قيم التسامح النبيلة
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
حمد الحضرمي **
** محامٍ ومستشار قانوني
التنشئة الاجتماعية ليست عملية حديثة؛ بل هي عملية قديمة جدًا ظهرت مع ظهور المجتمعات القديمة، وقد دأبت المجتمعات البشرية منذ أن خلق الله الإنسان على استخدام تقنيات تتفاوت في بساطتها ودرجة تعقيدها، لتربية أبنائها وتنشئتهم، بحيث يصبحون على وعي بمتغيرات الحياة والنماذج السلوكية التي تجعل الفرد فيها قادرًا على تعلم القيم والنظام؛ ونماذج سلوك البيئة الاجتماعية، التي يكون عضوًا فيها، وإكسابه الأدوار والاتجاهات المتوقعة من أفراد المجتمع.
والتنشئة في الإسلام نظام متكامل يشمل فلسفة التربية وأهدافها؛ ومناهج التعليم وما إلى ذلك، وقد غطت التربية الإسلامية جوانب التربية المباشرة للفرد بشمول وتوازن، والوصول إلى التوازن في حياة الإنسان متعدد الطاقات والاتجاهات، ليس بالأمر السهل، فهو هدف ليتحقق يحتاج إلى جهود كبيرة، ليعيش الإنسان في سعادة وسلام. ومجالات التنشئة الإسلامية هي: التربية الجسمية، والتربية الإيمانية، والتربية الاجتماعية، والتربية العقلية، والتربية النفسية، والتربية الأخلاقية، والتربية الجنسية. وهناك شرطان ضروريان للصحة النفسية هما: سلامة الجسد من العلل، وسلامة النفس من الهم والحزن والكسل والجبن والبخل، ولكل إنسان قدراته العقلية والنفسية لكي يعيش حياة هادئة مطمئنة، متمتعًا بصحة نفسية جيدة لا بد له من زاد، وزاده في رحلته الإيمان بالله، الاطمئنان لقوله؛ والرضا بقضائه وقدره، والصبر على بلائه، والثقة في عونه ورحمته وحفظه، والقناعة برزقه، والعمل من أجل الكسب والطاعة، والحرص على أداء ما فرضه الله من عبادات ومعاملات.
ويقصد بالتربية النفسية تربية الأبناء منذ أن يعقلوا على الجرأة والصراحة والشجاعة والتسامح والعفو والصفح وكظم الغيظ والشعور بالكمال وحب الخير للآخرين، والانضباط عند الغضب والتحلي بكل الفضائل النفسية والخلقية. والتربية الأخلاقية هي مجموعة المبادئ الأخلاقية؛ والفضائل السلوكية والوجدانية التي يجب أن يتلقنها الطفل ويكتسبها ويعتاد عليها منذ تمييزه وتعقله إلى أن يصبح مكلفًا يخوض معترك الحياة، فالطفل منذ نعومة أظفاره حين ينشأ على الإيمان بالله، و يتربى على الخشية من الله ومراقبته، والاعتماد عليه والاستعانة به، تصبح عنده الملكية الفطرية، والاستجابة الوجدانية لتقبل كل فضيلة أو مكرمة، والاعتياد على كل خلق فاضل كريم، لأن الوازع الديني الذي تأصل في ضميره بات حائلًا بين الطفل وبين الصفات القبيحة والعادات الأثيمة، ويصبح إقباله على الخير عادة من عاداته، وحبه للمكارم والفضائل يصبح خلقًا أصيلًا في أخلاقه وصفاته.
ومسؤولية المربين في ميدان التربية الأخلاقية شاملة لكل ما يتصل بإصلاح نفوسهم؛ وتقويم اعوجاجهم، وترفعهم عن الدنايا، وحسن معاملتهم للآخرين، فهم مسؤولون عن تنشئة الأولاد منذ الصغر على القيم الأخلاقية كالصدق والأمانة، والاستقامة، والإيثار، وقيم التسامح النبيلة: العفو والصفح وكظم الغيظ والإحسان، وغيرها من الفضائل. وتعتبر القيم جزءًا لا يتجزأ من شخصية الإنسان، وأهم شيء في حياتنا، ونسعى دائمًا للحفاظ عليها، لأنها معيارًا يقاس بها جميع اعمالنا وتصرفاتنا. والقيم تعطي لحياتنا صبغة جميلة، وتدفعنا إلى إصدار الآراء والأحكام، وعلى أساسها تبنى كل مشاريعنا وأعمالنا، فهي أساس لتشكيل بناء تربوي ونفسي سليم للفرد.
