واشنطن- تحتل قضايا السياسة الخارجية -تقليديا- مركزا متدنيا عند الأميركيين خلال سباق الانتخابات الرئاسية. ويبدو أن انتخابات 2024 قد تكون استثناء، إذ أدت عملية "طوفان الأقصى" إلى رفع السياسة الخارجية إلى القضايا الأكثر أهمية في السباق الرئاسي.

والعملية التي نتج عنها موت أكثر من 1200 إسرائيلي، من بينهم: 14 يحملون الجنسية الأميركية والاعتقاد باحتجاز المقاومة الفلسطينية 20 آخرين من الأميركيين، رفعت "قضية دعم إسرائيل" الهجوم على الرئيس جو بايدن، على الرغم من اتخاذه مواقف استثنائية في دعمه المطلق للجانب الإسرائيلي.

ويعاني الرئيس جو بايدن من انخفاض نسب الرضا الشعبي على أدائه في البيت الأبيض، حيث وصل لأقل من 40% خلال الأشهر الأخيرة، ويتخوف بعض الديمقراطيين من تدهور حظوظ بايدن حال أساء التعامل مع ما يوصف بأكبر أزمة سياسة خارجية تواجهها إدارته.

يأتي هذا في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة إرسال حاملة الطائرات الهجومية "يو إس إس جيرالد آر. فورد" إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، لتكون مستعدة لمساعدة إسرائيل بعد عملية "طوفان الأقصى"، التي عدّها المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) باتريك رايدر، "رسالة لإيران وحزب الله بأن عليهم ألا يفكروا في التدخل".


هجوم ترامب وبقية الجمهوريين

ورغم المديح الذي ذكره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لموقف بايدن الداعم لإسرائيل، لكن هذا لم يمنع المرشحين الجمهوريين للرئاسة من إلقاء اللوم على الرئيس بايدن؛ بسبب هجوم حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

وألقى المرشحون الجمهوريون للرئاسة لعام 2024 باللوم على إدارة بايدن، مشيرين إلى أن هذه التطورات دليل آخر -إلى جانب الغزو الروسي لأوكرانيا، وتمدد الصين في بحر جنوب الصين- على ضعف الولايات المتحدة على المسرح العالمي، واتهموا بايدن بالمسؤولية عن ذلك.

ومن دون دليل، أصرّ العديد منهم على أن الولايات المتحدة "موّلت هجمات حماس"، وذلك من خلال أموال صفقة تحرير 5 محتجزين أميركيين من إيران، مقابل نقل 6 مليارات دولار كانت محتجزة في كوريا الجنوبية مقابل مبيعات نفط إيراني.

وردّت إدارة بايدن على انتقادات الجمهوريين من خلال الإصرار على أنه لم تُنفق أي من الأموال المحولة حتى الآن، لكن الجمهوريين يدعون أن الصفقة والأموال ساعدت في تأجيج هجوم حماس على إسرائيل.

وقال الرئيس السابق دونالد ترامب، إن "بايدن خان إسرائيل"، مضيفا خلال فعالية انتخابية، الاثنين الماضي، في ولاية نيو هامبشاير، "اليوم لدينا حرب شاملة في إسرائيل، وستنتشر بسرعة كبيرة، وهذا فارق يحدثه الرئيس".

وأضاف ترامب، الذي يتقدم السباق التمهيدي للحزب الجمهوري، أن إدارته جلبت "كثيرا من السلام إلى الشرق الأوسط من خلال الاتفاقيات الإبراهيمية"، متهما بايدن بتقليص فرص هذه الاتفاقيات وبوتيرة أسرع بكثير مما اعتقد أي شخص، حسب وصفه.

بدوره، قال نائب الرئيس السابق والمرشح كذلك للرئاسة، مايك بنس، في بيان له "هذا ما يحدث عندما يظهر الرئيس الأميركي ضعفا على المسرح العالمي، ويذعن للملالي في إيران بفدية قدرها 6 مليارات دولار. يؤمن القادة في الحزب الجمهوري أن ما يجري هو نتيجة تراجع أميركا كونها زعيمة للعالم الحر، والضعف يُثير الشر".

