كوالالمبور- بمجرد اندلاع معركة "طوفان الأقصى"، تداعت منظمات شبابية ماليزية إلى نصرة الشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانب المقاومة في غزة، وذلك في إطار ما تطلق عليه هذه المنظمات "تحالف ماليزيون حُماة الأقصى".

ودشنت عشرات المنظمات الشبابية حملة عبر وسائل التواصل تحت وسم "إسرائيل جبانة". وتوقع نشطاء مشاركة أكثر من مليون مغرد في هذه الحملة، وهم يستذكرون استهداف "قراصنة" ماليزيون لمواقع إلكترونية إسرائيلية وتعطيلها.

وتتابع البيانات المطالبة بمنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وتقرير مصيره، ففي بيان مطوّل باركت منظمة "مواطنون عالميون" ما وصفتها بـ"عملية مقاومة بطولية ردا على الاعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى، وعربدة المستوطنين، والتنكيل المنظم بالمدنيين الفلسطينيين بكل الوسائل". وساق البيان "شهادات دولية على حجم خروقات حقوق الإنسان على أيدي سلطات النظام العنصري الإسرائيلي"، بحسب وصفه.

وفي هذا السياق، انتقد رئيس "مواطنون عالميون" محيي الدين عبد القادر، الحكومات المنحازة لإسرائيل بشدة، "لتغافلها عن مبادئ حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالإنسان الفلسطيني".

بدوره، دعا رئيس مجلس تنسيق المؤسسات الإسلامية الماليزية عزمي عبد الحميد، إلى مقاطعة شاملة لإسرائيل لإجبارها على فتح المجال أمام إيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، لا سيما الدول التي تقيم علاقات مع إسرائيل. وقال إن التدمير الشامل الذي تقوم به إسرائيل للأحياء السكنية في غزة، يجب أن يصنّف "جريمة حرب يعاقب عليها قادة النظام العنصري في إسرائيل"، بحسب تعبيره.


موقف رسمي

وحرص رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم أن يظهر معتمرا الكوفية الفلسطينية في عدة أنشطة ميدانية، وانتقد على منصة "إكس" انحياز المجتمع الدولي للاحتلال الإسرائيلي، وتجاهُل خروقاته المستمرة لحقوق الإنسان ومصادرة أراضي الفلسطينيين، وأكد على ثبات الموقف الماليزي برفض الاحتلال ومناصرة الشعب الفلسطيني.

وشددت وزارة الخارجية الماليزية، في بيان لها، على الحاجة إلى معالجة جذور الصراع في فلسطين، والذي قالت إنه يتمثل في الاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية، وتدنيس المقدسات لا سيما المسجد الأقصى، والحصار المفروض على الشعب الفلسطيني.

وفي بيان لإدارة الشؤون الدينية في مكتب رئيس الوزراء، وصف وزير الشؤون الدينية محمد نعيم القصف الإسرائيلي لقطاع غزة بأنه "عمل همجي متطرف وغير مسؤول". ودعا جميع العالم إلى إدانة الاحتلال وكل تصرفاته غير الإنسانية، كما وجه خطباء المساجد لتسليط الضوء على التضامن مع مسلمي فلسطين، وإقامة صلاة الحاجة في مختلف المساجد للدعاء بالنصر للشعب الفلسطيني ورفع الظلم والعوان عنه.

شبان وشابات من منظمة "ماليزيون حماة الأقصى" يطلقون حملة بعنوان "إسرائيل جبانة" (الجزيرة) إجماع برلماني

في الإطار ذاته، تجاهل أعضاء البرلمان الماليزي خلافاتهم السياسية الحادة، وخصص البرلمان اليوم الأول لدورته الجديدة لمناقشة تطورات الوضع في فلسطين.

وقال رئيس لجنة فلسطين في البرلمان الماليزي سيد إبراهيم سيد نوح، إن أحزاب الحكومة والمعارضة مجمعة على دعم مقاومة الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير. وأضاف في تصريحات للجزيرة نت "قد نكون مختلفين على كل شيء، لكننا موحّدون من أجل فلسطين والمسجد الأقصى".

وفي كلمته أمام البرلمان، دعا نائب رئيس الوزراء زاهد حميدي إلى التحرك على المستوى الدولي لتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير. وتبنى حميدي الموقف التقليدي الماليزي بقوله "للفلسطينيين حق مطلق بالاستقلال والتخلص من الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، وحق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".

