خيارات إسرائيل محدودة وخسائرها قد تفوق احتمال شعبها
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
في الحملة المتطابقة والمنسقة استراتيجيا على قطاع غزة حدد القائدان السياسيان الأعلى للبلدين المشاركين فيها وهما الرئيس جو بايدن ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الهدف الاستراتيجي للحرب (باستعادة قوة الردع الإسرائيلية وهيبة جيشها واستخباراتها التي دمرتها تماما عملية طوفان الأقصى صباح السابع من أكتوبر الحالي).
وقد تمت ترجمة هذا الهدف في الخطاب العسكري الإسرائيلي إلى هدف عملياتي واضح هو إنهاء وجود حماس في غزة كتهديد عسكري مقاوم للاحتلال الاستيطاني، وبالتالي لاحقا إنهاء حكم حماس السياسي لقطاع غزة منذ ٢٠٠٧ واستبداله بحكومة يمكن التعامل معها مثلما هو الحال مع السلطة الفلسطينية في رام الله. وتحدث بايدن عن ضرورة أن يكون الرد حاسما وقاسيا حتى يحقق هدفه أو توجيهه الاستراتيجي.
يظهر هذا السياق الاستراتيجي وطموحه العملياتي الكبير أن كل الخيارات مفتوحة ومطلقة بلا سقف أو حدود أمام الجيش الأسرائيلي المدعوم بإمداد أسلحة يومية من الجيش الأمريكي وبمشاركة في التخطيط وتوجيه العمليات من قبل القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط. وتشمل هذه الخيارات حرب برية وربما إعادة احتلال القطاع الذي انسحبت منه إسرائيل ٢٠٠٥ من جانب واحد لعدم قدرة جيشها -في عهد شارون- علي تحمل نزيف خسائره اليومية في البشر والاسلحة.
الحقيقة تقول أن خيارات إسرائيل غير مطلقة بل وهي خيارات محدودة تكلفتها ستكون فادحة.
حرب برية شاملة على قطاع غزة معناه حرب طويلة للغاية خسائر إسرائيلية بشرية باهظة قد لا تقل في أعدادها فداحة عما خسرته فعلا من نحو ١٢٠٠ قتيلا والثلاثة آلاف ونيف من المصابين التي فقدتهم في هجوم السبت الماضي. هذه الخسارة التي تترتب حتما في مواجهة مقاومة وشعب فلسطيني ليس لديه ما يخسره وتزغرد امهاته عندما يسمعون خبر إستشهاد أبنائهم.. روح معززة بنحو أربعين إلي خمسين ألف مقاتل من حماس والجهاد والشعبية يعرفون أرضهم نفقا نفقا وبيتا بيتا ولديهم بنية صاروخية وقوة نيران وتدريب نخبة عالي المستوى وبالتالي قدرتهم علي إلحاق أذى بالغ بأي جيش نظامي ليس مستبعدا. يكفي فقط أن نتذكر معركة مدينة الفلوجة العراقية ٢٠٠٤ التي انسحب فيها أقوى جيش في العالم تحت ضربات مقاومين أقل تسليحا بكثير من حماس والجهاد بعد خسارته مائة قتيل.
إطالة الحرب تعني أيضا مشكلتين جوهرتين لإسرائيل والولايات المتحدة:
الأولى هي أن تقوم المقاومة بقتل ما يزيد عن ١٥٠ أسيرا أسرتهم قوات حماس وبشكل أقل الجهاد -فيهم ما لا يقل عن عشرين أمريكيا- وهذا ثمن بشري وسياسي مرتفع للغاية قد لا يستطيع الرئيس -أي رئيس أمريكي - تحمله وهو مقدم على عام الانتخابات الرئاسية لأنها بمثابة بوليصة تأمين نجاح لخصمه أيا كان هذا الخصم وخصوصا لو كان دونالد ترامب الزعيم السياسي في الولايات المتحدة. ونفس الأمر بل بصورة أفدح بالنسبة لنتنياهو المهزوز سياسيا إذ أن التقاليد اليهودية تجعل لإعادة الأسرى اليهود من يد (العبيد الأغيار) أولوية مطلقة وإعادة الموتى من الأسرى أو المقتولين في الحرب لتوفير دفن بالطريقة اليهودية.. هي مسألة شرف يهودي ديني.
المشكلة الثانية هي إنهاء الوحدة الحالية في الموقف السياسي الإسرائيلي الداخلي والموقف الأمريكي الداخلي والتي تتجمع حاليا حول فكرة الثأر واستعادة هيبة إسرائيل وهيبة السلاح الأمريكي الذي يحارب به الجيش الإسرائيلي مهما كان الثمن. هذه الوحدة السياسية قد تتفتت بسبب مقتل الأسرى الإسرائيليين والامريكيين سواء بسبب الهجوم البري الإسرائيلي نفسه والذي لا يميز بين هدف مدني وهدف عسكري أو لاحتمال قيام حماس والجهاد بإعدامهم ردا على حرب الإبادة لشعبهم الفلسطيني.
المعنى الوحيد لانتهاء موقف الوحدة بين الجمهور الإسرائيلي والأمريكي حول الثأر مهما كان الثمن يؤدي لاشتعال الانقسام القائم منذ البداية ولكن الخافت حاليا في صفوفهم.
