3 مواقف متباينة.. طوفان الأقصى يكشف انقساما خليجيا إزاء القضية الفلسطينية
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
سلط موقع "أمواج ميديا" الضوء على تباين مواقف دول الخليج العربية من الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على دولة الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مشيرا إلى تبني الإمارات والبحرين، اللتان قامتا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهيم لعام 2020، لهجة حذرة، دون إدانة واضحة للدولة العبرية.
وأضاف الموقع، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الكويت وعمان وقطر ألقت باللوم في أعمال العنف على السياسات الإسرائيلية، بينما ردت المملكة العربية السعودية على إراقة الدماء من خلال التواصل مع السلطة الفلسطينية وكذلك أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين.
يأتي ذلك في الوقت الذي ينظر فيه البعض إلى الهجوم الفلسطيني على أنه رد فعل جزئي على الجهود الإسرائيلية السعودية لتطبيع العلاقات بينهما.
وفي مكالمات هاتفية منفصلة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وملك الأردن، عبدالله الثاني، والرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، أعرب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عن تضامنه مع الفلسطينيين ورغبته في احتواء العنف.
وأبلغ بن سلمان عباس بأن "المملكة تبذل كل جهد ممكن في التواصل مع كافة الأطراف الدولية والإقليمية لوقف التصعيد المستمر ومنع توسعه في المنطقة".
كما اتفق بن سلمان والسيسي على "ضرورة تكثيف الجهود الدولية والإقليمية لوقف التصعيد في غزة ومحيطها ومنع توسعه في المنطقة".
وأكد ولي العهد السعودي مجددا على أن "المملكة تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني لتحقيق حقوقه المشروعة وتحقيق آماله وتطلعاته وتحقيق السلام العادل والدائم".
وفي الساعات التي تلت الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر/تشرين الأول على المستوطنات الإسرائيلية القريبة من غزة، نقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن وزارة الخارجية السعودية دعوتها إلى "الوقف الفوري للتصعيد" من قبل الإسرائيليين والفلسطينيين.
ولفتت الرياض إلى أنها حذرت في وقت سابق من نتائج "استمرار الاحتلال وحرمان الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة والاستفزازات الممنهجة المتكررة ضد مقدساتهم".
وذكرت الوكالة، في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، ناقش مع نظرائه الأمريكي والمصري والأردني والقطري الحاجة إلى "عمل مشترك لمنع التصعيد".
وفي وقت لاحق من اليوم ذاته، أصدرت وزارتا الخارجية البحرينية والإماراتية بيانات مماثلة ولكن بكلمات أكثر تحفظًا.
فقد أعربت أبو ظبي في 7 تشرين الأول/أكتوبر عن قلقها إزاء "تصاعد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين" وقدمت تعازيها إلى "جميع الضحايا".
فيما حذرت المنامة من أن "استمرار القتال" بين الفصائل الفلسطينية والقوات الإسرائيلية في غزة ستكون له "انعكاسات سلبية على أمن واستقرار المنطقة برمتها".
واعتمدت الكويت وعمان وقطر لهجة أكثر ناريّة، مؤكدة دعمها لإقامة "دولة [فلسطينية] مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول، "حملت وزارة الخارجية القطرية إسرائيل وحدها المسؤولية" عن التصعيد وحثت المجتمع الدولي على "إجبار إسرائيل على وقف انتهاكاتها الصارخة".
واعتبرت الكويت أن العنف هو "نتيجة انتهاكات الاحتلال [الإسرائيلي] الصارخة واعتداءاته" على الفلسطينيين، وأكدت كذلك تضامنها "الثابت والمبدئي" مع الشعب الفلسطيني.
وفي اليوم ذاته، أكدت سلطنة عُمان أن إراقة الدماء كانت في نهاية المطاف "نتيجة للاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي المستمر للأراضي الفلسطينية والهجمات الإسرائيلية على البلدات والقرى الفلسطينية".
وهنا يشير تقرير "أمواج ميديا" إلى أن البيان الصادر عن مجلس التعاون الخليجي يعكس اللهجة التي اعتمدتها الكويت وعمان وقطر، وليس الإمارات والبحرين والسعودية.