بدوره، طالب نائب رئيس الحزب الإسلامي توان إبراهيم توان مان، الحكومة الماليزية بالتحرك دوليا لإرسال قوات دولية لحماية الشعب الفلسطيني من "مذابح يبيتها الصهاينة بحقه"، مضيفا للجزيرة نت أن البداية يجب أن تكون باتخاذ الدول الإسلامية موقف صارم تجاه "جرائم إسرائيل التي تعدت كل الخطوط الحمراء".


أما ممثل الحزب الإسلامي في البرلمان محمد زواوي بن صالح، فشدد على توحّد الماليزيين على اختلاف أطيافهم لنصرة الشعب الفلسطيني، ووصف وجود إسرائيل بـ "غير شرعي"، واعتبر مقاومة الاحتلال الإسرائيلي واجبا شرعيا على المسلمين في كل مكان، ويتعين في حالة الحرب.

ودعا عضو البرلمان عن حزب العمل الديمقراطي هوارد لي هاو -صيني الأصل- الحكومة إلى الإسراع في إرسال مساعدات إنسانية. وقال للجزيرة نت إن الحكومة بدأت اتصالات واسعة لحشد الموقف الدولي ضد العدوان الإسرائيلي المستمر، وإنه رصد أكثر من 3 حوادث اعتداءات إسرائيلية يوميا ضد الفلسطينيين على مدى سنتين.

وقال إن "طوفان الأقصى" جاء ردا على هذه الاعتداءات، منتقدا ما يصفه البعض عنفا من الطرفين بالقول "نحن أمام حالة احتلال عنيف ومستمر ضد شعب أعزل يخضع للاحتلال".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

العوامل الحاكمة للموقفين الإسرائيلي والأمريكي في "طوفان الأقصى"

 

 

د. عبدالله الأشعل *

العامل الأول هو أنَّ عقلية الصهاينة أظهرتْ أنهم يضعون أهدافا قُصوى أو إستراتيجية ثم ينفذونها بالتدريج حسب الظروف؛ فمثلا المشروع الصهيوني أساسه: تفريغ فلسطين من سكانها وإحلال اليهود محلهم، ولكنهم تستروا ونفذوا المشروع بالتدريج مع أدوات أخرى منها استنعاج الحكام العرب الذين دلسوا على شعبهم وفرضوا وصايتهم على فلسطين بذريعة القومية العربية وراح الكتاب العرب يختلفون ويتجادلون حول طبيعة الصراع مع إسرائيل هل هو وجودي أم حدودي أم ديني أم أيديولوجي؟ رغم أن القضية واضحة، وهى إغارة اليهود بمساعدة كل الغرب، وفى مقدمتهم بريطانيا العظمى التى أحسنت التخطيط وترتيب أوضاع مصر والعرب عموما، بحيث تضمن الحياة لاسرائيل ومشروعها الصهيونى. ومن أدوات التدليس قرار التقسيم ثم اتفاقية الهدنة مع مصر، التى أرغمت مصر عليها حتى تحرِّر جيشها المحاصر فى الفلوجة، ثم قرار بريطانيا وأمريكا برحيل الملك بعد محاولات تطويعه. ثم ترتبت خلافته بالحكم العسكرى. ثم استبشر الفلسطينييون خيرًا بشعارات القومية العربية والوحدة العربية التى ستجمع الأمة وتحرِّر فلسطين وتخرج السرطان، وبالفعل كان رأي عبدالناصر أن يعود اليهود إلى بلادهم لكي تخلو فلسطين لأهلها، ولكن المشكلة أنه كان شعارًا ضمن الشعارات الصاخبة، فأباد الحكم العسكرى وقضى على إنسانية الإنسان فكان همه كيف يضيع عقل المواطن ويحكم قبضة نظامه على الشعب. وتقييم دور نظام عبدالناصر فى القضية يحتاج إلى دراسة متأنية.

