إسرائيل لا تعرف سوى لغة القوة
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
سالم أحمد بخيت صفرار
أفاق العالم مذهولًا عندما شاهد الأحداث على القنوات الإخبارية وكأنها مشاهد لأفلام الأكشن إثر ما قامت به المقاومة الفلسطينية والاختراق الدقيق في المواقع العسكرية الإسرائيلية، وفي غضون وقت قليل تمكنت المقاومة من الدخول الى غلاف غزة واختراق جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل على حدود غزة، وفي وقت قياسي سقطت القواعد العسكرية ووقع أفرادها بين قتيل وأسير في مشهد لم نألفه منذ سنين طوال أدخل الى نفوسنا البهجة والسرور والثقة، وصار الأمر حدثا مفاجئا لإسرائيل وإهانة لغطرستها وغرورها فلم تتوقع إسرائيل ما حدث لها.
إن ما يبهر في عملية طوفان الأقصى يتمثل في دقة التخطيط والتي على ما يبدو أعد لها الإعداد الجيد وتدريب أفراد المقاومة التدريب الجيد، فعلى حين غرة أخذت المقاومة إسرائيل واستهدفت المناطق في غلاف غزة وتكشف الفشل الذي مني به الجيش الإسرائيلي من فشل استخباراتي وتخبط لدى أفراده الذين وقعوا بين قتيل وأسير في مشهد دراماتيكي لم نشهده في عالمنا العربي لسنوات طوال.
كانت المبادرة والهجوم والسيطرة هي للمقاومة وليست لإسرائيل والنجاح في إدارة المعركة والسيطرة عليها، فحتى اليوم لا تزال المقاومة سيدة الموقف وتسيطر على المناطق التي احتلتها ويتم الوصول إلى أفرادها ودعمهم لوجستيا والنجاح في نقل الأسرى، إن قادة وجنرالات إسرائيل تحت هول الصدمة إذ لم يستوعبوا المشاهد التي يرونها من أسر جنودهم ومشاهد الإذلال وهروب الجنود الأمر الذي عكس الصورة الحقيقية لجيش الاحتلال الذي يزعم أنه لا يقهر.
إن تفجر الأوضاع إلى الصدام تتحمل إسرائيل المسؤولية عنه نتيجة الاستفزازات الإسرائيلية المتكررة في دخول المقدسات الإسلامية والمسيحية لمرات عديدة في استفزاز صارخ وعنجهية، والاعتداءات المتكررة على الفلسطينيين والقتل بدم بارد، فإسرائيل لا تستجيب ولا تعرف سوى لغة القوة وهذا ما قامت به المقاومة، هناك تسارع في وتيرة الأحداث منذ بداية عملية طوفان الأقصى حيث هناك تمدد للتوتر في كل الأراضي الفلسطينية ووصل ذلك إلى جنوب لبنان وأدى إلى سقوط قتلى بين حزب الله وإسرائيل وإعطاب آليات عسكرية إسرائيلية.
الأمر الآخر وهو تحرك حاملة الطائرات الأمريكية "جيرالد فورد" ووصولها الى المنطقة وإصدار الأوامر الى حاملة الطائرات الأمريكية الأخرى "آيزنهاور" بالتوجه الى المنطقة، فهل يعني ذلك أن المنطقة مقبلة على حرب إقليمية كبيرة؟ أم هي لبعث رسائل إلى جهات أخرى مثل إيران وأذرعها وروسيا في حالة تقديم أي دعم للفلسطينيين في الحرب بأي طريقة وبات ذلك يهدد بقاء إسرائيل فإن أمريكا لن تترك حليفتها؟
المؤشرات توضح أن الأيام القادمة ستكون حُبلى بكثير من الأحداث نتيجة تسارع المتغيرات على الأرض.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إيران بحاجة إلى السلاح النووي
محمد محسن الجوهري
إن استخدام السلاح النووي جريمة كبرى لا يضاهيها جرمية، وما ارتكبه الأمريكيون في هيروسيما وناغازاكي عام 1945، لهو الإرهاب بذاته، وحتى اليوم لم يتفوق طرف آخر في إجرامه على الأمريكي وحلفائه، خاصة “إسرائيل”، ومادام هؤلاء يملكون السلاح النووي، ولا يبالون بأرواح الآلاف المؤلفة من المدنيين العزل، كما نرى في غزة منذ عام ونصف، فإن أي طرف آخر معادٍ لواشنطن مُطالب بأن يمتلك كل أنواع الأسلحة الفتاكة، وأوله القنبلة النووية، لأنها السبيل الوحيد لردع الإرهاب الصهيو-أمريكي الذي لا يحتكم لأي معايير دينية أو أخلاقية، كما لا يخضع لأي مواثيق دولية تجبره على احترام حقوق الإنسان، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس الأمن وغير ذلك من الأطراف الدولية التي أثبتت أنها لا تتحرك لحماية أحد إلا إذا كان تحركها يخدم الغرب الأبيض.
