صدى البلد:
2025-03-03@10:23:21 GMT

علامات حب الله لعبده .. 9 بشارات تؤكد رضا الخالق عنك

تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT

يتساءل كثير عن علامات حب الله للعبد وهي الإشارات والأَمارات التي يعلم منها العبدُ أن الله تعالى يحبه ويقبل من العبادة التي يؤديها، وحدد علماء بعض علامات حب الله للعبد وسنذكر منها البعض في هذا التقرير.

 

علامات حب الله للعبد 

قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن أحد السادة الذين كان لهم جارية، كانت مؤمنة بالله وتحرص على الصيام والصلاة، لافتا إلى أن هذا السيد لاحظ أن هذه الجارية تحرص على قيام الليل دائمًا، والدعاء في آخر ساعة من الليل.

 

وأوضح عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على فضائية "dmc"، اليوم الأربعاء، أن هذه الجارية كانت تسأل الله في الدعاء، وتقول: "اللهم إني أسألك بحبك لي أن تغفر لي وترحمني وتعفو عني، وهذا السيد اعترض على الدعاء، وقال لها أن تسأل الله بحبي لك لا بحبك لي، وهذا نقض موضوعي، لأنه كيف تعلمين أن الله سبحانه وتعالى يحبك".

 

وتابع: "وردت الجارية بلطف عجيب، قائلة أعلم أنه يحبني لا كما ذكرت سيدي، لأن حب الله لي أقامني وأنامك، ولولا حبه لي ما أقامني لقيام الليل، ويسر لي محبته، والاقتراب إليه".

 

 

يبحث كثير عن علامات رضا الله عن العبد ، وكل إنسان من يتمنى أن يرضى الله تعالى عنه، ويسعى كل عبد مؤمن بالله - سبحانه- إلى أن يرضى الله عنه ويُحبّه، فيكون سعيدًا ومُطمئنًّا ومرتاح البال في حياته، وينال الخير كلّه في آخرته، ويكون نيل رضا الله -تعالى- باتّباع أوامره والابتعاد عمّا نهى عنه، والتقرّب له بالدعاء والعبادات، واللجوء إليه في كل تفاصيل الحياة المختلفة، واستشعار وجوده في كل خطوة يخطوها المسلم.

علامات رضا الله عن العبد .. 9 بشارات إذا امتلكت إحداها فأنت في نعيم علامات حب الله للعبد.. 6 أمور تجعلك ممن يحبهم ويحبونه اللهم انصر إخواننا في فلسطين.. دعاء من الشيخ خالد الجندي لأهل غزة.. فيديو دعاء اليأس من الحياة.. كلمات نبوية تطيب خاطرك وتفرج همك دعاء لطرد النكد من المنزل وسداد الديون .. أدركه بـ 10 كلمات دعاء واحد يعينك على أداء صلاة الفجر كل يوم دعاء لأبي وأمي بالشفاء وطول العمر علامات تدل على رضا الله عنك 

 

 هناك 9 علامات تدل على رضا الله عن العبد إذا وجدها الإنسان عليه أن يحمد الله عليها.

أن أولى هذه العلامات هي الابتلاء،  فمصيبة العبد ليست دائمًا تكون غضبًا من الله، كما في حديث رسول الله –عليه أفضل الصلاة والسلام-: « إذَا أَحَبَّ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدًا صَبَّ عَلَيْهِ الْبَلاءَ صَبًّا، وَسَحَبَهُ عَلَيْهِ سَحْبًا، فَإِذَا دَعَا قَالَتِ الْمَلائِكَةُ: صَوْتٌ مَعْرُوفٌ، وَقَالَ جَبْرَائِيلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: يَا رَبِّ عَبْدُكَ فُلانٌ، اقْضِ لَهُ حَاجَتَهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: دَعُوا عَبْدِي، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَهُ».

 

ثانيًا محبة الناس، كما في  حديث أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه. فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، ثم توضع له البغضاء في الأرض.
 

 

ثالثًا: التوفيق للطاعة، كما قال بعض العارفين بالله: « إذا أردت أن تعرف عند الله مقامك فانظر فيماأقامك».

رابعًا: أن يفرح العبد إذا ذكر الله كما قال تعالى: « الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)»الرعد.

