علامات حب الله لعبده .. 9 بشارات تؤكد رضا الخالق عنك
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
يتساءل كثير عن علامات حب الله للعبد وهي الإشارات والأَمارات التي يعلم منها العبدُ أن الله تعالى يحبه ويقبل من العبادة التي يؤديها، وحدد علماء بعض علامات حب الله للعبد وسنذكر منها البعض في هذا التقرير.
علامات حب الله للعبد
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن أحد السادة الذين كان لهم جارية، كانت مؤمنة بالله وتحرص على الصيام والصلاة، لافتا إلى أن هذا السيد لاحظ أن هذه الجارية تحرص على قيام الليل دائمًا، والدعاء في آخر ساعة من الليل.
وأوضح عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على فضائية "dmc"، اليوم الأربعاء، أن هذه الجارية كانت تسأل الله في الدعاء، وتقول: "اللهم إني أسألك بحبك لي أن تغفر لي وترحمني وتعفو عني، وهذا السيد اعترض على الدعاء، وقال لها أن تسأل الله بحبي لك لا بحبك لي، وهذا نقض موضوعي، لأنه كيف تعلمين أن الله سبحانه وتعالى يحبك".
وتابع: "وردت الجارية بلطف عجيب، قائلة أعلم أنه يحبني لا كما ذكرت سيدي، لأن حب الله لي أقامني وأنامك، ولولا حبه لي ما أقامني لقيام الليل، ويسر لي محبته، والاقتراب إليه".
يبحث كثير عن علامات رضا الله عن العبد ، وكل إنسان من يتمنى أن يرضى الله تعالى عنه، ويسعى كل عبد مؤمن بالله - سبحانه- إلى أن يرضى الله عنه ويُحبّه، فيكون سعيدًا ومُطمئنًّا ومرتاح البال في حياته، وينال الخير كلّه في آخرته، ويكون نيل رضا الله -تعالى- باتّباع أوامره والابتعاد عمّا نهى عنه، والتقرّب له بالدعاء والعبادات، واللجوء إليه في كل تفاصيل الحياة المختلفة، واستشعار وجوده في كل خطوة يخطوها المسلم.
علامات رضا الله عن العبد .. 9 بشارات إذا امتلكت إحداها فأنت في نعيم علامات حب الله للعبد.. 6 أمور تجعلك ممن يحبهم ويحبونه اللهم انصر إخواننا في فلسطين.. دعاء من الشيخ خالد الجندي لأهل غزة.. فيديو دعاء اليأس من الحياة.. كلمات نبوية تطيب خاطرك وتفرج همك دعاء لطرد النكد من المنزل وسداد الديون .. أدركه بـ 10 كلمات دعاء واحد يعينك على أداء صلاة الفجر كل يوم دعاء لأبي وأمي بالشفاء وطول العمر علامات تدل على رضا الله عنك
هناك 9 علامات تدل على رضا الله عن العبد إذا وجدها الإنسان عليه أن يحمد الله عليها.
أن أولى هذه العلامات هي الابتلاء، فمصيبة العبد ليست دائمًا تكون غضبًا من الله، كما في حديث رسول الله –عليه أفضل الصلاة والسلام-: « إذَا أَحَبَّ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدًا صَبَّ عَلَيْهِ الْبَلاءَ صَبًّا، وَسَحَبَهُ عَلَيْهِ سَحْبًا، فَإِذَا دَعَا قَالَتِ الْمَلائِكَةُ: صَوْتٌ مَعْرُوفٌ، وَقَالَ جَبْرَائِيلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: يَا رَبِّ عَبْدُكَ فُلانٌ، اقْضِ لَهُ حَاجَتَهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: دَعُوا عَبْدِي، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَهُ».
ثانيًا محبة الناس، كما في حديث أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه. فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، ثم توضع له البغضاء في الأرض.
ثالثًا: التوفيق للطاعة، كما قال بعض العارفين بالله: « إذا أردت أن تعرف عند الله مقامك فانظر فيماأقامك».