ففي إسرائيل وأمريكا هناك من يرى أن تحرير الرهائن سالمين يجب أن يكون أولوية أي عمل عسكري أو سياسي ولاشك أن مقتل الأسرى المختطفين الآن ومزيد من القتلى من عملية برية شاملة سيؤدي لصراع سياسي وحزبي وتصاعد التيار الشعبي وصول الموت وحزنه القاتل لأعداد أكبر من البيوت والأسر الإسرائيلية. المدهش أن الانقسام مرشح للتصاعد تدريجيا مما يفقد الحرب على غزة ما يسمى "بالإرادة السياسية الموحدة " و هو شرط حياة أو موت لابد من توافره لأي جيش من الجيوش لتحقيق أهداف العملية العسكرية. قبيل وصول وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن لإسرائيل والمنطقة صرح المتحدث باسم وزارته أن الهدف الرئيس لواشنطن هو إنقاذ (المحتجزين الأمريكيين) وأنهم طلبوا ممن لهم علاقة بحماس رسالة واضحة بضرورة قيامها بإطلاق سراح الرهائن. ويدعو اليوم عدد وازن من المعلقين الإسرائيليين البارزين حكومة نتنياهو لتخفيف الأعمال العدائية من ناحية و تمكين الوسطاء المصريين والقطريين والألمان أصحاب الخبرة السابقة في عمليات تبادل أسرى سابقة مع حماس (من بين أشهرها عملية جلعاد شاليط) من العمل على إنجاح جهودهم التي بدأت فعلا بالموافقة على ممر آمن يتم فيه أولا تبادل النساء والأطفال وكبار السن من الجانبين. هذا الشرخ قد يتسع مع وفاة كل أسير اسرائيلي أو أمريكي ويؤدي إلي إختلاط الهدف الاستراتيجي من الحرب وبالتالي إلى هزيمة محدودة معنوية أو عملياتية. أما السيناريو الآخر المتداول عن عمليات كوماندوس لتحرير الرهائن من قبضة حماس والجهاد فهي لا تقل صعوبة أو تكلفة عن العملية البرية لأسباب عديدة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حماس والجهاد
إقرأ أيضاً:
إسرائيل طالبت الإدارة الأمريكية بعدم إجراء مناقشات مباشرة مع حماس
قال موقع واللا الإسرائيلي ، مساء الجمعة 7 مارس 2025 ، إن الحكومة الإسرائيلية طالبت الإدارة الأمريكية في شهر فبراير الماضي بعدم إجراء مناقشات مباشرة مع حركة حماس ، وألا تفعل ذلك دون شروط مسبقة ، إلا أن تل أبيب اكتشفت يوم الثلاثاء الفائت خلال محادثة متوترة بين وزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، والمبعوث الأميركي لشؤون الأسرى، آدم بوهلر، أن إدارة ترامب تجري مفاوضات سرية مع حماس.
وأوضح الموقع أن المحادثة بين ديرمر وبوهلر جرت بعد عدة ساعات من لقاء بوهلر مع نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، خليل الحية، في الدوحة، بعد أن بدأت الاتصالات بينهما، الأسبوع الماضي، وتركزت حول الأسير في غزة ، عيدان ألكسندر، وأربع جثث أخرى لأسرى أميركيين.
ونقلت الولايات المتحدة رسالة إلى حماس مفادها أن تحرير الأسرى الأميركيين سيمنح حماس رصيدا كبيرا لدى ترامب، الذي سيمارس بعد ذلك ضغوطا لصالح صفقة تبادل أسرى واسعة يمكن أن تشمل هدنة طويلة، "وانتقال آمن لقادة حماس من غزة"، وإنهاء الحرب.
وهددت إدارة ترامب بأنه في حال عدم حدوث ذلك، فإن إسرائيل ستستأنف الحرب. وكان ترامب ومستشاريه يأملون بتحقيق تقدم في المفاوضات مع حماس قبل خطابه في الكونغرس، الثلاثاء، لكنهم اعتبروا أن رد حماس ليس كافيا، حسب "واللا".
وتطرقت المحادثات بين بوهلر والحية إلى عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيحررون مقابل الإفراج عن ألكسندر، فيما إسرائيل رفضت عدد الأسرى الفلسطينيين الذي سيحررون.
قال مصدران إسرائيليان إن ديرمر تحفظ خلال محادثته الهاتفية مع بوهلر من المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة وحماس، وأن ديرمر قال لبوهلر إنه يعارض أن يطرح الأميركيين مقترحات من دون موافقة إسرائيلية مسبقة.
وحسب مصدر مطلع على التفاصيل، فإن بوهلر أكد لديرمر أن صفقة مع حماس ليست قريبة وأنه يدرك الشروط الإسرائيلية، فيما ادعى مسؤول إسرائيلي أن المحادثة المتوترة بين ديرمر وبوهلر دفعت البيت الأبيض إلى إعادة تقييم المحادثات مع حماس والانسحاب قليلا من هذه الخطوة.
ونقل "واللا" عن مصدر أميركي رفيع قوله إن ترامب ومستشاريه عقدوا مداولات، أول من أمس، حول المحادثات مع حماس، وقرروا توجيه "رسالة علنية قوية" لحماس، بهدف ممارسة ضغوط عليها من أجل أن تقدم تنازلات، والقول إن الموقف الأميركي تجاه حماس لم يتغير بالرغم من المحادثات المباشرة.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية واشنطن تقترح استئناف المساعدات وتمديد وقف النار في غزة مقابل هذا الأمر صحيفة تكشف تفاصيل جديدة بشأن خطة تهجير سكان غزة هآرتس تستعرض خطة زامير للعودة لحرب واسعة في غزة الأكثر قراءة نتنياهو يعقد مشاورات أمنية بشأن اتفاق غزة أسعار الوقود في فلسطين لشهر مارس 2025 كشف تفاصيل الخطة العربية لإعمار غزة محدث: دعاء اليوم الأول من رمضان 2025 كامل مفاتيح الجنان عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025