لقد أصبح واضحًا أن ما من مأساة إنسانية كبرى وقعت في هذا العصر إلا وكانت ثمرة لاختلال في موازين القوة. من هيروشيما التي تحولت إلى رماد في لحظة، إلى غزة التي تُقصف وتُحاصر أمام مرأى العالم دون رادع، يتأكد لنا أن الضعف هو الخطيئة التي لا تُغتفر، وأن الغرب الكافر لا يحترم إلا القوة، وعليه، فإن امتلاك وسائل الردع – مهما كانت طبيعتها – لم يعد خيارًا ترفيًّا، بل ضرورة وجودية، تفرضها طبيعة التهديدات، والوقائع على الأرض، وانكشاف حقيقة أن لا عدالة دولية دون قوة تحميها، ولا قانون يحترمه المعتدون إن لم يخشوا عواقبه.
فالدولة التي تُحرم من حق الردع تُترك مكشوفة أمام أطماع الخارج، كما حدث في فلسطين المحتلة منذ 1917، فسلاح القانون وحده لا يرد الصواريخ، ولا يعيد من قضوا تحت الأنقاض. أما الدولة التي تمتلك قوة تمنع العدوان، فإنها لا تحمي نفسها فحسب، بل تكرّس معادلة جديدة تفرض على الآخر التفكير مليًّا قبل أن يكرر مشاهد الدم والنار.
إن من حق كل أمة أن تقرر بنفسها أدوات حمايتها، وألا تُترك أسيرة لرحمة من لا يعرف الرحمة. فإذا كان السلاح النووي هو ما يردع الغطرسة، فلماذا يُسمح به لطرف ويُحرم على آخر؟ أما آن للمعايير أن تتوازن؟ أما آن للحق أن يُصان بالقوة، لا بالمناشدات؟
…فإذا كان السلاح النووي هو ما يردع الغطرسة، فلماذا يُسمح به لطرف ويُحرم على آخر؟ أما آن للمعايير أن تتوازن؟ أما آن للحق أن يُصان بالقوة، لا بالمناشدات؟
إن دولًا مثل إيران، وكوريا الشمالية، واليمن، وفنزويلا، بل وكل دولة ترفض الانصياع لمشروع الهيمنة الأمريكية – الصهيونية، من حقها أن تُعيد النظر في خياراتها الدفاعية، وأن تمتلك ما يكفي لردع أي عدوان، سواء كان تقليديًا أو غير تقليدي.
إيران، على وجه الخصوص، التي طوّرت قدراتها الذاتية في مواجهة العقوبات والحصار والحرب السيبرانية، تملك كل المشروعية في سعيها لحيازة قوة ردع حقيقية، بدايةً بالسلاح النووي، لأن أمنها لا يمكن أن يُرهن لحسابات خصوم لا يتوانون عن استخدام كل أدوات الدمار حين تتقاطع مصالحهم مع وجودك.
وإذا كان ما يجري في غزة اليوم، أو ما جرى في هيروشيما بالأمس، لا يكفي لإقناع شعوب المنطقة بأهمية القوة الرادعة، فمتى إذًا؟ حين يُباد الملايين؟ حين تُسلب العواصم ويُكتب التاريخ بحبر من نار؟
إن رسالة الردع ليست دعوة للدمار، بل صرخة أخيرة في وجه آلة الموت التي لا تفهم إلا منطق القوة والإرهاب المضاد. وأول شرط لهذا التوازن أن لا يبقى أحد أعزلاً بلا سلاح، وأن لا تُترك شعوب بأكملها ضحية حسابات القوى الكبرى ومجازرها المتكررة.