لم يكن الوضع الاقتصادي في إسرائيل مزدهرًا، بل على العكس ليس مستعدًا لحرب السابع من أكتوبر الجاري، لما تشهده من صراع وتوتر سياسي نتيجة إقرار قانون جديد في إسرائيل يحد من بعض سلطات المحكمة العليا.

 

ونشرت صحيفة هارتس الإسرائيلية، أنه من المتوقع أن تصل خسائر دولة الإحتلال إلى 6.8 مليار دولار، بحيث تفضي إلى زيادة العجز من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.

5%. 

 

وجاءت تلك الاشتباكات لتعمق جراح الاقتصاد، المتوقع أن يتباطأ نشاطه في 2023، مع تراجع القوة الشرائية للأسر وكبح الشركات للاستثمار، وفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي في ختام مشاورات المادة الرابعة مع إسرائيل في يونيو الماضي.

 

وبينما توقع الصندوق أن ينخفض الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل أكبر ويظل أقل من 60%، إلا أن تبعات هذه الحرب سيكون لها تأثير مباشر على زيادة الدين العام، مع طرح إسرائيل حملة سندات الشتات، الثلاثاء، لجمع الأموال وسط حربها.

 

حسب بيانات ” CEIC” فإن ديون الحكومة الإسرائيلية بلغت 294.7 مليار دولار في ديسمبر 2022، مقارنة بـ 335.7 مليار دولار في العام 2021 حيث كانت عند أعلى مستوى لها على الإطلاق.

 

ووقع الهجوم بينما كان الاقتصاد الإسرائيلي في لحظة ضعف، فيما كان يترقب إصدار تصنيفه الائتماني من وكالات “موديز وستاندرد آند بورز” وسط آمال بإيجابيتها.

 

وفي يوليو الماضي، قالت وكالة “موديز” إن التوترات السياسية الناجمة عن إقرار قانون جديد يحد من بعض سلطات المحكمة العليا يشير إلى أن التوترات السياسية ستستمر وسيكون لها على الأرجح عواقب سلبية على الوضعين الاقتصادي والأمني في إسرائيل.

 

تواصلت تبعات هذه التوترات السياسية قبل أن يتفاجأ اقتصاد إسرائيل بهجوم مباغت من غزة، قدر استراتيجي الأسواق في بنك هبوعليم أكبر بنوك إسرئيل، مودي شافيرر، خسائره في الميزانية الحالية بنحو 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي (على الأقل 27 مليار شيكل ما يعادل 6.8 مليار دولار)، ما يعني زيادة العجز بما لا يقل عن 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل.

 

تزيد تلك التقديرات على إجمالي خسائر الناتج المحلي الإجمالي من عملية “الجرف الصامد” كما أطلقت عليها إسرائيل، في غزة خلال يوليو 2014، والتي بلغت خسائرها 3.5 مليار شيكل بنحو 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي السوي، وفقًا لتقديرات بنك إسرائيل.

 

تراجع الشيكل مقابل الدولار

وعلى صعيد آخر،  تراجع سعر الشيكل مقابل الدولار وتدخل بنك إسرائيل المركزي لدعمه بنحو 30 مليار دولار، سيؤدي ذلك إلى زيادة معدل التضخم، ومع استمرار الصراع واتساع نطاقه سيؤدي إلى شبه شلل النشاط والإنتاج وبالتالي سيتسبب في انخفاض المعروض من السلع القادمة من الموانئ وإلحاق الضرر بالصناعة المحلية.

 

أيضا سيتسبب الضرر المحتمل للبنية التحتية الأساسية لا سيما الغاز الطبيعي إلى ارتفاع أسعار الكهرباء، كل تلك العوامل مجتمعة ومع إضرار الصراعات العسكرية بالاستهلاك المحلي لا سيما في قطاع الخدمات ستقود إلى انكماش في نهاية المطاف.

 

وبينما تمثل صناعة السياحة في إسرائيل وزن نسبي كبير في الناتج المحلي الإجمالي، حيث تستحوذ على النصيب الأكبر من الوظائف، إذ تعتبر الأكثر تضررًا بين القطاعات، لا سيما أن القطاع لم يتعافى بعد.

