جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-05@14:39:19 GMT

الذكاء الاصطناعي وجودة الحياة

تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT

الذكاء الاصطناعي وجودة الحياة

 

مؤيد الزعبي **

انتشرت خلال السنوات العشر الماضية مفاهيم جديدة في تصميم المدن ومرافقها الحيوية من حدائق وشوارع وممرات مائية ومعاير أخرى معنية بسهولة الحركة والتنقل بالإضافة لتحقيق المعادلة الصعبة التي تم تسميتها "15 دقيقة" والمعنية بضمان وصول الأشخاص لمدارس أولادهم أو لمقر عملهم أو حتى لمراكز التسوق خلال 15 دقيقة؛ سواء عبر وسائل التنقل الخاصة والعامة.

ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن هذه المعادلة يصعب تحقيقها بدون دراسة دقيقة لجميع جوانب الحياة بما فيها الطاقة الاستيعابية للشوارع والأرصفة المخصصة للمشاة وللدراجات الهوائية، وليس هذا فقط؛ بل يراعي التخطيط الحضري للمدن ضمان جودة الهواء من خلال توسيع دقيقة ومدروس للحدائق وللمساحات الخضراء ومدى انتشار التقنيات الصديقة للبيئة، وأيضًا تركز مدن المستقبل على الاستخدام الأمثل للطاقة وللموارد الطبيعية، وكل هذا مرتبط ببعضه البعض ارتباطًا وثيقًا وكل مكون من هذه المكونات يؤثر بشكل مباشر على المكون الآخر فكيف سيتم الاستفادة من قدرة الذكاء الاصطناعي لتخطيط المدن وتحسين جودة الحياة.

في دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة تسينغهوا في الصين وضحت الدراسة كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يولد تخطيطات مكانية أكثر كفاءة من البشر، خلال وقت أقل، وقد طور الباحثون نظام ذكاء اصطناعي لمعالجة المهام الحسابية الخاصة بالتخطيط الحضري، ووجدوا أنه ينتج خططًا حضرية تتفوق على التصاميم البشرية بمقدار 50%، وذلك بالاعتماد على ثلاثة مقاييس وهي "القدرة على الوصول إلى الخدمات، ونسبة المساحات الخضراء، ومستويات حركة المرور"، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد المخططين الحضريين على تحقيق هذه الرؤية بشكل أسرع.

عندما نتحدث عن حاجتنا لدراسات وتحليلات دقيقة فلن نجد أفضل من الذكاء الاصطناعي للقيام بهذه المهمة خصوصًا ونحن نتحدث عن معطيات متداخلة مع بعضها البعض والذكاء الاصطناعي وتطبيقاته قادر على قراءة هذه المعطيات من جميع الزوايا وتقديم بيانات دقيقة يستخدمها في التخطيط الحضري للمدن، وهنا نتحدث عن هدف نريده جميعًا لمدننا في المستقبل، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي سيخلل من الأخطاء ويخطط لمدن تستوعب المتغيرات السكانية للمدن بشكل دقيق وعملي.

جودة الحياة ليست مرتبطة فقط بتخطيط المدن؛ بل تتداخل فيها أيضًا جودة وتوافر المرافق التعليمية والصحية، وهنا نحن نتحدث عن نقلات نوعية سيوفرها الذكاء الاصطناعي لتطوير هذان القطاعين المهمين لتحسين جودة الحياة واستقرارها، وبالحديث عن التعليم فدخول الذكاء الاصطناعي لمدارسنا وجامعاتنا سيخلق لنا تجارب ونماذج تعليمية أكثر كفاءة وستحين من مخرجات التعليم بكل تأكيد، وفي مجال الطب فالحديث هنا واسع ومتشعب فالذكاء الاصطناعي لن يحسن الخدمات الطبية فقط؛ بل سيغير منظومتها ومنظومة أبحاثها وتطوراتها وإيجاد حلول لمشاكل وأمراض نراها اليوم مستحيلة، وكل هذا ينصب في مكان واحد ألا وهو جودة الحياة.