 خامسًا: حسن الخاتمة، كما قال رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عز وجل بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ» قِيلَ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: «يَفْتَحُ اللَّهُ عز وجل لَهُ عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ» (مسند الإمام أحمد، حديث رقم: 17438.

 

سادساً- توفيق العبد إلى الزيادة في فعل الخير. 

سابعاً- توفيق العبد إلى التوبة. 

ثامناً- حفظه لعبده في جوارحه وتوفيقه لكل خير؛ فلا يسمع إلا ما يرضي الله، ولا ينظر إلا لما يرضي الله، ولا يمشي إلا لما يرضي الله عنه.

تاسعاً- يجعل مَحبّة العبد في قلوب الناس، ويكسبه رضا الخلق عنه.


كيف تنال رضا الله 

 

يتوجّب على كل من أراد رضا الله وسعى إليه أن يحرص على القيام بالأعمال التي يُحبّها الله ويرضاها، ويبتعد عن سخطه، فيؤمن بالله عزّ وجلّ، ويتعلّم ما أراد الله سبحانه منه، ويمتثل أوامره ويجتنب نواهيه، وأن يُخلص في عبادته مُتّبعًا لسنة رسوله - محمد عليه الصّلاة والسّلام- ، فقد جاءت نصوص القرآن الكريم ونصوص السُنّة النبويّة مُبيّنةً ما يُحب الله من عباده أن يفعلوه، وما يحب تركه، وممّا ورد حتى ينال رضاالله  - سبحانه- ما يأتي:

 

1- الله سبحانه يرضى عن المؤمنين الشاكرين الذين يُوالون فيه سبحانه ويعادون فيه، كما جاء في قوله -عزّ وجلّ- : « لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».

 

2- يحب الله تعالى من عباده التوّابين الذين إذا أذنبوا أي ذنب عادوا إلى الله واستغفروه وتابوا إليه، والمتطهرين الذين هم دائمًا على طهارة، فقد قال الله -سبحانه-: « إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ».

 

3- المُتّقين المُتَّصفين بالتقوى، والمُحسنين؛ قال الله - تعالى-: «إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»، والمُقسطين، والمُتوكّلين، والصابرين، والذين يتّبعون الرسول -عليه الصّلاة والسّلام-.

 

4- ذكر الله سبحانه في القرآن الكريم الصفات التي يكرهها؛ فهو سبحانه لا يحب الكافرين، والمُعتَدين، والظالمين، والمُفسِدين، والمُتكبّرين، والخائنين، والمُسرفين، ولا يحب من كان مُختالًا فخورًا، ولا خوّانًا أثيمًا. 

 

-أما في السُنّة النبويّة فقد كثر في الأحاديث النبوية بيان لبعض الأعمال التي يُحبّها الله عزّ وجلّ ويرضاها، والأعمال التي يبغضها الله سبحانه، ومن هذه الأحاديث :

 

5- ما رواه الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص أنه كان في إبلِه (فجاءه ابنُه عمرُ، فلما رآه سعدٌ قال: أعوذ باللهِ من شرِّ هذا الراكبِ، فنزل، فقال له: أَنَزلتَ في إبلِك وغنمِك وتركت الناسَ يتنازعون المُلكَ بينهم؟ فضرب سعدٌ في صدرِه، فقال: اسكتْ! سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول: (إنَّ اللهَ يحبُّ العبدَ التَّقيَّ، الغنيَّ، الخفيَّ))؛ ففي هذا الحديث بيان أنّ الله سبحانه وتعالى يحبّ من عباده العبد الذي يتّصف بالتّقوى والذي لديه مال ينفقه في الخفاء. 

 

6- من الأحاديث أيضًا التي تُبيّن ما يُحبّه الله سبحانه من عباده المؤمنين، عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه- قال: « سأَلْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمعليه الصّلاة والسّلاة: أيُّ الأعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قال: أنْ تموتَ ولسانُكَ رَطْبٌ مِن ذِكْرِ اللهِ»؛ ففي هذا الحديث بيان أنّ من الأعمال التي يُحبّها الله سبحانه ويرضاها من عباده الإكثار من ذكره عزّ وجلّ.

