التحفيز وأثره على الموظف
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
ناصر بن مبارك الضامري **
يعد موضوع التحفيز في قطاع العمل خاصة القطاعات الإنتاجية وكذلك الخدمية من الموضوعات ذات الأهمية لدى الإدارات العليا في مختلف المؤسسات التي تسعى إلى رفع كفاءة موظفيها ومستوى جودة إنتاجها وكسب الزبائن، وبالتالي رفع مستوى الربحية وتحقيق الرضا بين العاملين في مؤسسة ما.
ومن خلال هذا المقال سوف يتم التطرق إلى تعريف موضوع التحفيز والنظريات ذات الصلة التي عرفته وبينت دور التحفيز وأثره على أداء الموظف ورفع كفاءته وتحسين سلوكه الوظيفي
هناك نظريات عديدة تناولت تعريف التحفيز وفسرته تفسيرا دقيقا في محاولة الاقتراب إلى تحديد وسائل التحفيز نحو تحقيق الأهداف التي تسعى المؤسسة وراء تحقيقها، ولعل أشهر نظرية للتحفيز هي نظرية هرم ماسلو (1943- 1954)Abraham Maslow للحافزية التي وضعت الاحتياجات الأساسية للموظف في المؤسسة بشكل هرمي متدرج.
ومفهوم الدافعية (Concept Motivation) لدى ما سلو هي أن الدافع عند الإنسان هي عملية سيكولوجية (نفسية) تدور بداخله وتعمل على إثارة سلوكياته لإنجاز هدف ما، ووجود الدافع يعني الاستمرارية في تحقيق الهدف، وهو المعيار الذي يقاس به طموح الإنسان – أي المعيارالذي يتم التفريق به بين الإنسان الطموح والإنسان غير الطموح.
وتنقسم احتياجات الإنسان وفقًا لهرم ماسلو إلى:
الاحتياجات الفسيلوجية:
وهي الاحتياجات التي تبقي الإنسان على قيد الحياة، ولحمايته من الهلاك كالنوم والطعام والشراب والحاجة إلى مكان الراحة والظل وكذلك الحاجة إلى الجنس لضمان استمرار الجنس البشري.
الاحتياجات إلى الأمن والأمان:
وهي متطلبات يحتاجها الإنسان تكفل له تحقيق الأمن والأمان لحياته.
الاحتياجات الاجتماعية:
بطبيعة الإنسان اجتماعي بالفطرة، كحاجته للحب والانتماء وكذلك حاجته لتحقيق علاقات أسرية وصداقة بما في ذلك العلاقات التعليمية.
الاحتياجات للتقدير:
الإنسان بحاجة إلى تقدير عمله وإنتاجه من قبل الآخرين.
الاحتياجات لتحقيق الذات:
لا شك أن الإنسان بحاجة ماسة إلى الشعور والإحساس بتحقيق ذاته بين أفراد مجموعته وأيضا بحاجة إلى الشعور بالعدل.
هناك من يرى أن الحوافز هي مجموعة من الوسائل التي تساهم في دعم الافراد في بيئة العمل من أجل زيادة الانتاجية، وتحقيق الاهداف المطلوبة بكفاءة، وتعرف أيضا بأنها عبارة عن الطرق التي تستخدم في الشكر للعاملين في مؤسسة ما، مقابل العمل الممتاز الذي قاموا بتحقيقه خلال فترة زمنية محددة، أو في حال تمكنوا من النجاح في الوصول إلى الأهداف المطلوبة، مما يؤدي إلى زيادة تميز العمل، كما أنها تساهم في دعم الأداء الوظيفي في المنشأة.
وبالتالي فإن تايلور يرى أن هذه المشكلة تتمثل في النقود التي هي خير دافع لهؤلاء العمال في مؤسساتهم، وأن العامل بطبيعته يسعى إلى زيادة مستوى أجره، وبالتالي ينبغي ربط الإنتاج في العمل بمستوى الأجر.
وهنا يتبين من خلال تدبر سور القرآن الكريم وكذلك الأحاديث النبوية الشريفة منذ قبل 1444 سنة، أن الإسلام لم يغفل جانب التحفيز نحو فعل الخير والإتيان بعمل إيجابي نحو المجتمع، فهناك سور وأحاديث نبوية تناولت هذا الموضوع وبينت أهميته قبل نشوء النظريات الحالية للتحفيز ومدى تأثيره على المجتمع والفرد. ويتضح أنه تناول هذا الجانب وتحدث عن تحفيز المسلم نحو فعل الخير والأعمال الصالحة ونيل الأجر والثواب من خلال قوله تعالى: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ".