فقد حمل مجلس التعاون الخليجي "قوات الاحتلال الإسرائيلي" المسؤولية عن أعمال العنف، قائلا إنها نتيجة "للاعتداءات الإسرائيلية المستمرة والصارخة" على الفلسطينيين.
وفي أعقاب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، شارك الملايين من رواد موقع إكس (تويتر سابقا) وسم "#طوفان_الأقصى" وهو الاسم الذي أطلقته فصائل المقاومة الفلسطينية على هجومها المباغت، وناقش الخليجيون منهم الأهداف والتداعيات المحتملة للتطورات.
وفي السياق، اعتبر الكاتب السعودي، مشعل الخالدي، عملية حماس محاولة لـ "إفساد مفاوضات التطبيع" بين الرياض وتل أبيب، فيما اعتبر كاتب العمود السعودي، عبدالله الجدعي، أن جهود التطبيع الإسرائيلية السعودية، التي دفعت بها إدارة جو بايدن، أعاقتها "التحفظات الإسرائيلية بشأن المطالب السعودية بمفاعل نووي … وامتناع [إسرائيل] عن تقديم تنازلات ملموسة للفلسطينيين".
وصرح نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، ضاحي خلفان، في 8 أكتوبر/تشرين الأول، بأن "إسرائيل تطالب ألا يعتدي عليها أحد وهذا حقها، في حين أنها لا تعترف بالحق [نفسه] للفلسطينيين".
وكتب المحلل السياسي الكويتي،, فهد الشليمي: "على الرغم من النجاح التكتيكي العسكري والشعبي الذي حققته حماس، إلا أن النتيجة النهائية لن تكون في صالح الفلسطينيين"، مضيفا أن إسرائيل ستنفذ "ضربات هستيرية" على غزة.
ويرجع تقدير "أمواج ميديا" لهذا التباين في المواقف إلى طبيعة علاقة كل دول خليجية بإسرائيل، فموقف الإمارات والبحرين مثلا يعكس تطبيعهما للعلاقات مع الدولة العبرية، أما موقف السعودية، فيرتبط بتسبب هجوم حماس والصراع الذي أعقبه في وضع الرياض بموقف صعب.
فالمملكة تسعى إلى التوصل لاتفاق تطبيع مع إسرائيل، بدفعة من إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مقابل اتفاقية دفاع مشترك مع الولايات المتحدة، تحصل بها المملكة على امتيازات أعضاء حلف شمال الأطلسي، إضافة إلى ضمان مساعدة الولايات المتحدة للمملكة في بناء برنامج نووي على الأراضي السعودية، وسماحها بتوريد أسلحة أمريكية متطورة إلى الرياض.
وبالتوازي مع ذلك، تحركت الرياض مؤخراً لإحياء علاقاتها مع الجماعات الفلسطينية، بما في ذلك حماس. وفي وقت سابق من هذا العام، زار مسؤولون كبار من الحركة التي تتخذ من غزة مقرا لها المملكة لأول مرة منذ عام 2015.
ونفى مسؤولون مقربون من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تلقي أي شروط سعودية للتطبيع مع المملكة، فيما أعرب بعض المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين عن معارضتهم لأي برنامج نووي سعودي تدعمه الولايات المتحدة.
وأشار مراقبون عرب إلى أن التطبيع بين الرياض وتل أبيب سيكون بمثابة فوز للرئيس بايدن قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024.
أما الكويت وعمان وقطر، فإن انتقاداتها الحالية لإسرائيل تعكس رفضها للتطبيع في ظل غياب حل للقضية الفلسطينية.
وبينما ترفض الدوحة ومسقط العلاقات الرسمية مع تل أبيب، فقد انخرطتا في درجات متفاوتة من الاتصالات مع إسرائيل، وإن كان ذلك في الغالب بصفة الوساطة.
ويرجح التقرير أن تستمر البحرين والإمارات في محاولة الابتعاد عن تأييد الفصائل الفلسطينية، وأن تستمر الكويت وعمان وقطر في التعبير عن انتقاداتها لإسرائيل، ما يؤثر على لهجة مجلس التعاون الخليجي.