من جهته، قال حاكم ولاية فلوريدا، رون ديسنتيس، في بيان له "يجب ألا نقف مع إسرائيل فحسب، بل يجب أن ندعمها وهي تطارد هؤلاء البرابرة وتقضي عليهم"، حسب تعبيره.

President Biden’s speech was the most passionately pro-Israel in history. The president stood four square behind the Jewish state and the Jewish people and unequivocally against terror and anti-Semitism, and pledged the power of the US to our defense. Our people will always…

— Michael Oren (@DrMichaelOren) October 10, 2023

بايدن والبيت الأبيض يردان

دحضت إدارة بايدن انتقادات الحزب الجمهوري قائلة، إن عائدات النفط البالغة 6 مليارات دولار التي استعادت إيران الوصول إليها مؤخرا، لم تأتِ من دولارات دافعي الضرائب الأميركيين.

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن، "إن القدرة على استخدام هذه الأموال مرتبط مباشرة بالدفع مقابل المواد الإنسانية، والغذاء والسلع الزراعية والأدوية والأجهزة الطبية فقط، والطلبات التي يتم فحصها والموافقة عليها من البنوك القطرية ومراسليها الأوروبيين، الذين هم أنفسهم ملتزمون بالامتثال للعقوبات".

وشدد على أنه "لا تذهب أي أموال إلى إيران على الإطلاق. وستستخدم هذه الأموال لتوفير الدعم الإنساني الأساسي للشعب الإيراني فقط، مع الدفع لبائعين خارجيين فُحصوا".

من جانبه، كرر بايدن أن "الولايات المتحدة ودولة إسرائيل شريكان لا ينفصلان"، وأن واشنطن "ستواصل التأكد من أن إسرائيل لديها ما تحتاجه للدفاع عن نفسها وشعبها".

ولم يترك الرئيس بايدن مجالا للغموض عندما ألقى أحد أقوى الخطب العاطفية في رئاسته، أمس الثلاثاء، وأظهر دعما كبيرا لتل أبيب بقوله، إن "لإسرائيل، شأنها شأن كل دولة في العالم، الحق في الرد، بل عليها واجب الرد على هذه الهجمات الشريرة" على حد وصفه.

وقال بايدن، "لقد أغلقتُ الهاتف للتو (المكالمة الثالثة) مع رئيس الوزراء نتنياهو، وقلت له، إذا مرت الولايات المتحدة بالتجربة نفسها التي تعيشها إسرائيل، فإن ردنا سيكون سريعا وحاسما وساحقا".

ورأى العديد من المراقبين خطاب بايدن الأقوى منذ اعتراف الرئيس الأميركي هاري ترومان بدولة إسرائيل في 1948.

وبرأي السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن مايكل أورين، في تغريده له، فإن خطاب بايدن كان "الأكثر تأييدا لإسرائيل في التاريخ"، وقال، "وقف الرئيس بحزم وراء الدولة اليهودية والشعب اليهودي، وبشكل لا لبس فيه ضد الإرهاب ومعاداة السامية، وتعهد بقوة الولايات المتحدة للدفاع عنا، سيتذكر شعبنا دائما هذا الخطاب ويعتز به والرجل الذي ألقاه".

