الجزيرة:
2025-01-31@04:05:41 GMT

السينما.. السلاح السري للمقاومة الفلسطينية

تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT

السينما.. السلاح السري للمقاومة الفلسطينية

قام الاحتلال بتهجير أهل فلسطين منها، فتحول العالم كله إليها، ومن كل بقعة في المعمورة أضحى الصوت الفلسطيني والصورة الفتيّة لشاطئ الزيتون على شاشات المهرجانات العالمية في أفلام قدمها المهاجرون وأبناؤهم وأحفادهم.

لذا لم يكن غريبا أن يرشح فيلم "الجنة الآن" لجائزة أفضل فيلم هولندي، أو يعرض فيلم "فرحة" باعتباره فيلما أردنيا، أو يثير فيلم "يد إلهية" معركة داخل إدارة جوائز الأوسكار بشأن الدولة التي يرشح اسمها للجائزة.

يقف الفلسطينيون في كل بقعة في مواجهة الاحتلال والنسيان والصمت، فيثقبون الذاكرة المغلقة على صور زائفة صنعتها سيطرة المحتل على مقدرات الإنتاج السينمائي ويلهمون الحالمين بالحرية ويبحرون بخيالهم إلى آفاق تتجاوز الواقع إلى خيال لا يصل إليه سوى أولئك الذين تجاوزوا الخيال، فصنعوا ملحمة "طوفان الأقصى".

وينتمي محاربو الصمت والنسيان إلى أجيال فلسطين التي تلد الحلم والإرادة، وبين الممثل والمخرج محمد بكري إلى دارين سلام مرورا بإيليا سليمان ورشيد مشهراوي وهاني أبو أسعد وغيرهم يولد الصمود في مواجهة الصمت والإنكار.

وإليك بعض أبرز محطات التنشيط لذاكرة العالم وضميره عبر شاشة السينما وفرسانها.

إيليا سليمان

تظهر بصمات المخرج الفلسطيني إيليا سليمان من اللحظة الأولى لانطلاق عملية "طوفان الأقصى" في غلاف قطاع غزة، إذ تستدعي الباراشوتات التي نقلت أبطال العملية إلى داخل المستعمرات الإسرائيلية المشهد الشهير في فيلم "يد إلهية" لبالون ضخم يطير في الهواء ويحمل صورة الرمز الفلسطيني ياسر عرفات، فيما كان الرجل في واقع الأمر -حينها- محاصرا في مقره برام الله في الضفة الغربية.

إيليا سليمان اعتقل في عمر الـ17 عندما كان في تل أبيب (مواقع التواصل الاجتماعي)

حرر إيليا سليمان الزعيم الفلسطيني عام 2002 بخياله السينمائي، ليصل إلهامه في 2023 إلى المقاومين الذين حولوا الخيال إلى واقع.

وإيليا المولود في الناصرة عام 1960 اعتقل في عمر الـ17 عندما كان في تل أبيب وطلب منه الاعتراف بعضويته في منظمة التحرير الفلسطينية، رفض إيليا ذلك، وبعد وقت قصير هاجر إلى لندن ثم إلى فرنسا، حيث أقام عاما عاد بعده إلى فلسطين المحتلة.

وبعد أن أقام في الناصرة سنوات عدة أبدى فيها اهتماما بالسينما هاجر إلى نيويورك عام 1982 حيث أقام لمدة 12 عاما.

أشهر أفلامه هو فيلم "يد إلهية"، ويحكي قصة حب بين فتى فلسطيني من سكان أراضي فلسطين التي احتلت عام 1948 وفتاة فلسطينية من سكان الضفة، يلتقيان في سيارة فارهة على حاجز إسرائيلي (نقطة تفتيش)، ويراقبان ما يحدث خلف حواجز الاحتلال الإسرائيلية من قهر للفلسطينيين وإساءة معاملة.

يبدأ العمل بلقطات سريعة لما يشبه "بابا نويل"، ولكنه فلسطيني مطعون في صدره، يصعد حاملا صندوق هدايا تتناثر خلفه إلى قمة جبل. يظهر إيليا سليمان بشخصه داخل دراما الفيلم، ويتابع فيه كمخرج حكاية والده الذي مات بجلطة بعد أن قام الاحتلال بالسطو على سيارته ومنزله، ليموت حسرة.