وتشكل قيم التسامح النبيلة (العفو والصفح وكظم الغيظ) منهاجًا أخلاقيًا متكاملًا، يجمع بين المفهوم الديني والدلالة الإنسانية، وهذه القيم من شأنها النهوضُ بمستوى الفرد روحيًا وماديًا، وتقوية المجتمع في كل المجالات، والمجتمع لا يمكن أن يقوم على قواعد الكراهية والحقد والظلم، وإنما يقوم على القيم الأخلاقية الشريفة، قال الله تعالى "وأن تعفوا أقربُ للتقوى" (البقرة: 237). والعفو صفة شريفة مقترنة بالتقوى، لأنها تشير إلى سلوك إيماني متماسك، حيث الرحمة بالآخرين، والتجاوز عن أخطائهم، والأخذ بأيديهم نحو بر الأمان، وهذا التصرف النبيل يدل على قوة الروابط المجتمعية، وعدم التربص بالطرف الآخر من أجل اصطياد العثرات واستغلالها. وقال الله تعالى "والعافين عن الناس" (آل عمران: 134) الذين يتجاوزون عن الناس زلاتهم رحمة بهم وشفقة عليهم، فيعفون عن من ظلمهم، وتكون قلوبهم خالية من الحقد، وهذا منتهى الصفاء، وحب الخير للآخرين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث "ما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًا" فالعبد الذي منحه الله تعالى نعمة العفو والتجاوز عن سقطات الناس، هو كبير في عيونهم، وينظر إليه كسيد كريم عزيز، راجح العقل، وصاحب أخلاق عالية، وهذا يجعله ذا مكانة رفيعة في قومه، وهذه هي النعمة الدنيوية، أما النعمة الأخروية فتتجلى في حصوله على الرضا الإلهي ونيل جنته.
قال الإمام الشافعي:
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم // إن الجواب لباب الشر مفتاح
فالعفو عن جاهلٍ أو أحمقٍ أدب // نعم وفيه لصون العرض إصلاح
إن الأسود لتخشى وهي صامتة // والكلب يحثى ويرمى وهو نباحُ
ويعتقد البعض أن العفو هو وسيلة المغلوب على أمره، وموقف العاجز الضعيف، وهذا فهم خاطئ يتنافى مع الحقيقة، فالعفو دليل على قوة الشخصية، والثقة بالنفس، والرحمة والشفقة على الآخرين، وهو لا يصدر إلا عن الواثقين القادرين لا الضعفاء العاجزين. وقال الله تعالى "فاصفح الصفح الجميل" (الحجر: 85) أي تجاوز عنهم، واعفُ عنهم عفوًا حسنًا، وعاملهم معاملة الصفوح الحليم، ولا تعجل بالانتقام منهم، والصفح الجميل هو الذي لا عتاب معه، فهو صفح والرضا بلا عتاب، فإذا عفوت عن من ظلمك فلا تعاتبه.
وكظم الغيظ صفة عظيمة لا تصدر إلا عن النبلاء، فهي انتصار الخُلق الرفيع على النفس الإمارة بالسوء، إنها حبس الغيظ وكتمه بحيث يعجز عن تهييج النفس وقيادتها إلى الطيش والانتقام، فالكاظمون الغيظ يكتمون غضبهم فلا يصل أثره إلى الناس، ويحتسبون عند الله تعالى، فهم روضوا أنفسهم لنيل الرضا الإلهي لا اكتساب مديح الناس، وهنا تظهر القدرة على التحمل ولجم النفس البشرية ومنعها من التهور والانطلاق بلا حساب أو رادع. فالذي يكتم غيظه ويترك شهوة نفسه وحب الانتقام مع قدرته على التنفيذ، ولا يريد بهذا إلا وجه الله تعالى، فإنه سيلاقي جزاء عمله في الآخرة عزًا ونعيمًا ورضوانًا من الله الكريم، لأنه نجح في إلجام نفسه الأمارة بالسوء التواقة للانتقام، وكبح هذه الشهوة المتأججة، وهذا الفعل لا يقدر على القيام به إلا صفوة الصفوة من البشر. وحُكي عن جعفر الصادق- رضي الله عنه- أن غلامًا له وقف يصب الماء على يديه، فوقع الإبريق من يد الغلام في الطست، فطار الرشاش في وجهه، فنظر جعفر إليه نظر مغضب، فقال الغلام يا مولاي: والكاظمين الغيظ، قال جعفر: قد كظمت غيظي، فقال الغلام: والعافين عن الناس، قال جعفر: لقد عفوت عنك، فقال الغلام: والله يحب المحسنين، قال جعفر: اذهب فأنت حر لوجه الله تعالى.