 

7- ممّا يُحبّه الله عزّ وجلّ أيضًا أن يكون العبد سمحًا في البيع، وسمحًا في الشراء، وسمحًا في القضاء. في الحديث النبوي قال النبيّ- عليه الصّلاة والسّلام-: « إنَّ اللهَ يرضَى لكم ثلاثا ويكرهُ لكُم ثلاثًا؛ فيرضَى لكُم أن تعبدوهُ ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصِموا بحبلِ اللهِ جميعًا ولا تفرّقوا. ويكرهُ لكم قيلَ وقالَ، وكثرةَ السؤالِ، وإِضاعةَ المالِ، وفي رواية: مثله. غيرَ أنهُ قال: ويسخطُ لكم ثلاثًا ولم يذكر: ولا تفرّقوا»؛ ففي هذا الحديث بيان لما يرضى الله من عباده، وهي ثلاثة أمور ذكرها الحديث؛ عبادة الله وحده لا شريك له، والاعتصام بحبل الله، وألا يتفرّق المؤمنون، ويكره الله سبحانه ثلاثة أمور؛ القيل والقال أي الكلام بما لا يفيد، وكثرة الاسئلة التي لا داعي لها، وإضاعة المال و إسرافه. 

 

8- ممّا يُحبّه الله سبحانه ويرضى من عباده إدخال السرور على قلب مسلم، أو كشف البلاء عن مسلم، أو قضاء دين عن مؤمن. 

 

9- الابتعاد عمّا يغضب الله والابتعاد عن المعاصي التي حرّمها الله؛ فالله سبحانه لم يمنع عن عبد شيء إلا كان فيه خير، وما أمر بشيء إلا كان فيه خير.

 

10- المُحافظة على أركان الإسلام؛ وهي شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمد رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان. 

 

11- السعي لنيل رضا الوالدين؛ فرضا الوالدين من رضا الله سبحانه. عدم إيذاء الناس، وشتم الأخرين، والغيبة والنميمة. 

 

12- الإكثار من قول الحمد لله في السرّاء والضرّاء وعند المصائب؛ فالله عندما يبتلي إنسان فهو يُحبّه، ويُحبّ أن يسمع دعائه دائمًا، وبقدر ما يصبر العبد ويحمد ربّه فإن الله سوف يُفرجها عليه ويرزقه من حيث لا يحتسب. 

 

13- المُحافظة على الصّلاة، وقرآءة القرآن، والصّيام، وقيام اللّيل، والدعاء. 

 

كيف تعلم أن الله راضي عنك

 

قال الشيخ عبدالله العجمي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، إن من علامات رضا الله تعالى عن العبد، أن يوفقه لطاعته، مشيرًا إلى أن نبي الله موسى عندما طلب الدعاء من نبي الله الخضر قال له: يسر الله لك طاعته، ودعاء النبي-صلى الله عليه وسلم- بعد كل صلاة: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».

 

وأضاف العجمي في فيديو البث المباشر لدار الإفتاء على صفحتها الرسمية على فيسبوك، ردًا على سؤال: ما هي علامات رضا الله عن العبد؟ أن من هذه العلامات أن تلومه نفسه على فعل المعصية وتعزم على عدم العودة إلى ارتكابها، مضيفًا ثالثًا: الصحبة الصالحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل» رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح.

 

وتابع رابعًا: الزوجة والذرية الصالحين؛ لقول النبي : «ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله».

 

وأكمل خامسًا: أن يرزقه عملا شريفًا يأخذ منه مالًا حلالًا، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لئن يذهب أحدكم بأحبله إلى الجبل فيحتطب ويبيع خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه».

واستطرد سادسًا: من علامات رضا الله عن العبد  أن يوفقه الله للكلم الطيب والقول الحق، لافتًا إلى قوله تعالى: « ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)»الأحزاب.

واختتم أمين لجنة الفتوى سابعًا: الدّعاء، فيسألُ العبدُ ربَّه رضاه، كما يسألُه الجنَّة، فيقول: أسألكَ رضاكَ والجنَّة.

 

 

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علامات حب الله للعبد علامات حب الله علامات رضا الله صلى الله علیه وسلم الله سبحانه الله تعالى من عباده إن الله ه الله فی هذا التی ی دائم ا

إقرأ أيضاً:

المفتي قبلان في رسالة رمضان: بلدنا اليوم أمام فرصة اجتماع وطني وتضامن سياسي

وجه  المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان ، رسالة شهر رمضان المبارك من على منبر مسجد الإمام الحسين – برج البراجنة، استهلها بالقول:"هي اللحظة المباركة من طوفان الرحمة الإلهية، التي قرنها الله سبحانه وتعالى بشهره الفريد، وبقرآنه المجيد، وصومه الحميد؛ لذا قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).