وتنوَّعت أدوات إسرائيل؛ منها: استئناس الحكام العرب بمساعدة واشنطن؛ بحيث صار مصير إسرائيل مرتبطًا بمصير الحكام، وأوهمونا أن زراعة إسرائيل فى المنطقة هي خدمة للمنطقة وميلاد الشرق الأوسط الجديد برؤية شمعون بيريز؛ حيث تضفي إسرائيل الطابع الديمقراطي على النظم العربية، علما بأنَّ الاستبداد العربي هو خير ضمان لبقاء إسرائيل؛ ولذلك سارعت إسرائيل إلى قمع ثورة الشعب المصرى فى يناير 2011، وتضامنت مع قوى الثورة المضادة. واعتمدتْ إسرائيل أيضًا على الأكاذيب وسياسة الاغتيالات وإرهاب الشعوب العربية، لذلك كان الحكام العرب بصورة خفية سندًا لإسرائيل ضد المقاومة بتعليمات أمريكية، وحرصا من الحكام على كراسيهم،  ومع ذلك لا يزالون يرددون شعارًا أبله هو أن القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى.

وخلاصة هذا العامل هو أنَّ إسرائيل هدفها الاساسى إزالة المقاومة التى كسرت هيبة الجيش وبسط سلطة السلطة على غزة وتوطين الفلسطينيين فى مصر والأردت وبدء تنفيذ المشروع الصهيونى، ولكنَّ إسرائيل لن تَحِيد عن هذا الهدف، ولكن نظرًا لارتفاع ثمنه وخسائره سوف تؤجله وتنظر فى وسائل أخرى لتنفيذه.

العامل الثانى: ثبت أن إسرائيل أهم من أوكرانيا؛ لذلك ترك القرب أوكرانيا لصالح التركيز على إبادة غزة؛ لذلك قد يكون التسوية فى أوكرانيا حافزًا لروسيا لترميم الجسور مع الغرب وعدم التدخل ضد إسرائيل.

العامل الثالث: أن واشنطن متفقة تمامًا مع إسرائيل على تحقيق أهدافها إبادة الشعب وإزالة المقاومة، ولكن التصريحات الأمريكية متناقضة، وتعلم واشنطن أنَّ إسرائيل مُصِرَّة؛ لذلك تنصح رفق خوفا على المصالح الأمريكية رغم هذا الانكشاف الكبير للمواقف الغربية والعربية وقد ظهر أنَّ الشعارات العربية والأمريكية فارغة عندما يساعدون فى الإبادة.

العامل الرابع: وحدة مصير إسرائيل والحكام العرب؛ لذلك يتساندون ضد رغبات الشعوب فى المنطقة، وقد ظهر أن هؤلاء الحكام لا يملكون القرار، كما أنهم لا يمثلون شعوبهم، وإنما لا يعترفون بهم.

العامل الخامس: أنَّ إسرائيل وأمريكا تحاول تفكيك معسكر المقاومة وتمتن المعسكر الصليبى الموالى لإسرائيل وتبديد فكرة وحدة الساحات.. تلك هى العوامل.

العامل السادس: أنَّ إسرائيل تشعر دائمًا أن وجودها مهدد؛ ولذلك ليس لديها أى مُقدسات قانونية أو أخلاقية أو دينية، كما أنَّ صهاينة إسرائيل يزعمون أنهم ينتمون إلى اليهودية وفق التوراة التى ألفوها.

العامل السابع: تظاهر واشنطن بالإنسانية فى إطار المواقف الأمريكية الإجرامية المتناقضة، ومثال ذلك تعلن واشنطن أنها توافق على استمرار القصف، ولكن مع مراعاة المدنيين، رغم أن أول أهدافها إبادة الشعب، خاصة المدنيين حتى ترغم المقاومة على التسليم.

* أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • رسائل أبو عبيدة للاحتلال الإسرائيلي بعد 9 أشهر من طوفان الأقصى
  • تطورات اليوم الـ276 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • العوامل الحاكمة للموقفين الإسرائيلي والأمريكي في "طوفان الأقصى"
  • 9 أشهر من الشهادة واللهب.. مخاض دموي لعالم ما بعد طوفان الأقصى
  • البرلمان العربي يستنكر قصف الاحتلال الإسرائيلي لمدرسة تؤوي نازحين بالنصيرات وسط غزة
  • الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني تدعو لزيادة الضغوط على الاحتلال لوقف حرب الإبادة بغزة
  • تطورات اليوم الـ275 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • أبرز تطورات عملية طوفان الأقصى
  • تطورات اليوم الـ274 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • هنية يستقبل قيادة "الديمقراطية" ويبحثون تطورات "طوفان الأقصى" والمشهد الوطني