وبين قصة حب ناعمة ورقيقة طرفاها فلسطينيان يفصل بينهما حاجز إسرائيلي ووقائع الاحتقار والكراهية والإذلال على الحاجز لمن يريدون زيارة القدس ينفصل الفتى عن واقعه.

يطيّر من نافذة سقف سيارته بالونا عليه صورة ياسر عرفات، يرتفع عرفات على البالون ويستطيع الإفلات من حاجز المحتل وطلقات الجنود، ويزور عرفات المرسوم على البالون الأحمر القدس بكنائسها ومساجدها ويستقر على قبة مسجد الحرم القدسي.

هاني أبو أسعد

ابن الناصرة المولود عام 1961، هاجر إلى هولندا وتلقى من الجوائز السينمائية العالمية بقدر ما تلقى من الهجوم بسبب فيلمه "الجنة الآن" الذي تطرق إلى الليلتين الأخيرتين من حياة شابين فلسطينيين قبل تنفيذ عملية استشهادية ينويان القيام بها، واتهم من قبل الإعلام الغربي بمناصرة العمليات الاستشهادية.

حصل فيلم "الجنة الآن" للمخرج هاني أبو أسعد على جائزة "غولدن غلوب" عام 2006 (الفرنسية)

تدور قصة "الجنة الآن" حول الصديقين الفلسطينيين سعيد وخالد اللذين يعيشان حياة صعبة في نابلس ويعملان جنبا إلى جنب في ورشة لإصلاح السيارات، حيث كان من الصعب جدا الحصول على الوظائف.

تشمل تلك الحياة الصعبة الشعور وكأنهما سجينان في الضفة الغربية بسبب عدم السماح لهما بالتنقل والسفر، يدركان أن  كل مشاكلهما تعود للقمع الذي يمارسه الإسرائيليون.

يتطوعان في مجموعة مقاومة فلسطينية لتنفيذ مهمة في تل أبيب على أن تكون الخطة هي تفجير قنبلة، وبعد وهلة يتم تفجير قنبلة أخرى في الموقع نفسه، وكان عليهما أن يعبرا بشكل غير قانوني إلى إسرائيل لتنفيذ المهمة، يفكران في الأمر، إنهما لا يخافان الموت، لأن حياتهما الصعبة تشبه الموت بالفعل.

استطاع هاني أبو أسعد في فيلم "الجنة الآن" أن يشرح للعالم الغربي بتكوينه الثقافي المغاير لماذا يلجأ الأشخاص إلى العمل الفدائي، وصوّر تلك الحياة التي تشبه الجحيم على الأرض في ظل انعدام الخيارات وموت الأمل في تغيير الواقع السجين داخل قرارات احتلال لا يرحم.

وحصل فيلم "الجنة الآن" على جائزة "غولدن غلوب" عام 2006، كما شارك في مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي ووصل إلى التصفيات النهائية.

وفي فيلمه "عمر" -الذي رشح للأوسكار أيضا- يرصد نموذجا آخر لشاب فلسطيني يدعى عمر ويعمل خبازا، يحب فتاة فلسطينية على الجانب الآخر من الجدار الفاصل، ويحترف تفادي الرصاص الذي يطلقه جنود الاحتلال فيما يتسلق الجدار لرؤية الفتاة، وبينما يخططان بحماس للزواج تنحرف الخطط عن مسارها عقب اعتقاله بسبب تورطه في قتل أحد جنود الاحتلال.

يتعرض للتعذيب في السجن، ويتم الضغط عليه ليصبح مخبرا، ويبدأ ممارسة لعبة القط والفأر مع الشخص الإسرائيلي الذي يحاول تجنيده، في الوقت الذي يحاول إثبات أنه ليس "خائنا"، فيما يشاع في الشارع أنه كذلك.