أضاف :" أيها الاخوة المؤمنون ، ها هو الموعد الذي تخيره الله تعالى لأعظم ضيافته، وسمّاه شهر البركة والرحمة والمغفرة، مؤكّداً على لسان نبيّه الأعظم محمد(ص) أنه أفضل الشهور، وأن أيامه أفضل الأيام، وأن ساعاته أفضل الساعات، وأن الصيام فيه قربان، وأن التقى فيه زاد القيامة، وأن اللحظة لإخلاص النيّة وتأكيد الانتماء إلى الله سبحانه وتعالى، وقد قرنه بقرآنه الكريم وفرقانه العظيم ليصدع على الخليقة بأعظم بيان، وأشرف برهان؛ والبشارة فيه محمد(ص)، والباب فيه آل محمد(عليهم سلام الله).

ولأن شهر رمضان هو شهر الحق والحقيقة، والخالق والخليقة، فقد عرّفه الله سبحانه وتعالى بشهر الهوية والانتماء، والإنابة والطاعة، ثم ليقرّر علينا أن أعظم ما في هذا الشهر تأكيد المربوبية التامّة لله سبحانه، وهذا يعني أن البشر خلق مخلوقون، وبشر مملوكون لله سبحانه وتعالى، وأنهم لا يملكون من أنفسهم إلا ما ملّكهم جلّ وعلا.

وقد فضّل الله شهر رمضان بما له فيه، ثم خصّ منه ليلة القدر، بما فيها من تقدير وتدبير، فلمّا خلص للكمال فيه ختم قلم الحقائق كلِّها، ثم خصّ إرادته الكبرى بكتاب القدر، ليكون آية الله المرقومة بين يديّ نبيّه محمد وآله الطيبين الطاهرين(عليهم جميعاً سلام الله).

وتحت هذا المعنى من حقيقة الانتماء لله والطاعة، وتلبية دعوته الكريمة، فإن شهر رمضان شهر طهارة الروح وصفاء القلب، والإخلاص لله في ميادين الحياة كافة".

وتابع قبلان :"وهو في واقع حياتنا الاجتماعية هو شهر الخروج من وثنية الدنيا وفسادها وباطلها وأدرانها ونفاق واقعها، وجبروت جبّاريها، بما في ذلك إدانة الدور والجهود المرتبطة بالفساد والاضطهاد والاستبداد والطغيان الفكري والثقافي والاجتماعي وغيره.

والعين أيها الإخوة المؤمنون في هذا الشهر الكريم على تأكيد القيمة الروحية والأخلاقية للإنسان. ولذلك فإن هذا الشهر يعيد تعريف العبد بربّه، والإنسان بالإنسان، والخير بالخير، والسلطة بالعدالة، والرحمة بالضعيف، والعون لخلق الله تعالى، والإنسان بشراكة أخيه الإنسان، والتعددية البشرية بوحدتها النوعية، وما يلزم من رحمة ورأفة ولطف ونخوة ومودّة واستقامة وتضامن وتكافل في سبيل بناء سلطة الخير والمبادئ الأخلاقية. وأول ما لله في شهر رمضان هو تأكيده للحق، والنضال من أجله، بعيداً عن ألوان اللغة والطائفة والهوية السياسية والطبقة الاجتماعية".

واستطرد المفتي قبلان : "ولا شيء أسوأ وأكثر خطورة وأكبر اتساعاً في هذه الأرض من الظلم والفساد، ولقد بعث الله نبيّه الأعظم محمد(ص) بالعدل، ثم جمع مقاليد الحق كلَّها لتكون ميزان الله بيد نبيّه الأعظم وآله الأطهار(عليهم السلام).