 

وبحسب التقديرات فإن الخسارة التي تكبدها قطاع الخدمات السياحية بسبب عملية “الجرف الصامد” عام 2014 بلغت نحو ملياري شيكل، أي نحو 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي، فيما ستكون خسائر القطاع أكبر بسبب الحرب الحالية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: طيران إسرائيل أحداث طوفان الأقصى الشيكل سعر الشيكل اقتصاد مصر من الناتج المحلی الإجمالی ملیار دولار فی إسرائیل

إقرأ أيضاً:

المقاومة.. المكاسب والانتصارات منذ «طوفان الأقصى»

يبحث هذا المقال فى المكاسب التى حقّقتها المقاومة فى هذه المعركة التاريخية مع العدو الصهيوأمريكى منذ 7 أكتوبر 2023 إلى حين كتابته، ويحاول أن يستشف طبيعة انتصارات قوى المقاومة فى هذه اللحظة التاريخية من الصراع، ويشير إلى العناصر والعوامل الشاقلة والمرجّحة للميزان مستقبلاً، مع إدراكنا أننا ما زلنا فى قلب المعركة وما زالت الاحتمالات مفتوحة والنتائج قيد التشّكل إلى أن تضع الحرب أوزارها.

فى المكاسب:
أولاً؛ لقد طويت إلى غير رجعة موضوع الاصطراع داخل البيئة الإسلامية، فالفرز الذى أصاب الأمة الإسلامية أسقط مشروع الفتنة المذهبية وقوّم وجهة الصراع فى مواجهة العدو الأمريكى الصهيونى وعزّز الإرادة العابرة بل وخلق اتجاها فعليا فى الأمة نحو التآزر والتكاتف والوحدة على أرضية المقاومة ورفض الهيمنة.

لقد كان «طوفان الأقصى» تجسيدا فعليا لتوحيد كتلة تعتبر بمثابة الإرادة الحيّة والحرّة فى الساحة العربية ــ الإسلامية لتشّكل نواة التغيير اللاحق أو ما نسّميها بالموجة الثانية من الربيع العربى حيث ستكون شرعية العمل نحو التغيير فى واقعنا أرسخ وأوسع.

ثانيا؛ انفكاك أحادية الرواية الصهيونية وهيمنتها على بقية الروايات حتّى وصلنا اليوم إلى تعّدد روايات عالميا، وصار هناك تشكيك بالرواية الصهيونية.

ثالثا؛ سقوط نموذج الغرب فى منطقتنا، اجتماعيا وسياسيا، ومعه أسطورة هيمنة التقانة ودعوى أمنه الذى لا يتزعزع والجدار الفولاذى، فالكيان كاد أن يتهاوى فى أيام قليلة لولا المساندة الغربية المفتوحة، ما يُدلّل على هشاشته، إذ لم تستطع التقانة حتّى اليوم أن تحسم المعركة ولا أن تُحقّق أيا من الأهداف التى أعلنتها الحكومة الإسرائيلية واستطاع المقاومون برغم الضرر الذى أصابهم أن يُهددوا استقراره وأمنه ويتصّدوا بشجاعة وجدارة عسكرية قلّ نظيرها للآلة العسكرية الصهيونية.

رابعا؛ ازدادت القضية الفلسطينية حضورا فى الوعى العالمى وفى الأروقة السياسية والقانونية والحقوقية، ومن جهة أخرى، تسير إسرائيل إلى نوع من التوتّر فى علاقاتها الخارجية وتبّدل فى نظرة الأجيال الصاعدة إليها فى الغرب مع ما سيُخلّفه ذلك من تحول كبير فى صناعة القرار عندهم والسؤال حول العبء الإسرائيلى على سياسة أمريكا الخارجية ومصالحها والداخل الأمريكى على السواء.

 خامسا؛ اعتماد المقاومات على ذاتها لجهة القدرة على التصنيع برغم صغر المساحة الجغرافية التى تتحرّك فيها.

سادسا؛ نجح خطاب المقاومة فى التكامل مع المجتمع بحيث نشهد أمامنا مجتمعات لا نظير لها فى التاريخ فى التزامها المبرم بحّقها وثباتها على موقفها. إننا نشهد استيلاد طاقة اجتماعية ثورية تحّررية وهذا من أكبر المكاسب الحضارية والتاريخية.