رشيد مشهراوي

في مخيم الشاطئ بقطاع غزة اضطر رشيد مشهراوي ابن الـ14 عاما للعمل لمساعدة أسرته، ورغم أنه لم يحصل على فرصة لدراسة السينما فإنه وصل إليها عبر اهتمامه بالفن التشكيلي، وفي الـ24 أخرج فيلما قصيرا بعنوان "جواز سفر".

ورشيد هو أول سينمائي فلسطيني يصنع أفلاما في الأرض المحتلة، حيث قدم بالإضافة إلى "جواز سفر" أفلام "الملجأ" و"دار و دور" و"أيام طويلة في غزة".

أنشأ رشيد البنية الأساسية للسينما الفلسطينية من خلال شركة أيلول للإنتاج السينمائي، وقدم من خلالها فيلمه الروائي الأول "حتى إشعار آخر" 1993، ثم "حيف" 1996، وهو أول فيلم فلسطيني يعرض في مهرجان كان، كما أنشأ مركزا للإنتاج السينمائي في رام الله.

وهو مؤسس مهرجان سينما الطفل الذي أنتج عددا كبيرا من الأفلام، ثم قدم في عام 2008 فيلم "عيد ميلاد ليلى" الذي فاز بأكثر من عشرين جائزة عالمية.

وفي عام 2013 أنجز فيلمه الروائي الطويل السادس بعنوان "فلسطين ستيريو" الذي افتتح في مهرجان تورنتو للعام نفسه، وقدم الفيلم الوثائقي الطويل "رسائل من اليرموك" 2014 عن حصار مخيم اليرموك في سوريا.

رشيد مشهراوي أول سينمائي فلسطيني يصنع أفلاما في الأرض المحتلة (الجزيرة)

أحدث أعمال رشيد مشهراوي فيلم "يوميات شارع جبرائيل" الذي صنعه مضطرا بعد أن منعه الإغلاق العام بسبب كورونا من تصوير فيلمه الروائي الجديد في باريس.

ويفيض "يوميات شارع جبرائيل" بالشجن الذي يربط بين الإغلاق العام وحظر التجول الذي يفرضه الاحتلال على الفلسطينيين بشكل شبه دائم.

محمد بكري

لم يغادر المخرج والمؤلف والممثل محمد بكري فلسطين مهاجرا أبدا، ورغم ذلك فإنه واحد من الممثلين البارزين على مستوى العالم منذ اختاره المخرج الفرنسي العالمي كوستا غافراس بطلا لفيلمه "حنا ك" عام 1983، ليضيف إلى المخرج والمؤلف ممثلا متميزا.

ينتمي بكري إلى جيل يعشق كتابات الروائي إميل حبيبي وأشعار محمود درويش، وقدم رواية "أبي سعيد المتشائل" لإميل حبيبي في صورة مسرحية لسنوات طويلة داخل فلسطين وخارجها، وهو مطارد بأبيات درويش المتسائلة دائما عن حب البلاد الأسيرة.

إسرائيل وقفت بالمرصاد لفيلم "جنين" لمخرجه محمد البكري (الجزيرة)

استفزته مذبحة جنين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 2000 بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد الثانية، اندلعت الانتفاضة الثانية فواجهتها إسرائيل باجتياح الضفة الغربية بالكامل، وبينها مخيم جنين، لتدمر البيوت وتقتل العشرات من الفلسطينيين بين طفل وامرأة ورجل عجوز وشاب وحتى الجنين في رحم أمه.

قدّم بكري وثيقة إدانة للضمير الإنساني كله بسبب الصمت والتواطؤ مع المحتل على كتم الصوت المنادي بالحرية وإزهاق الروح الحرة في المخيم، ليبقى أبريل/نيسان 2002 لحظة يكللها العار في عالم يزعم انتماءه إلى قيم الحرية وينادي بحقوق الإنسان في كل بقعة على الأرض باستثناء فلسطين.

لكن إسرائيل وقفت بالمرصاد لفيلمه "جنين" وحاربته على مدى أكثر من 20 عاما، وأصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا حكما بمنع عرضه، ورغم ذلك وصلت صورة وكلمة بكري إلى كل صاحب ضمير.