أما بالنسبة للسعودية، فإن القتال في غزة يمثل تحدياً وفرصة في نفس الوقت، فالترجيحات تصب في صالح تعليق جهود التطبيع التي تبذلها المملكة مع إسرائيل في الوقت الحالي. وسيكون هذا هو الحال بشكل خاص إذا فتح القتال في غزة جبهات جديدة.
ومع ذلك، إذا تم احتواء العنف في الأسابيع المقبلة، فقد يوفر ذلك السعودية فرصة للمطالبة بقوة أكبر بتنازلات أمريكية مقابل التطبيع مع إسرائيل، وهو ما يمكن يحظى نتنياهو، الذي طالما روج لقدرة إسرائيل على تحقيق السلام مع الدول العربية دون تقديم تنازلات كبيرة للفلسطينيين.
المصدر | أمواج ميديا - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية الإمارات البحرين الكويت عمان القضية الفلسطينية فی 7 أکتوبر تشرین الأول مع إسرائیل فی غزة
إقرأ أيضاً:
WP: تحول مواقف الأمريكيين تجاه إسرائيل شهد فورة في عهد بايدن
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا أعدته ياسمين أبو طالب قالت فيه إن مواقف الأمريكيين من "إسرائيل" شهدت تحولا جيليا في ظل إدارة الرئيس جو بايدن. وقالت إن الإجماع على دعم "إسرائيل" كان شاملا للطيف السياسي الأمريكي، لكن رئاسة بايدن عمقت من الفجوة داخل الحزب الديمقراطي. ففي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر سارع البيت الأبيض وحلفاؤه في الكونغرس إلى قتل تحرك في مجلس الشيوخ يمنع ثلاث شحنات أسلحة إلى "إسرائيل"، وكان خطوة حساسة، حيث قاد الإجراء أو رعايته أعضاء مجلس الشيوخ المقربين من بايدن، بمن فيهم السيناتور بيرني ساندرز والسيناتور فان هولين.
وقد التقى وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ للاحتجاج على أن الإجراء من شأنه أن يشجع حماس في الوقت الخطأ على وجه التحديد. ودعا زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، السيناتور تشارلز شومر أعضاء مجلس الشيوخ إلى مكتبه واحدا تلو الآخر لحثهم على قتل التحرك والتصويت بلا. كما وأطلقت لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) المؤثرة حملة من الإعلانات عبر الإنترنت تستهدف مؤيدي الإجراء.
ومع ذلك صوت 19 عضوا ديمقراطيا في مجلس الشيوخ، أي ثلث الأعضاء لصالح تحرك ساندرز، إما بالكامل أو دعم أجزاء منه. وأرسلوا رسالة واضحة إلى بايدن، عبروا فيها عن عدم رضاهم عن سياسة بايدن الشرق أوسطية ومن حزبه.
وتعلق أبو طالب إن هذه هي المرة الأولى التي يصوت فيها الكونغرس على منع مبيعات الأسلحة لـ"إسرائيل"، ولم يتمكن البيت الأبيض من منع ذلك.
ويسلط التحرك الضوء على تحول جوهري في علاقات أمريكا بـ"إسرائيل"، وهو التحول الذي بدأ منذ سنوات لكنه انفجر في عهد بايدن مع هجوم حماس على "إسرائيل" وغزو إسرائيل اللاحق لغزة.
فقد ساهم رده في انقسام حزبه الذي من المرجح أن يكون جزءا من إرثه، على الرغم من أنه قد لا يرغب في ذلك، حيث من غير المرجح أن تظل سياسة "إسرائيل" في أمريكا كما هي.
وقالت الصحيفة إن دعم "إسرائيل" كان منتشرا بين الأمريكيين منذ إعلان تأسيس "إسرائيل" عام 1948، لكن الدعم أصبح قضية مثيرة للانقسام، حيث يواصل الجمهوريون بقيادة ترامب دعمهم لـ"إسرائيل"، في وقت يزداد فيه نقد الديمقراطيين، وينظم الجناح التقدمي في الحزب احتجاجات ضد "إسرائيل" وسياستها.
