الحرب موجعة ومُحزنة بمشاهدها الدامية، ومآسيها القاسية، وخسائرها البشرية والمادية، ولا توجد دولة عاقلة وراشدة فى العالم تُفضل طريق الحرب على السلام إلا لو كانت مجبرة، بمعنى أنه لا توجد أمامها أى خيارات أخرى.
وهذا ما عنته مصر رسميا من بيانها الواضح الحكيم الذى أصدرته فور اندلاع الحرب حين دعت الفصائل الفلسطينية وإسرائيل إلى عدم التصعيد، وعدم تعريض حياة المدنيين إلى المزيد من المخاطر.
فما حدث من هجوم شامل ومفاجئ على كافة الأراضى الإسرائيلية جاء بعد مماطلات متكررة من الجانب الإسرائيلى لاستئناف عملية السلام، وفى ظل عدوان مستمر وانتهاكات دائمة من حكومة نتنياهو المتطرفة والتى استلبت الحكم بخطاب غوغائى متعصب، ومارست العنف المتواصل، وكررت الاستفزازات الكريهة ضد مشاعر الفلسطينيين تحت لافتة فرض الأمر الواقع بالقوة فى ظل صمت تام من المجتمع الدولى.
وأهم ما تنبهنا إليه الحرب هو أن استمرارها يمثل خسارة لكافة الأطراف، وهو ما يفتح الباب لضرورة استئناف مفاوضات السلام كإطار عام للتسوية. ولاشك أن أى طرح للسلام لا يُمكن أن يُقبل دون تأكيد حق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا المطلب هو ما سبق ولعبت مصر دورا محوريا لدعمه وترسيخه، منذ معاهدة السلام المصرية سنة 1979، مرورا باتفاق أوسلو سنة 1992، وما بعده من محاولات ومفاوضات.
ولم يكن غريبا على بلادنا التى طالما كانت حائط صد رئيسيا للأمة العربية أمام أطماع دولة إسرائيل منذ نشأتها سنة 1948 أن تكون هى الطرف الحاضن لتسوية أى خلافات تنشأ بين الفصائل الفلسطينية، وأن تكون بمثابة مركز التماسك والتوحد الفلسطينى فى مواجهة الاحتلال.
إن قدر مصر، وموقعها الجغرافي، ومكانتها التاريخية جميعهم يؤهلونها لتصبح صاحبة الدور الأهم فى استئناف أى مفاوضات جادة وحقيقية للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، وهو ما تدركه كافة دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
ولاشك أن الظروف الاقتصادية الصعبة، والتحديات التنموية، والتأثيرات الإجتماعية القاسية التى تواجهها مصر منذ جائحة كورونا وما تبعها من حرب عاصفة فى الشمال، لا تعنى أبدا انحسار دورها السياسى الإقليمى كما تصور البعض، وهذا ما ظهر جليا فى الحرب الأخيرة.
إن كل محب للعدالة فى العالم بات يدرك الآن أن الحقوق لا تمنح مجانا، وإنما تنتزع بسعى ونضال وكفاح أصحابها، وهذا هو الدرس الأهم فى الصراع العربى الإسرائيلى. كما أنه ينبغى على دولة إسرائيل أن تدرك أن اغتصاب الحقوق رهانا على الزمن لا يربح لأن الأجيال تورث بعضها البعض مبادئها وطموحاتها وأحلامها.
وما حدث وما يحدث وما هو متوقع أن يكون فيما نشهده فى فلسطين، يؤكد بجلاء ماسبق أن كتبته هنا فى المكان ذاته احتفاءً بذكرى نصر أكتوبر المجيد، بأنه مهما كانت الصعاب شديدة، ومهما كانت التحديات عظيمة، والمخاطر فإن المؤمنين بحقوقهم قادرون على تحقيق الآمال.
وسلامٌ على الأمة المصرية
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحرب موجعة الفصائل الفلسطينية حياة المدنيين
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: غزة يجب أن تبقى جزءا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية
أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، أن الوضع في قطاع غزة يسير من سيء إلى أسوأ، حسبما أفادت قناة “ القاهرة الإخبارية ” .
وقال جوتيريش: إسرائيل ملزمة كونها سلطة الاحتلال بضمان دخول الغذاء والمساعدات للأراضي الفلسطينية".
وأضاف جوتيريش:" حل الدولتين يتجه إلى نقطة اللاعودة"، مضيفا:" غزة يجب أن تبقى جزءا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية".
وفي وقت سابق، أفادت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا أن المساعدات الإنسانية جاهزة للدخول إلى غزة وتنتظر إعادة فتح المعابر.
وذكرت أونروا في بيان أن الإمدادات الأساسية المخصصة للمحتاجين تفسد فيما يشتد الجوع في غزة.
وأشارت إلى أن لديها 3000 شاحنة من المساعدات بانتظار إدخالها إلى غزة وعلى "إسرائيل" رفع الحصار.