دارين سلام.. فرحة فلسطينية

تمثل دارين سلام جيلا جديدا من مقاتلي الشاشة، قدمت 5 أفلام قصيرة، وفي عام 2021 أنجزت فيلمها "فرحة"، لتعيد سرد حكايات النكبة الفلسطينية بمنظور مختلف وتسرد وقائع وآثار النكبة على الفتاة الفلسطينية "فرحة" التي تطمح لاستكمال دراستها في الخارج، لكن النكبة تؤجل كل مشروعات الحياة، فيحبسها والدها خوفا عليها.

فيلم دارين سلام هاجمه وزراء في الحكومة الإسرائيلية (الجزيرة)

دارين سلام وفيلمها خاضا مواجهة مع إسرائيل، خاصة حين عرض على منصة نتفليكس، فهاجمه وزراء في حكومة الاحتلال، وتم شن حملات لخفض تقييمه على مواقع النقد المتخصص في العالم، وقبلت بحملات لمناصرة الفيلم على مواقع التواصل الاجتماعي.

صمدت دارين في المعركة، وحققت هدفها حين شاهد العالم عبر منصة الشبكة نتفليكس آثار النكبة على الإنسان الفلسطيني، وهو ما أزعج سلطات الاحتلال.

دارين ممثلة ومخرجة، حصلت على درجة البكالوريوس في التصميم الغرافيكي من جامعة العلوم التطبيقية عام 2009، ونالت درجة الماجستير عام 2012 في الفنون السينمائية من معهد البحر الأحمر للفنون السينمائية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: أبو أسعد

إقرأ أيضاً:

زكريا الزبيدي حرا.. التنين الفلسطيني الذي هزم الصياد

لم يكن في مخيلة وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن غفير، الذي تباهى بإعادة اعتقال أسرى "نفق الحرية" عام 2021، أن يأتي اليوم الذي يُفتح فيه باب الزنزانة لزكريا الزبيدي، ليعود حراً إلى مدينة جنين، بقرار فرضته المقاومة الفلسطينية.

وتحرر اليوم الخميس زكريا الزبيدي أحد أبرز قادة "كتائب شهداء الأقصى" بالضفة الغربية، ضمن الدفعة الثالثة من المرحلة الأولى لصفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية في غزة.

وخرج ابن جنين من السجن، في وقت تتعرض فيه المدينة ومخيمها لعدوان إسرائيلي متواصل منذ 10 أيام، مخلفة شهداء وجرحى ودمارا هائلا بالمنازل، شمالي الضفة الغربية.

وأطلق سراح الزبيدي إضافة إلى 109 أسرى فلسطينيين آخرين مقابل أسيرتين إسرائيليتين هما أربيل يهود وآجام بيرغر إضافة إلى أسير ثالث وهو غادي موزيس، وفق ما أعلن متحدث كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أبو عبيدة مساء الأربعاء.​​​​​​​

والزبيدي (49 عاما) عضو سابق في المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وهو من أبرز الأسماء الفلسطينية بالسجون الإسرائيلية، ومن خلال أطروحته للماجستير، يفضل تسمية نفسه بـ"التنين الذي يهزم الصياد".

نجح الزبيدي بتنفيذ فرار "أسطوري"من سجن جلبوع الإسرائيلي شديد التحصين عام 2021 (رويترز) هروب أسطوري

وفي 6 سبتمبر/ أيلول 2021 نجح الزبيدي في الهروب من زنزانته برفقة 5 من رفاقه في الأسر، من سجن جلبوع شديد التحصين عبر نفق حفروه، وأعيد اعتقالهم بعد أيام. في عملية وصفت حينها بـ"الأسطورية".

إعلان

واعتقل جيش الاحتلال الزبيدي عام 2019، ووصفه مسؤول كبير بالمخابرات الإسرائيلية، بـ"قط الشوارع الذي وقع أخيرا في المصيدة".

لم يصدر حكم بحقه حين اعتقل، ولكن صدر ضده حكم بالسجن 5 سنوات على هروبه عبر النفق، أما بقية التهم ومنها إطلاق نار على مواقع إسرائيلية لم يصدر أحكام ضده بشأنها.