أيها الإخوة المؤمنون، على أبواب شهر الله الأعظم، لا بد أن نتذكّر أن الإنسان ومنذ اليوم الأول يخوض غمار الخصومة والعداوة والفساد لأسباب ظالمة، والتجربة البشرية أكثرها إجراماً وضلالة وظلماً وجنوناً ووحشية، بحيث أن نتاج الثورة العلمية والتقنية تمّ توظيفه بوسائط القوة العسكرية والاقتصادية والمالية وغيرها لنهب الطرف الآخر واستغلاله وسحقه واستنزافه، وما جرى في غزّة ولبنان وما يجري في أسواق العالم وكياناتها ومنها إفريقيا لهو خير دليل على ذلك".

وقال :"واليوم الأمم بخلفياتها السياسية والتاريخية تعيش أسوأ مظاهر الخصومة والصراع والأنانية والوحشية بمختلف أنواعها ووسائلها. ولا خير فوق خير الآخرة، ولا شرف فوق شرف الانتماء لله بنبيّه الأعظم وآله الأطهار.

وهنا يلفت إسلامنا إلى أن الدين بطبيعته سبب لخير الإنسانية ومحبّتها ورأفتها وتضامنها وتعاونها وتصالحها، وأن الأنبياء هم رسل سلام وأمان وضمانة حق وعدل وخير ومعارف تتفق مع خلق الإنسان وطبيعة أهداف الله فيه، وهو عين ما يريده الله سبحانه وتعالى بهذا البلد. فالإسلام - كما المسيحية - يؤكّد قداسة الإنسان ويدعو إلى النبل والرحمة والمودة والاستقامة والنزاهة، وما يلزم لتأمين حاجات الإنسان المادية والمعنوية، ويشترط على السلطة قيامَها بما يخدم الإنسان، ويمنع الظلم، ويمنع الفساد بل يمنع مظاهر اللصوصية الفردية والعامة كافّة، كما يدين الاحتكار السياسي وكارتيلات المال والأسواق والإعلام وأسباب الارتزاق المحرّم، ويتشدّد بحقوق الطبقات الضعيفة بل لا يقبل بوجود طبقة فقيرة، ولذلك كان النبي(ص) يدين الفقر ويردّه إلى السلطة، ويؤكّد على ضرورة نزعه من بنية الشعب والناس، ويؤكّد على الشراكة النهائية بين الخلق في ما خص حقوقهم الضرورية، فالمعيار في عالم الأديان والضمير تأمين الإنسان وما يلزم للعدالة الاجتماعية والأخلاقية والمعيشية بما في ذلك ميزان السلطة كضامن للعدالة الوجودية والأخلاقية".

واردف : أيها الإخوة المؤمنون، بمنطق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) الحاكم العادل - ببعد النظر عن دينه وملّته - هو خير من المسلم الظالم، فلا صيام لظالم، ولا فاسد، ولا مستبد، أو محتكر أو قائم بفتنة، أو قائم بأحقاد أو ساعٍ بقطيعة أو مذلّ بباطل، أو دافع بطغيان، أو مصرّ على ضلالة، أو ناعق بإجرام أو تابع لفاسد وطاغية أو مبتز ومنتفع وسمسار ومرتزق بمصالح الخلق.

والقضية عند الله سبحانه في شهر الله هو الإنسان، فلا قيمة للدين الذي لا يتقرب إلى الله بخدمة الإنسان. وقد قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، ومن التقوى محبة الإنسان وخدمة الأوطان واحترام الأديان والسعي بحاجات الخلق، بما في ذلك أمنها وأمانها وسيادتها وقرارها وأسواقها ومواردها وعدالتها الاجتماعية ووحدتها الوطنية والأخلاقية. وكل هذا يفترض بناء التقوى بصميم الإنسان، وبصميم السلطة والأسواق والبرامج الاجتماعية والأخلاقية والقضائية، كأساس عملي لحقيقة العبودية لله والانتماء لأعظم خلق الله محمد وآله الأطهار(صلوت الله عليهم أجمعين)".

وتوجه المفتي قبلان الى اللبنانيين :" إن بلدنا اليوم أمام فرصة اجتماع وطني وتضامن سياسي، وخاصة بعد نيل الحكومة الثقة على بيانها الوزاري. إن المطلوب من الحكومة أبوّة وطنية ولم شمل القوى والشرائح الاجتماعية، ومؤسساتنا الدينية قبل غيرها مطالبة بتوثيق شراكتها الأخلاقية والوطنية، والضغط في اتجاه تعزيز العدالة والقيم التي تضمن العائلة اللبنانية، فلا قيمة للبنان بلا وحدته الوطنية، ولا قيمة للبنان بلا سلمه الأهلي، ولا قيمة للبنان بلا شرفه الأخلاقي وتضامنه الشامل."