وهنا تتجلى الأخلاق الكريمة في أبهى صورها، فقد كظم الإمام جعفر الصادق غيظه وهو قادر على إنفاذه، فموقعه نابع من القوة لا الضعف، ولا يخفى أن كظم الغيظ بحاجة إلى قوة روحية كبرى تستوعب الصدمات، ولا تهتز أمام التحديات، وفي المرحلة الثانية جاء العفو تأكيدًا على سمو الأخلاق، ومساعدة الطبقات البسيطة في المجتمع، وفي المرحلة الثالثة كان الإحسان، وقد تمثل في إعتاق الغلام لوجه الله، وهذه هي الأفعال الحقيقية، التي تطبق الصفات تطبيقًا عمليًا على أرض الواقع مباشرة دون أي تردد.
إنَّ الأخلاق النبيلة لا تصدر إلا عن شخص قوي، ومن موقف القوة لا العجز، فصاحب الأخلاق الحميدة هو شخص انتصر على شهواته، واستطاع التحكم بأعصابه، وضبط مشاعره، ولم يترك نفسه فريسة سهلة للغضب والثورة والتصرفات الطائشة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هل المشي على قشر الثوم والبصل أو حرقه يورث الفقر؟ احذر
لعل ما يطرح أهمية معرفة حقيقة هل المشي على قشر الثوم والبصل أو حرقه يورث الفقر والنكد في البيت؟ هو ارتباطه بأكبر كابوس يؤرق الكثيرين إن لم يكن الجميع، فمن منا يستطيع تقبل الفقر والنكر، بل ويفر منه فراره من الأسد، بل على العكس الرزق وسعته يعد من المطالب الدنيوية التي لا ينقطع الإنسان عن طلبها، وحين يتعلق الأمر بفعل بسيط قد يقع فيه الكثيرون بسهولة ودون انتباه وتكون نتيجته إرثًا من الفقر، فهنا ينبغي الوقوف على حقيقة هل المشي على قشر الثوم والبصل أو حرقهم يورث الفقر والنكد في البيت؟ تجنبًا لهذا الكرب.
قال الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن ما يقال عن أن المشي على قشر الثوم والبصل أو حرقه يورث الفقر والنكد في البيت، إنما هو سوء أدب مع قدر الله جل وعلا.
وأوضح "الورداني"، في إجابته عن سؤال: “هل المشي على قشر الثوم والبصل أو حرقه يورث الفقر والنكد في البيت؟”، أن الله سبحانه وتعالى جعل الأقدار على السعي والرحمة والبركة.
وأضاف: “لكن هذا الكلام الذي يُقال هو من التراث الذي يحتاج تنقية، حيث يجعل بعض عقليات الناس ترتبط بالخرافة”، منوهًا بأنه لا دليل من الكتاب ولا السُنة يثبت هذا الكلام عن الثوم.
وحذر من مثل هذه الروايات والخرافات، مؤكدًا أنه ينبغي الابتعاد عنها لأنها للأسف تؤسس في عقول الناس عقلية الخُرافة، كما تجعل الناس لا يُحسنون الظن بالله سبحانه وتعالى.
وتابع: “فلا يمكن تخيل أن الودود الرحيم الكريم سيجعل أقدار الناس التي تتوقف على حُسن تدبير الله تعالى لنا وحُسن اختياره لنا فالله لطيف بعباده، تتوقف على المرور على قشرة ثوم أو بصل”.
وشدد على أن “هذا الاعتقاد لا يصح، فليس هذا أدب مع أقدار الله سبحانه وتعالى لنا ولا أدب مع ما يعاملنا به الله عز وجل من نعم، فالحمد لله على أن نعتقد الاعتقاد الصحيح في معاملة الله تعالى لنا”.
وأشار إلى أنه “تعالى يُعاملنا بود ورحمة ولن يجعل أقدارنا ولا حياتنا ولا سعادتنا أو شقاءنا مرتبط بهذه الأشياء، فليس هناك ما يدل على هذا الاعتقاد بأن المشي على قشور الثوم يورث الفقر”.
وأردف: “بل إنه من الأشياء التي ينبغي الابتعاد عنها باعتبارها من عقل الخرافة، ولنتمسك دائمًا بالنور والبركة والسعة، التي جعل الله تعالى في هذا الدين ليس علينا فيه حرج ولا ضيق ولكن سعة”.