وللقيادي الفلسطيني تاريخ طويل في مقاومة الاحتلال، حيث قضى سنوات من عمره داخل السجون الإسرائيلية.

وفي عام 2007 سلّم الزبيدي إضافة إلى مجموعة فلسطينيين سلاحه للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاق مع الاحتلال وحصل على "عفو إسرائيلي".

وعقب ذلك عمل الزبيدي في "المسرح"، وانشغل في إعداد دراسة ماجستير في العلوم السياسية، حملت عنوان "التنين والصياد"، تصف علاقته مع إسرائيل.

وبحسب تقارير فلسطينية فإن إسرائيل هدمت منزل الزبيدي 3 مرات.

اعتقل جيش الاحتلال الزبيدي منذ طفولته عدة مرات وظل مطاردا لسنوات (رويترز) من هو الزبيدي؟

ولد زكريا بمخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، وله 7 إخوة، تربى يتيم الأب، وفي 2002 قتلت القوات الإسرائيلية والدته سميرة وشقيقه طه.

وفي 15 مايو/ أيار الماضي، استشهد نجل زكريا، داوود في مستشفى "رمبام" في حيفا شمال إسرائيل، متأثرا بجراح أصيب بها في اشتباكات مسلحة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنين.

وفي سبتمبر/ أيلول 2024 قتلت إسرائيل نجله محمد مع عدد من المقاومين في غارة جوية بمدينة طوباس شمال الضفة الغربية.

كما أصيب زكريا بعمر 13 عاما بالرصاص خلال مشاركته في رجم القوات الإسرائيلية بالحجارة، واعتقل للمرة الأولى بعمر 15 عاما، وسجن 6 أشهر.

بعدها اعتقل بتهمة إلقاء عبوات حارقة على القوات الإسرائيلية، وحكم بالسجن 4 سنوات ونصف سنة.

في 2001، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى (2000 ـ 2005)، بات الزبيدي قائدا عسكريا لـ"كتائب شهداء الأقصى" في حينه.

إعلان

وقاد الزبيدي المجموعات المسلحة، وقيل عنه في وسائل الإعلام الإسرائيلية إنه "الحاكم الفعلي لجنين".

وعام 2002، وإبان إعادة الجيش الإسرائيلي احتلال الضفة الغربية، شن معركة ضارية في مخيم جنين، أسفرت عن استشهاد 52 فلسطينيا، ومقتل 23 جنديا، وخلفت المعركة دمارا كبيرا في منازل الفلسطينيين.

تعرض الزبيدي لعدة محاولات اغتيال من قبل الاحتلال الإسرائيلي (رويترز) محاولات اغتيال

استطاع الزبيدي أن ينجو 4 مرات من محاولات اغتيال، أبرزها في 2004، حيث قتلت القوات الإسرائيلية 5 فلسطينيين، بينهم طفل (14 عاما)، بعد استهداف مركبة كان يُعتقد أن الزبيدي فيها.

وفي العام ذاته، اقتحمت قوة إسرائيلية خاصة مخيم جنين لتصفية الزبيدي، لكنها اشتبكت مع مقاومين، ما أدى إلى استشهاد 9 فلسطينيين، وتمكّن زكريا من الفرار.

عام 2005، كُشف كمين لقوات إسرائيلية خاصة قرب منزل تحصن فيه الزبيدي، وفي 2006، حاول الاحتلال اعتقاله غير أنه فشل وتمكن زكريا من الفرار.

عفو وإعادة اعتقال

شكلت وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، نقطة تحول في عمل المقاومة المسلحة، حيث أعلن الرئيس الجديد في حينه محمود عباس، حل كتائب "شهداء الأقصى"، والبدء بفتح مسار سياسي مع إسرائيل.

وفي 15 يوليو/ تموز 2007، أعلنت إسرائيل عفوا عن مسلحي "كتائب شهداء الأقصى"، بينهم الزبيدي بناء على اتفاق مع السلطة الفلسطينية سلم مسلحون سلاحهم للسلطة.

وعن ذلك يقول الزبيدي في مقابلة تلفزيونية حينها "هم (الإسرائيليون) يعلمون أنني أوقفت العمل المسلح بناء على قرار لإعطاء فرصة للعمل السياسي لذلك حصلت على العفو".