أضاف :"إن الواقع الاجتماعي والاقتصادي للبلد دخل مرحلة الكارثة، ولا بد من خطوة حكومية كبيرة في هذا المجال، كذلك الأمن والودائع والاقتصاد والرعاية الاجتماعية وحماية الأسواق والمواطن، يجب أن يكون كل ذلك في رأس الأولويات بالعمل الحكومي.

وبلدنا اليوم لا يمكن أن يقوم إلا بالتضامن والتعاون، وفهم واقع المراحل وحيثيته الوطنية، بعيداً عن خرائط اللعبة الدولية. وحسن النوايا ضرورة للتلاقي والنهوض بالبلد. والحكومة مطالبة بتأكيد سيادتها الشعبية والاقتصادية والنقدية والوطنية، فلبنان بلد مستهدف بالسياسات الدولية والإقليمية. لذا المطلوب من الحكومة أن تفهم هذه الحقيقة، وأن تبني مشروعها السياسي والسيادي وفق الحاجات الضرورية للسيادة، بعيداً عن خرائط الخراب الدولي".

وقال :"إن الدول الإسلامية والعربية مطالبة اليوم بموقف تاريخي تجاه لبنان وغزّة وسوريا؛ وإدانة إسرائيل على الأقل هي ضرورة أخلاقية ودينية وإنسانية، والعرب عرب، والمسلمون مسلمون بمقدار موقفهم من القدس وفلسطين.

إن المنطقة اليوم تعيش على واقع فوضى دولية إقليمية، وأي شراكة ضامنة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران وتركيا ومصر والعراق وباكستان وغيرها ستشكّل أكبر درع آمن في وجه أسوأ مشاريع الخراب الأمريكي التي تطال صميم الشرق الأوسط."

وتابع :وفي شهر الله تعالى لا بد من توجيه الشكر لكل القوى الوطنية والأخلاقية في هذا البلد، بما في ذلك المؤسسات الإغاثية التي تعمل من أجل لبنان، بعيداً عن موجة الارتزاق. ولا بد في شهر الله تعالى من توجيه شكر خاص للمقاومة وشهدائها وقادتها ومجاهديها وللجيش اللبناني والشعب اللبناني على تضحياتهم التاريخية في سبيل هذا البلد، وفي سبيل حفظ مشروعه الوطني".

وفي ختام رسالته توجه المفت قبلان اتلى "الإخوة المسيحيين":" الدين محبة ووئام وتضامن وتعاون بين خلق الله ورعيته، ونحن وأنتم خلق الله، ونحن وأنتم عائلة كريمة، ولا نرضى للمسيحية إلا ما يرضى السيد المسيح لها، والكنيسة توأم المسجد، ومحاريب الصلاة تحمل إنابتنا جميعاً، والحق مطاف الله، وهذه أكبر مطالب الله بخلقه وناسه، وسط بلد مطوّق منذ نشأته بأخطر الفتن والأزمات".

وختم :"جعلنا الله من أهل ضيافة شهره، ومن أهل صيامه وقيامه".

مقالات مشابهة

  • “فليصمه”
  • بالفيديو.. عصام الروبي: صلاح البال منحة ربانية للمؤمنين الصادقين
  • البطريرك الراعي: الصلاة في زمن الصوم بمثابة "رفع العقل والقلب إلى الله"
  • افتقدناك في هذا الشهر الكريم أخانا وشيخنا وابننا ووالدنا يوسف فضل الله
  • أنواع الرؤى والأحلام والفرق بينهما.. تعرف على علامات كل منهما وأيهما أصح
  • كيف نستقبل رمضان؟ 10 نصائح تجعلك تفوز بالشهر الكريم لا تفوّتها
  • «المفتي» يحذر من 3 عادات سيئة في شهر رمضان.. فيديو
  • بالفيديو.. المفتي يحذر من 3 عادات سيئة في شهر رمضان
  • احذروا ثلاث| مفتى الجمهورية: الصيام سر بين العبد وربه
  • المفتي قبلان في رسالة رمضان: بلدنا اليوم أمام فرصة اجتماع وطني وتضامن سياسي