سابعا؛ شدّة وقوّة ثقافة هذه المجتمعات المقاومة وبنيتها التحتية جعلتها قادرة على التغّلب على اغتيال قياداتها ورموزها والاستمرار دونما ترّدد واستيعاب الصدمات بل تراها ازدادت توّهجا وحيوية وحضورا ونجح المقاومون أن يديروا معاركهم ويُطوّروا أداءهم وينهضوا بسرعة ويستعيدوا المبادرة وإن دّل ذلك على شىء فهو يدّل على أنّ الفرد المقاوم مجبول بنيويا بحيث يقف فى قلب المعركة من دون أن يهتّز ويبادر بمفرده ويصنع دوره التاريخى والحضارى.

 ثامنا؛ انكشاف المخطط الصهيونى أمام عموم الشارعين العربى والإسلامى بل والعالمى. لم تعد المسألة مجرد إضعاف لكل من حماس والجهاد الإسلامى وحزب الله بل إدخال المنطقة فى الزمن الإسرائيلى؛ هذا ساعد إلى حد بعيد فى تعزيز أطروحة وحدة الساحات بحيث تنتقل من النظرية والرغبة إلى قناعة شعبية وإرادة عابرة، فإذا لم نخض المواجهة موّحدين سنخوضها كل على حدة وستكون كلفتها أكبر.

تاسعا؛ أثبتت مجددا الإدارة الأمريكية ومعظم أنظمة الغرب أنهم ليسوا إلا الوجه الآخر لإسرائيل كما ثبُت أن العدو يقوم بشراء الوقت لإنتاج وقائع جديدة وبالتالى هو يتبادل وأمريكا الحيلة علينا- هذا ما كان على شرائح من الشارع الإسلامى غير المسّيسة والمنخرطة استيعابه، وربّما احتاج لبعض الوقت من 7 أكتوبر 2023 حتى 7 أكتوبر 2024، أى إلى أن انجلت كامل الصورة وتحوّلت الافتراضات إلى حقائق ملموسة ومعطيات واحتجاجات دامغة.

عاشرا؛ عبّر العدو بأسلوبه الوحشى فى الحرب عن ضعف وفراغ هائلين واضطراب فى الشخصية الجماعية الصهيونية وقدم دليلاً إضافيا عن حالة الهلع الوجودى التى تساوره، وهو الأمر الذى يقتضى مزيدا من الدرس والرصد فى المرحلة المقبلة.

حادى عشر؛ تزايد شرعية المقاومة وحضورها فى الشارعين العربى والإسلامى. لقد غدت قضية المقاومة وتأييدها هى محور كل نقاش وموقف اليوم بعد أن كادت تغيب عن الأجندات السياسية للقوى والأحزاب العربية، وها هى تتقدم لتصير محور السياسة، فاستعدنا بالمقاومة السياسة بعد أن استغفلنا الغرب بالاجتماعى واليومى وكاد يُنهى موضوعة السياسة عند شرائح واسعة من عالمنا العربى والإسلامى. ولا أظن أن القوى التقليدية قادرة على ملء الساحة والتحدى بأجندة لا تكون المقاومة فى صلبها.

 ثانى  عشر؛ هشاشة بنية إسرائيل التى باتت مُزنرة بالخوف والقلق الوجودى والهشاشة، فنقاط قوّة إسرائيل ليست من النوع الذى يُعّوض فيها نقاط الضعف. وهذا ما علينا دوما التنبيه إليه كى لا ننساق لرؤية الكيان الصهيونى وكيف يقّدم نفسه للغير فيُبرز جانبا ويُغفل الأعمق. لقد تبيّن أنّ هذا الكيان لا يستطيع أن يصمد حتّى أياما قليلة أمام مقاومات جادّة وقاصدة وهادفة وتستفيد من تصحيح أخطائها. فإسرائيل نشأت وترعرعت واستمّرت إلى يومنا هذا بفضل الغرب وأمريكا ونقطة أول السطر.

نستنتج من هذه المسألة أنّ كل رهان على إبعاد إسرائيل عن أمريكا هو رهان خائب اليوم ــ ربّما إلى حين تحوّل المجتمع الأمريكى فى العقد المقبل حين يتقدّم نفوذ (الجيل Z) ليصير مؤثرًا فى صناعة القرار ــ، فلو لم تكن إسرائيل لوجب إيجادها، كما قال الرئيس الأمريكى جو بايدن وكل الرؤساء، إنّها أى إسرائيل جزء لا يتجزأ من هوية أنظمة الغرب وأمريكا الإمبريالية.