ويقول بروس ريدل، المحلل الذي عمل في قضايا الشرق الأوسط مع رؤساء من الإدارتين: "يرى الجيل الأصغر سنا من الناخبين الأمريكيين أن "إسرائيل" ليست الطرف المظلوم، بل الطرف الذي خلق الوضع من خلال احتلالها المستمر وغياب أي مفاوضات مع السلطة الفلسطينية"، و"الخلاصة هي أن سياسات الصراع العربي - الإسرائيلي تغيرت الآن بشكل كبير. وقد حدث ذلك في عهد بايدن".
وتقول الصحيفة إن أسباب التحول سابقة عن بايدن، فقد تحولت "إسرائيل" إلى اليمين، وبخاصة في عهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. كما أن الأمريكيين الأصغر سنا ليست لديهم أي ذاكرة شخصية عن الهولوكوست أو تأسيس "إسرائيل" ويعبر الكثيرون عن تعاطف أكبر مع الفلسطينيين، الذين يرون أنهم يعانون في ظل دولة استعمارية بعد طرد مئات الآلاف من منازلهم بسبب تأسيس "إسرائيل".
وبنفس السياق يعاني المجتمع اليهودي الأمريكي، رغم ميوله الديمقراطية الليبرالية، من انقسام حول "إسرائيل"، وأكثر من أي وقت مضى . ومع ذلك، تسارعت الدينامية وتعززت خلال رئاسة بايدن.
فبعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، شنت "إسرائيل" حربا مدمرة ضد غزة وخلقت كارثة إنسانية. وفي حين انتقد بايدن "إسرائيل" طوال الحرب لتعريض حياة المدنيين للخطر ولعرقلتها المساعدات الإنسانية، فقد أكد على مواصلة الدعم العسكري الهائل، بحجة أن حرب "إسرائيل" هي دفاع عن النفس ضد عدو إرهابي. وبالنسبة للعديد من الديمقراطيين كان موقفه منسجما مع نسخة سابقة للحزب الديمقراطي و"إسرائيل" مع أنها لا تتساوق مع الواقع الحالي.
وبدا بايدن متمسكا بوجهة نظر قديمة كونها من لقائه عندما كان عضوا شابا في الكونغرس، مع رئيسة وزراء "إسرائيل"، غولدا مائير عام 1973.
وقال تومي فيتور، المتحدث السابق باسم الأمن القومي في البيت الأبيض للرئيس باراك أوباما: "جزء من مشكلة بايدن هو أنه يتمتع بخبرة عميقة" لكنه "لا يزال يتحدث عن لقاء غولدا مائير، وإسرائيل هذه قد اختفت تقريبا".
ومن جانبهم قال الديمقراطيون الذين صوتوا لصالح مشروع قرار منع إرسال الأسلحة إلى "إسرائيل"، إن المسألة لا تتعلق بما إذا كان ينبغي دعم "إسرائيل" أو ما إذا كانت "إسرائيل" تتمتع بحق الدفاع عن نفسها، بل إنهم يقولون إن جوهر المناقشة في حزبهم يتلخص فيما إذا كان الوقت قد حان لإعادة النظر في العلاقة التي تعني إرسال الولايات المتحدة كميات هائلة من المساعدات العسكرية إلى "إسرائيل" دون أي قيود تقريبا.
وقال فان هولين، وهو ناقد صريح لسياسة بايدن في غزة: "إن جميع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ يدعمون الشراكة الوثيقة مع إسرائيل. ولكن الشراكة يجب أن تكون طريقا باتجاهين، وليس شيكا مفتوحا في اتجاه واحد، وهذا هو جوهر القضية"، وأضاف: "هناك مجموعة كبيرة ومتنامية [من الديمقراطيين] تؤمن بالشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنها تعتقد أن الولايات المتحدة بحاجة إلى استخدام نفوذها بشكل أكثر فعالية لضمان الامتثال للقانون الأمريكي".
وأشارت الصحيفة إلى دور نتنياهو في تفاقم إحباط الديمقراطيين، حيث تخلى عن سياسة الزعماء الإسرائيليين السابقين المتمثلة في التعاون الحزبي الدقيق بين الحزبين ومال إلى دعم الجمهوريين.