وبعد 4 سنوات، أعلنت إسرائيل في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2011، إلغاء العفو عن الزبيدي، رغم تأكيده أنه لم ينتهك أيا من شروطه.

بقي زكريا بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، مقر القيادة الفلسطينية، حتى اعتقاله من قبل قوات إسرائيلية بتاريخ 27 يناير/ كانون الثاني 2019.

إعلان

واتهمت إسرائيل الزبيدي والمحامي الفلسطيني طارق برغوث في حينه بالتورط في "أنشطة تحريضية جديدة".

وآنذاك، وصف الضابط السابق في "الشاباك" الإسرائيلي يتسحاق إيلان الزبيدي، بأنه "قط شواع، لطالما حاولنا الإمساك به لكنه أفلت من أيدينا، والآن أعيد اعتقاله لانخراطه مرة أخرى في أنشطة إرهابية".

تسلم الزبيدي قيادة كتائب "شهداء الأقصى" في جنين خلال الانتفاضة الثانية (الفرنسية) التنين

حصل الزبيدي على الثانوية العامة، ودرجة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية، رغم حياة المطاردة والمقاومة والاعتقال، وحضّر لرسالة ماجستير في جامعة بيرزيت الفلسطينية، تحت عنوان "الصياد والتنين.. المطاردة في التجربة الفلسطينية من عام 1968-2018".

وتقمّص الزبيدي شخصية "التنين" المستمد من أسطورة قديمة، تكون فيها الغلبة للتنين على الصياد، بعد مطاردة طويلة وصعبة، في إشارة إلى تجربته الشخصية مع الاحتلال.

وفي أطروحة الماجستير، تطرق زكريا إلى رحلة هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وربطها بالواقع الفلسطيني.

وفي هذا الشأن، يقول صديقه جمال حويل، "زكريا كأنه خطط للهرب من السجن قبل دخوله، عبر وصف رحلة الهجرة النبوية بواقع الحال الفلسطيني للخروج من مأزقه".

وعن عدم قدرة زكريا على إتمام رسالة الماجستير، يقول حويل "اليوم استطاع زكريا أن ينهي رسالته، بتجربة عملية (من خلال فراره من السجن)، حتى تكون رسالة للأجيال القادمة".

ويسترجع حويل ذكرياته مع الزبيدي، وخاصة في معركة جنين 2002، حيث يقول "نفدت الذخيرة معنا، قلت وقتها لزكريا انتهت اللعبة، قال لي لم تنتهِ، نحن من يكتب لها النهاية، رفض الاستسلام، واختبأ بين الركام حتى انسحاب الجيش الإسرائيلي، ونجا".​​​​​​​

وبعد سنوات من الأسر والمطاردة، يعود الزبيدي إلى جنين حراً ، ليجد المخيم كما عهده: يقاوم ولا ينحني.

مقالات مشابهة

  • إيران تؤكد مواصلة تقديم الدعم للمقاومة حتى تحرير فلسطين بالكامل
  • زكريا الزبيدي حرا.. التنين الفلسطيني الذي هزم الصياد
  • “السلاح الإسرائيلي” الذي أظهرته القسام أثناء تسليمها رهينة بجباليا..!
  • إهانة جديدة لإسرائيل.. تعرف على السلاح الذي أظهرته القسام أثناء تسليمها أسيرة بجباليا؟
  • ما السلاح الإسرائيلي الذي أظهرته القسام أثناء تسليمها أسيرة بجباليا؟
  • سياسي أنصار الله: اليمن سيظل داعماً للمقاومة وحقوق الشعب الفلسطيني
  • الاحتلال الإسرائيلي يقصف محيط دوار السينما في جنين
  • الخارجية الفلسطينية جرائم الهدم في الضفة نسخة متدحرجة من صورة الدمار الذي ارتكبه العدو في قطاع غزة
  • عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة محاكاة ليوم تحرير فلسطين العظيم الذي نراه قريبًا
  • إبراهيم عيسى: حماس سحقت غزة وجلبت الدمار للمقاومة الفلسطينية