وعلى الرغم من تصويت اليهود الأميركيين بنسبة تتخطى 70% للمرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، يخشى مسؤولو الحزب الديمقراطي من أن يدفع ارتفاع عدد القتلى والمحتجزين الأميركيين في غزة إلى تغيير اتجاه التصويت اليهودي، خاصة في ولايات حاسمة فاز بهما بايدن بنسبة ضئيلة في الانتخابات الماضية؛ مثل: ميشيغان وبنسلفانيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة إدارة بایدن

إقرأ أيضاً:

زيلينسكي دفاعًا عن زلة لسان بايدن: "يمكننا أن ننسى بعض الأخطاء" وواشنطن دعمت كييف كثيرا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

فيما بدا أنه دفاعا عن زلة لسان الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد أن دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ"الرئيس بوتين"، خرج الأخير عن صمته قائلا: "يمكننا أن ننسى بعض الأخطاء وواشنطن دعمت كييف كثيرا".
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أخطأ في كلمته خلال الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيس حلف شمال الأطلسي حينما أراد تقديم الرئيس الأوكراني زيلينسكي لإلقاء كلمته قائلا "الآن أريد أن أترك الكلمة لرئيس أوكرانيا الذي يتمتع بقدر كبير من الشجاعة والإصرار.. سيداتي وسادتي، الرئيس بوتين".. وضجت القاعة بأصوات الحضور مطالبين الرئيس الأمريكي بتصحيح اسم الرئيس الأوكراني.
ثم استدرك الرئيس الأمريكي خطأه موجها حديثه للرئيس الأوكراني: "سنهزم الرئيس بوتين.. لقد كنت أركز بشدة على هزيمة بوتين".
وذكرت مجلة "تايم" الأمريكية أن زيلينسكي التقى بالمراسلين اليوم السبت، بعد وقت قصير من هبوطه في مطار شانون في مقاطعة كلير بأيرلندا، حيث كان في استقباله رئيس الوزراء الأيرلندي سيمون هاريس.
وقال في رده على سؤال من أحد الصحفيين عن خطأ بايدن: "إنه خطأ.. أعتقد أن الولايات المتحدة قدمت الكثير من الدعم للأوكرانيين.. يمكننا أن ننسى بعض الأخطاء، أعتقد ذلك".
وتقدم الولايات المتحدة حاليا دعما عسكريا لأوكرانيا في حربها مع روسيا منذ فبراير 2022.
ومنذ ذلك الحين خصصت الولايات المتحدة أكثر من 52 مليار دولار كمساعدات أمنية لدعم جهود أوكرانيا في حربها ضد روسيا، وتأمين حدودها، وتحسين إمكانية التشغيل البيني مع حلف شمال الأطلسي،بحسب وزارة الدفاع الأمريكية.
جدير بالذكر أن هذا الخطأ يضاف إلى قائمة الأخطاء التي تلاحق الرئيس الأمريكي جو بايدن في لحظات محورية تزامنا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في شهر نوفمبر المقبل، حيث يدعوه بعض الديمقراطيين إلى الانسحاب من السباق الرئاسي، وسط قلق متزايد بشأن قدرة بايدن على الأداء ضد منافسه دونالد ترامب.. وقد تفاقم هذا الوضع بسبب أداء الرئيس الذي تعرض لانتقادات كبيرة في المناظرة الأولى، وما تلا ذلك من عثرات.

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي دفاعًا عن زلة لسان بايدن: "يمكننا أن ننسى بعض الأخطاء" وواشنطن دعمت كييف كثيرا
  • زيلينسكي يعلق على تقديم بايدن له باسم بوتين
  • مجلة مرموقة تستبعد التطبيع السعودي.. هذه شروطه فهل يستطيع بايدن تحقيقها؟
  • الغارديان: بايدن يبكي على أطفال أوكرانيا ويرسل القنابل لغزة
  • "تلغراف": زلة لسان بايدن الجديدة تجعل الولايات المتحدة مضحكة للعالم
  • ترامب: بايدن مصاب بـ "جنون ترامب"
  • حلف الناتو يتحسس مستقبله بين زلزال ترامب وواقعية بايدن
  • بايدن: منذ 6 أسابيع وضعت إطارا لوقف إطلاق النار وافقت عليه إسرائيل وحماس
  • هفوات جديدة للرئيس الأمريكي| بايدن يقدم زيلينسكي على أنه الرئيس الروسي بوتين
  • مسير لقوات التعبئة العامة من خريجي دورات طوفان الأقصى من أبناء الجراحي بالحديدة