وبالتالي فقد أولى الإسلام المورد البشري أهمية خاصة كونه هو الأساس في المجتمع والمؤسسة، ويعتمد عليه بشكل رئيس لتحقيق أهدافها وتنفيذ أنشطتها، وبين المنهج الإسلامي الذي يؤكد على كيفية تحفيزه ودفعه نحو طريق الخير والصلاح ورفع كفاءته بما يؤدي إلى تحقق أهداف مجتمعه والبيئة التي يعيش ويعمل فيها كمؤسسة العمل.
وهناك أحاديث أخرى تناولت جانب تحفيز الإنسان المسلم نحو تحقيق الأمن والأمان لمجتمعه والمحيط البيئي الذي يعيش ويعمل فيه.
أثر التحفيزعلى كفاءة الموظفين بالمؤسسة:
لا شك أن اعتماد الإدارة العليا بالمؤسسة على التحفيز له أثرا إيجابي على كفاءة الموظف بالمؤسسة وأداءه وسلوكياته الوظيفية، ولعل النقاط التالية تشير لأثر الحوافز على الموظف:
زيادة مستوى الإنتاج للموظف: تطور المؤسسة؛ إذ لا شك أن ارتفاع مستوى الإنتاجية سيساهم ذلك في رفع كفاءة المؤسسة بشكل عام ويؤدي إلى ارتفاع الربح، وبالتالي تطور المؤسسة بشكل عام. ارتفاع الروح المعنوية وروح الفريق لدى العاملين بالمؤسسة: تشجيع الموظفين على الإبداع؛ حيث إن التحفيز يوفر بيئة صحية نحو الابتكار والإبداع في العمل ويؤدي إلى تطور مستوى الإنتاج والخدمات.وختامًا.. في ظل احتدام المنافسة بين المؤسسات، وتنامي حدة التنافس بين المؤسسات الخدمية والإنتاجية يتضح مدى أهمية اعتماد الإدارات العليا في كل مؤسسىة على أهمية وجود نظام ناجح وفعال لتحفيز موظفيها والعاملين فيها نحو رفع كفاءتهم وزيادة إنتاجيتهم بما يضمن تحقيق الأهداف المرجوو وزيادة نسبة الربح؛ سواء كانت حوافز مادية أو معنوية، وبالتالي رفع كفاءة النمو الاقتصادي للبلاد في هذا الوقت الذي برزت فيه كيانات اقتصادية قوية وبارزة، وزوال كيانات ضعيفة وصغيرة من الساحة الاقتصادية.
ولا شك أن فعالية الحوافز تكمن في معيار العدالة بين الموظفين والعاملين في المؤسسة وتقييم أدائهم وإنتاجيتهم بشكل عادل وبموجب ماهو متوقع من جهد، متجاهلة للعلاقات الشخصية، مؤكدين على الربط الموضوعي بين الأداء والمكافأة المادية أو المعنوية المناسبة، وبصورة تعكس الشفافية لدى المؤسسة والتزامها تجاه موظفيها والعاملين فيها.
** باحث دكتوراه في إدارة الأعمال
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"قمة التنمية الاجتماعية" الأمين العام للأمم المتحدة: إعلان الدوحة السياسي دفعة قوية للتنمية وخطة من أجل الإنسان
أكد سعادة السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أن إعلان الدوحة السياسي يمثل دفعة قوية للتنمية، وخطة شاملة من أجل الإنسان تتطلب العمل على أربعة مجالات رئيسية تشمل مكافحة الفقر وعدم المساواة، وتعزيز فرص العمل والتوظيف، وتوفير التمويل اللازم، وضمان حقوق الإنسان والشمولية.
وأشار سعادته في الكلمة الافتتاحية خلال مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية، إلى أن إعلان الدوحة السياسي، يترجم إلى واقع ملموس من خلال التركيز على توفير الفرص للجميع، استنادا إلى مبادئ العدالة الاجتماعية والعمل الكامل والكرامة الإنسانية.
وأضاف أن انعقاد مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية في الدوحة، يأتي في ظل تحديات كبيرة تشمل عدم اليقين والانقسامات والنزاعات والمعاناة الإنسانية المنتشرة على نطاق واسع، بالإضافة إلى أن الكثير لا يزالون يعانون من الجوع والفقر والبطالة، فيما لا تحصل الدول النامية على الدعم الكافي لمواجهة هذه التحديات.