 ثالث عشر؛ لقد أكّد لنا «طوفان الأقصى» وما تلاه أنّ الوضع الدولى بلا قيادة ومشرذمٌ ولا يمتلك أى طرف فيه القدرة الحاسمة لتوجيه الأحداث. إنه فعلاً وضعٌ انتقالى، وبمقدار ما هو معقّد وخطر بمقدار ما يمكن أن يحمل الفرص. هذا الوضع الدولى يفقد القدرة إلى الوصول لأنصاف حلول كمقدّمة لتسويات معيّنة، فالصراع بلغ مستوى من التخّمر والحدّة والانكشاف فصار حل الدولتين مسألة مشككة وفيها نظر عند متبنيها السابقين.

رابع عشر؛ برغم كل ما مارسته إسرائيل من بطش وتقتيل وإبادات أقّرت بها المؤسسات الدولية لم تنجز إلا إنجازات تكتية حتّى اللحظة وليس من طريق واضح لديها للإجابة عن سؤال اليوم التالى، أى كيف يتّم تحويل هذه النقاط التكتية إلى معطيات استراتيجية، إن بضمانات سياسية أو ضمانات أمنية، اللهم إلاّ إذا نجحت بالقضاء المبرم على خصومها وأعدائها ــ وهذا هذيان ومستحيل ــ، فإلى اللحظة وبرغم التوحّش الإسرائيلى، لم تحّقق فعلاً أيًا من أهدافها ولا تزال تسير بتعّنت وتصطدم بالوقائع على الطريق لبلوغ ولو المرحلة الأولى من أهدافها أى ضرب البنية العسكرية للمقاومة.. وها هى بعد عام ونيف لم تصل بعد لإنهاء هذا الهدف الأوّل فى غزّة، فماذا عن المقاومة فى لبنان إذا؟

ومن نواتج ما يحصل منذ ٧ أكتوبر أنّ أى صراع مستقبلى بين الغرب والشرق أو أى طرف آخر، سيكون المجتمع الإسلامى والعربى عمومًا شريكا فى الثأر من أمريكا وهذا سيكون له تداعيات هائلة فى المستقبل على أمريكا ونفوذها وقد ينفجر فى لحظة غير معلومة بوجهها فى منطقتنا فى لحظة احتدام الصراع بين القوى الكبرى فيّهدد مصالحها المباشرة.

ومن المكاسب الكبرى هى استشعارنا كعرب أن العقل العربى ـ الإسلامى ولاّد وقادر أن يبدع ويسجّل أهدافاً قاتلة فى عدّوه وربّما يطيح بعدوّه فى لحظة تخطيط وحسبة دقيقة ويراكم ويطّور ولا ينثنى أمام الاغتيالات حتّى لو طالت رموزه.

وأختم بالإشارة إلى مكسب كبير واستراتيجى وربّما أتى كنتيجة أكثر منه كهدف مباشر، فمعركة إسناد غزّة دلّت على نوع من العجز الأمريكى فى البحار ودعواه بجدارته فى حماية الممرات المائية، بدليل وقوف الغرب عاجزا أمام الشعب اليمنى نصرة لفلسطين، فالقوّة الأمريكية بنهاية المطاف محدودة عندما تخضع لاختبار مدروس ومخّطط له.. وشجاع.

وتبقى مسألة قابلة للنقاش أنه عندما تتمكن مقاومة فى بلد من هذا المستوى من الصمود الأسطورى وتنجح فى تثبيت سيادتها وكسر عدوها، فكيف سيكون الحال لو كنا أمام واقع  «أمة  مقاومة» ذات يوم، هل ستستطيع إسرائيل التفكير فى مواجهتها؟ 

(الشروق المصرية)

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تعلن عن زيادة غير مسبوقة في تصدير الغاز إلى مصر
  • الصين تعلن اكتشاف احتياطيات من الذهب بقيمة 82.8 مليار دولار
  • البنك المركزي: 2.4% نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع المالي الثالث من 2024
  • اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار
  • اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 52 مليار جنيه
  • خسائر لبنان بسبب الحرب تقترب من 20 مليار دولار
  • المقاومة.. المكاسب والانتصارات منذ «طوفان الأقصى»
  • الإمارات.. "الابتكار الزراعي للمناخ" تعلن زيادة الاستثمارات إلى 29.2 مليار دولار
  • بقيمة 3.9 مليار دولار.. صادرات «تصديري الصناعات الهندسية» ترتفع خلال سبتمبر 2024
  • بقيمة 40.09 مليار دولار.. البنك المركزي الصيني يجري عمليات إعادة شراء عكسية