رابعًا: أن يفرح العبد إذا ذكر الله كما قال تعالى: « الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)»الرعد.
خامسًا: حسن الخاتمة، كما قال رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عز وجل بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ» قِيلَ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: «يَفْتَحُ اللَّهُ عز وجل لَهُ عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ» (مسند الإمام أحمد، حديث رقم: 17438.
سادساً- توفيق العبد إلى الزيادة في فعل الخير.
سابعاً- توفيق العبد إلى التوبة.
ثامناً- حفظه لعبده في جوارحه وتوفيقه لكل خير؛ فلا يسمع إلا ما يرضي الله، ولا ينظر إلا لما يرضي الله، ولا يمشي إلا لما يرضي الله عنه.
تاسعاً- يجعل مَحبّة العبد في قلوب الناس، ويكسبه رضا الخلق عنه.
كيف تنال رضا الله
يتوجّب على كل من أراد رضا الله وسعى إليه أن يحرص على القيام بالأعمال التي يُحبّها الله ويرضاها، ويبتعد عن سخطه، فيؤمن بالله عزّ وجلّ، ويتعلّم ما أراد الله سبحانه منه، ويمتثل أوامره ويجتنب نواهيه، وأن يُخلص في عبادته مُتّبعًا لسنة رسوله - محمد عليه الصّلاة والسّلام- ، فقد جاءت نصوص القرآن الكريم ونصوص السُنّة النبويّة مُبيّنةً ما يُحب الله من عباده أن يفعلوه، وما يحب تركه، وممّا ورد حتى ينال رضاالله - سبحانه- ما يأتي:
1- الله سبحانه يرضى عن المؤمنين الشاكرين الذين يُوالون فيه سبحانه ويعادون فيه، كما جاء في قوله -عزّ وجلّ- : « لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
2- يحب الله تعالى من عباده التوّابين الذين إذا أذنبوا أي ذنب عادوا إلى الله واستغفروه وتابوا إليه، والمتطهرين الذين هم دائمًا على طهارة، فقد قال الله -سبحانه-: « إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ».
3- المُتّقين المُتَّصفين بالتقوى، والمُحسنين؛ قال الله - تعالى-: «إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»، والمُقسطين، والمُتوكّلين، والصابرين، والذين يتّبعون الرسول -عليه الصّلاة والسّلام-.
4- ذكر الله سبحانه في القرآن الكريم الصفات التي يكرهها؛ فهو سبحانه لا يحب الكافرين، والمُعتَدين، والظالمين، والمُفسِدين، والمُتكبّرين، والخائنين، والمُسرفين، ولا يحب من كان مُختالًا فخورًا، ولا خوّانًا أثيمًا.
-أما في السُنّة النبويّة فقد كثر في الأحاديث النبوية بيان لبعض الأعمال التي يُحبّها الله عزّ وجلّ ويرضاها، والأعمال التي يبغضها الله سبحانه، ومن هذه الأحاديث :
5- ما رواه الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص أنه كان في إبلِه (فجاءه ابنُه عمرُ، فلما رآه سعدٌ قال: أعوذ باللهِ من شرِّ هذا الراكبِ، فنزل، فقال له: أَنَزلتَ في إبلِك وغنمِك وتركت الناسَ يتنازعون المُلكَ بينهم؟ فضرب سعدٌ في صدرِه، فقال: اسكتْ! سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول: (إنَّ اللهَ يحبُّ العبدَ التَّقيَّ، الغنيَّ، الخفيَّ))؛ ففي هذا الحديث بيان أنّ الله سبحانه وتعالى يحبّ من عباده العبد الذي يتّصف بالتّقوى والذي لديه مال ينفقه في الخفاء.
6- من الأحاديث أيضًا التي تُبيّن ما يُحبّه الله سبحانه من عباده المؤمنين، عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه- قال: « سأَلْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمعليه الصّلاة والسّلاة: أيُّ الأعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قال: أنْ تموتَ ولسانُكَ رَطْبٌ مِن ذِكْرِ اللهِ»؛ ففي هذا الحديث بيان أنّ من الأعمال التي يُحبّها الله سبحانه ويرضاها من عباده الإكثار من ذكره عزّ وجلّ.