أسباب الفقر وضيق الرزققسّم الله تعالى الرزق بين عباده وحدّد لهم نصيبهم من الرزق، وكتب لهم رزقهم وفقًا لعلمه وحكمته، وأمرهم بالسعي في طلب هذا الرزق والأخذ بأسبابه، وأمرهم أيضًا بالرضى وبالإيمان بأنّ ما لم يكن لهم لن يأتيهم مهما عملوا وما كان لهم محالٌ أن يذهب لغيرهم، فالعبد يسعى في الأرض ويعمل ما هو واجبٌ عليه طلبًا لرزقه المقسوم الذي جُعل له أسبابًا تزيده، وأسبابًا أخرى تُضيّقه وتجعله قليلًا وليس فيه بركة، ومنها:
قلة التوكل على الله: فإذا كان التوكّل على الله -تعالى- من أعظم أسباب الرزق، فالعكس صحيح فقلّة التوكّل وكثرة التفكير والظن بأنّ التدبير يقع على عاتق العبد هو أحد أهم أسباب ضيق الرزق، وقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لَو أنَّكُم كنتُم تَوكَّلُونَ على اللهِ حقَّ تَوكُّلِهِ لرُزِقْتُمْ كما تُرزَقُ الطَّيرُ، تغدو خِماصًا، وتروحُ بطانًا). ومعنى هذا الحديث أنّ العبد عندما يصل إلى درجة عالية في التوكل على الله فإنّ الله -تعالى- سيرزقه حتى لو بذل أدنى مجهود، كما تكفّل الله -تعالى- بكفاية من يتوكّل عليه، ولهذا فمن ضاقت به السبل وقلّ رزقه فليجدّد التوكّل في قلبه وليجعله مُقدّماً على كلّ عملٍ سواه.الذنوب والمعاصي: لقد دلّت الكثير من النّصوص الشرعية على أنّ الذنوب والمعاصي هي من أسباب ضيق الرزق والحرمان من خيري الدنيا والآخرة. وبيّنت هذه النصوص أنّ الإيمان والتقوى والتوبة والاستغفار من الأسباب المعينة على جلب الرزق ودوامه. قال الله -تعالى-: (وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلـكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ)، فالحل إذًا هو التقوى، والابتعاد عن المعاصي، وتجديد التوبة، والإكثار من الاستغفار، والعزم الصادق على الإقلاع عن جميع الذنوب؛ حتى لا تقف تلك الذنوب مانعةً للرزق.كسب المال الحرام: إنّ العبد رزقه مقسوم وما وصل إليه بالحرام كان سيصل إليه بالحلال لو أنّه اتّبع السُبل المشروعة، ولكنّ اللجوء إلى مصادر الرزق المُحرّمة؛ كالسرقة والنهب وأكل أموال الناس والربا سيمحق ما هو حلال لديه، وسيغمسه في شرور المال الحرام وتبعاته، ولهذا فعلى العبد الحذر من كسب المال بالطُرق المحرّمة وتحرّي المال الحلال الطيّب، فنتيجة رزقه واحد مهما كانت الطريقة، فلو صار الإنسان غنيًا بالمال الحرام فإنّ هذا ما هو إلّا هلاك ودمار عليه في الدُّنيا والآخرة.عدم أداء الحقوق المالية: إنّ أداء الحقوق الواجبة في المال كالزكاة والمندوب إليها كالصدقة من أعظم أسباب البركة في الرزق ونمائه ودوامه؛ فالمال يزداد بالإنفاق، وقد قال -تعالى-: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)، أمّا الامتناع عن الزكاة والإمساك عن الصدقة فهو سبب في ضيق الرزق ونقصانه وذهاب بركته.قطع الأرحام: إنّ قطع الأرحام هو سبب من أسباب ضيق الرزق، حيث بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ صلة الرحم هي سبب من أسباب بسط الرزق، فقال: (مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ عليه رِزْقُهُ، أوْ يُنْسَأَ في أثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ). وصلة الرحم تكون بالزيارة وبالهدايا وبالنّفقة إذا اقتضى الأمر، وتكون أيضًا بالكلمة الطيّبة والقول اللين والمشاركة في الفرح وفي الحزن، وفي الخدمة البسيطة والجليلة، وعلى من ضاق رزقه وبحث عن الأسباب ألّا يُغفل هذا السبب، فيصل رحمه طاعةً لربّه وطمعًا في ثوابه في الدنيا والآخرة.قلة السعي على الرزق: لقد شجّع الإسلام على العمل ورغّب على السعي في طلب الرزق فالعبد الذي لا يعمل سيكون عالةً على غيره يتكفّفهم ويطلب منهم ما يسدّ حاجته، فالعمل الحلال الذي يكون مقرونًا بالنيّة الصالحة هو نوع من أنواع العبادة، وقد قال -تعالى-: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ). الواقع يدلّ على أنّ ترك العمل وعدم السعي في طلب الرزق سيكون سببًا في قلّة الرزق وانقطاعه؛ لذلك رفع الله من شأن العمل والعمال.