كما وانتهك قواعد البرتوكول في عام 2015 عندما قبل دعوة القادة الجمهوريين لإلقاء خطاب في الكونغرس ومهاجمة سياسة الرئيس أوباما آنذاك بشأن إيران. وفي تموز/ يوليو، اتخذ نتنياهو قرارا مشابها عندما خاطب الكونغرس بدعوة من رئيس مجلس النواب، الجمهوري عن لويزيانا، مايك جونسون، حيث كان هو وبايدن على خلاف علني بشأن مسار الحرب في غزة.
وقال فيتور، الذي يشارك حاليا في استضافة بودكاست "أنقذ أمريكا": "هذه الحركة في الحزب الديمقراطي سبقت هذه الحرب في غزة" و"بدأ بيبي نتنياهو في تسميم العلاقة مع باراك أوباما في وقت مبكر من عام 2009، لكن زيارة عام 2015 وخطابه أمام الكونغرس كشفت عنه وما هي خططه. وأدى إلى تآكل مستمر للدعم بين المشرعين".
وكان دعم بايدن لـ"إسرائيل" بعد هجوم 7 أكتوبر حماسيا، وحصل على إشادة الحزبين. فقد ألقى خطابا في وقت الذروة بعد أقل من أسبوعين من الهجمات وتعهد فيه بأن تقف الولايات المتحدة مع حليفتها في سعيها للقضاء على حماس. وسافر إلى "إسرائيل"، متفاخرا بأنه أول رئيس أمريكي يزورها أثناء الحرب. وعانق نتنياهو عندما التقيا.
ولكن المزاج السياسي بين الليبراليين تغير بسرعة مثل العملية العسكرية. فقد أسفرت الغارات الجوية الإسرائيلية عن صور يومية للمعاناة واليأس في غزة، وتدمير المباني الفلسطينية التي سويت بالأرض بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية والأطفال الذين تم انتشالهم من تحت الأنقاض.
وقد أدت القيود الإسرائيلية الصارمة على المساعدات الإنسانية على الرغم من المناشدات الأمريكية المتكررة إلى انتشار الجوع والمرض والدمار في غزة، مع تزايد الغضب إزاء صور وقصص الأطفال الذين يتضورون جوعا وفي غضون أشهر، واجه بايدن المتظاهرين في كل مكان الٌقى فيها خطابا، وهم يهتفون ضد "جو الإبادة الجماعية".
وبين ليلة وضحاها، تحولت غزة إلى قضية محورية لدى التقدميين الذين نظروا إلى الفلسطينيين كمجموعة مهمشة و"إسرائيل" كقوة استعمارية، وهو تحول صارخ عن صورتها السابقة بين العديد من الأمريكيين باعتبارها ولادة جديدة لشعب مضطهد. وحتى مع وقوف العديد من القادة اليهود إلى جانب "إسرائيل"، تحدث آخرون بشكل متزايد ضد حكومة نتنياهو، من الحاخامات الليبراليين إلى السياسيين مثل ساندرز وشومر.
وفي بيان لها، قالت "إيباك" إن أغلبية الكونغرس والجمهور الأمريكي يدعمون "إسرائيل".
وتزعم مجموعات مثل "صوت اليهود من أجل السلام"، على الرغم من صغر حجمها نسبيا، أن العسكرة الإسرائيلية ليست فقط خارج نطاق القيم الأمريكية بل وأيضا القيم اليهودية.
وقال إيلان غولدنبرغ، مستشار السياسة السابق للبيت الأبيض، إن الناس على جانبي المجتمع اليهودي المنقسم قد حصنوا أنفسهم على مدار العام الماضي.
وقال غولدنبرغ، الذي عمل مديرا للتواصل مع اليهود في الحملة الرئاسية لنائبة الرئيس كامالا هاريس: "المعسكر الأول متشكك بالفعل من نتنياهو، ثم أصبح أكثر تشككا بسبب الحرب، وابتعد أكثر عن هذه الحكومة الإسرائيلية اليمينية. وهذا يشكل جزءا كبيرا من المجتمع اليهودي. أما الجزء الآخر فهم الجمهوريون والديمقراطيون المحافظون الذين ضاعفوا بعد السابع من أكتوبر والحرب في غزة دعمهم لأفعال الحكومة الإسرائيلية".
