍ مختلفٍ.
وأشار وكيل الأزهر الشريف خلال كلمته في المؤتمر الذي عقد بجامعة الدول العربية بالتعاون مع الشركاء من الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وعدد من الهيئات المعنية في مصر والمنطقة العربية، إلى أهميَّة هذا المؤتمر التي تكمن في محاولة إيجاد صيغٍ للتكامل بين: (التنميةِ المستدامة والاقتصادِ الإسلامي بهدف مقاومةِ الفقر) وتبعاته، وذلك من خلال تعزيز الحوار والتفاهم والتفاعل بين الخبراء والمتخصصين في مجالات التنمية المستدامة والاقتصاد الإسلامي، لبلورة رؤية شاملة حول مقاومة الفقر، ورسم السياسات الحقيقيَّة لمواجهته. كما يمثل المؤتمر جرس إنذار إلى كل العقلاء في العالم كي يتكاتفوا ويكثفوا جهودَهم من أجل انتشال الفقراء من واقعهم المؤلم، حتى لا يصبحوا فريسة سهلة لجماعاتِ العنف والجريمة والإرهاب الذي يصيب الجميع بالألم.
وقال الدكتور محمد الضويني إن التنمية المستدامة ليست شعارا، بل هو واجب تفرضه الظروف المتغيرة، ولقد أصبحت هذه التنمية المستدامة هدفا ساميا لأي وطن يسعى نحو التقدم والريادة، وسبيلا للمحافظة على الهوية من أي اختراق أو استهداف. وفي ضوء ذلك واستجابةً لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يعنى الأزهر الشريف بنشر ثقافة الاستدامة، والتأصيل لها، والتوعية بأهميتها، وترسيخ قيمها، وتحقيق أهدافها في المجتمع، وفي مقدمة هذا (مقاومة الفقر)، فعقد الأزهر العديد من المؤتمرات التي تتعلق بالتنمية المستدامة، ومواجهة أزمات الحياة، ومنها: مؤتمر «مواجهة الأزمات المعيشية وتداعياتها.. رؤية شرعية قانونية» بكلية أصول الدين بالمنصورة، ومؤتمر «التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر من منظور الفقه الإسلامي والقانون الوضعي» بكلية الشريعة والقانون بتَفهنا الأشراف.
وأشار محمد الضويني خلال كلمته إلى جهود الأزهر في هذا المسار، وقال إن الأزهر الشريف لم ينفصِل عبر تاريخه الطويل عن قضايا الواقع ومشكلات الأمة ومعضلات المجتمع، حيث أسهم برجاله وعلمائه وجميع منسوبيه وقطاعاته وأدواته المتعددة والمتنوعة، في تحقيق التكامل بين التنمية المستدامة والاقتصاد الإسلامي، من أجل مقاومة الفقر بكافة صوره وأشكاله، وفي إطار هذه الجهود تم إنشاءُ (بيت الزكاة والصدقات المصري) الذي قام بتنفيذ العديد من البرامج التي تهدف إلى مد يد العون إلى الفقراء والمحتاجين والغارمين والمرضى، الذين يجدون صعوبة في تحمل نفقات الحياة وتحمل أعبائها.
ودعا وكيل الأزهر إلى تعزيز التكامل بين التنمية المستدامة والاقتصاد الإسلامي من أجل القضاء على الفقر وآثاره، فهذا لم يعد ترفًا، بل ضرورة ملحة. وأن يسير هذا جنبًا إلى جنب مع التنمية في البناء القيمي والأخلاقي والروحي للإنسان، وصيانة حياته حاضرًا ومستقبلًا. وإن هذا التكامل بين التنمية المستدامة بمفهومها الإسلامي الأكثر شمولًا وعمقًا، والاقتصاد الإسلامي بأدواته المتعددة ينبغي أن يتجاوز الحلول المؤقتة المسكِّنة، إلى حلول دائمة تعزز العدالة الاجتماعية، وتدعم توزيع الثروات على نحو صحيح.
وأوضح وكيل الأزهر أن الاقتصاد الإسلامي يسعى إلى المحافظة على الحياة ومكوناتها ومواردها وإنسانها، بما فيه من أدوات متعددة تقوم على تبادل المنافع بين الغني والفقير، والتي يتربح منها الأغنياء ليزدادوا غنًى، وتساعد الفقراء في الارتقاء بحالهم، وتحسين معيشتهم، والحد من درجة الفقر لديهم، ومنها أنواع الزكاة والصدقات، ومنها الحرص على التوزيع العادل للثروة، ومنها تشجيع العمل والإنتاج، ومنها تطوير الموارد البشرية، ومنها دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومنها دفع الشركات والمؤسسات إلى مباشرة مسؤوليتها المجتمعية وغير ذلك من أدوات. فضلا عن أنواع العقود المستحدثة كشركات العِنان والمضاربة، وغيرها من أنواع الشركات التي أباحتها وأقرتها الشريعة الإسلامية، والتي تعمل على الحد من الفقر، وتحقق التنمية المستدامة للفرد والمجتمع.
وأردف الدكتور محمد الضويني أن الفقر مشكلةٌ صعبة تعاني منها معظم المجتمعات، وللقضاء على هذه المشكلة وآثارها لا بُدَّ من الوقوف على أسبابها. فالفقر ظاهرة ذات جذور متشابكة، وإن ما يدور على الساحة العالميَّة اليوم، من حروب وقتل وتدمير من أبرز الأسباب السياسية والاجتماعية التي تصنع الفقر، وترهق به المجتمعات لفترات طويلة، لما ينتج عنها من تدهور اقتصادي وعمراني، يتبعه تراجعٌ وتَدَنٍّ في مستوى المعيشة، وفقدانٌ لمقومات الحياة الأساسية، ناهيك بما تتركه الحروب من خلل سياسي مقصود، وكلما اتسعت رقعة الفقر والجوع والتهميش ابتعد العالم عن الأمن والاستقرار.
وذكَّر وكيل الأزهر الحاضرين في المؤتمر والضمير العالمي بمأساة الشعب الفلسطيني الأَبي، وما يعانيه الأبرياء الذين يتخطفهم الجوع والخوف، ويتوزعون ما بين ألم التهجير والتشرد والجوع، وبين قسوة القتل والتنكيل والترويع، من كِيانٍ محتلٍ ظالمٍ لا يَرقب فيهم إلًا ولا ذمة، فيما يقف المجتمع الدُّولي متفرجًا وعاجزًا عن مساعدتهم ووقف معاناتهم. مشيرًا فضيلته إلى أن التكامل المنشود بين التنمية المستدامة والاقتصاد الإسلامي لمواجهة الفقر، يواجه تحدياتٍ كبيرة في التنفيذ والمتابعة، وهو ما يتطلب تعاونًا دوليًّا وإرادة سياسية قوية، وبناء منظومة شاملة تحقق الأهداف المرجوة من هذا التكامل.
اقرأ أيضاًوكيل الأزهر: فلسفة القرآن لا مكان فيها لعلاقات الصراع والقتال مع المسالمين
وكيل الأزهر يشارك في قمة قادة الأديان بأذربيجان تحت شعار «أديان من أجل كوكب أخضر»
وكيل الأزهر: الربط بين التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر ليس غريبا على الفكر الإسلامي