7- ممّا يُحبّه الله عزّ وجلّ أيضًا أن يكون العبد سمحًا في البيع، وسمحًا في الشراء، وسمحًا في القضاء. في الحديث النبوي قال النبيّ- عليه الصّلاة والسّلام-: « إنَّ اللهَ يرضَى لكم ثلاثا ويكرهُ لكُم ثلاثًا؛ فيرضَى لكُم أن تعبدوهُ ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصِموا بحبلِ اللهِ جميعًا ولا تفرّقوا. ويكرهُ لكم قيلَ وقالَ، وكثرةَ السؤالِ، وإِضاعةَ المالِ، وفي رواية: مثله. غيرَ أنهُ قال: ويسخطُ لكم ثلاثًا ولم يذكر: ولا تفرّقوا»؛ ففي هذا الحديث بيان لما يرضى الله من عباده، وهي ثلاثة أمور ذكرها الحديث؛ عبادة الله وحده لا شريك له، والاعتصام بحبل الله، وألا يتفرّق المؤمنون، ويكره الله سبحانه ثلاثة أمور؛ القيل والقال أي الكلام بما لا يفيد، وكثرة الاسئلة التي لا داعي لها، وإضاعة المال و إسرافه.
8- ممّا يُحبّه الله سبحانه ويرضى من عباده إدخال السرور على قلب مسلم، أو كشف البلاء عن مسلم، أو قضاء دين عن مؤمن.
9- الابتعاد عمّا يغضب الله والابتعاد عن المعاصي التي حرّمها الله؛ فالله سبحانه لم يمنع عن عبد شيء إلا كان فيه خير، وما أمر بشيء إلا كان فيه خير.
10- المُحافظة على أركان الإسلام؛ وهي شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمد رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان.
11- السعي لنيل رضا الوالدين؛ فرضا الوالدين من رضا الله سبحانه. عدم إيذاء الناس، وشتم الأخرين، والغيبة والنميمة.
12- الإكثار من قول الحمد لله في السرّاء والضرّاء وعند المصائب؛ فالله عندما يبتلي إنسان فهو يُحبّه، ويُحبّ أن يسمع دعائه دائمًا، وبقدر ما يصبر العبد ويحمد ربّه فإن الله سوف يُفرجها عليه ويرزقه من حيث لا يحتسب.
13- المُحافظة على الصّلاة، وقرآءة القرآن، والصّيام، وقيام اللّيل، والدعاء.
كيف تعلم أن الله راضي عنك
قال الشيخ عبدالله العجمي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، إن من علامات رضا الله تعالى عن العبد، أن يوفقه لطاعته، مشيرًا إلى أن نبي الله موسى عندما طلب الدعاء من نبي الله الخضر قال له: يسر الله لك طاعته، ودعاء النبي-صلى الله عليه وسلم- بعد كل صلاة: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».
وأضاف العجمي في فيديو البث المباشر لدار الإفتاء على صفحتها الرسمية على فيسبوك، ردًا على سؤال: ما هي علامات رضا الله عن العبد؟ أن من هذه العلامات أن تلومه نفسه على فعل المعصية وتعزم على عدم العودة إلى ارتكابها، مضيفًا ثالثًا: الصحبة الصالحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل» رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح.
وتابع رابعًا: الزوجة والذرية الصالحين؛ لقول النبي : «ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله».
وأكمل خامسًا: أن يرزقه عملا شريفًا يأخذ منه مالًا حلالًا، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لئن يذهب أحدكم بأحبله إلى الجبل فيحتطب ويبيع خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه».
واستطرد سادسًا: من علامات رضا الله عن العبد أن يوفقه الله للكلم الطيب والقول الحق، لافتًا إلى قوله تعالى: « ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)»الأحزاب.