أيضًا يمكننا القول إن ربط كل ما طرحناه سابقًا وإيجاد آلية واحدة لدراسة كل المتغيرات مع بعضها البعض سيقدم لنا طرقًا جديدة في تحسين جودة الحياة، ولن يتوقف الأمر على ما وصلنا له اليوم من تطورات أو حتى أبحاث لكيفية التخطيط المستقبلي للمدن والمرافق وعلاقتها بجودة الحياة، فالمستويات القادمة سوف ترتف ونجد معايير أكثر جودة في قادم الوقت، خصوصًا وأن هناك قناعات كثيرة لدى الكثير من المسؤولين الحكوميين بضرورة تحسين جودة الحياة ووجوب الاهتمام بجميع جوانب الحياة، وأن هذا الأمر لم يعد ترفًا في عالم تتنافس فيه المدن على أن تكون في الطليعة لجذب العقول وتحسين اقتصادها.. ولذلك التخطيط السليم سيدفع مدن بعينها من أن يكون لها المنافسة الأكبر في جودة الحياة التي تقدمها، وهذا كله مرهون بقدرة هذه المدن على توظيف الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته لتصميم مدن المستقبل وتطوير منظوماتها في التطوير الحضري.

لم يعد كافيًا أبدًا في وقتنا الحالي إيجاد طرق جيدة ولا مرافق ممتازة ولا حتى تحسين الحياة البيئية بالنسبة للمدن؛ بل أصبحت هناك معايير أكثر تطورًا وتجد في جودة الحياة تداخلات كثيرة يجب الانتباه لها والتخطيط لها في عمليات التوسع العمراني وتوزيعه، وحتى في إعادة تصميم المدن بما يخدم سكانها وروادها.. لذلك نحن كبشر سنحتاج لأداة تقوم بقياس الوضع الحالي بدقة وما سنحتاجه مستقبلًا كمدينة وعليه ستصمم ما يجب أن نقوم به من خطوات عملية للوصول لأهدافنا، ولهذا أدعو من خلال هذا الطرح أن يكون لمدننا خطة حضرية تراعي الاستدامة في سبيل تحسين جودة الحياة لمواطنينا وسكاننا.

** المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام الشرق الأوسط

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي.. هل سينافس البشر على الجوائز؟