وبين أن خطة الدوحة من أجل الإنسان، تهدف إلى تسريع جهود مكافحة الفقر وعدم المساواة، مع التركيز على استثمارات شاملة في نظم غذائية وصحية وتعليمية، وشبكات مياه وصرف صحي، وسكن ملائم، ونظم طاقة نظيفة، ونظم تعليمية شاملة، وحماية اجتماعية، إلى جانب بيانات موثوقة لرصد التقدم.
وطالب الحكومات المشاركة في القادم للدورة الثلاثين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في البرازيل، لتقديم خطط ملموسة لخفض انبعاثاتها على مدى العقد المقبل، مع العمل في الوقت نفسه على تحقيق العدالة المناخية لمن هم في واجهة الأزمة رغم دورهم المحدود في نشوئها.
كما شدد على ضرورة الاستثمار في مستقبل كوكب الأرض، من خلال خطط ملموسة لخفض الانبعاثات وتحقيق العدالة المناخية، وحث الدول على تعبئة 1.3 تريليون دولار سنويا بحلول عام 2035 لتمويل العمل المناخي الذي تقوم به البلدان النامية، ومضاعفة التمويل المخصص للتكيف للوصول به إلى ما لا يقل عن 40 مليار دولار هذا العام، ورسملة صندوق مواجهة الخسائر والأضرار بمساهمات كبيرة.
ونوه سعادة الأمين العام للأمم المتحدة، بأن تعزيز فرص العمل والتوظيف يمثل ركيزة أساسية في خطة الإنسان، ما يلزم الحكومات والقطاع الخاص تعزيز العمل اللائق والأجور المعيشية، وتمكين انتقال العمال من الاقتصاد غير الرسمي إلى الاقتصادات الخضراء والرقمية واقتصادات الرعاية، مع الاستثمار في التدريب وتطوير المهارات والتعلم مدى الحياة، وسد الفجوة الرقمية وضمان اكتساب المهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي، إلى جانب تكافؤ الفرص للمرأة، ودعم اقتصادات الرعاية، وحماية حقوق العمال.
وعن التمويل، دعا لضرورة تعزيز قدرة مصارف التنمية متعددة الأطراف على الإقراض، وتوسيع التمويل الخاص، وتخفيف أعباء الديون، وإصلاح الهيكل المالي العالمي لتمثيل احتياجات البلدان النامية، مع زيادة مشاركتها في صنع القرار لضمان شمولية وعدالة الحوكمة الاقتصادية العالمية.
ولفت إلى أن أي خطة من أجل الإنسان، يجب أن تعزز حقوق الإنسان والشمولية، محذرا من استمرار ترك فئات كثيرة خلف الركب، بما في ذلك النساء والأقليات والمهاجرون واللاجئون وكبار السن والشعوب الأصلية والأشخاص ذوو الإعاقة والشباب، مؤكدا ضرورة حماية القيم الديمقراطية، وتعزيز مشاركة النساء، والقضاء على التمييز والعنف الجنساني، وبناء مجتمعات خالية من التضليل وخطاب الكراهية، مع اعتبار حقوق الإنسان بوصلة نحو العدالة ومستقبل أفضل للجميع.
وفي سياق ذي صلة، ذكر أن مؤتمر القمة العالمي الأول للتنمية الاجتماعية، الذي عقد في كوبنهاغن عام 1995، كان لحظة استدلال أخلاقي، حيث أكد المجتمع الدولي أن التنمية الحقيقية لا تعني تحقيق الرخاء لفئة قليلة، بل توفير الفرص للجميع، موضحا أنه منذ ذلك الحين، نجا أكثر من مليار شخص من الفقر المدقع، وانخفضت معدلات البطالة عالميا إلى مستويات تاريخية منخفضة، وتوسعت فرص الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والحماية الاجتماعية بشكل ملموس، فضلا عن ارتفاع العمر المتوقع للإنسان وانخفاض وفيات الأطفال والأمهات، وزيادة عدد الفتيات الملتحقات بالمدارس مع ارتفاع معدلات التخرج لجميع الطلاب.
وقال سعادة السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في ختام كلمته، إن مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية في الدوحة، يمثل فرصة لإحياء الأمل من خلال العمل الجماعي، داعيا لترجمة إعلان الدوحة السياسي، إلى واقع ملموس عبر خطة جريئة من أجل الإنسان، تستجيب للتحديات العالمية وتضمن مستقبلا أفضل للإنسانية.