واختتم أمين لجنة الفتوى سابعًا: الدّعاء، فيسألُ العبدُ ربَّه رضاه، كما يسألُه الجنَّة، فيقول: أسألكَ رضاكَ والجنَّة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علامات حب الله للعبد علامات حب الله علامات رضا الله صلى الله علیه وسلم الله سبحانه الله تعالى من عباده إن الله ه الله فی هذا التی ی دائم ا
إقرأ أيضاً:
الإفتاء تكشف عن سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
أوضحت دار الإفتاء المصرية، برئاسة الدكتور نظير عياد مفتي الديار، سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، موضحاً أنها أعطرَ سيرة عرفَتْها البشريةُ في تعاليم التسامح والنُّبْل والعفو؛ فقد منحه الله سبحانه وتعالى مِن كمالات القِيَم ومحاسن الشِّيَم ما لم يمنحه غيره من العالمين قبله ولا بعده، وجعله مثالًا للكمال البشري؛ في التعايش، والتسامح، والرحمة، واللين، واللطف، والعطف.
سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلمقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، وقال سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ» رواه الحاكم في "المستدرك".
ولم يكن خطابُه صلى الله عليه وآله وسلم موجهًا للمسلمين فقط، وإنَّما شَمِل كلَّ النَّاس في المدينة مسلمين وغير مسلمين، أهل الكتاب وغيرهم؛ بدليل أن راوي هذا الحديث هو سيدنا عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وكان وقتَها كبيرَ أحبارِ اليهود وعالمَهم الأول.
وعلى السماحة والتعايش واحترام الآخر تأسَّس المجتمعُ الإسلامي الأول؛ حيثُ أمر الشرع بإظهار البر والرحمة والعدل والإحسان في التعامل مع أهل الكتاب المخالفين في العقيدة؛ فقال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، فعاش اليهود في كنف الإسلام، يحترم المسلمون عاداتهم وأعرافهم.
واحترمت الشريعة الإسلامية الكتب السماوية السابقة، رغم ما نَعَتْه على أتباعها من تحريف الكلم عن مواضعه، وتكذيبهم للنبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فبعد غزوة خيبر كان في أثناء الغنائم صحائف متعدِّدة من التوراة، فجاءت يهود تطلبها، فأمر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بدفعها إليهم، كما ذكره الإمام الدياربكري في "تاريخ الخميس في أحوال أنْفَسِ نَفِيس صلى الله عليه وآله وسلم" (2/ 55، ط. دار صادر)، والشيخ نور الدين الحلبي في السيرة الحلبية "إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون" (3/ 62، ط. دار الكتب العلمية).
وأضافت الإفتاء قائلة: وهذه غاية ما تكون الإنسانية في احترام الشعور الديني للمخالف رغم عداوة يهود خيبر ونقضهم للعهود وخيانتهم للدولة؛ حيث كانوا قد حزبوا الأحزاب، وأثاروا بني قريظة على الغدر والخيانة، واتصلوا بالمنافقين وغطفان وأعراب البادية، ووصلت بهم الخيانة العظمى إلى محاولتهم الآثمة لاغتيال النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وتابعت: وبلغ من تسامح النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نهى المسلمين عن سب الأموات من المشركين بعد وفاتهم إكرامًا لأولادهم وجبرًا لخواطرهم؛ فعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: "لَمَّا كان يوم فتح مكة هرب عكرمة بن أبي جهل وكانت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام امرأةً عاقلةً أسلمت، ثم سألَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم الأمانَ لزوجها فأمرها بردِّه، فخرجت في طلبه وقالت له: جئتُك مِن عند أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس، وقد استأمنتُ لك فأمَّنَك، فرجع معها، فلما دنا من مكة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: «يَأْتِيَكُمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا، فَلَا تَسُبُّوا أَبَاهُ؛ فَإِنَّ سَبَّ الْمَيِّتِ يُؤْذِي الْحَيَّ وَلَا يَبْلُغُ الْمَيِّتَ» فلما بلغ باب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استبشر ووثب له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائمًا على رجليه فرحًا بقدومه" أخرجه الواقدي في "المغازي"، ومن طريقه الحاكم في "المستدرك".