يضع الذكاء الاصطناعي المتمثل في برامج توليد الصور وروبوتات المحادثة، الفنانين والكتاب على المحك، لكنّ العلماء يعتقدون أنّ بإمكانه إحداث ثورة في الأبحاث والظهور في جوائز عالمية مثل جوائز نوبل.
في العام 2021، أطلق العالم الياباني هيرواكي كيتانو ما سمّاه "نوبل تيرنينغ تشالنج"، الذي يتحدى الباحثين لإنشاء "عالِم قائم على الذكاء اصطناعي" قادر بشكل مستقل على إجراء أبحاث تستحق جائزة نوبل بحلول عام 2050.
يعمل بعض الباحثين، بلا كلل، لإنشاء مثل هؤلاء الزملاء القائمين على الذكاء الاصطناعي، وثمة نحو مئة "روبوت علمي" تعمل أصلا في مجال العلوم، على ما يوضح روس دي كينغ، وهو أستاذ متخصص في الذكاء الاصطناعي لدى جامعة "تشالمرز" في سويد.
في العام 2009، نشر المتخصص مقالة عرض فيها مع باحثين آخرين روبوتا علميا اسمه "آدم"، يشكل أول آلة تنتج اكتشافات علمية بشكل مستقل.
يقول كينغ "صنعنا روبوتا اكتشف أفكارا علمية جديدة واختبرها وأكّد صحتها".
وقد تمّت برمجة الروبوت لوضع فرضيات بشكل مستقل، وتصميم تجارب لاختبارها وحتى برمجة روبوتات مخبرية أخرى لتنفيذ هذه التجارب والتعلم في النهاية من هذه النتائج.
- اكتشافات "ليست تافهة"
تم تكليف "آدم" باستكشاف العمل الداخلي للخميرة وتوصّل إلى "وظائف جينات" لم تكن معروفة في السابق.
ويشير معدّو المقالة إلى أنّ هذه الاكتشافات "متواضعة" ولكنها "ليست تافهة".
وقد ابتُكر روبوت علمي ثانٍ أُطلق عليه تسمية "إيف" لدراسة الأدوية المرشحة لعلاج الملاريا وأمراض المناطق الاستوائية الأخرى.
مع روبوتات مماثلة، "تكلف الأبحاث مبالغ أقل، كما أن هذه الآلات تعمل على مدى الساعات الأربع والعشرين"، على ما يوضح روس د. كينغ، مضيفا أنها أكثر دقة في متابعة العمليات.
يقر الباحث بأنّ الذكاء الاصطناعي لا يزال بعيدا عن مستوى العالم الذي يستحق جائزة نوبل، إذ يتطلّب ذلك روبوتات "أكثر ذكاء" قادرة على "فهم الوضع ككل" للتنافس ونيل جوائز نوبل.
- "لن تحل محلها قريبا"
تقول إنغا سترومكي الأستاذة في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا، في حديث صحافي، إنّ "التقاليد العلمية لن تحل محلها الآلات قريبا".
وتضيف "هذا لا يعني أن ذلك مستحيل"، مشيرة إلى أنّ من الواضح "بالتأكيد" أن الذكاء الاصطناعي كان وسيكون له تأثير على طريقة العمل في العلوم.
ومن الأمثلة الجيدة على ذلك "ألفافولد" الذي ابتكرته "ديب مايند" التابعة لشركة غوغل، والذي يمكنه التنبؤ بالبنية الثلاثية الأبعاد للبروتينات بناء على حمضها الأميني.
تقول سترومكي "كنا نعلم أن هناك علاقة بين الأحماض الأمينية والشكل النهائي ثلاثي الأبعاد للبروتينات، وأنّ بإمكاننا استخدام التعلم الآلي للعثور عليها".
وتتابع "إلا أنّ هذه الحسابات معقدة جدا للبشر، وأنجزت الآلة شيئا لم يستطع أي إنسان فعله".
في الوقت نفسه، سلط "ألفافولد" الضوء على ضعف نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية مثل الشبكات العصبية، على قول سترومكي.
هذه النماذج جيدة جدا في معالجة كميات هائلة من المعلومات والتوصل إلى إجابة، لكنّها غير قادرة على شرح سبب صحة الإجابات.
- مساعدة الذكاء الاصطناعي
ترى الباحثة أنّ العلم يسعى إلى فهم الكون ولا يقتصر دوره على "الفرضيات الصحيحة".
وقد دفعت الأبحاث الرائدة، التي أنجزتها "ألفافولد"، الخبراء إلى جعل مصمميها بين المرشحين المحتملين لجائزة نوبل.
وقد حصل مدير "ديب مايند" جون إم جامبر والرئيس التنفيذي والمشارك في تأسيس الشركة ديميس هاسابيس، على جائزة "لاسكر" المرموقة عام 2023.
ويظهر اسماهما في الأجهزة اللوحية الخاصة بشركة "كلاريفيت" للتحليل والتي تتوقع أسماء الفائزين بجوائز نوبل العلمية استنادا إلى تصاريح في المقالات البحثية.
وقد تم التطرّق إلى مقالة جامبر وهاسابيس المنشورة في العام 2021 آلاف المرات، لكن سيكون من الاستثنائي أن تكافئ لجنة جوائز نوبل العمل بهذه السرعة بعد نشره، وفق رئيس "كلاريفيت" ديفيد بندلبيري.
وعادة ما تكافئ جوائز نوبل الاكتشافات التي يعود تاريخها إلى عقود عدة.
لكن بندلبيري يرى أن الأبحاث المدعومة بالذكاء الاصطناعي سيكون لها قريبا مكانة بارزة في الأعمال الحائزة جوائز نوبل.
ويقول "أنا متأكد من أن العقد المقبل سيشهد فائزين بجوائز نوبل ساعدتهم الحوسبة بطريقة أو بأخرى، والحوسبة هذه الأيام تمثل الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد".

أخبار ذات صلة "أوبن إيه آي" تطلق ميزة "كانفس" للتعزيز استخدام "تشات جي بي تي" في الكتابة والبرمجة أبل تطلق التحديث الأول لنظام iOS 18 المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • انطلاق أعمال الدورة الـ 12 لمؤتمر العمل البلدي الخليجي
  • الذكاء الاصطناعي يهدد الذكاء البشري
  • الذكاء الاصطناعي ينافس على نوبل!
  • ينتج صوتاً وصورة.. ميتا تكشف عن الذكاء الاصطناعي الجديد موفي جين
  • الذكاء الاصطناعي.. هل سينافس البشر على الجوائز؟
  • مصر للمعلوماتية تنظم ورشة عمل حول الذكاء الاصطناعي التوليدي
  • ورشة عمل حول دور الإعلام في تعزيز الوعي الصحي وتحسين جودة الحياة
  • "الصحة": ورشة عمل حول دور الإعلام المسؤول في تعزيز الوعي الصحي وتحسين جودة الحياة
  • «الصحة» تنظم ورشة عمل حول دور الإعلام في تحسين جودة الحياة وتحقيق الاستدامة
  • نائب وزير التعليم: دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن أدوات تطوير القطاع بمصر