ومر العرب والمسلمون الأمريكيون بتحول ثقافي خاص بهم، فبعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، شعر كثيرون منهم بأنهم صاروا هدفا للتشهير بعد كل هجوم شنه مسلحون إسلاميون، وترددوا في التحدث علنا أو لفت الانتباه غير الضروري إلى دينهم أو عرقهم، وفقا لمقابلات عديدة أجريت مع أفراد المجتمع.
ولكن حرب غزة قلبت هذا الأمر رأسا على عقب، وخاصة بين أفراد المجتمع الأصغر سنا. وأصبح العديد من العرب والمسلمين صريحين في الحديث عن القضية الفلسطينية وارتدوا الكوفية، الذي أصبح يرمز إلى التضامن معها.
وفي مجال النشاط الآخر، مثل حركة "حياة السود مهمة" فقد جاء تضامنهم مع الفلسطينيين وهم شعب من أصحاب البشرة الملونة الذين تستهدفهم دولة بوليسية وحشية وانضموا إلى القضية. وبحلول شهر تشرين الأول/ أكتوبر هذا العام، وجد استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث أن 50% من الديمقراطيين والمستقلين ذوي الميول الديمقراطية يعتقدون أن حملة "إسرائيل" ضد حماس قد ذهبت بعيدا، في حين شعر 13% من الجمهوريين وقادة الحزب الجمهوري بهذه الطريقة.
ومع دخول الحملة الرئاسية المرحلة الأخيرة، سعى كل من هاريس وترامب إلى استمالة المجتمع العربي والمسلم، وخاصة في ميشيغان، التي تضم واحدة من أكبر التجمعات للعرب والمسلمين في أمريكا. ويقول ريدل: "قد ننظر للوراء وإلى عام 2024 ونقول إن هذه هي المرة الأولى في تاريخ الانتخابات الرئاسية التي ساعد فيها العرب بتحديد النتيجة" و"لم يكن الصوت العربي والمسلم في الحقيقة مهما في الانتخابات الأمريكية لأنه كان صغيرا".
ومع تمسك بايدن بنهجه التقليدي المتساهل تجاه "إسرائيل"، بدأ التحريض خارج واشنطن يتسلل إلى قاعات الكونغرس. وفي نواح كثيرة، كان هذا يشبه مسار الاحتجاجات ضد حرب فيتنام في الستينيات من القرن الماضي، والتي بدأت في الحرم الجامعي لكنها وجدت في نهاية المطاف أبطالافي مجلسي النواب والشيوخ.
وقال ساندرز إنه يعتقد أنه كان من الممكن أن يكون هناك المزيد من الدعم لإجراءاته لمنع شحنات الأسلحة إذا لم يحشد فريق بايدن وشومر بقوة ضدها. وتداول البيت الأبيض نقاط الحديث بين المشرعين بتأكيدات مثل، "الآن هو الوقت المناسب للتركيز على الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن ووقف الحرب. إن قطع الأسلحة عن "إسرائيل" من شأنه أن يجعل هذا الهدف أبعد من المنال ويطيل أمد الحرب، وليس تقصيرها". وقال ساندرز إن الضغط وضع زملاءه في موقف صعب. وأضاف ساندرز: "كان لديك رئيس الولايات المتحدة وإدارته، حرفيا في يوم التصويت، يفعلون كل ما في وسعهم للتحرك ضدنا" و"كان لديك زعيم الأغلبية يفعل كل ما في وسعه"،إلى جانب "إيباك".
وعبر عدد من المشرعين في الكونغرس عن إحباط من إدارة بايدن التي أعلنت عن قرارات لتخفيف حدة الغضب ثم تتردد في متابعتها، تماما كرسالة بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن التي هددت "إسرائيل" وطلبت منها تحسين الظروف الإنسانية خلال 30 شهرا وإلا واجهت العواقب. وعندما حان الموعد لم تفعل الإدارة شيئا.